| تعداد نشریات | 43 |
| تعداد شمارهها | 1,792 |
| تعداد مقالات | 14,626 |
| تعداد مشاهده مقاله | 38,950,776 |
| تعداد دریافت فایل اصل مقاله | 15,163,597 |
المصاحبة اللفظية في نثر ابن شهيد: التوابع والزوابع نموذجا دراسة دلالية | ||
| بحوث في اللغة العربية | ||
| مقالات آماده انتشار، اصلاح شده برای چاپ، انتشار آنلاین از تاریخ 14 آبان 1404 | ||
| نوع مقاله: المقالة البحثیة | ||
| شناسه دیجیتال (DOI): 10.22108/rall.2025.141054.1510 | ||
| نویسندگان | ||
| نعيم عموري1؛ الهام جرفی* 2 | ||
| 1أستاذ بجامعة شهيد تشمران اهواز، اهواز، ايران | ||
| 2طالبة في مرحلة الدکتوراه بجامعة شهيد تشمران اهواز، اهواز، ايران | ||
| چکیده | ||
| المصاحبة اللفظية هي إحدى المواضيع الهامّة في علم الدلالة والتي تفحص العلاقة المفهومية على مستوى الكلمات؛ وهي مقياس من مقاييس التراكيب والسياق، ونمط من العلاقات الأفقية بين المفردات اللغويّة في النص وغالباً ما تتّسم تلك المصاحبات بإمكانية التنبؤ بها، فهي ارتباط الكلمة مع كلمة أخرى أو كلمات محدّدة في الجملة. بما أنّنا نريد أن نقوم بدراسة المصاحبة اللفظيّة في نثر الأدیب ابن شهيد الأندلسي، فالمنهج الأساس هو منهج وصفي– تحليلي؛ والهدف من هذه الدراسة الکشف عن أنواع المصاحبات المستخدمة في نثره والتي تنقسم إلی مصاحبات فعلیة واسمیة كالفعل والفاعل والفعل والمفعول به والصفة والموصوف، والمضاف والمضاف إليه وغير ذلك؛ تتضمن المنهجية، تحليل الأمثلة المختارة من أعمال هذا الأدیب لاسيّما في كتابه التوابع والزوابع الذي امتلأ بالمتلازمات اللفظية ونحلل الأساليب المستخدمة في هذه المصاحبات. وصل البحث إلی أنَّه تمَّ استخدام المصاحبة اللفظية الفعلیة منها والاسمیة في نثر هذا الأدیب لإضفاء الجمالية والتعبير الفني على النصوص. | ||
| کلیدواژهها | ||
| ابن شهيد؛ المصاحبة اللفظية؛ التوابع والزوابع؛ الدلالة؛ النثر | ||
| اصل مقاله | ||
|
علم الدلالة هو «العلم الذي یدرس المعنی أو ذلک الفرع من علم اللغة الذي یتناول نظریة المعنی، ویرکز علی اللغة باعتبارها ذات أهمیة خاصة بالنسبة للإنسان» (مختار عمر، 1998م، ص 11). ومن موضوعاته التي ترتبط بهذه الدراسة «هي دراسة المصاحبة اللفظیة لأنها تؤدي دوراً بارزاً في تکوین التراکیب» (میرزایي الحسیني وآخرون، 2015، ص 92). یری یونس علي أنَّ المصاحبة اللفظیة هي «الترابط المعتاد لکلمة ما في لغة ما بکلمات أخری معینة في جمل تلک اللغة» (یونس علی،2004م، ص 279). حول اصل کلمة المصاحبة یقول العلامة اللغوي أحمد بن فارس: «الصاد والحاء والباء أصل واحد یدل علی مقارنة شيء ومقاربته من ذلک الصاحب، وکل شيء لائم شیئاً فقد استصحبه» (ابن فارس، 2001م، ص 561). و«الصحب، والصحاب، والأصحاب والصحابة واحد فإذا قالوا صحابة فهم الأصحاب، وإذا قالوا صحابة فهم القوم الذین یصحبونه، وربما کانت الصحابة مصدراً یقولون: فلان حسنُ الصحابة أی الصحبة» (ابن درید، 1987م، ص 280). کلمة collecation هي المصطلح الشائع في اللغة الإنجلیزیة للتعبیر عن المصاحبة، واللغوي البریطاني فیرث "Firth" هو أول من استخدم هذا المصطلح عام 1957م (عبدالفتاح الحسینی،2007م، ص 66). المصاحبة اللفظية هي نمط من العلاقات الأفقية بين المفردات اللغوية في النص، وغالباً ما تتّسم تلك المصاحبات بإمكانية التنبؤ بها، فهي ارتباط الكلمة مع كلمة أخرى أو كلمات محددة في الجملة. «مصطلح المتلازمات اللفظیة واحد من المصطلحات التي استخدمها الباحثون للإشارة إلی فکرة التلازم اللفظي. ومنها أیضاً مصطلح التعابیر الإصطلاحیة، والتعابیر السیاقیة، والتضامّ والتوارد، والمسکوکات، والمتصاحبات، والمقترنات، والمترافقات، و...» (أبوالرب، 2016م، ص 83)؛ ولذا يمكن القول إنَّ المصاحبات اللفظية تشمل الأسماء المركبة والأمثال والحكم والمصطلح المكوّن من أكثر من كلمة والعبارات التي يرتبط بعضها بالآخر ارتباطاً دلالياً، فإذا سمعنا كلمة من التعبير، انبثقت كلمة أخرى في أذهاننا والمصاحبات تختلف من حيث قوة الارتباط بين اللفظينِ المتصاحبين، نظراً لأسباب مختلفة منها: طبيعة التعبير اللفظي كأنْ يكون حكمة أو مثلاً، أو بسبب شدة ارتباط الألفاظ المكوّنة للتعبير في استعمال الواقع اللغوي أو الديني أو العلمي أو التأثر بها على نحو ما. المصاحبة اللفظیة «تعتمد علی تلازم اقترانی بین المفردات یقوم علی علاقة دلالیة منظمة وهذه العلاقة الدلالیة ترجع في الأساس إلی میل بعض ألفاظ اللغة إلی اصطحاب ألفاظ بعینها دون الأخری، للتعببیر عن فکرة ما» (رمضان منصور، 2023م، ص 189). وهي «مقياس من مقاييس التراكيب والسیاق، ولم يكن القدماء ليغفلوا عن هذه الظاهرة، بل أحسوا أن الألفاظ تميل إلى الاقتران بألفاظ أخرى فيلتمسونها في كلام العرب، وقد خصص العرب ألفاظاً لألفاظ، وقرنوا كلمات بأخرى، ولم يقرنوها بغيرها، ولو كان المعنى واحد» (خضر الدوري 2005م، ص 73). معیار المصاحبات اللفطیة هو الإلف والعادة وقال الدکتور الدسوقي: «الإلف والعادة هما اللذان یتحکمان في استقرار استخدام لغوي ما. هما اللذان یحکمان التوقع لوجود کلمة في مصاحبة کلمة أخری، وهذا التوقع یعني أنَّ جزءاً من معنی الکلمة الثانیة أن تصاحب الکلمة الأولی» (الدسوقي، 1420هـ، ص 280). وقیل في تعریف المصاحبة أنها «تکرار معتاد لمجموعات من الکلمات المفردة والتي یأتي تکرارها معاً من خلال شیوع الاستخدام بحیث تمیل لتشکیل وحدة ممیزة» (یوسف، 1997م، ص 137). بعبارة أخری، «المصاحبة هي ثبات لفظتین أو أکثر ودوامها وصحبتها وتعلقها ببعضها بعضا حین ورودها بشکل متکرر في الاستعمال اللغوي بحیث لایصح استعمال إحداها بلفظة أخری» (غزالة، 2004م، ص 1). فكانت لها من العناية عند المحدثين أكثر مما هو عند القدماء، فقد عالج اللغوي البريطاني "فيرث" العلاقات البنيوية السياقية بين المفردات المعجمية في ضمن ما أطلق عليه بالاقتران اللفظي أو «التصاحب اللفظي؛ إذ وجد أن المفردات تتّجه إلى الاقتران مع مفردات معيّنة في العبارات أكثر من غيرها» (خضر الدوري 2005م، ص 73). تعد المصاحبة اللفظية من إحدی الظواهر الأدبية البارزة في الأدب العربي الكلاسيكي، وتحظى بأهمية كبيرة في فهم النصوص الأدبية وتحليلها. ومن بين الأدباء البارزين الذين أثروا في هذا الجانب من الأدب العربي هو ابن شهيد. فبناء علی ما ذکر، هذا المقال دراسة وتحليل المصاحبة اللفظية في نثر ابن شهيد، وذلك باستخدام أمثلة من أعماله ونصوصه المختلفة. يهدف المقال إلى إلقاء الضوء على أهمية المصاحبة اللفظية في نثر ابن شهيد وتأثيرها على النصوص والأسلوب الأدبي العام، ويتضمن المقال تحليلًا للمصاحبة اللفظية في رسالته التوابع والزوابع، بدءًا من استخدامه للتشبيهات والاستعارات اللفظية في وصف الشخصيات الأدبية والشعراء، وصولًا إلى استخدامه للتوكيد والتكرار والتوجيه اللفظي للقارئ. ثمَّ يتمّ تحليل هذه النصوص بمنهجية نقدية وتحليلية تهدف إلى فهم آليات المصاحبة اللفظية ودورها في نثر ابن شهيد. تهدف هذه الدراسة إلى بيان المصاحبات اللفظية في نثر ابن شهيد تابعین بذلک المنهج الوصفي – التحلیلي لنجب علی الأسئلة التالیة:
الدراسات التي يمكن ذكرها حول خلفية البحث هي كما تلي: باللغة الفارسية: الدكتور كورش صفوي، في كتاب "مقدمة في علم الدلالة" وفي درس "مقدمة الدلالة"، في نهاية موضوع الحقول الدلالية، تم التعامل مع هذه المسألة. في اللغة العربية: حسن غزالة، في کتاب بعنوان «قاموس دار العلم للمتلازمات اللفظیة» (2007م) وإبراهيم الدسوقي، في مقال بعنوان «المصاحبة اللفظية وتطور اللغة» (1420هـ). هناك دراسات عديدة حول المصاحبة اللفظية خاصة في القرآن الكريم، وقد تم العثور على مواضيع ذات صلة، ويمكن الإشارة إلى بعض هذه الدراسات كما يلي: محمد حمادة عبدالفتاح الحسینی، المصاحبة اللغویة وأثرها في تحدید الدلالة في القرآن الکریم، رسالة جامعیة لنیل درجة الدکتوراه بإشراف عبدالحلیم محمد عبدالحلیم ومحمود عبدالعزیز عبدالفتاح في جامعة الأزهر،2007م. سعد فاضل عباس الأسدي، العناصر النحویة المتلازمة في لغة القرآن الکریم، رسالة جامعیة لنیل درجة الماجستیر بإشراف رفاه عبدالحسین مهدي الفتلاوي، جامعة کربلاء، 2022م. وأما عن الدراسات التي تمت حول ابن شهید، عثرنا علی بحوث کثیرة، منها: مقالاً بعنوان «ابن شهید الأندلسي، سیرته ومکانته الأدبیة» التي تکلمت عطیة فاطمة الزهرا من مجلة المخبر سنة 2010م، حول حیاة ابن شهید وشعره ونثره. وأیضاً تطرقت مرضیة آباد في مجلة دراسات في العلوم الإنسانیة العدد 3 سنة 1425ق، في مقال بعنوان «ابن شهید الأندلسي شاعراً وناثراً وناقداً»، إلی حیاة ابن شهید کشاعر وناثر وناقد؛ وبحث آخر بعنوان «الصورة الدرامیة في رسالة التوابع والزوابع لابن شهید الأندلسي» في مجلة الآداب عام 2021م، کتبه طاهر سیف غالب وعبدالمجید الصباحي وتکلما فیه حول الصورة الدرامیة في هذه الرسالة کالأسطورة و الرمز والقناع، وخلص البحث إلی أن ابن شهید قد وظف هذه الصور الدرامیة في رسالته لإبراز طابعها الجمالي وتجسید الأفکار والمعاني.
المصاحبة اللفظیة في نثر ابن شهید تنقسم المصاحبات اللفظیة إلی قسمين، المصاحبة علی مستوی النمط الاسمي والمصاحبة علی مستوی النمط الفعلي؛ ولکلّ منهما أشکال متعددة وفي هذه الدراسة سوف ندرس النمطین بأشکالها المختلفة.
هذا النوع من المصاحبة یتکوّن من فعل ومفردة أخری تتصاحبان غالباً بسبب علاقة قویة تؤدّي إلی تصاحبهما وتلازمهما معاً؛ وتأتي هذه المصاحبة بصور مختلفة.
أتی ابن شهید ببعض أفعال جاءت في صحبة فاعل خاصّ بها؛ نأتي ببعض منها: عبقت الرائحة: «فسرنا حتی انتهینا إلی دَیرٍ عظیم تعبق روائحُه» (ابن شُهید، 1996م، ص 105). «عبقت الرائحة بمعنی ذکت وانتشرت» (مختار عمر، 2008م، ص 1452)؛ أو نقول عبق المکان بالطیب، بمعنی انتشرت رائحة الطیب فیه. وکما رأینا أن فعل "یعبق" دائماً یأتي مع الفاعل "رائحة" أو "رائحة الطیب" ونقول عبقت الرائحة ولانقول انتشرت الرائحة؛ وهذه العبارة تشکل مصاحبة لفظیة من نوع الفعل مع الفاعل. نبض عِرق الفهم: «کنتُ أیام کتّاب الهجاء، أحنّ إلی الأدباء، ... وجلستُ إلی الأساتیذ ونبض لي عرق الفهم» (ابن شُهید، 1996م، ص 88). «نبض العرق بمعنی تحرّک في مکانه وضرب» (مختار عمر، 2008م، ص 2159). هذه العبارة کنایة عن أن الشخص بدأ یفهم الأمور ویحللها، أي وصل إلی الرشد والکمال من العقل وتشکلت لدیه قدرة علی تمییز الحق من الباطل. فنبض العرق عبارة تأتي دائماً معاً وتشکل مصاحبة لفظیة من نوع الفعل مع الفاعل الخاص بها. تاقت النفس: «فقال لي زهیر: إلی من تتوق نفسک بعد من الجاهلیین. قلتُ: کفاني من رأیت» (ابن شُهید، 1996م، ص 96). «تاقت النفس إلیه بمعنی اشتاقت إلیه ونزعت وطمحت» (مختار عمر، 2008م، ص305). یأتي فعل "تتوق" مصاحباً لـ "نفس" ویشکل معها مصاحبة فعلیة. فمعنی هذه العبارة یکون هکذا: زهیر ابن أبي سلمی الشاعر الجاهلي المعروف یسأل ابن شهید ویقول له: إلی من تشتاق نفسُکَ من الشعراء الجاهلیین غیري؟ تفجّرت العین: «ثم انصرفنا، وركضنا حتى انتهينا إلى شجرة غيناء، يتفجّر من أصلها عينٌ كمقلة حوراء» (ابن شُهید، 1996م، ص 98). «تفجّر العین أو الماء، انبعث وسالَ وتدفق بسرعة وفاض» (مختار عمر، 2008م، ص 1673). يمكن القول بجدية إن بعض المصاحبات اللفظية مقتبسة من القرآن كتناص ديني، شأنها شأن انفجار العين التي مأخوذة من القرآن الكريم في قوله تعالی: {وفجّرنا الأرض عیوناً}(القمر 54: 12) غشّی اللیل: «فکأنما غشّی وجه أبي الطبع قطعة من اللیل» (ابن شُهید، 1996م، ص 104). «غشي اللیل ونحوه أي أظلم» (مختار عمر، 2008م، ص1620). هذه العبارة أیضاً مأخوذة من القرآن الکریم وجاءت في الآیة:{واللیل إذا یغشی} (اللیل 92 :1) بمعنی أظلم؛ وغطّی کلّ شيء تراه العین في النهار. ومعنی هذه العبارة أنّ وجه أبي الطبع اسودّ وأصبح کقطعة من اللیل. سالَ اللعاب: «فیهم فقیهٌ ذو لقم (سریع الأکل) رأی حلوی فاستخفّه الشّره ... وأسال من لعابه» (ابن شُهید، 1996م، ص 119). «سال الماء ونحوه بمعنی جری؛ سال لعابه علی شيء بمعنی تمنی الحصول علیه، ثارت شهیته» (مختار عمر، 2008م، ص1150). ففعل "سال" یأتي مع "اللعاب" دون أي فعل آخر کجَری أو غیر ذلک. ویشکل مع فاعله الخاصّ مصاحبة لفظیة فعلیة وهي کثیرة الاستعمال في کلام العرب. تلمظ اللسان: «ورأی الزلابیة، فقال: ویل لأمها الزانیة ... ومشی إلیها، فتلمّظ له لسان المیزان» (ابن شُهید، 1996م، ص 121). «تلمظ اللسان بمعنی تذوق بقیة الطعام في الفم» (مختار عمر، 2008م، ص 2036). فعل تلمظ یستخدم عادةً للإنسان والحیوان؛ لأنهم یملکون اللسان دون المخلوقات الأخری، واستخدام اللسان للمیزان جاء علی سبیل الاستعارة. فابن شهید في رسالة الحلواء، یصف الزلابیة وحلاوتها ویقول إن لسان المیزان أیضاً خرج لیتذوقها. بصّت العین: «وعیناه تبصّانِ کأنهما جمرتانِ، ... وأنا أقول له: علی رسلک یا أبا فلان» (ابن شُهید، 1996م، ص 122). «بصبص علیه بمعنی اختلس إلیه النظر وأشار إلیه بطرف عینه» (مختار عمر، 2008م، ص 210) الفعل الرباعي "بصبص" یُستخدم مع مفردات کثیرة وحسب المفردة المصاحبة له یشکل معنی جدیداً؛ فعلی سبیل المثال، إذا قلنا بصبصت العین یکون بمعنی اختلاس النظر والإشارة بطرفها. أما إذا قلنا بصبص الرجل للمرأة فتتغیر الدلالة ویکون بمعنی تملقها وغازلها وإذا قلنا بصبص الکلب معناه یتغیر ویصیر بمعنی حرّک ذنبه طمعاً في شيء. لکن في هذه العبارة معنی فعل "بصبص" هو اختلاس النظر. 2-1 المصاحبة بین الفعل والمفعول به استخدم ابن شهید في نثره أفعالاً تصاحب مفعول خاص بها بسبب علاقتهما ببعض، ومنها: طارَ الذکر: «فعسی أن ینفعک عندهم ویُطیرَ لک ذکراً فیهم» (ابن شُهید، 1996م، ص 117). فعل "طار" یأتي مصاحبا للمفردات کثیرة و تتغیر دلالته حسب الکلمة المصاحبة له. في هذا الصدد نستعین بمعجم المعاني الجامع؛ فمثلاً "طار صوابه" یکون بمعنی جُنَّ؛ و"طار غرابه" بمعنی شاب؛ و"طار النوم من عینیه" بمعنی زال نعاسه، سهر وقلق؛ و"طار قلبه" بمعنی مالَ إلی جهة یهواها. (طارalmaany.com/ar/dict/) ولکن معنی طار ذکرک في هذه العبارة یعني أن صیت الشخص وشهرته انتشرت وذاعت بین الناس (مختار عمر، 2008م، ص 1430). أشدد حیازیمک: «فقال اشدد له حیازیمک وعطّر له نسیمک» (ابن شُهید، 1996م، ص 111). حیازیم هي جمع الحيزوم، وهو الصدر، وقيل: وسطه، وهذا الكلام كناية عن التشمر للأمر والاستعداد له. والحزيم: الصدر، والجمع حزم وأحزمة; عن كراع قال ابن سيده :والحزيم والحيزوم وسط الصدر ما يضم عليه الحزام حيث تلتقي رؤوس الجوانح فوق الرهابة بحيال الكاهل; قال الجوهري :والحزيم مثله. يقال: شددت لهذا الأمرحزيمي، واستحسن الأزهري التفريق بين الحزيم والحيزوم وقال: لم أر لغير الليث هذا الفرق. قال ابن سيده :والحيزوم أيضا الصدر، وقيل: الوسط، وقيل: الحيازيم ضلوع الفؤاد، وقيل: الحيزوم ما استدار بالظهر والبطن، وقيل: الحيزومان ما اكتنف الحلقوم من جانب الصدر (ابن منظور، د.ت، ج 4، ص 109) "أشدد حيازیمك" هي عبارة مكررة، ومستعملة في الشعر القديم وهناك قصيدة منسوبة للإمام على عليه السلام يقول فيها: أشدد حیازیمک للموت فانّ الموت لاقیکا و لا تجزع من الموت إذا حلّ بنادیکا(نعمان المغربي، 1403ق، ج 2، ص 292). أي استعد وتهیأ للموت فإنه آت لا محالة له. أنشد شعراً/ بیتاً: «أنشدنا من شعرک» (ابن شُهید، 1996م، ص 102)؛ «متی شئتَ استحضاري فأنشد هذه الأبیات ...» (ص 90). «أنشد الشعر أو البیت بمعنی قرأه بصوت مرتفع» (مختار عمر، 2008م، ص 2210). هناک فرق بین فعلي "إنشاد الشعر" و"قراءته" فإنشاد الشعر یجعل له تأثیراً في النفس، لأنه یکون بصوت مرتفع، لکن قراءة الشعر لیس لها هذا التأثیر. یجتاب الجوّ ویقطع الدوّ: «وسارَ بنا کالطائر، یجتاب الجوَّ فالجوّ، ویقطع الدّوّ فالدّوّ» (ابن شُهید، 1996م، ص 91). «جاب البلاد ونحوها بمعنی قطعها سیراً أو تجوّل فیها، طاف فیها وحالَ» (مختار عمر، 2008م، ص415). ویقطع أیضاً بمعنی اجتیاز الطریق وعبوره (ص 1834) کهذه الآیة القرآنیة: {ولا یقطعون وادیاً} (التوبة 9: 121). الجوّ بمعنی الهواء وفعل "اجتاب" یستعمل للجوّ کما یستعمل مع مفردات أخری. علی سبیل المثال مع "البئر" یکون بمعنی "حفرها"؛ ومع "القمیص" بمعنی لبسه؛ ومع "الظلام" بمعنی دخل فیه. وفعل "قطع" أیضاً یستخدم للصحراء أو الطریق کما یستعمل مع مفردات أخری؛ فمثلاً مع "الصلاة" یکون بمعنی أبطلها؛ ومع "الطریق" بمعنی منع المرور فیه؛ ومع "الأمل" بمعنی یَأس و... حلل الأرض: «حللتَ أرض الجنّ أبا عامر» (ابن شُهید، 1996م، ص 91). «حلل الأرض بمعنی نزل وأقام بها وسکنها؛ ضد ارتحل» (مختار عمر، 2008م، ص 548). ففعل "حلل" إذا صاحب "الأرض" یکون بمعنی السکن والإقامة فیها. حَلَّ بالمكان يَحُلُّ حُلولاً، بفك التضعيف : بمعنی نزول القوم بمحلّة وهو نقيض الارتحال. أما إذا قلنا حلل الشخصُ شیئاً ما، یکون المعنی: جعله حلالاً؛ وإذا قلنا حلل المادة أو الدم؛ یکون المعنی: حاول معرفة عناصرها وخصائصها. لکن في هذه العبارة معنی حللتَ، یکون بدلالة السکن والإقامة. قبض العنان: «قبض عنان الشقراء وضربها بالسوط» (ابن شُهید، 1996م، ص 92). «قبض العنان بمعنی أمسکه وضمّ علیه أصابعه» (مختار عمر، 2008م، ص 1766). والقبض: التناول للشئ بيدك ملامسة. وقبض على الشيء وبه يقبض قبضاً: انحنى عليه بجميع كفه. وفي التنزيل: {فقبضت قبضة من أثر الرسول} (طه 20: 96)، قال ابن جني: أراد من تراب أثر حافر فرس الرسول (ابن منظور، د.ت، ج 7، ص 214). والعنان هو اللجام؛ وللعرب في العنان أمثال سائرة : يقال ذلّ عنان فلان إذا انقاد؛ وفلان أبي العنان إذا كان ممتنعاً؛ ويقال: أرخِ من عنانه أي: رفّه عنه؛ وهما يجريان في عنان إذا استويا في فضل أو غيره (ابن منظور، د.ت، ج 10، ص 311). لذا فإنّ معنی العبارة المذکورة یکون: أمسک لجام الفرس الشقراء. صرفَ وجه: إصرف وجه قصدنا إلی صاحب أبي تمام (ابن شُهید، 1996م، ص 96)/ ثمّ انصرفنا وركضنا حتى انتهينا إلى شجرة غيناء (ص 98). «صرف وجهه بمعنی انصرف إلیه وتحوّل» (مختار عمر، 2008م، ص 1290). وجاء في لسان العرب حول هذا الفعل:«الصرف: ردّ الشيء عن وجهه، صرفه یصرفه صرفاً فانصرف. وقوله تعالی: ثمّ انصرفوا؛ أي رجعوا عن المکان الذي استمعوا فیه، وقیل: انصرفوا عن العمل بشيء مما سمعوا. صرف الله قلوبهم أي أضلهم الله مجازاة علی فعلهم؛ وصرفتُ الرجل عني فانصرف، وقوله عزوجلّ: سأصرف عن آیاتي؛ أي أجعل جزاءهم الإضلال عن هدایة آیاتي. وقوله عز وجلّ: فما یستطیعون صرفاً ولا نصراً أي ما یستطیعون أن یصرفوا عن أنفسهم العذاب ولا أن ینصروا أنفسهم» (ابن منظور، د.ت، ج 8، ص 229). وقد نری من خلال ما أوردناه من المعاجم العربیة أنّ فعل "صرف" مصاحباً لمفعوله "وجه"، یشکل مصاحبة لفظیة کثیرة الاستعمال في کلام العرب من النوع الفعل مع المفعول به. سفک الدماء: «البعوضة ملیکة ... تذلل صعبک إن کنت ذا قوة وعزم، وتسفک دمک» (ابن شُهید، 1996م، ص 53). «سفک الماء ونحوه بمعنی أراقه وأساله وصبّه، سفک دم فلان أي قتله» (مختار عمر، 2008م، ص 1074). وجاء فعل "سفک" مصاحباً لـ"دم" أیضاً في القرآن في هذه الآیة: {قالوا أتجعل فیها من یفسد فیها ویسفک الدماء} (البقرة 2: 30) وقد ورد في لسان العرب حول "سفك" نأتي بالقلیل منه: «السفک: صبّ الدم ونثر الكلام. وسفك الدم والدمع والماء يسفكه سفكاً، صبّه وهراقه، وكأنه بالدم أخص. وفي الحديث :أن يسفكوا دماءهم، السفك: الإراقة والإجراء لكل مائع، والسفاك: السفاح وهو القادر على الكلام. وسفك الكلام: نثره. ورجل مسفك: كثير الكلام» (ابن منظور، د.ت، ج 7، ص 201). فکما نری أن سفک یأتي مع مفردات أخری، ولکنه في کلام العرب مع "الدم" کثیر الاستعمال. ذری الدمعَ: «فأثبت في صدره العصا، فجلس القرفصاء، یذري الدموع ...» (ابن شُهید، 1996م، ص 121). «الذّري: ما انصب من الدمع، وقد أذرت العین الدمع تذریه إذراء وذري، أي صبّته» (ابن منظور، د.ت، ج 14، ص 284). إذراء الدموع هي عبارة کثیرة الاستعمال عند العرب وقد جاءت في شعر الشیخ علي نقي الإحسائي، أحد شعراء الحسین (ع)، یقول فیه: ومقلتي لم تزل تذري الدموع علی ربع الذین بأرض الطفّ قد قتلوا امتطی الظهر: «فامتطی ظهر النّوی وألقت به في سَرَقُسطة العصا» (ابن شُهید، 1996م، ص 123). «امتطی ظهر الدابة أو غیرها أي جعلها مطیته ورکبها، استقلها وعلاها» (مختار عمر، 2008م، ص 2108). جاء فعل امتطی للنوی علی سبیل الاستعارة، لأن الفعل لا یستعمل إلا للدوابّ کالبعیر والناقة ولیس للأمور المنتزعة کالبعد والهجران. فمعنی العبارة یکون: هاجر بعیداً عن بلاده ولم یره أحد بعد. أراق الدماء: «کثیر الوقائع في المسلمین، مغری بإراقة دماء المؤمنین» (ابن شُهید، 1996م، ص127). «أراق الدماء ونحوه أي صبَّه» (مختار عمر، 2008م، ص 967). وهذه العبارة کنایة عن القتل، تشبه عبارة سفک الدماء التي تکلمنا عنها في السطور السابقة. نری مفردة "الدم أو الدماء" تأتي مصاحبة لـفعلي "أراق وسفک" معاً، وفي کلتا الحالتین یکون معناها القتل والإماتة. هتکَ الستر: «یتکفّرُ»[1] بأرفع الثیاب، ویهتک ستر کل حجاب (ابن شُهید، 1996م، ص 126). «هتک الستر ونحوه بمعنی جذبه فأزاله من موضعه أو شقّ منه جزءاً فبدا ماوراءه، خرقه» (مختار عمر، 2008م، ص 2323). یقول ابن شهید في هذه العبارة وهو یصف البرغوث أنّه یتغطی ویتستر بالثیاب المرفوعة من الأرض ولأنّ الناس یتطافرون عندما یلصق بهم، فتزیل ثیابهم من موضعها وتظهر أجسامهم؛لذا فإنّه یهتک ستر کلّ حجاب. وجاء في لسان العرب حول هذا الترکیب: «الهتك: أن تجذب ستراً فتقطعه من موضعه، أو تشقّ منه طائفة يرى ما وراءه، ولذلك يقال: هتك الله ستر الفاجر. ورجل مهتوك الستر: أي مفضوح» )ابن منظور، د.ت، ج 15، ص 19). فإذن، فعل "هتک" یستخدم مع مفردتین وهما "الثوب والستر" في نفس الوقت. وَرَدَ المناهل: «یَرِدُ مناهل العیش العذبة ویصل إلی الأحراج[2] الرطبة» (ابن شُهید، 1996م، ص 126). «المنهل هو المورِد أي المکان الذي تجد فیه الحیوانات ماءً للشرب؛ ورد ماء فلان أي أقبل علیه» (مختار عمر، 2008م، ص 2422). فإذن، فعل "ورد" قد یصاحب الماء أو المکان الذي فیه الماء وهو المنهل أو المورد. .هذه العبارة کثیرة الاستعمال عند العرب؛ فعلی سبیل المثال، هذه الآیة الشریفة من سورة القصص {ولمّا ورد ماء مدین} (القصص 28: 23) في قصة موسی (ع) عند دخوله لمدینة مدین. تنفس الصعداء: «فتنفّست الصعداء وقالت سقاهم الله سَبَل[3] العهد» (ابن شُهید، 1996م، ص 149). «الصعداء هي المشقّة؛ تنفس المریض الصعداء بمعنی تنفس نفساً طویلاً من همٍّ أو تعب، أحسّ بالراحة والاطمئئان» (مختار عمر، 2008م، ص 1295). قد ورد في لسان العرب حول هذا المصطلح: «الصعود: المشقة على المثل. وفي التنزیل: {سأرهقه صعودا}؛ أي على مشقة من العذاب. ويقال: لأرهقنك صعودا أي لأجشمنك مشقة من الأمر، وإنما اشتقوا ذلك لأن الارتفاع في صعود أشق من الانحدار في هبوط. والصعداء: تنفس ممدود. وتصعد النفس: صعب مخرجه، وهو الصعداء، وقيل: الصعداء: هو النفس بتوجع، وهو يتنفس الصعداء. والصعداء: هي المشقة أيضاً» (ابن منظور، د.ت، ج 8، ص 238).
إنّ المصاحبة بین الفعل وحرف الجرّ المناسب هي من أهم أشکال المصاحبة اللغویة التي تحدد معنی الفعل؛ فنری أن بعض الأفعال یتغیر معناها بتغیر حرف الجرّ المصاحب لها. «إنّ الفعل یظلّ عام الدلالة، حتی تأتي الحروف فتختص دلالته في معنی محدد، ومن هنا تکتسب الحروف المرکبة مع الأفعال أهمیة قصوی في الدلالة. الفعل یختلف معناه باختلاف الحرف الداخل علیه» (داود، 1423هـ، ج 1، ص 6). غاب عن: «وأوثب الأدهم جدار الحائط ثمّ غابَ عنّي» (ابن شُهید، 1996م، ص 90). قد یصاحب فعل "غاب" حرف "عن" ویتغیر معناه وفقاً لهذا الحرف، فعلی سبیل المثال، إذا قلنا: غاب عن الوعي بمعنی فقد إدراکه أو حسّه؛ وغاب عن بلاده بمعنی سافر؛ غاب عن العیون بمعنی اختفی. وممکن أیضاً یأتي هذا الفعل من غیر حرف الجر، ففي غابت الشمس: غربت واستترت عن العین؛ وغاب التلمیذ: تخلف عن الحضور (غابalmaany.com/ar/dict/) أرتج علی: «متی أرتِجَ عليَّ أو انقطع بي مسلک أو خانني أسلوب، أنشد الأبیات فیمثل لي صاحبي» (ابن شُهید، 1996م، ص 90). أرتج بصیغة المجهول: بمعنی أغلقَ، أرتج علیه بمعنی استغلق الکلام علیه کأنّه أطبق علیه، کما یُرتج الباب. فیُستخدم فعل "أرتج" مع الحرف "علی" ویکتسب هذه الدلالة. لکن قد یأتي بدون هذا الحرف، فمثلاً إذا قلنا أرتج الحارس الباب؛ رتجه المعنی یکون: أغلقه إغلاقاً محکماً (أرتجalmaany.com/ar/dict/). رغب في: «هویً فیکَ ورغبة في إصفائک» (ابن شُهید، 1996م، ص 89). یختلف معنی "رغب" باختلاف حرف الجر المصاحب له، فإذا کان "رغب في" کما في عبارة ابن شهید، یکون بمعنی حرص علیه وأراده وطمع فیه وأحبه (مختار عمر، 2008م، ص 910). أما إذا کان "رغب عنه" فهو بمعنی أعرض عنه؛ "رغب في الأمر عن غیره" أي فضّله علیه؛ وفي "رغب إلی" زیادة في الحرص، بل یعني انصراف الراغب إلی المرغوب إلیه بالکلیة؛ وعکس ذلک "رغب عن" بمعنی الإنصراف عن الشيء؛ وأما "رغب بـ" فإنه یفید الضنّ بالشيء والبخل به (رغبalmaany.com/ar/dict/). الإلمام بـ: «حین رامَ الدنوّ منه والإلمام به. ...» (ابن شُهید، 1996م، ص 60). «ألمّ الشخص بالأمر بمعنی أحاط به بدون تعمق، عرفه إجمالاً بدون تفصیل؛ ألمّ بصدیقه: أتاه فنزل به وزاره زیارة غیر طویلة» (مختار عمر، 2008م، ص 2038). وألمّ بالطعام أي أکل من غیر إسراف. فکما واضح من هذه العبارات، فعل "ألمّ" یکون بمعنی المعرفة السطحیة أو الزیارة الغیر طویلة أو الأکل من غیر إسراف. وقد یأتي بدون هذا الحرف، فإذا قلنا "ألمّ الشيء: معناه یکون "قَرُبَ"؛ ألمّت النخلة بمعنی قاربت الإرطاب. حنَّ إلی: «أحِنُّ إلی الأدباء وأصبو إلی تألیف الکلام» (ابن شُهید، 1996م، ص 88). فعل "حنّ" أیضاً من الأفعال التي تتغیر دلالته بتغیر حرف الجرّ الداخل علیه؛ إذا جاء مع "إلی" یکون بمعنی اشتاق وتاقت نفسه إلیه؛ (مختار عمر، 2008م، ص574). لکن إذا جاء فعل حنّ مع حرف "علی"، تغیرت دلالته ویکون بمعنی عطف علیه. فإذن، معنی هذه العبارة هو الاشتیاق إلی الأدباء ولیس العطف علیهم. جاء بـ: «ونزلنا وجاؤوا بنا إلی بیت قد اصطفّت دِنانه» (ابن شُهید، 1996م، ص 105). "جاء" هو فعل لازم ولا یحتاج لمفعول یأتي بعده، لکن إذا صاحب حرف الجر "باء" تغیرت دلالته ویکون بمعنی "أتی بـ" وعندئذ یحتاج للمفعول. أعرب عن: «إن لم تُعربي عن ذاتک، وتظهري بعض أدواتک ...» (ابن شُهید، 1996م، ص 124). «أعرب عن نفسه بمعنی أبانَ ما فیها وأعلنه وأوضحه» (مختار عمر، 2008م، ص 1476). ونقول أعرب عن سروره أو عن سخطه أي عبّر عنه وأفصحه. ففعل "أعرب" إذا صاحب حرف الجر "عن" قد یکون بمعنی: جَهَرَ وأعْلَنَ وأبانَ وعَبَّرَ وأوْضَحَ. أما إذا جاء بغیر هذا الحرف، یتغیر معناه؛ فمثلاً نقول: أعربَ فلان أي کان فصیحاً في العربیة وإن لم یکن من العرب؛ أعرب الکلمةَ بمعنی بیّن وجهها من الإعراب.
لکنة أعجمیة: «إنما هي لکنة أعجمیة یؤدون بها المعاني تأدیة المجوس والنبط» (ابن شُهید، 1996م، ص 117). «لَکِنَ الأعجمي بمعنی عيَّ وثقل لسانه ولم یستطع الإفصاح بالعربیة» (مختار عمر، 2008م، ص 2034)؛ قد ورد في لسان العرب حول اللکنة أنّها: «عجمة في اللسان وعيّ. ابن سیده: الألكن الذي لا يقيم العربية من عجمة في لسانه؛ المبرد: اللكنة أن تعترض على كلام المتكلم اللغة الأعجمية. يقال: فلان يرتضح لكنة رومية أو حبشية أو سندية أو ما كانت من لغات العجم (ابن منظور، د.ت، ج 13، ص 230). الوجه الوضاح: «أهلاً بکَ أیها الوجه الوضاح» (ابن شُهید، 1996م، ص 89). الوضح: بياض الصبح والقمر والبرص والغرة والتحجيل في القوائم وغير ذلك من الألوان؛ نجد فائدة لغویة في هذه المفردة وهي أنّ العرب تسمي النهار الوضاح، والليل الدهمان; وبكر الوضاح: صلاة الغداة، وثني دهمان: العشاء الآخرة (ابن منظور، د.ت، ج 15، ص 229)؛ ورد في معجم اللغة العربیة المعاصرة حول الوضاح: «وضحَ الوجه: حَسُنَ؛ الوجه الوضاح: الوجه الحسن الجمیل» (مختار عمر، 2008م، ص 2454). والوضاح یقال للرجل فقط دون المرأة،کما جاء في لسان العرب: رجل وضاح: حسن الوجه أبيض بسام. والوضاح: الرجل الأبيض اللون حَسَنُه. رطباً جنیاً: «فاسّاقط علیه رطباً جنیاً» (ابن شُهید، 1996م، ص 88). الرَّطب: الناعم وهو ضدّ الیابس، نجد أنّ ابن شهید في هذه العبارة تناصّ مع الآیه القرآنیة:{وهزّي إلیک بجذع النخلة تساقط علیک رطباً جنیاً} (مریم 19: 25) تناصاً واضحاً؛ «الرُطَب: ما نضج من البلح قبل أن یصیر تمراً» (مختار عمر، 2008م، ص 904)؛ وجنی الثمرة بمعنی قطفها وتناولها من منبتها (مختار عمر، 2008م، ص 408)، تستعمل العرب هاتین المفردتین مصاحبة بعضها ببعض، فنجد أنّ الشاعر ذو الرمّة في مقطع له یقول: حتى إذا معمعان الصيف هبّ له بأجة نشّ عنها الماء والرطب؛ أراد: هيّج كل عود رَطب، أي ذوى كل عود رَطب فهاج. مقلة حوراء: «یتفجّر من أصلها عینٌ کمقلة حوراء» (ابن شُهید، 1996م، ص 98). «المقلة هي شحمة العین التي تجمع السواد والبیاض؛ أو العین کلها» (مختار عمر، 2008م، ص 2113)؛ الحور أن تسودّ العين كلها مثل أعين الظباء والبقر، وليس في بني آدم حور، وإنما قيل للنساء حور العين لأنهن شُبّهن بالظباء والبقر. وقال كراع الحور أن يكون البياض محدقاً بالسواد كلّه وإنما يكون هذا في البقر والظباء ثم يستعار للناس (ابن منظور، د.ت، ج 4، ص 264)؛ وهذه الصفة تختصّ بالعین فقط ولا تستعمل مع غیرها وتدلّ علی جمال العیون. عیناً معینة: «فرأینا عیناً معینة تسیل» (ابن شُهید، 1996م، ص 93). «ماء معین بمعنی ظاهر تراه العین، جاریاً علی وجه الأرض متدفقاً» (مختار عمر، 2008م، ص 1587). وجاء هذا الترکیب الوصفي في القرآن وبنفس المعنی أیضاً: {قل أرأیتم إن أصبح ماءکم غوراً فمن یأتیکم بماء معین} (الملک 67:30)، فالماء الغور بمعنی الماء العمیق والذي لا تناله الدلاء والماء المعین هو الذي تراه العین وجارٍ علی الأرض وهذه الصفات تختص بالماء أو عین الماء فقط وتأتي متقابلتان لبعضهما. المکان المکین: «فإنّي أجد مکانها من نفسي مکیناً» (ابن شُهید، 1996م، ص 120)؛ «أمّا أبوالقاسم الإفلیلي فمکانه من نفسي مکین» (ص 123). «مکین بمعنی ذو منزلة ورفعة شأن» (مختار عمر، 2008م، ص 2116) ونجد هذه المفردة في القرآن أیضاً: {إنّک الیوم لدینا مکین أمین} (یوسف 12: 54)؛ نری أنّ في نثر ابن شُهید والآیة الشریفة "مکین" بمعنی عظیم الشأن والمنزلة. الحبل المتین: «وحبل هواها علی کبدي متین» (ابن شُهید، 1996م، ص 120). «الحبل هو ما فُتل من لیف ونحوه لیُربَط أو یُقاد به؛ والمتین بمعنی القويّ والصلب» (متینalmaany.com/ar/dict/) جاءت مفردة "الحبل" في هذه الآیة علی سبیل الاستعارة وهنا بمعنی الدین القویم:{واعتصموا بحبل الله جمیعاً} (آل عمران 3: 103). وقد جاءت هذه المصاحبة الوصفیة أیضاً في کتاب نهج البلاغة في وصف القرآن: (وعلیکم بکتاب الله، فإنه الحبل المتین والنور المبین ...) (الخطبة: 156)؛ أي الدین القوی الصلب الذي لاانفکاک له. العذاب الألیم: «أیقنّا لها بالعذاب الألیم» (ابن شُهید، 1996م، ص 122). العذاب بمعنی العقاب والنکال أي کلّ ما شقّ علی النفس؛ والألیم بمعنی المؤلم الشدید. قد جاء هذا الترکیب الوصفي عدة مرات في القرآن الکریم؛ في مثل هذه الآیة الشریفة: {وترکنا فیها آیة للذین یخافون العذاب الألیم} (الذاریات 51: 37)، فالعذاب الألیم بمعنی العقاب والنکال المؤلم الشدید، في کثیر من الأحیان نجد أن العرب استخدموا "العذاب" مصاحباً وموصوفاً بمفردة "الألیم" وهذا ما استخدمه ابن شُهید أیضاً في نثره مشابهاً للترکیب القرآني.
بائر السلعة؛خاسر الصفقة: «تری الفَهِم فیها بائر السلعة وخاسر الصفقة یُلمَح بأعین الشنآن ویُستثقل بکلّ مکان» (ابن شُهید، 1996م، ص56). بائر السلعة بمعنی الشخص الذي تکسدت بضاعته؛ وتبور وبائر، تستخدم للبضائع والسلع والسوق بصورة عامة؛ وقد تأتي لغیر هذه الأمور أیضاً؛ مثلاً نقول بارت البنت بمعنی لم تتزوج؛ أو بارت الأرض أي لم تُزرع. أما الخاسر هو «الذي غبن وباع بضاعته بأقل من تکلفتها» (مختار عمر، 2008م، ص 641)؛ الصفقة هي البیعة، وعادتاً تستخدم مفردتي "الخاسر" و"الصفقة" مصاحبة بعضها بعضاً؛ لأنّ في البیعة یمکن أن یربح التاجر أو یخسر. مطلع الشمس: «فرکضنا حیناً طاعنین في مطلع الشمس» (ابن شُهید، 1996م، ص 115). مطلع الشمس اسم مکان من طلع؛ قد ورد هذا الترکیب الإضافي في القرآن الکریم في سورة الکهف کاسم للمکان: {حتی إذا بلغ مطلع الشمس} (الکهف 18: 90)، أي المکان الذي تشرق وتظهر فیه الشمس؛ وأیضاً في سورة القدر کاسم للزمان: {سلام هي حتی مطلع الشمس} (القدر 97: 5)، أي الوقت الذي تشرق فیه الشمس؛ ولا يمكن الفكاك بين المفردتین "مطلع والشمس" لکثرة استعمالها، بينما يمكن القول "ظهور الشمس" أو "بزوغ الشمس" لكن مفردة الطلوع باتت موافقة ومصاحبة للشمس أکثر من غیرها. وقد تستعمل "مطلع" مع مفردات أخری؛ علی سبیل المثال: مطلع الشهر أي أوله أو مطلع القصیدة بمعنی أول بیت فیها. قرع النواقیس: «فسِرنا حتی انتهینا إلی أصل جبل دَیر حَنّة، فشقَّ سمعي قرعُ النواقیس» (ابن شُهید، 1996م، ص 104). «قَرعَ الناقوس بمعنی دقّه وجعله یحدث طنیناً» (مختار عمر، 2008م، ص 1801)، وقد یأتي هذا الفعل مصاحباً مفردات أخری ویکّون معنی جدیداً مثل: قَرع الشيء أي اختاره بالقرعة؛ قَرع الباب: طرقه؛ قَرع الجرس: دّقه وجعله یحدث طنیناً، و"قرع" أکثر مصاحباً ومتظامّاً لـ"الناقوس" لکثرة استخدامه عند العرب وهو یشبه قرع الجرس أیضاً لأنّ في کلتا الحالتین یَحدُث طنیناً مع الضرب. بحبوحة الدار: «البعوضة ملیکة ... تمشي إلی الملک بندبها وتضرب في بحبوحة داره بطبلها» (ابن شُهید، 1996م، ص 53). بحبوحة بمعنی وسط الشيء وخیاره، وقد تأتي هذه المفردة مصاحبة لمفردات أخری مثل "العیش" وتکون بمعنی سعة العیش ولینه، نعمة وافرة: نشأ في بحبوحة من العیش وهناءة؛ وقد جاء في الحدیث النبوي الشریف: «من أراد بُحبوحة الجنة فعلیه بالجماعة» والقصد من بحبوحة الجنة هي وسط الجنة والمکانة المرموقة منها. فرسان الکلام: «ولکني عدمتُ ببلدي فرسان الکلام ودهیتُ بأهل الزمان» (ابن شُهید، 1996م، ص 116). «فرس الشخص بالأمر بمعنی أدرک باطنه بالظنّ الصائب وعلمَ به» (مختار عمر، 2008م، ص 1690) والقصد من فرسان الکلام هم الأشخاص الذین لدیهم فصاحة وبلاغة في الکلام ویجیدون التحدث أفضل من العامة. ممکن أن نعدّ كلمة "فرسان" كمفردة محورية، لذا يمكن تطبيقها على أفراد مختلفة في مجالات متعددة تشترك في مهارة أو صفة مشتركة، على سبيل المثال، "فرسان القراءة" يمكن أن يشمل الأشخاص الماهرين في القراءة والتفكير النقدي، "فرسان المباراة" يمكن أن يشمل اللاعبين الماهرين في مختلف الرياضات والألعاب، و"فرسان الشعر" يمكن أن يشمل الشعراء المبدعين والمتميزين في الشعر. فنستطیع القول إن في "فرسان الکلام" مصاحبة لفظیة لأننا لا نستطیع الفکاک بینها وجعل مفردة أخری مکانها. لمح البصر: «وقلت: هل حيلة في لقاء من اتفق منهم؟ قال: حتى استأذنَ شيخنا؛ وطار عني ثم انصرف كلمحٍ بالبصر» (ابن شُهید، 1996م، ص 91). «لمح البصر بمعنی سرعة خاطفة، ومضة، طرفة عین» (مختار عمر، 2008م، ص 2034)؛ لا شك أنّ هذه العبارة أمست من المصاحبات اللفظية التي لا يمكن افتكاكها بسهولة لأنها جاءت في القرآن الكريم في قوله تعالى: {وما أمرنا إلا واحدة كلمحٍ بالبصر} (القمر 54: 50). فعبارة لمح البصر تشير إلى نظرة سريعة ومارّة، غالباً ما تكون غير مركزة أو غير مستمرة. جذع النخلة: «هزَّ بجذع نخلة الکلام» (ابن شُهید، 1996م، ص 88). «جذع النخلة أي ساق النخلة ونحوها والجمع أجذاع وجذوع» (مختار عمر، 2008م، ص 355). عندما یتصاحب "جذع" مع "النخلة"، یکون بمعنی ساقها؛ وقد یستعمل مع مفردات أخری، کـ"الإنسان" مثلاً، فیکون بمعنی جسمه ماعدا الرأس والرجلین والیدین؛ نجد في هذه العبارة تناصاً قرآنیاً بیّناً مع الآیة: {وهزّي إلیکِ بجذع النخلة} (مریم 19: 25). سجع الکهّان: «إرمهم یا هذا بسجع الکهّان، فعسی أن ینفعک عندهم ویُطیرَ لک ذکراً فیهم» (ابن شُهید، 1996م، ص 117). «سَجعَ فلانٌ الکلامَ بمعنی أتی به منثوراً له فواصل کفواصل الشعر، مقفی غیر موزون» (مختار عمر، 2008م، ص1035). وقد ورد في لسان العرب حول السجع: «سَجَعَ: تکلم بکلام له فواصل کفواصل الشعر من غیر وزن؛ قال ابن جنّي إنما سُمّي سجعاً لاشتباه أواخره وتناسب فواصله وكسره على سجوع» (ابن منظور، د.ت، ج 7، ص 129) والغرض من سجع الکهان ما أورده أحمد مختار عمر في معجم اللغة العربیة المعاصرة، أنّ: «سجعُ الکهان بمعنی کلامهم غیر المفهوم المزوّق لاستمالة السامعین» (مختار عمر، 1996، ص 1035). أبناء جنسک: «وقد بَلَغَنا أنّک لا تُجازی في أبناء جنسک» (ابن شُهید، 1996م، ص 122). أبناء الجنس بمعنی بني البشر وقد نری أنّ مفردة "أبناء" تلازم مفردات أخری وفي کلّ ترکیب تشکل معنی جدیداً، فمثلاً إذا صاحبت "شعب" تکون بمعنی المواطنین، ومع مفردة "الضاد" تکون بمعنی العرب وإذا جاءت مصاحبة لـ"الشوارع" تکون بمعنی الأولاد اللقطاء والمشردون ومع "الدهالیز" تکون بمعنی الأطفال الظالین أو اللصوص (أبناءalmaany.com/ar/dict/) ومعنی عبارة "لا تُجازی في أبناء جنسک" علی سبیل الکنایة: أنه لا مثیل لک بین الناس من حیث العلم والفضل، لذا فلا یوجد جزاء تُجزی به.
نظم ونثر: «فکلامک نظم لا نثر» (ابن شُهید، 1996م، ص 116). «نظم الکلام بمعنی ألّفه موزوناً ومقفیً» (مختار عمر، 2008م، ص2235)؛ والنثر یکون مقابلاً له؛ أي الکلام الذي بلا وزن ولا قافیة (ص 2167)، جاء في لسان العرب حول "النظم: «النظم هو التأليف. ونظمت اللؤلؤ أي جمعته في السلك، والتنظيم مثله، ومنه نظمت الشعر ونظمته، ونظم الأمر على المثل. وكل شيء قرنته بآخر أو ضممت بعضه إلى بعض فقد نظمته» (ابن منظور، د.ت، ج 14، ص 295). والنثر هو: «الکلام الجید النثر یرسل بلا وزن ولا قافیة» (نثرalmaany.com/ar/dict/)، فدائماً ما تأتي هاتین المفردتین مصاحبة معاً بالمعنی التقابلي. فممکن أن یکون الأدیبُ شاعراً فهو ینظم الکلام أو یکون کاتباً فهو ینثر الکلام. حرب وسلم؛ یقظة وحلم: «وودِدنا أنّا برازخ، لا حربٌ ولا سِلم، ولا یقظة ولا حلم، کفی بذلک إنحاء علی الزمن» (ابن شُهید، 1996م، ص 56). «الحرب هي نقيض السلم، أنثی وابن منظور حَمَلها على معنى القَتْل، أَو الهَرْج» (ابن منظور، د.ت، ج 4، ص 70)، الحرب والسّلم دائماً ما تأتیان معاً متضادتین. وهنا استخدمها ابن شهید، حسب القرائن الموجودة في العبارة بمعنی العدوّ، والسّلم بمعنی الصدیق، ویقصد أنّه لیس صدیقاً ولا عدوّاً ولکنّه حاجز بینهما ومحادي. والیقظة في لسان العرب هي نقيض النوم، والفعل استيقظ وهو الانتباه من النوم، جاء ابن شُهید هنا بالحُلم مصاحباً للیقظة بدل النوم، لیشکّل مصاحبة لفظیة بین تلک المفردتین، ومعنی العبارة یکون هکذا: نحن نحبّ أن نکون محایدین ولا نکون أعداء ولا أصدقاء ولا مستیقظین حذرین ولا نوّم، بل نتّخذ بین ذلک سبیلاً. الغالي والرخیص: «ورأی الخبیص[4] فقال هذا الغالي الرخیص» (ابن شُهید، 1996م، ص 120) الغَلاء هو نَقيض الرخص. غَلا السعْر وغيرُه: ارتفع وازداد عن الحدّ المقبول، وغَلا فلان في الأَمر والدين: تشدَّد فيه وجاوز الحد وأَفرط. وفي التنزيل العزيز سورة المائدة: {لا تغلوا في دينكم} (المائدة 5: 77)، أي لا تتشدوا ولا تفرطوا في أمر الدین؛ والرخیص هو نقیض الغالي، رخص السعر: هبط، رخّص له في الأمر: سهّله ویسّره له (رخصalmaany.com/ar/dict/). نری أنّ المفردتین متقابلتان ومتضادتان بمعنی الکلمة ونجدها في کلام العرب تُستخدم کمصاحبة ومتلازمة لفظیة. الأنام والأنعام: «الحمدللّه خالق الأنام في بطون الأنعام» (ابن شُهید، 1996م، ص 118). الأنام: جميع ما على الأرض من الخلق وقد يشمل الجنّ، وغلبت في الدلالة على البشر، وجاء في القرآن: {وَالأَرْضَ وَضَعَهَا لِلأَنَام} (الرحمن 55: 10) والأنعام هي البهائم کالغنم والماعز والحمیر والبقر (مختار عمر، 2008م، ص 2242). فهنا تقابل واضح بین کلمتي أنام وأنعام من حیث أن الأنام ذو عقل والأنعام عدیمة العقل. فدائماً نری هاتین المفردتین تأتي مصاحبة بعضها بعضاً في کثیر من النصوص الأدبیة لتعطي القارئ معنی تقابلیاً. الفروع والأصول: «أیها الغارّ المغرور، کیف تَحکم في الفروع وأنتَ لا تُحکم الأصول؟» (ابن شُهید، 1996م، ص151). «فروع: مفرده فرع، غصن، شعبة ویقابله أصل» (مختار عمر، 2008م، ص 1695). والأصل أساس يُقام عليه، أول الشيء ومادته التي يتكوّن منها: أصل الموضوع. دائماً ما نجد کلمة "فرع" مصاحبة لـ"أصل" بالعلاقة التضادیة وجاءت هذه المصاحبة في القرآن الکریم أیضاً: {کشجرة طیبة أصلها ثابت وفرعها في السماء}(إبراهیم 14: 24)، لکن ما قصده ابن شهید من الأصول هي أصول الشرع والقانون والفروع، القوانین التابعة للأصول.
شیطان وشیصبان: «أمّا إن به شیطاناً یهدیه، وشیصباناً یأتیه» (ابن شُهید، 1996م، ص 88 ). «الشیطان: إبلیس وهو روح شریر مغوٍ بالفساد؛ شیطان الشاعر: جنّيّ یلهم الشعر» (مختار عمر، 2008م، ص 1256). الشيطان كل عاتٍ متمرد من الإنس والجن والدوابّ هو شيطان (شطنalmaany.com/ar/dict/)، والشیصبان هو أحد أسماء الشیطان وهو الشیطان نفسه. «قالوا هو الشيطان الرجيم. والشيصبان: والبلأز والجلأز والجان والقاز والخيتعور: كلها من أسماء الشيطان. والشيصبان: أبو حي من الجنّ» (ابن منظور، د.ت، ج 8، ص 75) والمقصود من الشیطان في هذه العبارة، هو الجنّي الذي یلهم الشعراء في اعتقاد الجاهلیین ویؤلف القصائد ویلقیها في آذانهم. روائح ونوافح؛ تعبق وتصوک: «حتی انتهینا إلی دیر عظیم تعبق روائحه وتصوک[5] نوافحه» (ابن شُهید، 1996م، ص 105). روائح مفرده رائحة، ما یُشمّ سواء کان طیباً أو نتناً (مختار عمر، 2008م، ص 955) والنوافح مفرده نفحة وهي دفعة الريح طيبة كانت أو خبيثة، لقد نری أنّ مفردتي "روائح ونوافح" معناهما واحد وهو الریح سواء کان طیباً أو نتناً. أما بالنسبة لـ"تعبق وتصوک"، قد ورد حول "عبق" في لسان العرب: «عَبِقَت الرائحةُ في الشيءِ عَبَقاً وعَباقِيةً :بَقيت؛ ورجل عَبِقٌ وامرأَة عَبِقةٌ إِذا تطيِّب وتعلق به الطِّيب فلا يذهب عنه ريحه أَيّاماً» (ابن منظور، د.ت، ج 10، ص 17)، وفي معجم المعاني حول فعل "تصوک": «صاک الطیب ونحوه: عَبِقَ؛ تصوّک بالمسک ونحوه بمعنی تطیب به» (صوکalmaany.com/ar/dict/) وهذه الأفعال أتیا بنفس المعنی، وهذا الترادف الذي جاء به ابن شُهید، یفید التأکید في الکلام، أي أنّ رائحة المکان کانت منتشرة في کل الأرجاء حیث أنها ملأت الفضاء. الفرح والمرح: «وهذا الفعل معروف من الإوزّ عند الفرح والمرح» (ابن شُهید، 1996م، ص 151). «الفرح بمعنی الابتهاج وانشراح الصدر» (مختار عمر، 2008م، ص 1685). و«المرح: شدة الفرح والنشاط حتى يجاوز قدره، وقيل المرح التبختر والاختيال. وفي التنزيل:{ولا تمش في الأرض مرحاً} (الإسراء 17: 37)، أي متبخترا مختالاً، وقيل: المرح الأشر والبطر، وهذه المصاحبة أیضاً وردت في قوله تعالى بصورة فعلَي "تفرحون وتمرحون": {بما کنتم تفرحون في الأرض بغیر الحقّ وبما کنتم تمرحون} (غافر 40: 75)، )ابن منظور، د.ت، ج 14، ص 48)، فنری أنّ العرب في کلامهم یستخدمون الفرح مصاحباً للمرح وهاتان المفردتان تلازم بعضها بعضاً في کلّ الأحوال. شذر ومذر؛ شغر وبغر: «فَنَثرتنا شذَرَ مَذَر وفرّقتنا شَغَر بغَر» (ابن شُهید، 1996م، ص 122). «شذر ومذر ترکیب یفید به التفرق والتشتت ولا یقال في الإقبال ولفظة مذر جاءت للإتباع[6]: ذهب القوم شذر مذر: ذهبوا مذاهب شتّی» (مختار عمر، 2008م، ص 1180). وقد ورد في لسان العرب حول هذا الترکیب: «المذر في اللغة: الفساد، وذهب القوم شذر مذر، أي متفرقين. ويقال: تفرقت إبلُه شذر مذر؛ وشذر مذر إذا تفرقت في كل وجه، ومذر إتباع. ورجل هذر مذر: إتباع (ابن منظور، د.ت، ج 14، ص 42). والشغر: البعد. «ويقال: تفرقت الإبل وذهب القوم شغر بغر، وذهب القوم شغر مغر وشغر بغر، أي متفرقين في كل وجه» (ابن منظور، د.ت، ج 2، ص 118). نری أنّ کلا الترکیبین في کلام العرب مترادفان، وهذا التتابع والترادف جاء لتأکید المعنی، وابن شهید کسائر الأدباء والشعراء لم یکن غافلاً عن تلک التراکیب والمصطلحات واستخدمها في نثره متی أحسّ بالحاجة إلیها. النتائج: أهم النتائج التي توصّل إليها البحث هي كالأتي: - يشير المقال إلى أن ابن شهيد استخدم مجموعة متنوعة من المصاحبات اللفظية في كتاباته. وتشير النتائج إلى أنه يميل إلى استخدام المصاحبة اللفظیة من النوع الفعل والمفعول، ثم المصاحبة الاسمیة من النوع الوصفیة ثمّ الإضافیة بنسبة أكبر من غيرها من المصاحبات. - يشير المقال إلى أن استخدام ابن شهيد للمصاحبات اللفظية ترتبط بالبلاغة القديمة. يستنتج من الدراسة أنه يعود في استخداماته إلى اللغة الدينية کالقرآن الکریم، حیث نجد أنّه في استخدامه للمصاحبات، یتناصّ مع نص القرآن تناصاً واضحاً، مثل استخدام "جذع النخلة" و"العذاب الألیم" و"الریح العقیم" و"مطلع الشمس" وغيرها. بعبارة أخرى، يعتمد ابن شهيد على عبارات وتعابير قديمة وتقليدية مشتقة من النصوص الدينية والأدبية القديمة. - يشير المقال إلى أن استخدامات ابن شهيد للمصاحبات اللفظية تظهر توافقًا مع النصوص الفصيحة القديمة، مثل الكتب الدينية والأدبية. هذا يعني أنه يلتزم بالأساليب والتعابير القديمة ويتفق معها في كتاباته، دون تجديد أو تحديث.
[1] - یتستر. 2- جمع الحَرَج وهو المکان الضیق الکثیر الشجر. [3] - السَبَل: المطر، العهد: أول مطر الوسمي. [4] - الحلوی التي تُصنع من الدقیق والعسل. [5] - تعبق. [6] - الإتباع: تولی لفظین یتفقان في الوزن والروي بقصد تقویة المعنی؛ والثاني بمعنی الأول أو غیر ذي معنی ولا یستعمل منفرداً. | ||
| مراجع | ||
| ||
|
آمار تعداد مشاهده مقاله: 36 |
||