
تعداد نشریات | 43 |
تعداد شمارهها | 1,715 |
تعداد مقالات | 14,055 |
تعداد مشاهده مقاله | 34,046,282 |
تعداد دریافت فایل اصل مقاله | 13,632,945 |
التعدیلات المعجمية في ترجمة كتاب ادبیات فارسی از عصر جامی تا روزگار ما علی أساس نظرية كاتفورد الترجمة العربية لبسام ربابعة نموذجا | |||||||
بحوث في اللغة العربية | |||||||
دوره 17، شماره 32، تیر 2025، صفحه 113-132 اصل مقاله (883.67 K) | |||||||
نوع مقاله: المقالة البحثیة | |||||||
شناسه دیجیتال (DOI): 10.22108/rall.2024.142599.1545 | |||||||
نویسنده | |||||||
عبدالوحید نویدی* | |||||||
أستاذ مساعد في قسم اللغة العربية وآدابها بجامعة شهيد تشمران أهواز، أهواز، إيران | |||||||
چکیده | |||||||
شهدت الترجمة منذ بداية التنظير، اتجاهات مختلفة، تجلت من خلالها آراء المنظرين علی اختلاف المشارب والمدارس التي ينتمون إليها. ولا يخفى على أحد أنه كان هناك جدال طويل حول الجودة، والصدق، والأمانة، والخيانة في الترجمة، منذ القدم إلى غاية الخمسينيات، حيث تدرس الترجمة، كفرع من فروع علم اللغة. فلا يمكن إنكار أهمية هذا العلم وفضله في تطور دراسات الترجمة ونظرياتها. ومن الذين أسهموا في تطور النظريات اللغوية للترجمة هو كاتفورد الذي ركز على إيجاد التكافؤ في الترجمة بين اللغة المصدر واللغة الهدف، من خلال القیام ببعض التعدیلات في الترجمة. فيحاول البحث هذا من خلال استخدام المنهج الوصفي ـ التحليلي، دراسة التعدیلات المعجمية في ترجمة بسام ربابعة العربیة لكتاب محمد رضا شفیعي كدكني الموسوم بادبیات فارسی از عصر جامی تا روزگار ما، علی أساس نظرية كاتفورد. ومن أهم النتائج التي توصل إلیها المقال هي أن المترجم أجرى تعديلات كثیرة في ترجمة المفردات، والتركيبات، والأمثال، واستخدم مرادفات قريبة من لغة القارئ العربي وثقافته عند مواجهة البنی المختلفة في اللغتین الانطلاق والوصول. ولقد جاءت معظم هذه التغييرات لنقل المعنى الصحیح الذي قصده المؤلف الأصلي، الأمر الذي يدل علی استيعاب المترجم ومعرفته الجيدة باللغة والثقافة الفارسية، وفهمه بالفروق الدقيقة بین اللغتین. ومع ذلك، في بعض الحالات، أنه لم يكن ناجحا في العثور علی تكافؤ الكلمات والتركیبات والتعابیر، وفشلت تغييراته التي أجراها في الترجمة، وأوصلت للقارئ العربي معنى لم يقصده المؤلف الفارسي، كما أن معظم أخطائه حدثت في ترجمة الأشعار الفارسية علی وجه الخصوص، وهذا من نتاج قرائته وفهمه الخاطئ لتحلیل بعض المفردات والتركیب. | |||||||
کلیدواژهها | |||||||
نقد الترجمة؛ نظریة كاتفورد؛ التعدیلات المعجمية؛ شفیعی كدكنی؛ بسام ربابعة | |||||||
اصل مقاله | |||||||
. المقدمة في مجال الحضارة الإسلامية، تعتبر اللغة الفارسية لغة مهمة جدا، إلا أن هناك أشخاص لا يستطيعون التحدث بها، ونتيجة لذلك، فَهُم غير قادرين على فَهمِ النصوص المكتوبة بهذه اللغة. ومن هذا المنطلق، يمكن للترجمة أن تعد أداة فعالة ومهمة في إقامة التواصل بين الأشخاص الذين یعیشون في کنف الحضارة الإسلامية، کما أنها تلعب دورا واضحا ومهما في عالم اليوم والمجتمعات البشرية، وذلك من خلال تحويل نصٍ ما من لغة إلى أخرى. تُستخدم الترجمة اليوم كأداة فعالة للتواصل الثقافي، والأدبي، والعلمي، والسياسي، والاقتصادي، والتجاري، وتشكل جزءا مهما في خلق وسط ناجح للتلاقح الثقافي واللغوي، عن طريق تجاوز الحواجز اللغوية والحضارية التي تعيق التواصل بين الثقافات. فهي عملية تواصل حضاري بواسطة اللغة، تتم بين ثقافات مختلفة، وبدونها تضيع فرصة نقل المعلومات بين الحضارات، وستبقى كثير من الثقافات، والأخلاقيات، والعلوم، والآداب التي تقوم بها المجتمعات الأخرى، مجهولة. وأما المناقشات حول عمل الترجمة وكیفيتها، فكانت ولاتزال مطروحة من عهد شیشرون إلی یومنا هذا. لذلك، تظهر المداخل النظرية المختلفة في مجال الترجمة، باختلاف المنظرين، واتجاهاتهم الفكرية، والمكاتب التي ينتسبون إليها. فالمدخل المقارن یذهب إلی أن الترجمة، بوصفها عملية انتقال من لغة إلى أخرى، تكون تابعة لمادة خاصة من النوع المقارن، وهكذا یظهر المدخل المقارن، مما يجعلنا نعتبر الترجمة تطبيقا عمليا للأسلوبية المقارنة (البريني، ٢٠٠٣م، ص 78). وقد ربط كاتفورد هذا المدخل بالمدخل اللغوي، قائلا: إن «نظرية الترجمة تعنى بنوع معين من العلاقات بين اللغات، وهي تبعا لذلك فرع من اللغويات المقارنة» (1965م، ص 43)، وهو ما يؤكده أيضا نيومارك الذي يرى أن نظرية الترجمة تنبع من علم اللغة المقارن (١٩٨٦م، ص ١٦). وهناك من یقول إن المترجم بحاجة إلى استعمال لغتين تحتكّان في ذهنه؛ وهذا يعني أن دراسة الترجمة تكون مرتبطة باللغة ارتباطا وثيقا لا تنفك عنها، كما يؤكد كاتفورد ذلك، ویشیر إلی أن «أيّ نظرية للترجمة لا بد أن تعتمد على نظرية لغوية عامة» (1965م، ص 14). والحق أن دراسة الترجمة اقتصرت ما قبل الخمسينات، على المؤلفات الأدبية والفلسفية والكلاسيكية، وكانت تدرج بطبيعة الحال تحت اللسانيات، حتى ظهر التصور الجديد الذي وصف الترجمة بالعلمية والموضوعية والممنهجة. وقد كان للمؤسسة الأمريكية جمعية الكتاب المقدس الأمريكية دور رئيس في الترجمة، خاصة ترجمة الكتاب المقدس إلى اللغة الإنجليزية، وكذلك إلى لغات أخرى، تحت رعاية أوجين نايدا[1]، مما أدى إلى تمحُّض نظرية في الترجمة ترتكز على النحو التوليدي على يد تشومسكي[2]. من هذه النقطة تحديدا، بدأ تطور في دراسات الترجمة، وبرز العديد من المنظرين الذين أبدوا اهتماما بليغا بالنحو التوليدي ونظرية الترجمة في أوروبا والولايات المتحدة الأمريكية في تلك الحقبة، ومن أهمهم فيدروف[3]، وفیني[4]، وداربلنه[5]، وجاكوبسون[6]، ونایدا، وكاتفورد[7] الذين لهم دور بارز في تطور النظريات اللغوية للترجمة بتطبيق النظريات اللسانية الحديثة على بعض الترجمات. فتأثر هؤلاء الباحثون باللسانيات وبمختلف الدراسات التي كانت رائدة في هذا المجال؛ مما دفعهم إلى إثارة جدل التكافؤ وتعدد أنواعه، فقد طرح نايدا مفهوم التكافؤ بنوعيه الديناميكي والشكلي، حيث يدل الأول على «إبقاء تأثير النص المصدر نفسه الذي أراده الكاتب، والثاني على الترجمة الحرفية لمضمون النص المصدر وشكله، حتى يحصل المتلقي على نفس الرسالة مضمونا وشكلا» (ساسي، 2014م، ص 7)، كما ركز كاتفورد على إيجاد تكافؤ في الترجمة بين اللغتین الأصلية والهدف من خلال إجراء التعدیلات والتغییرات المعجمية والنحوية التي قام بها المترجم أثناء عملية الترجمة. بناء علی هذه النظرية، أي النظرية اللغوية للترجمة، یجب علی المترجم معرفة المفردات والتعابیر والتراكيب في اللغة المصدر، «وهي ضرورية لفهم معاني النصوص وإعادة صياغتها» (سلمي، 2009م، ص42)؛ لأن ذلك يسمح له بالوصول مباشرة إلى المعنى، كما ينبغي عليه أن يتقن اللغة الهدف، حتى يتمكن من إعادة صياغة هذا المعنى صياغة ملائمة. أما المترجم أثناء عملية الترجمة، فيواجه ـ دون شك ـ عدة خيارات. والقرارات التي يتخذها محكومة باعتبارات عديدة، أهمها السياق الذي يعمل فيه (سبول، 2005م، ص 42). ولقراراته جانبان أساسيان: أحدهما يتعلق بإمكانية تعدد المعاني في النص المصدر؛ والثاني يرتبط بالبدائل المتاحة للتعبير عن هذه المعاني في اللغة المستهدفة. نتيجة لهذه القرارات التي يتخذها المترجم، يخضع النص المترجَم لتحولات وتغییرات وتعدیلات عدیدة على المستوى المعجمي، أي المفردات والتعابیر والمستوی النحوي. وبما أن النصوص المترجمة هي المادة التي يعتمد الدارسون عليها في التحليل والتفسير والاستنتاج، ويقصد كاتب المقال هذا دراسة التعدیلات المعجمية في الترجمة العربية لكتاب ادبیات فارسی از عصر جامی تا روزگار ما، والذي ترجمه المترجم الأردني، بسام ربابعة، إلی العربية، وتكمن أهمیة البحث في توظیف إحدی النظریات الحدیثة في الدراسات الترجمية. فیحاول البحث أن يجیب عن الأسئلة التالية: ـ ما أهم التعدیلات والتقنيات الّتي وظفها المترجم لترجمة المفرادت والتركیبات والتعابیر الاصطلاحية؟ ـ ما درجة مقبولية الترجمة أو عدم مقبوليتها في التعدیلات التي أجراها فيها؟ ـ ما أكثر المواضع التي أخطأ فيها المترجم في الترجمة؟ 1ـ1. منهجية الدراسة يعتمد هذا البحث الحاضر علی المنهج الوصفي ـ التحليلي، موظفا نظریة كاتفورد في نقد الترجمة، لدراسة وتحليل التعدیلات المعجمية في ترجمة بسام ربابعة العربية لكتاب ادبیات فارسی از عصر جامی تا روزگار ما، في مستوی المفردات والتركیبات والتعابیر والأمثال. 1ـ2. خلفية البحث لا شك أن الدراسات السابقة تكتسي أهمية قصوی في أي بحث علمي؛ ذلك أن الاطلاع علی ما توصل إليه الدارسون في الموضوع أو في ما هو قريب منه، ينير للدارس جوانب كثيرة، حتى لا يكون العمل مجرد تكرار للدراسات السابقة. ومن هذه الدراسات التي اتكأت علیها دراستنا هذه، ما یرتبط بجانبها النظري ما يلي: مقالة تحلیل چهار ترجمه انگلیسی از گزیده اشعار بوستان سعدی با استفاده از نظریه كتفورد (= دراسة وتحليل أربع ترجمات إنجليزية لمختارات أشعار بوستان سعدي، بناء علی نظرية كاتفورد)، لعنایت اللّٰه شعباني ونفیسة عمادي وفاطمة دفتري (1400ﻫ.ش). يهدف هذا البحث إلى مقارنة أربع ترجمات لقصائد بوستان سعدي، بناء على نظرية كاتفورد، والتي ترجمها إلى الإنجليزية كلارك وديفي وإدواردز وويكنز. مقالة چالش برابریابی برخی ساختهای دستوری در تعریب بر اساس نظریه تغییرات صوری كتفورد (= تحديات التکافؤ لبعض التراكيب النحوية في الترجمة من الفارسية إلی العربية؛ بناء على نظرية التغيرات الشكلية لكاتفورد)، لقادر پریز (1397ﻫ.ش). تحاول هذه المقالة إيجاد مكافئ لبعض الأدوار النحوية، من أجل دراسة وتحليل التحديات والاختلافات الموجودة في الترجمة من الفارسية إلى العربية، من خلال اختيار أمثلة من روايتين فارسيتين: مدير مدرسة لجلال الأحمد، وچشمهایش لبزرگ علوي. مقالة ارزیابی ترجمه مجموعه تولدی دیگر فروغ فرخزاد، برمبنای نظریه تغییرات صوری كتفورد: موردپژوهی مقایسه ترجمه عبدالمنعم والعطار) (= تقييم ترجمة ديوان فروغ فرخزاد "ولادة أخرى" على أساس نظرية التغيرات الشكلية لكاتفورد: ترجمة عبد المنعم وترجمة العطار نموذجا)، لعلي أصغر شهبازي (1400ﻫ.ش). حاول الباحث فيها تحليل ومقارنة أنواع التعدیلات في ترجمة عبد المنعم والعطار لديوان ولادة أخرى لفروغ فرخزاد، بناء علی نظرية كاتفورد. مقالة نقد وبررسی ترجمه عربی مثنوی (دفتر چهارم) بر اساس نظریه كتفورد: مطالعه موردی ترجمه علی عباس زلیخه (= نقد ودراسة الترجمة العربية للمثنوي (الكتاب الرابع) على أساس نظرية كاتفورد: ترجمة علي عباس زليخة نموذجا، لناهید ایازي وسیمین ولوي (1399ﻫ.ش). فقد قام هذا البحث بنقد ودراسة ترجمة علي عباس زليخة للكتاب الرابع من المثنوي المعنوي، علی اساس نظرية كاتفورد في المستوی المعجمي والنحوي والحذف والإضافة. مقالة آسیبشناسی انتقال چندلایگی دلالتی در تعریب اشعار حافظ بر اساس نظریه تغییرات صوری كتفورد: بررسی موردی ترجمههای الشواربی وعباس زلیخه (= دراسة إشکالیات انتقال التعدد الدلالي في ترجمة أشعار حافظ على أساس نظرية التغيرات الشكلية لكاتفورد: ترجمات الشواربي وعباس زليخة نموذجا)، لحسین محسني وأمین شیخ باقري (1400 ﻫ.ش). یهدف هذا البحث على أساس نظرية التعدیلات الشكلية لكاتفورد في المستویین المعجمي والنحوي، إلی دراسة إشكاليات ترجمة المفاهيم المتعددة الطبقات لمفردات حافظ ومصطلحاته الشعرية في الترجمة العربي لإبراهیم أمین الشواربي وعلی عباس زلیخة.
2ـ1. نظریة كاتفورد یعدُّ كاتفورد واحدا من أقطاب الاتجاه اللغوي في الترجمة. وقد نسب إليه مصطلح التغيير[8]، لمناقشة التغييرات والتعدیلات التي تحدث في الترجمة، ويظهر نهجه اللساني من خلال كتابه الشهير النظرية اللغوية للترجمة[9]، حيث قد حدد الترجمة على أنها عملية تتم بين اللغات، وتقوم على «استبدال عناصر نص اللغة المصدر بعناصر نص اللغة الهدف» (لطفی پور ساعدي، 1371ﻫ.ش، ص 3). اتَّبع كاتفورد في بناء اتجاهه اللساني، فیرث[10] وهالیداي[11]، حیث كان تركيزه في أبحاثه ومؤلفاته على إيجاد التكافؤ في الترجمة بين اللغة الأصلية واللغة الهدف، ووظف معرفته اللغوية في حل مشكلات تعلم الترجمة، واعتبر ما قدمه في هذا المجال جزءا من محاولات في اللسانيات التطبيقية، حيث تتقابل اللغات في مستوى المفردات[12]، ومستوى التركيب[13]، كما أكد على فكرة التنوع اللغوي، ووجود الأنواع اللغوية، مما يؤدي إلى اختيار طريقة للتصنيف (كحیل، 2007م، ص 48). واستمد هذه الفكرة من هاليدي في تعرضه لبُعدَي التنوع اللغوي: «بُعد المُستعمِل، وهو الشخص الذي يستخدم اللغة، وبعد الاستعمال، أي الأغراض المختلفة التي تستخدم من أجلها اللغة» (عناني، 2003م، ص 99). ففي البعد الأول، يُعدُّ هذا المظهر أساسيا لتنوع اللغة حسب مُستعمِلها الذي قد يملك غير مستوى لغوي، حسب المواقف التي تتعرض لها. وأما بعد الاستعمال، فيتم باختيار قواعد ومفردات خاصة مناسبة للسياق، وانطلاقا منها نميز الأنواع اللغوية حسب القواعد والمفردات. وهذا مدخل تداولي بحت (كحیل، 2007م، ص 49). ويمكن استغلال نظرية كاتفورد في وضع مناهج الترجمة، لتذليل ترجمة المصطلحات والتراكيب، إلا أنها نقدت لاهتمامها بالشكل على حساب المعنى؛ ذلك أن جوهر العمل الترجمي متصل بالمعنى وثقافة المترجم وظروف الاتصال (الشطيبي وناصر الدين، 2022م، ص 24). فبناء علی ذلك، الحاجة إلى نظريات أخرى تحل بقية الصعوبات التي تطرح في مجال تعلم الترجمة وتعليمها، تبقى ضرورة لا بد منها. ميز كاتفورد بين نوعين من التكافؤ هما: التكافؤ الشكلي[14]، والتكافؤ النصي[15]. التكافؤ الشكلي هو وضع عناصر لغوية في اللغة الهدف، بحيث تحتل نفس المكانة في الجملة، كما في اللغة الأصل (1965م، ص 27). بعبارة أخری، هذه العملية تتم عندما تشغل فئة من عناصر لغة الهدف إلى أقصى حد ممكن، نفس المكانة التي تحتلها فئة عناصر لغة الأصل (الديداوي، 1992م، ص 168)؛ أما التكافؤ النصي، فهو كتابة نص في اللغة الهدف يكافئ النص في اللغة المصدر علی مستوی الشکل (كاتفورد، 1965م، ص 27)، أي هو يحصل عندما نلاحظ بأن صيغة النص المترجم تكافئ إلى حد ما صيغة النص الأصلي. جاء كاتفورد ببعض المفاهيم التقابلية، حينما ميز بين (الترجمة الشاملة والترجمة الجزئية) و(الترجمة المقيدة والترجمة غير المقيدة)، حيث «تتم الترجمة الشاملة على جميع المستويات من معجم ونحو وصرف وغير ذلك، والترجمة الجزئية تتم على بعض المستويات دون أخرى. وفي الترجمة المقيدة، يحاول المترجم أن يجد لكل عنصر في اللغة الأصلية مقابلا في اللغة الهدف من كلمات أو مورفيمات، أما في الترجمة غير المقيدة، فيقوم المترجم ببحث عن مكافئ بين الجمل وأشباه الجمل» (منصَّر، 2009م، ص 82). وميز أیضا بين نوعين من تعذر الترجمة، هما: تعذر الترجمة اللساني، وتعذر الترجمة الثقافي. فيقول في النوع الأول: «يحدث تعذر الترجمة اللساني في حالة انعدام إمكانية تعويض عنصر في اللغة الأصلية بآخر في اللغة الهدف؛ الأمر الذي يعزى إلى وجود غموض يشكل سمة بارزة من الناحية الوظيفية للغة الأصلية» (1965م، ص 99)؛ في حين عرّف تعذر الترجمة الثقافي بقوله: «يحدث تعذر الترجمة الثقافي، عندما تكون إحدى الوضعيات المتميزة والهامة من الناحية الوظيفية لنص في اللغة الأصلية غائبة تماماً عن الثقافة التي تعتبر اللغة الهدف جزءاً منها» (المصدر نفسه، ص 99). أما ما يهمنا هنا، فهو ما سماه كاتفورد بالانتقالات أو التعدیلات أو التغییرات. فالمراد بها كلها هو «الانطلاق من التكافؤ الشكلي أثناء الانتقال من اللغة الأصلية إلى اللغة الهدف» (المصدر نفسه، ص 73). لقد تحدَّث كاتفورد عن نوعين أساسيين من التعدیلات الشكلية: الأول: التعدیلات المعجمية، وهي التي تحدث على مستوی المفردات والتركیبات والاصطلاحات والتعابیر المجازية والأمثال، فيركز الباحث هنا علی هذا النوع من التعدیلات؛ والثاني: التعدیلات النحوية، وهي التي تحدث على المستوى النحوي (پریز، 1397ﻫ.ش، ص 139). وأما هذه الأخیرة، فتنقسم بحد ذاتها إلی أربعة أقسام: انتقال التركيب أو التعدیلات البنائية؛ وانتقال الفئة أو التعدیل في الفئة؛ وانتقال الوحدة أو تعدیل الوحدة أو تعدیل الرتبة؛ والانتقال الداخلي أو التعدیلات داخل النظام.
تتركز دراستنا هذه على تحليل ودراسة الترجمة العربية لكتاب ادبیات فارسی از عصر جامی تا روزگار ما، لشفیعی كدكنی. ولقد اعتمدنا في بحثنا هذا على منهج وصفي ـ تحليلي، مستخدمین نظرية كاتفورد لتقییم الترجمة، وسيكون هذا العمل مبنيا على النحو التالي: 3ـ1. تعديل المفردات والتركیباتیُعَدُّ العثور على مكافئات مناسبة للمفردات وخاصة التركیبات والعبارات الثقافية، أحد التحديات والعوائق أمام المترجم؛ ذلك لأن معاني بعض المفردات والتركیبات بشكل عام، والعبارات الكنائية بشكل خاص، ترتبط بثقافة المجتمع، ويعتمد فهمها على إلمام المترجم باللغة المصدر. ومن أهم مزايا الترجمة المدروسة استخدام مكافئات ثقافية ووظيفية دقيقة للمفردات والتركیبات الفارسية، مما يدل على الفهم الدقيق لمعنى ومفهوم النص الفارسي من قبل المترجم الجليل القدر. فعلى سبيل المثال، انتبه إلى ترجمة النص التالي: ـ النص الفارسي: از این قرار، مغز و لُبّ شعر و ادب جنبش مشروطه به سیه روزی دچار آمد (شفيعي كدكني، 1378ﻫ.ش، ص 88). ـ الترجمة: بناءً على هذا، فقد اُبتُلِيَ «عقلُ» الشعرِ الفارسيّ وأدبُه في العصر الدستوريِّ بالتّعَاسةِ والشقاء (شفيعي كدكني، 2009م، ص 102). وأما ما یهمنا هنا، فهو عبارة "به سیه روزی دچار آمد". مركب "سیه روزی" مُكوَّن من كلمتین "سیاه" و"روزی". فهي في الأصل مركب وصفي أصله "روز سیاه". وجاء لفظ "سیه" أو "سیاه" في المعاجم الفارسية اللغوية بمعانٍ مختلفة، نحو: كل ما لونه فحم، وظلام، ودامس، وداكن، وهو عكس اللون الأبيض. وتستخدم هذه الكلمة صفة لكلمات مختلفة، مثل: "الرجل الأسود"، أي الشخص ذو البشرة السوداء، أو "السوق السوداء"، أي السوق التي تكون أسعار الأشياء فيها أعلى من سعرها الأصلي (دهخدا، مادة سياه). لو أراد المترجم استخدام الترجمة الحرفية، لكان عليه أن يستخدم تعابير، مثل: "يوم أسود، يوم قاتم، يوم زنجي، یوم داكن، یوم غامق". وبما أن الترجمة الحرفية هنا هي أسوأ ما یُقدَّم لقارئ العربية، عدل المترجم عنها إلی الترجمة المكافئة التي شاعت وراجت بین أبناء جنسه، وأتی بمكافئ مناسب للتعبير عن نفس المفهوم في النص الهدف. وهو بهذا غيَّر الشكل الظاهري حتى يحافظ على المعنى بكل دلالاته، أي نجد بسام ربابعة هنا ينصرف عن تحقيق التعادل الصوري رغبة في نقل المعنى، كما يمليه نظام اللغة العربية. یری كاتفورد «أن المسألة الرئیسة في الترجمة، تتمثل في إیجاد مكافئات في اللغة الهدف، وعلی المنظرین تحدید طبیعة وكیفية ترجمة هذه المكافئات» (فنطازية، 2022م، ص 233). فمركب "سیه روزی" تركیب كنائي في اللغة الفارسية، وتعني: البؤس، والشقاوة، والتَّعس، والتعاسة، والبلية. وبما أن الترجمة تتطلَّب فهما عميقا لكلتا اللغتین المصدر والمستهدفة، ومعرفة متعمّقة بالفروق الثقافية الدقيقة بینهما، فاستخدم المترجم عبارة "ابتلي بالتعاسة والشقاء"، وهذا يدل جيدا على أن المترجم كان على دراية تامة بثقافة اللغة الفارسية وتعابیرها الاصطلاحية، فحاول من خلال إحضار هذه العبارة تبلیغ المعنى الدقیق إلى الناطقين بالعربية. ـ النص الفارسي: به طور كلی، ویژگی بیشتر شاعران این دوره را میتوان .... وآراستن و دادن رزق و برق دوباره به صور خیال ... جمع بندی كرد .... در همه این غزلها، میتوان ته رنگی از عرفان بیروح و بیجلوهای را مشاهده كرد (شفيعي كدكني، 1378ﻫ.ش، ص 20). ـ الترجمة: بشكل عام، يمكن استخلاص أكثر خصائص شعراء هذا العصر علی أنها ... الصنعة والتنمیق المكرر للصور الشعرية .... وفي جمیع هذه الغزلیات، تمكن مشاهدة بقایا من التصوف الشكلي الذي لا روح فیه (شفيعي كدكني، 2009م، ص 31). حدثت عملية الاتصال في الجملة العربية من خلال تعويض لفظ "التنمیق"، بدل مركب "زرق وبرق" الفارسي، وهذا المركب مركب عطفي تعطف فیه كلمة "برق" علی كلمة "زرق". فـ"زرق" كلمة عربية تعني لون السماء، ودخلت الفارسية، وتغیرت معناها. جاءت في القواميس الفارسية لكلمة "زرق"، معاني: الریاء، والنفاق، والكذب، والتظاهر بخلاف ما في الباطن (غياث اللغات، دهخدا: مادة زرق). البرق تعني أيضا التألق، والتلألؤ، واللمعان. فترجمة العبارة "دادن زرق وبرق به شعر شاعران پیشین" حرفیا تكون هكذا: إعطاء لون أزرق ولمعان لشعر شعراء القرون السابقة. لكن الترجمة الحرفية لهذه العبارة لا تنقل المعنى الصحيح، بل تؤدي إلى سوء فهم النص. ولتحاشي ذلك، يجب علی المترجم أن يأتي بمقابل في اللغة العربية، يكون له تأثير مماثل كتأثير النص الأصلي على متلقيه. ویری كاتفورد أنه «لترجمة مثل هذه العبارات والتركیبات يمكن التدرج بين ثلاثة أنواع من الترجمات: الأول: ترجمة الكلمات؛ والثاني: الترجمة الحرفية؛ والثالث: الترجمة الحرة، أو الترجمة بتصرف وتعدیل» (الديداوي، 1999م، ص 170). فلا یمكن توظیف اقتراحي كاتفورد الأول والثاني هنا؛ لذلك ينبغي اللجوء إلى الاقتراح الثالث، وهو استخدام الترجمة مع التصرف والتغيير والتعدیل، وإحضار ما يعادلها في اللغة العربية، والذي مألوف عند الناطقين بها. المترجم یعرف أن الترجمة الحرفية لا يمكن أن تنقل المعنى الأصلي لهذا التركیب إلی العربية، فأخذ الاعتبارات الاصطلاحية والمعنی الكنائي بعین الاعتبار، وقام بترجمة صحیحة مألوفة تماما عند قراء العربية، غیر متنكرة علی آذانهم، مستخدما ما يعادله في العربية: "التنميق". مصطلح "ته رنگ" أیضا يتكون من "ته و رنگ". و"ته رنگ" هو اللون «الذي يتم تطبيقه على اللوحة أولا، ثم يتم استخدام اللون الرئيس» (دهخدا، مادة رنگ). فهو «أول لون يضعه الرسام على الباب أو النافذة أو الجدار» (عمید، مادة رنگ)؛ ولذلك فإن مصطلح "ته رنگ" يعني اللون الجزئي. وتستخدم هذه العبارة بالمعنى المجازي في النص الفارسي، وتعني «أثرا طفيفا وقليلا من أي شيء، أو أثرا جزئيا أو أثرا قلیلا غير مهم من اللون» (صدري أفشار، 1381ﻫ.ش، ص 410). والمراد به هنا نفس المعنى المجازي. ومعادلها الحرفي في اللغة العربية هو اللون الخفيف. وبالرجوع إلى النص العربي، نرى أن المترجم قد استلم معناه المجازي بشكل صحيح، واستخدم له المعادل "بقايا"؛ وهذا يدل على أن المترجم قد انحاز إلی مخاطب العربية، واستخدم مرادفا مفهوما له، وبالتالي نَقَلَ المعنی الصحیح لهذا المصطلح إلی العربية. جدير بالذكر أنه كان بإمكان المترجم أن يترجم هذا المصطلح حرفياً، أي "لون خفيف من التصوف"، حتی ينتقل المجاز الموجود في العبارة الفارسية إلى اللغة الهدف، دون إدخال أي خلل في معنى العبارة. وقد يواجه المترجم تركیبات وتعبيرات یكون لها معنى ضمني، بالإضافة إلى المعنى الظاهر في اللغة المصدر. من هذه المصطلحات عبارة "فراز و نشیب" الفارسية في النص الآتي: النص الفارسي: ... عوامل اجتماعی، اقتصادی و سیاسی چنان پیچیده و مبهم است كه هیچ دلیل قانع كنندهای برای فراز و نشیبهای ادب فارسی در سده پانزدهم میلادی (نهم هجری) نمیتوان یافت (شفيعي كدكني، 1378ﻫ.ش، ص 13). الترجمة: أن العوامل الأجتماعية والاقتصادية والسیاسیة معقدةٌ ومبهمةٌ، بحيثُ لا یمكن العثور علی أي دلیل مقنع لتذبذُبِ الأدب الفارسي في القرن الخامس عشر للمیلاد (شفيعي كدكني، 2009م، ص 23). وقد تخلق الاختلافات في البنية اللغوية بين العربية والفارسية، عوائق وتحديات أمام المترجم في الحصول على تعبيرات مكافئة. وقد لا يكون للمفاهیم والخصوصیات الثقافية نظيرٌ محدد في اللغة الهدف. فترجمتها الحرفية يمكن أن تؤدي إلى الغموض أو فقدان المعنى، أثناء نقلها إلی لغة أخری. فلفظا "فراز و نشیب" في النص الفارسي متضادان، بحيث یكون وجود أحدهما نافیا للآخر. و"فراز" يعني: الأوج، والصعود، والطلوع، والتسلق، والارتفاع، والعلوّ (طبیبیان، 1384ﻫ.ش، ص 709؛ التنوخي، 1382ﻫ.ش، ص 426)، و"نشیب"، يعني: النزول، والسقوط، والهبوط، والوقوع، والانهیار، والانحدار (صدري أفشار، 1381ﻫ.ش، ص 1274؛ طبیبیان، 1384ﻫ.ش، ص 1033)، و"فراز و نشیب" حرفیا بمعنی فوق وتحت، وأعلی وأسفل، ومرتفع ومنخفض. فالترجمة اللفظية أو الترجمة الحرفية لهذا التركیب تكون سيئة للغاية، يمجها ذوق القارئ العربي؛ لأن التعبير ليس تعبيره، ولا یمكن أن تفي بالمعنى التام والصحیح. وكان المترجم یعرف ذلك، فلجأ إلى الطريق الثالثة، أی الترجمة الحرة بالتصرف والتغییر من خلال إحضار المكافئ الصحيح "تذبذب"، لإضفاء صبغة محلية مجردة من الغرابة تلائم توقعات القارئ، ولتحقُّق وظيفة اللغة التواصلية. يشير المؤلف الفارسي من خلال تركیب "فراز و نشیب"، إلى حالتين مختلفتين ومتناقضتين، اتخذهما الأدب الفارسي، ويذكر المسارات السهلة والصعبة التي مر بها هذا الأدب في القرن الخامس عشر للميلادي. والواقع أن الأدب الفارسي قد تقلّب بين الحالتين المتناقضتین في هذا القرن. لقد فهم المترجم معنى هذا التركیب من خلال السیاق فهما صحيحا سلیما، وأحضر معادلا له في العربية مألوفا لدى المخاطَب الناطق باللغة العربية، قريبا من نفس التأثير الذي أحدثه النص الأصلي. فاختار لفظة "تذبذب" من صلب اللغة العربية. فالمعادل الذي اختاره المترجم موجود في مفردات اللغة الوصول، ویكون طبيعيا ومقبولا ثقافيا في المجتمع المستهدف. فإذن، هو اختيار مناسب يوضح مهارة المترجم وخبرته باللغة الفارسية؛ لأن هذه الكلمة تنقل لقراء العربية معنى القلق، والتقلّب، والاضطراب، وعدم الاستقرار علی حالة واحدة، والتردد بین حالیتن، والصعوبات التي واجهها الأدب الفارسي. وهكذا حمَّل المترجم بهذا الاختیار الحسن، كلَّ ما قصده المؤلف الأصلي، علی عاتق الكلمة المختارة، ونَقَلَهُ من اللغة المبدأ إلى اللغة المستهدفة. فمن المهم جدا أن يعرف المترجم المعنى الحرفي والمعاني الضمنية للكلمات والتركیبات، وفقا للسياق الذي وردت فیه الكلمة أو التركیب؛ «لأنّ عملية الترجمة تتطلب أن يكون المترجم قادرا علی استشفاف هذه الاختلافات وتحليلها، كي يتمكَّن من فهمها والتعامل معها» (سبول، 2005م، ص 53). النص الفارسي: این مركز سیاسی خراسان به تماشاگه همه هنرهای اسلامی تبدیل شد. نیازی به گفتن نیست كه شعر فارسی نگارخانهای از همه هنرهای ایران است (شفيعي كدكني، 1378ﻫ.ش، ص 14). ـ الترجمة: أصبح هذا المركز السیاسي الخراساني متحفا لجمیع الفنون الإسلامية .... لیس هنالك حاجةٌ إلی القول بأن الشعر الفارسي متحفٌ لجمیع الفنون الإیرانية (شفيعي كدكني، 2009م، ص 25). تعتبر مفردة "تماشاگه" من الألفاظ المركبة التي تكونت من مفردتي "تماشا"، وهي بمعنی النزهة، والتفرج، والعیان، والمنظر، و"گَه"، وهي إذا اقترنت بكلمة أخرى، واتصلت بآخرها، «تدل علی الوقت والزمان والمكان والمحل» (طبیبیان، 1384ﻫ.ش، ص 830)، وهي هنا دالة علی المكان، أي محل النزهة، ومكان التفرج ومكان المشاهدة. وأما مفردة "نگارخانه"، فهي متكونة أیضا من "نگار"، وهي بمعنی النقش والرسم والصورة، و"خانه"، وهي تدل علی المكان؛ وهذا المركب یعني المعرض والمكان الذي یرسم فیه الرسام لوحاته وینقش تماثیله، ویعرض رسومه. بالرجوع إلی الترجمة، نلحظ أن المترجم امتاز بالحذق في عمله الترجمي وبالمهارة في اختیاره، مفردة "متحف" كمعادل لهذین التركیبین. مع أن مركبَي اللغة الفارسية أعم من المتحف، ويشيران إلى أي مكان يمكن رؤية الأشياء فيه، وتُعرض فيه اللوحاتُ والرسوم، لكن المترجم نجح في هذا الاختیار نجاحا كاملا، بحيث شمل جميع المعاني التي تنبثق عن طيّات اللفظين وسياقهما. فیبدو أنّ هذا الاختیار يكون أفضل وأكثر مقبولية عند قراء العربية. ـ النص الفارسي: لغز نوعی است از شعر كه در میزان طبع به غایت موزون است وطباع مستقیمه را به وی میلی از حد بیرون (شفيعي كدكني، 1378ﻫ.ش، ص 23). الترجمة: اللغز نوع من الشعر الموزون للغاية في ميزان الذوق، وتميل إليه الأذواق السليمة كثيرا (شفيعي كدكني، 2009م، ص 34). كلمة "مستقیم" عربية دخلت اللغة الفارسية. وفي القواميس الفارسية، جاءت لها معان مختلفة: «دون الذهاب أو المراجعة إلى أي مكان، ودون انحناء، وحي، ومباشر، وسلس، ومعتدل، ومستو، وصحيح، وفوري» ((انوري، 1383ﻫ.ش، ج 2، ص 1489؛ صدري أفشار، 1381ﻫ.ش، ص 1174؛ دهخدا، مادة مستقیم). وما يؤدي إلى اختيار إحدی هذه المعاني هو سياق الجملة والعبارة. ونظرا لإلمام المترجم بالمفردات والثقافة الفارسية، وتعرفه علی سياق النص، فقد اختار مصطلح "السلیمة = سالم" لترجمة الكلمة الفارسية "مستقیم"، قهي اختیار مناسب وسلیم قد أخذه من صلب اللغة العربية، وهكذا ضمن الفهم الصحیح والمقبولية لدى المتلقي. ـ النص الفارسي: زاهد، كپیتان می كند حسن فرنگآمیز تو (شفيعي كدكني، 1378ﻫ.ش، ص 44). ـ الترجمة: أن جمالَك البهيَّ یجعَلُ الزاهدَ العابدَ نصرانيّا (شفيعي كدكني، 2009م، ص 58). وفي الشطر الثاني من البيت الفارسي، قد استخدمت كلمة "كپیتان"، ومركب "حسن فرنگ آمیز". "كپیتان" أو "كاپیتان" كلمة مقترضة جاءت من الفرنسية إلى الفارسية وسائر اللغات الأوروبية، ولها معان مختلفة، وتعني في هذا البيت «زعيم النصارى وقائد المسيحيين» (شفيعي كدكني، 1371ﻫ.ش، ص 44). لقد فهم المترجم معنى الكلمة فهما سلیما، وقام بتعديل الكلمة الفارسية باستخدام المعادل العام "نصرانيا"، وبالتالي نَقَلَ المعنى الذي قصده الشاعر الفارسي إلى اللغة العربية بشكل صحیح. أما مركب "حسن فرنگآمیز"، فهو مكون من "حسن"، و"فرنگ"، و"آمیز". "حسن" كلمة عربية بمعنی الجمال، و"فرنگ" كلمة فرنسية مشتقة من «franc»، وفيما بعد أُطلِقَ علی الأوروبيين البيض بشكل عام. ومعادلها العربي هي "الإفرنج"، وهي الاسم الذي أطلقه العرب على الأوروبيين بعد الحروب الصليبية في المشرق (معجم اللغة العربية المعاصرة، مادة إفرنج). لفظ "آمیز" و"آمیزه"، يعني المزيج أو الممزوج بالعربية. والمعنی الظاهري لهذه المركب هو جمال ممزوج بالإفرنج. ولا شك أنه لو تُرجِمَ على أساس ظاهره، لم تُنقَل الرسالة الفارسية إلی العربية بشكل صحيح. فالشاعر الإیراني استخدم مركب "فرنگ آمیز" لیشبه وجه محبوبه بوجوه الإفرنجیین في الجمال والحسن والبهاء، أي یرید أن یقول: وجه حبیبي في الجمال شبیه بوجوه النساء الأوروبیین. بالرجوع إلى الترجمة، نجد أن المترجم علی درایة كاملة ومعرفة واعيه باللغة الانطلاق وسياق النص، فعدل عن المعناه الظاهري، وقام بالتعدیل في النص الفارسي، وجاء بمعادل "البهي"، وهو أقرب إلی اللغة الوصول وذهن القارئ العربي. ـ النص الفارسي: به هر حال، اگر زبان را چیزی زنده و درگیر با توده های بشری بدانیم (شفيعي كدكني، 1378ﻫ.ش، ص 45). ـ الترجمة: علی أي حال، إذا اعتبرنا اللغةَ شیئًا حیًّا ومرتبطاً بالجماهیر البشرية (شفيعي كدكني، 2009م، ص 59). وردت كلمة "درگیر" في القواميس الفارسية بمعنى: «الصراع، المُحاصَر، واندلاع الحرب، والانفجار، والبداية، والثورة، ونشوب النزاع، والتفشي» (دهخدا، مادة درگیر)؛ لكن هذه الكلمة یمكن أن تأخذ معنی جدیدا في سياق معين، وعند تركیبها مع كلمات أخرى. فعبارة "درگیر شدن با توده مردم" لها معنی ثانوي. فهي تعني ضمنیا «الاختلاط بجمهور الناس، والارتباط بهم، والمؤثر» (انوری، 1383ﻫ.ش، ص 583). مثلا نقول في الفارسية: دعای مادرم درگیر است = دعاء أمي مؤثر. نلحظ أن المترجم قد فهم المعنى الضمني للكلمة بشكل صحيح، وبدلا من تقديم ترجمة حرفية، استخدم المعادل السلیم "مرتبطا". بعبارة أخری، أن المترجم استوعب معنی النص استیعابا كاملا، وأحاط بمعناه، وتمكن من التعامل الصحیح معه في اللغة المستهدفة. بناء علی هذا، إن عملية الترجمة لا تعني النقل الحرفي للكلمات، كما هي هي، فهذا هو أسوأ ما يمكن أن يفعله المترجم. فليس الهدف مطلقا أن يحسّ القارئ أنه يقرأ نصا أجنبيا غیر مفهوم، بل العكس هو الصحيح. فالترجمة الصحيحة معناها الاحتفاظ بروح النص من وجهة نظر اللغة الوصول. في بعض الأحيان، يصبح عمل الترجمة صعبا على المترجم، وتصير بعض التركيبات والكلمات مسارات صعبة على المترجم، خاصة حيث تتداخل الأنساق والأنظمة، واختلاف البنى النحوية والمخزون المعجمي للغات، «فتبرز بذلك خطورة ضبط الاستراتيجيات ومواجهة الثنائيات المشهورة في هذا المقام بين اللغة المصدر واللغة المستهدفة، وبين ثقافة المنشأ وثقافة التلقي، وبين الأمانة والحرية، ثم التماس الحلول وحسم الخيارات بين أنواع المكافات شكلية وديناميكية ووظيفية ومقامية» (غینتسلر، 2007م، ص 9). فلنأخذ أمثلة علی أنه كیف یمكن لبعص المفردات والتركیبات أن تكون عائقا أمام المترجم: ـ النص الفارسي: از تپهها و ماهور مدیحهها و موازنهها و مزدوجات و اسجاع و القاب یاوه و بیاصل باید گذشت (شفيعي كدكني، 1378ﻫ.ش، ص 24). ـ الترجمة: وتجاوز متعرجات المدائح والموازنات والمزدوجات والأسجاع والألقاب الفارغه التي لا نصل إليها (شفيعي كدكني، 2009م، ص 36). هناك أمر مهم يجب أن يضعه المترجم نصب عينيه، وهو قصد الكاتب، أو المعنى الذي أراده، لكي يخرج بترجمة سلیمة للقارئ. نلاحظ أن القسم الأخیر من الترجمة يعاني من تهلهل معانيه، بما ينحرف بالمضمون عما أراده الكاتب الأصلي. فمركب "بیاصل" في النص الفارسي، يعني الشخص أو الشيء الذي لا أصل له، ما لاحقیقة له، والكذب، والفارغ، وبلاجذور، وبلانَسَب. وبالرجوع إلى الترجمة، نرى أن المترجم قد أحضر عبارة "التي لا نصل إليها"، كمرادف للمركب الفارسي. وهذا ليس باختيار سلیم؛ لأنه لم یقدر علی تحديد قصد المؤلف، ولم يحقق الهدف الذي يرمي إليه؛ فلذلك شوه المترجم العبارة الفارسية عبر عدم دقته في النص الأصلي. من تحديات الترجمة من الفارسية إلى العربية، هو وجود أفعال لها معانٍ متعددةٌ. هذه الأفعال دون أن يفقد معناها الأصلي، تكتسب معاني جديدة، بناءً على السياق الذي وردت فیه، والكلمات التي ركبت معها. ولذلك، ينبغي علی المترجم أن ينتبه إلى هذه المسألة، ويختار في ترجمته المعادل الذي يتوافق معناه مع السياق المستخدم فيه (پریز، ۱۳۹۷ﻫ.ش، ص 14). النص الفارسي: واصفی، بهترین شارح ذوق آن روزگار، هرگز از بیان هنر معماسازی خود و استادی خویش در این فن، باز نمیماند (شفيعي كدكني، 1378ﻫ.ش، ص 22). الترجمة: ولم يوفق واصفي الذي يعد أفضل شارح لذوق ذلك العصر في بيان فن صناعة أحاجيه وأستاذيته في هذا الفن (شفيعي كدكني، 2009م، ص 34). من الخصائص الفنية الرئيسة للشعراء في عصر الجامي ـ بحسب رأي شفیعي كدكني ـ استخدام الألغاز والأحاجي في الشعر. ولم يستثن المؤلف الفارسي عن ذلك، الشاعرَ "واصفي" الذي يشیر مغرورا إلى إتقانه ومهارته في الألغاز والأحاجي، بل يقول نفسه: إنه حل جميع الألغاز التي قُدِّمَت له. وبالرجوع إلى الترجمة، يتبين أن المترجم قد أخطأ في إيجاد معادل للمركب "باز نمیماند"، واستخدم معادل "لم يوفق" في ترجمته. وعلى هذا، فإن النص العربي ينقل للناطق العربي معنى ومفهوما لا یوجد في النص الأصلي. وبحسب الترجمة العربية، فإن القارئ العربي يتصور أنه على الرغم من أن عصر الجامي یعد عصر الألغاز والأحاجي، إلا أن واصفي لم يكن ناجحا في هذا العمل. وهذا خلاف ما قصده المؤلف الفارسي. مركب "باز ماندن" مؤلف من كلمتين "باز" و"ماندن". فلفظ "باز" بالفارسية يعني «طائر جارح يُدرَّبُ لاصطياد الطيور قديما» (دهخدا، وغياث، معین، مادة باز)؛ لكنه إذا سبق الأفعال، تغير معناه، وأصبح مكررا، ومرة أخرى، وثانية، مثل: "بازایستاد = وقف ثانية" و"بازپرسید = سأل مرة أخری"، و"بازگفت = قال مكررا". وفي هذا النص، استخدمت كلمة "باز" مع الفعل "نمیماند". فـ"بازماندن" يعني "بازایستادن"، أي وقف عن العمل مرة أخری، توقف مجددا. وعندما يأتي هذا الفعل في السیاق "از بیان هنر معماسازی خود واستادی خود... باز نمیماند"، يتغیر معناه، فیصیر: أنه لم یغفل أن یشیر إلی براعته ومهارته في هذه الصنعة، أي أنه وفِّق في الإشارة إلی تبحره ومهارته وحذقه فیها؛ لكن المترجم أخطأ في استخدام المعادل لها "لم يوفق"، وهو اختیار غیر ناحج. وهكذا، لم یوفق المترجم هنا في الاحتفاظ بروح النص المبدأ. ـ النص الفارسي: كس وقت نزع برسرم از بی كسی نبود / شرمندهام ز عمر كه آمد به سر مرا (شفيعي كدكني، 1378ﻫ.ش، ص 46). ـ الترجمة: أني وحیدٌ (بلا أهلٍ) لم یَزُرنِي أحدٌ عندَ احتضاري، وأنا خجلٌ من عمر الذي زارني وانقَضَی (شفيعي كدكني، 2009م، ص 60). من سمات شعر الأسلوب الهندي هو التلاعب بالكلمات وأبعادها ودلالاتها. وقد انتشر هذا الأسلوب في شعر هذه الفترة بكثرة. وكما نلحظ في البیت الفارسي، أن فعلين مركبين يُستخدمان فيه: "بر سر نبود" و"به سر آمدن". الفعل المركب الأول له معنی كنائي؛ فهذا یعني أنه يمكن استخدامه بمعناه الظاهري والمعجمي، أي لم يكن فوق رأسي أحد وقت وفاتي، كما يمكن استخدامه بالمعنى الكنائي، أي لم يزرني أحد. الكناية تركیب «أُريدَ به غيرُ معناه الذي وُضع له، مع جواز إرادة المعنى الأصلي لعدم وجود قرينة مانعة من إرادته» (الصعيدي، 2005م، ج 3، ص 538). لكن صاحب النص الأصلي قصد المعنى الثاني والبعيد، أي "لم يزرني" (شفعي كدكنی، 1378ﻫ.ش، ص 46). لقد فهم المترجم المعنى الثانوي للعبارة بشكل صحيح، واستخدم عبارة "لم يزرني" كمرادف لها. أما التركیب الثاني "به سر آمدن"، فقد خرج عن معناه الظاهري، واستخدم في المعنى الثانوي. وسبب هذا الانحراف هو السياق الذي يستخدم فيه؛ ولذلك لم يعد الفعل "آمد" مستخدما في معناه المعجمي والظاهري. وهذا التركیب في المعاجم الفارسية تعني: انتهی، ومضى، وانقضی، وتقدم. وبالرجوع إلى الترجمة، نلحظ أن المترجم قد استوعب وفهم معناه الثانوي. لكن إضافة الفعل "زارني"، لم يعد له ما يبرره. وكان من الأفضل حذفه من العبارة. فمن خلال هذه العبارات التي سبقت الإشارة إلیها، يمكن أن نتعرف على وعورة المسالك التي تكون أمام المترجم، خاصة عندما تتداخل الثقافات والأنظمة، وتختلف البنى النحوية والمخزون المعجمي للغات. 3ـ2. تعديل التعابير المجازية إلى التعبير البسيط والعكسالتعديل البلاغي يعني محاولة إعادة إنتاج النص المبدأ بدقة في اللغة المستهدفة باستخدام الصنائع المختلفة لإیجاد تأثير مشابه لتأثير النص الأصلي في القارئ المقصد. وهذا التعديل لا يؤدي إلی تعطیل عملية نقل المعنى فحسب، بل يمكن أن يجعل المعنى يبرز ویتمیز أكثر. ويمكن ملاحظة التعديل البلاغي أكثر في ترجمة الأمثال والتعابير المجازية والكنایات والاستعارات (لطفی پور ساعدي، 1371ﻫ.ش، ص 29) وفي هذا التعديل يصبح التعبير البسيط تعبيرا بلاغیا سواء كان مجازيا أم استعاریا أم كنائيا أو بالعكس، كما تترجم الكلمة العامة إلى الكلمة الخاصة أو بالعكس (شهبازي، 1400ﻫ.ش، ص 266). ـ النص فارسی: ... سده پانزدهم ميلادی (سده نهم هجری) از لحاظ قلههای شعری سترون است ... چه بسا در خلال چند سده هیچ قلهای پدید نیاید و در یك سده، چندین قله ظهور كند (شفيعي كدكني، 1378ﻫ.ش، ص 13). ترجمه: القرن التاسع للهجرة (الخامس عشر للمیلادي) كان عقیما من الشعراء الكبار ... فإذا لم یظهر أيّ عملاقٍ خلالَ بضعةِ قرون، فربما یظهر بضعةُ عمالقةٍ في قرن واحد (شفيعي كدكني، 2009م، ص 23). عبارة "قلههای شعری" لها معنی استعاري. قد شبه الكاتب الفارسي الشعراء الكبار والمتمیزین بالقمم الشعرية، ثم حَذَف المشبه، واكتفی بالمشبه به. لكن المترجم تجنب نقل معناها الظاهري، وأخذ في الاعتبار المعنى الثانوي والمجازي لهذه العبارة، وأتی بـ"الشعراء الكبار" كمعادل لها. مع أن المترجم لم يُخطئ في اختیاره هذا، إلا أنه لم ینقل التعبیر الاستعاري إلی القارئ العربي. قد اتبع المترجم نفس الأسلوب في الاستعارتين الأخريين، فترجم لفظة "قله"، وهي استعارة للشاعر الكبیر، بصورة "عملاق"، وهي بمعنی الكبیر والمتمیز. والحقيقة أن المترجم قد تجاوز عن الترجمة الظاهرية للكلمة، ونقل معناها الثانوي إلى العربية. وتجدر الإشارة إلى أن المترجم قام بنقل أكثر التعابیر المجازية والاستعارية الموجودة في النص الأصلي إلى اللغة الهدف، دون أي تغيير. قد يواجه المترجم كثيرا من التحديات والعوائق عند ترجمة الجوانب الثقافية الموجودة في النص الانطلاق، ويحاول بكل جهد العثور على الطريقة الأمثل لنقل هذه الجوانب إلی اللغة الهدف. وهذه التحديات مختلفة في مادتها، بسبب الفجوة اللغوية والثقافية بين اللغة المصدر واللغة الهدف. لذا، فإن ترجمة العنصر الثقافي تكون معقدة. وبما أن كل شعب له ثقافته المميزة، وكل كاتب يكتب وفق لحضارته، ولكل لغة ثقل وثراء ثقافي، ولها عبارات استعارية ومجازية تنبثق من خصوصيات بيئة ولغة معينة، فيصعب على المترجم نقل هذه المفردات والعبارات المتعلقة بالثقافة والمجتمع المعين، كما نری هذا الموضوع في العبارة التالية: ـ النص الفارسي: از شهيدان نگاهت ناله هرگز برنخاست / گوئیا با سرمه دادند آب شمشیر تو را (شفيعي كدكني، 1378ﻫ.ش، ص 48). ـ الترجمة: ان شهداءَ نظراتِكِ لم يَرفَعُوا صوتَهُم بالشكوى أبدا وكأنهم قد سُقُوا ماءَ سيفِك ممزوجا بالكحل (شفيعي كدكني، 2009م، ص 62). البيت لأحد شعراء الأسلوب الهندي. ولهذا الأسلوب خصائصه وتقاليده الخاصة. ولكي يتمكن المرء من فهم القصائد المنظومة بهذا الأسلوب، علیه أن يتعرف علی أصوله وأساسياته. ومن أهم سمات هذا النوع من الأسلوب، هو استخدام الثقافة الشعبية. وتقع هذه الثقافة في مركز معظم الصور والفنون الشعرية لشعراء هذا الأسلوب. ومن الضروري جدا أن نسأل هنا سؤالا: ماذا یتبادر إلی ذهن القارئ العربي، عندما یسمع كلمة "سرمه = الكحل"؟ نظن أن أول ما یتبادر إلی ذهنه هو أن "سرمه = الكحل"، وسیلة للزينة، تستخدمها المرأة لتبرز جمال عینيها، كما هو الحال في الثقافة الفارسية. لكن الأمر لا ینتهي هنا، والشاعر لم یقصد بُعدَها الزخرفيّ فقط، بل كان غرضه هو الإشارة إلی إحدی المعتقدات التي كانت شائعة بین الإيرانیین في ذاك الوقت، ألا وهي أن مَن يأكل الكحل (= سرمه)، يفقد صوتَه، أي أنَّ أكلَ الكحل یُسكت الإنسانَ، ويجعله يصمت. وقد أدخل الشاعر هذا الاعتقاد في شعره، ليدعم معناه المقصود. يريد الشاعر أن يقول: إن سيف عیون الحبيب ممزوج بالكحل، وبما أن في تركيب سيف الحبيب استُخدِمَ الكحلُ، فلا يرفع أي أنین من حناجر قتلی عیونه، ولايصرخون أبدا. ففهم المعنى الكامن في البيت يعتمد على فهم هذه العقيدة التي كانت سائدة بين الناس في ذلك الزمن. وإذا لم يكن المرء على دراية كافية بمعايير الأسلوب الهندي وأصوله وخصائصه والعقائد الرائجة آنذاك، فلا يستطيع أن يفهم العلاقة بين صمت قتلی المعشوق وكحل عينيه، والتي هي النواة المركزية لهذا البیت. فإدراك قصد المؤلف هنا أصبح عملية صعبة علی القارئ العربي؛ لأن فضاء النص یشیر إلی بعض الخلفيات الثقافية والاجتماعية والتاريخية. وطالما أن المناسبة أو السياقية تضع النص في سياق تاریخي واجتماعي وثقافي محدد في زمان ومكان معينين. والحق أن «الأعمال الأدبية لا تخلو من الإشارات التاريخية من وقت لآخر، وتلك الإشارات جزء من ثقافة وحضارة اللغة التي تكتب لها تلك الأعمال؛ ومن ثم لا یصعب علی أهلها المتكلمین بها فهمها والنفاذ إلی مغزی إیرادها هنا وهناك» (العیسوي، 1996م، ص 16)، وكما يقول شفیعي كدكني: إن الناس في ذاك الزمن كانوا يطلعون علی هذا الموضوع (1371ﻫ.ش، ص 330). وهذا المفهوم الضمني لكلمة "سرمة" ـ أكلَ الكحل یُسكت الإنسانَ ويجعله يصمت ـ كما قال كاتفورد، من المفاهیم الثقافية التي تعذَّرت ترجمتها إلی لغة أخری؛ لأنه غائب تماما عن الثقافة التي تُعتبَر اللغةُ العربيةُ جزءا منها. فإذن لفظة "الكحل" التي جاءت في الترجمة، لم تعطنا أي إشارة إلی هذه العقيدة الشعبية للثقافة المبدأ. شيء آخر هو أن الشاعر الفارسي استخدم كلمتي "ناله" و"شمشیر" في المعنی الاستعاري. لكن الفرق بینهما أن في كلمة لكن المترجم لإيصال هذا المعنى، تجنَّب الترجمة الحرفية، وقام بإجراء بعض التعدیلات، واستخدم تعبيرا استعاریا قريبا من ذوق وفهم القارئ العربي، وأسنَدَ الفعل إلی فاعله الحقيقي "شهداء نظراتك"، وأجری الاستعارة في المفعول به بدل الفاعل "رفع الصوت بالشكوى". وهكذا، نقل الرسالة التي یحملها النص الفارسي في طیاته، إلی العربية بشكل صحیح. أما في الشطر الثاني، فقد اتخذ المترجم نهجا مختلفا، وقام بالترجمة الحرفية ونَقلِ الاستعارة الموجودة في البیت إلى العربية. فاستخدم الشاعر "شمشیر"، كي یشیر إلی عيون الحبيب القاتلة على سبيل الاستعارة. بمعنى آخر، شبه الشاعر عین المحبوب المميتة بالسيف الحاد الذي يقتل العشاق؛ يعني كما یضرب السیفُ القاطع رؤوسَ الأعداء ویقتلهم، فإن عیون المحبوب تقتل العشاق، وتهلكهم أیضا. لكن الشاعر یعتقد أن سيف عیون المحبوب يختلف عن غيره من السيوف؛ فلذلك من يُقتَلُ بسيف عیونه، لا يئنُّ ولا يبكي "ناله برنخاست". فإن استخدام السيف للإشارة إلى عيون الحبيبة موجود في الثقافة والأدب العربي. على سبيل المثال، يمكن الإشارة إلى البیت التالي لإدريس جمّاع:
يرى الشاعر أن السيف إذا كان في غمده، فلن يخاف منه أحد؛ لكن عین المحبوب في كلتا الحالتين قاطعة، سواء أكانت نائمة (عندما تكون في غمدها) أم یقظة (عندما لا تكون في غمدها). فعبارة "سيف عينيك" إضافة تشبیهية شبه الشاعر فیها عیون المحبوب بالسیف. وهذا هو جميل صدقي الزهاوي الذي یعتقد أن عيون الحبیبة أمضى وأقطع من السيوف؛ لأنها قاطعة فقط عندما تُجَرَّدُ وتخرج من الغمد، بينما عیون المحبوب قاطعة ومميتة حتى في الغمد:
بالرجوع إلی الترجمة، نلحظ أن بسام ربابعة قام بإجراء تعديلات وتغییرات في الشطر الثاني، دون الإضرار بالمعنى الأصلي. والشكل الصحيح لقراءة البيت الفارسي هي: "گوئیا با سرمه دادند آب، شمشیر تو را". ویجب أن تأتي فاصلة بعد كلمة "آب"، أي كأنه سَقَی سيفَك "سیف عینیك"، ماءً ممزوجا بالكحل. أما المترجم، فأضاف كلمة "آب = ماء"، إلى كلمة "شمشیر = سيف / عین"، واستخدم عبارة "ماءَ سيفكِ". يريد الشاعر الفارسي أن يقول: كأنهم قد خلطوا الكحلَ بالماء، ووضعوا فيه سيف الحبيب "عینيه"؛ ولهذا السبب، رغم أن هذا السيف قاطع وممیت ويتسبب في موت من ينظر إليه، إلا أنه بسبب وجود الكحل في تركيبه، لا يُرفَع من أحدٍ أنينٌ ولاصراخٌ. فعلى الرغم من أن المترجم قد أجرى بعض التغييرات في الترجمة، إلا أنه نجح في إيصال المعنى المقصود. النقطة الوحيدة التي تبقى ـ كما أشرنا سابقا ـ هي أنه من الصعب جدا أن نتصور أن القارئ العربي يفهم العلاقة بين "صمت قتلی المعشوق" و"كحل عينيه"، ویدرك الصورة المركزية التي يقصدها الشاعر؛ «لأنه في شبكة المعاني المتداعية للشعراء الذين ینظمون الشعر علی أساس الأسلوب الهندي، ترتبط كلمة "سرمه = كحل" ارتباطا مباشرا بالصوت، ويعتمد أساس هذه الصورة الخيالية على هذه العقیدة الشعبية التي تری أنه إذا أكل شخص الكحل "سرمه"، أصبح صوته غلیظا خشنا. وهذا هو السبب في أن الكحل یذكرنا بالصمت» (شفیعي كدكني، 1371ﻫ.ش، ص 330). 3ـ3. تعدیل الأمثالوالمثل هو وحدة دلالية في موقف معين، يصل المتكلم والسامع من خلاله إلى معنى واحد؛ ولذلك فإن المثل هو جملة أو عبارة تشبه الأقوال والحكم والنصائح التي تنقل المفاهيم الثقافية والأساطير والتراث الشعبي للأمة (گرجیان ونيسي، 1390ﻫ.ش، ص 117). ويشير نايدا إلى أن الأمثال تعبيرات مجازية خاصة، وأن المترجم يجب عليه أن يعرف مفاهيم الأمثال في اللغة المصدر واللغة الهدف. إحدی حلول یقترحها كاتفورد هي التعديل في ترجمة الأمثال: ـ النص الفارسي: بررسی خود را با شعر كه گل سرسبد كوشش هنری ایرانیان است، آغاز میكنیم (شفيعي كدكني، 1378ﻫ.ش، ص 12). ترجمه: فإننا سنبدأ دراستنا بالشعر، الذي يعد بمنزلة باقة الورد الأهم في جهود الإيرانيين الفنية (شفيعي كدكني، 2009م، ص 22). عبارة "گل سرسبد" مثل رائج في اللغة الفارسية، وهو مركب من "گل" و"سر" و"سبد". تطلق لفظة "گل" على «أيّ نباتات كثيفة أو شجيرات» (صدري افشار، 1381ﻫ.ش، ص 1076)، وورد، ونَور، وزهرة؛ وتطلق لفظة "سر" على «الجزء العلوي من الجسم، والبداية ونقطة انطلاق» (المصدر نفسه، ص 745)، والرأس، والهامة؛ وتكون لفظة "سبد" «عبارة عن حاوية منسوجة من خيوط أو أغصان قابلة للانحناء، وعادة ما يكون لها مقبض لتخزين أو حمل شيء ما، طبق شبكي وقد يكون له مقبض على أشكال مختلفة، زنيبل» (المصدر نفسه، ص 735)، وسفط، وسلة. إن "گل سر سبد" تعني حرفيا الزهرة الموجودة أعلى السلة، وبالتالي فهي أهم وأفصل زهرة بين الزهور المختلفة الموجودة في السلة. عندما يقوم باعة الزهور بإحضار سلة من الزهور المختلفة، فإنهم يضعون أفضل وأجمل وأهم زهرة في أعلى السلة، مما يعطي تأثيرا ومظهرا جيدا لسلة الزهور. جاء في معجم فرهنگ فروزان أنها «الورد الجمیل المختار الذي یُوضَع فوق الورود في السفط» (طبیبیان، 1384ﻫ.ش، ص 854). ولكن عندما يتم وضع هذه العبارة في سياق خاص، يمكن أن تفيد معنی ضمنيا يتجاوز ذلك المعنی الظاهري؛ لذلك، من المهم جدا أن يعرف المترجم المفهوم الحقيقي والمجازي للمفردة والعبارة علی أساس السياق. مؤلف النص هنا لم يقصد المعنى الظاهري للمثل؛ لذلك نلحظ بوضوح العوائق والتحديات التي يواجهها المترجم في نقله. ويعود سبب هذه التحديات في الواقع إلى الاختلافات بين البنى اللغوية والثقافية والوظيفية للغتين الفارسية والعربية؛ لأنه في كثير من الحالات لا يوجد معادل محدد ودقيق للأمثال والتعابیر المجازیة والكنائية والاستعارية والثقافية. وفي هذه الحالة، فإن الترجمة الحرفية لا تساعد في إيصال المعنى الصحيح، كما أنه لا يمكن للترجمة الناقصة أن تنقل جمال النص الأصلي إلى اللغة الهدف؛ ونتيجة لذلك، تفقد العبارة خلال هذا النقل جزءا من دلالتها. مثل "گل سرسبد" شائع بين المتحدثين بالفارسية، حيث لا يواجهون أية مشكلة في فهم معناه الأصلي. أما معناه الضمني والمجازي، فیعني الشخص الذي يحظى بقبول وشعبية أكبر من غيره في مجموعة من الناس (انوری، 1383ﻫ.ش، ج 2، ص 934). معروف أنه في الثقافة الفارسية، يشبه الأشخاص المشهورون والجذابون بـ"گلهای سرسبد"، أي أنهم الأكثر شهرة ويتمتعون بشخصية مميزة وبارزة. لقد قارن هنا الكاتب الفارسي جهود الإيرانيين في العصور المختلفة بالزهور المختلفة في السلة، ثم جعل شعرهم أفضل هذه الجهود وأجملها وأكثرها وأشهرها رواجا ومقبولية. وهذا یكون تماما مثل الزهرة التي توضع فوق كل زهور السلة، وتكون أفضلها وأجملها على الإطلاق. والحق أن المؤلف استخدم تعبيرا مجازيا جميلا للغاية، للتعبير عن مقدار الجهود التي يبذلها الإيرانيون في مجال الشعر طوال القرون. ولكنه بالرجوع إلی الترجمة، نلحظ أن المترجم شبه الشعر بباقة من الزهور. بينما ثمة فرق بين مقارنة الشعر بباقة الزهور ومقارنتها بأفضل وأجمل زهرة السلة. مما لا شك فيه أن المعنى المجازي في النص الفارسي لم ينتقل بالكامل إلى اللغة العربية، ولا يفهم قارئ العربية من الترجمة العربية نفس المعنى الذي يفهمه مخاطب الفارسية من النص الأصلي. يبدو أن المترجم قد أدرك المعنى المجازي والضمني للمثل، لكنه أخطأ قليلاً في كيفية نقله، وفقدت ترجمته بعض الفروق الدقيقة في المعنى، بسبب استخدام تعبيره الاصطلاحي، وبهذا ابتعدت عن المعنی الأصلي إلی حد ما. مصطلح آخر في اللغة الفارسية هو مصطلح "سوراخ سنبه" الذي استخدم في العبارة التالية: ـ النص الفارسي: هر چه بیشتر سوراخ سنبههای این مضامین منجمد را كشف كنیم، بر مهارت شعریمان افزوده میشود (شفيعي كدكني، 1378ﻫ.ش، ص 16). ترجمة: كلما سبرنا أعماق هذه المضامین الجامدة واكتشفناها أكثر ازدادت مهارتنا الشعرية (شفيعي كدكني، 2009م، ص 26). إن المترجم يحاول أن يجسر بين اللغات والثقافات المختلفة، ويكتسب ثقة القارئ برصانة جمله وقوة معانيه. فعلیه أن ینقل النصوص، دون إخلال بالمعنى الأصلي لتحقيق مزيد من التواصل اللغوي والثقافي والحضاري بين الشعوب وتقريب الثقافات المختلفة. فعلیه أن یدلل على عمق دلالات الكلمات والتعابير ودهاليزها وخفاياها حتی ينجح في إحضار المعادل الصحیح لها في اللغة الوصول. لكنه يقف أحيانا عاجزا أمام بعض المصطلحات والتعابير التي لا يوجد لها مكافئ في اللغة الهدف، مما دفع بعض الباحثین إلی الإشارة إلی مسألة تعذر الترجمة. من هذه المصطلحات مصطلح "سوراخ سُنبه"، والذي من الصعب وریما من المستحیل جدا العثور علی مكافئ دقیق له في العربية. ولهذا، لا یكون أمامه خيار سوى إجراء تغييرات في الترجمة من أجل نقل معنى النص الأصلي ومغزاه. هذا النوع من التعذر ـ علی حد ما قال كاتفورد ـ یخص التعذر اللساني؛ لأنه مرتبط بـ«اختلاف الأنظمة اللغوية من حيث المفردات والتراكيب؛ لأن لكل لغة نظامها الخاص» (1965م، ص 94). غير أن هذه الاختلافات ينبغي ألا تمنع المترجم من القیام بالعمل الترجمي، بل علیه أن یغلب علیها من خلال العثور علی أقرب معادل ممكن. فمصطلح "سوراخ سنبه" متكون من كلمتين: "سوراخ" و"سنبه". "سوراخ" يعني «فتحة شبه عميقة ومستديرة في سطح الشيء أو بدنه» (صدري أفشار، 1381ﻫ.ش، ص 789). "سُنبه" هي أيضا «أداة فولاذية ذات طرف مخروطي غير حاد، تُستخدم عادةً لإدخال شيء ما في حجرة أو ثقب» (المصدر نفسه، 780)، وهي تعني «الحفرة أو الغرفة الصغيرة غير المعروفة التي لا يمكن الوصول إليها بسهولة، الملجأ، المخبأ» (أنوري، 1383ﻫ.ش، ص 971). ويشير المؤلف في النص الفارسي إلى أن بعض نقاد الشعر الفارسي يبحثون عن المعاني الأصيلة في طيات الشعر الكلاسيكي، ويظنون أن المعاني الموجودة في الشعر القدیم أبدية وثابتة، ويقولون إن كل جهد شعري ینبغي أن یتم في إطار تقلید النماذج القديمة والكلاسيكية، وكلما فكرنا في هذه المعاني القديمة والمختبئة واكتشفنا أصولها الأولية ومخابئها أكثر، زادت مهاراتنا الشعرية. فمن هنا، يكون المعنی الضمني لعبارة "كشف سوراخ سُنبه" هو العثور علی جميع المعاني والدلالات الكامنة في النماذج التقلیدية وكل الرموز المختبئة الموجودة فیها؛ لأن المعنی الحقیقي لهذا المثل يدل علی الشمولية والعمومية، وهو ضمنیا بمعنی كشف «كل الأطراف، وكل الجوانب، وجمیع التفاصیل» (طبیبیان، 1384ﻫ.ش، ص 574). بالرجوع إلی الترجمة، نلاحظ أن المترجم أدرك جيدا المعنى الدقیق لـ"كشف سوراخ سنبه ها"، وقام بتعدیل هذا المصطلح، واستخدم معادل "سبر أعماق المضامین" لنقل المعنى غلى اللغة المصدر. ولذلك العبارة الفارسية تحمل معنى آخر غير معناها الظاهري. فلو اكتفى المترجم بظاهرها وترجمها حرفیا على أساس ظاهرها فقط، لم يفهم القارئ الناطق بالعربية شيئا عن المعنى الأصلي للعبارة الفارسية. لذلك تصرف المترجم وفق اقتراح كاتفورد الذي يرى: «أنه يجب على المترجم أن يستخدم أقرب معادل في ترجمة التعابير الكنائية والمجازية» (گرجیان ونيسي، 1390ﻫ.ش، ص 120)، ووظف كلمة "أعماق" التي تملك كل ما في العبارة الفارسية من معنی ودلالة؛ لأن كلمة "أعماق"، بالإضافة إلى كونها دالة على الدراسة العميقة والتفصيلية، تدل أیضا ـ بسبب مجيئها بصورة الجمع ـ على كثرة تتبّع المعاني والدلالات من قبل النقاد والشعراء، وكثرة الدراسة الطولية والزمنية لها في النماذج القديمية. فالمترجم علیه أن يكون مطلعا علی كلتا اللغتين، من حيث المفردات والتراكيب والمصطلحات، وقادرا علی تعويض النقص لتحقیق الوفاء المطلوب في الترجمة. وهذا ما نراه عند بسام الربابعة في ترجمة التعبیر الفارسي المذكور، وهذا مؤشر جيد على إلمام المترجم الكامل بالدقائق اللغوية وفروقها الدقيقة والتعابیر الموجودة في اللغة الفارسية. وفي بعض الأحيان، نلاحظ أنه يكون لبعض الأمثال مفردات وبنى مماثلة إلى حد ما في كلتا اللغتین المصدر واللغة المقصد: ـ النص الفارسی: از گاهی به سختترین روشها آزموده شده اما سرانجام از آزمایش سربلند بیرون آمده است (شفيعي كدكني، 1378ﻫ.ش، ص 22). ـ الترجمة: قد اختیر أحیانا بأكثر الأسالیب تعقیدا، غیر أنه خرج منها في النهاية مرفوع الرأس (شفيعي كدكني، 2009م، ص 34). حاول المترجم هنا تقديم المعنى السياقي الدقيق للنص الانطلاق بطريقة سهلة ومفهومة للقارئ الوصول، وذلك عن طريق توظيف التعبير الأكثر دراية بالثقافة الهدف. المعنى الظاهري للعبارة "سربلند بودن": مَن یرتفع رأسه، وعكسه "سر به زیر بودن"، أي: مَن يخفض رأسه. وعبارة "سر بلند بیرون آمدن" يعني مَن يخرج مرفوع الرأس. هذه العبارة مثل فارسي، ولها معنى ثانوي وضمني، وهو بالطبع يتناسب مع معناها الظاهري، أي: مَن يكون ناجحا في فعل شيء ما، أو مَن يكون جیدا في فعل شيء ما، أو من يخرج وجیها. وعلى الرغم من أن المترجم لم يلتزم بالضرورة على ظاهر النص المصدر بشكل كامل، ولم یترجم عبارة "از آزمایش" الفارسية، إلا أنه نجح في نقل المعنى بأكمله بطريقة تسهل على القارئ الهدف فهمه واستيعابه من خلال تحقيق نفس التأثير الذي یخلقه النص الأصلي على القارئ، فاستخدم تعبیرا دقیقا للعبارة الفارسية. ونظرا لرواجه وفهمه في اللغة الهدف، فلن يواجه القارئ العربي أي مشكلة في فهم معناه.
الخاتمة بعد هذه الرحلة المتواضعة مع الترجمة العربية لبسام ربابعة، استوی البحث علی عدة نتائج: ـ أن المترجم لم يلتزم بالضرورة على ظاهر النص المصدر بشكل كامل، وأجرى تعديلات كثیرة في ترجمة الكلمات، والمركبات، والتعابير، والأمثال، وما شاكل ذلك، وعدل كثیرا عن الترجمة الحرفية إلی الترجمة المكافئة التي شاعت وراجت بین أبناء جنسه، واستخدم مرادفات وكلمات قريبة من لغة القارئ العربي وثقافته، عند مواجهة البنی المختلفة في اللغتین الانطلاق والوصول. ـ أنه في كثیر من الحالات، نقَلَ المعنى بطريقة مفهومة ومقبولة ثقافيا للجمهور العربي، تسهِّل على القارئ الهدف فهمه واستيعابه من خلال تحقيق نفس التأثير الذي ينشئه النص الأصلي على القارئ، واستخدم تعبیرا دقیقا للعبارة الفارسية. ومعظم تغييرات المترجم جاءت لإضفاء صبغة محلية مجردة من الغرابة تلائم توقعات القارئ، ولتحقُّق وظيفة اللغة التواصلية، ولنقل المعنى الصحیح الذي قصده المؤلف الأصلي، والذي يدل علی استيعاب المترجم ووعيه الجيد باللغة والثقافة الفارسية وفهمه بالفروق الدقيقة في بین اللغتین. ـ ومع ذلك، في بعض الحالات، إنه لم يكن ناجحا في العثور علی تكافؤ الكلمات والتركیبات والتعابیر، وفشلت تغييراته التي أجراها في الترجمة، وبالتالي شوَّه العبارة الفارسية عبر عدم دقته في النص الأصلي، وأوصلت للقارئ معنى لم يقصده المؤلف الفارسي. وقد حدث هذا كثیرا في ترجمة الأفعال المركبة، كما أن معظم أخطائه حدثت في ترجمة الأشعار الفارسية علی وجه الخصوص، وهذا من نتاج قراءته وفهمه الخاطئ لتحلیل بعض المفردات والتركیب.
[1]. Eugene Naida [2]. Chomsky [3]. Fedrov [4]. Vinay [5]. Darbelnet [6]. Jacobson [7]. Catford [8]. Shift [9]. A linguistic Theory of Translation [10]. Firth [11]. Halliday [12]. Vocabulaire [13]. Syntaxe [14]. formal equivalence [15]. textual equivalence | |||||||
مراجع | |||||||
أ. العربية البريني، حافظ. (٢٠٠٣م). علم الترجمة من التجريب إلى الممارسة والتنظير. دمشق: دار عين الزهور. الديداوي، محمد. (1992م). علم الترجمة بين النظرية والتطبيق. تونس: دار المعارف للطباعة والنشر. ساسي، أمال. (2014م). طرق ومناهج تعلیم الترجمة: مقاربة معرفية. رسالة الدكتوراه. كلية الآداب واللغات والفنون. جامعة وهران. سبول، عهد شوكت. (2005م). الترجمة الأدبية بين النظرية والتطبيق. رسالة الماجستير. الجامعة الأميركية. سلمي، حیزیة. (2009م). إستراتیجیة الإیضاح في الترجمة: روایة رصیف الأزھار لا یجیب لمالك حداد أنموذجا: دراسة تحلیلية. رسالة الماجستير. كلیة الآداب واللغات. جامعة منتوري ـ قسنطینة. الشطيبي، خالد؛ وعبد الواسع إسحاق ناصرالدين. (2022م). «الدراسات اللسانية وإسهاماتها في تشكيل نظرية الترجمة». اللسان الدولية. ج 6. ع 12. ص 15 ـ 30. شفيعيكدكني، محمد رضا. (2009م). الأدب الفارسي منذ عصر الجامي حتی أیامنا. ترجمة بسام ربابعة. الكویت: عالم المعرفة. الصعيدي، عبد المتعال. (2005م). بغية الإيضاح لتلخيص المفتاح في علوم البلاغة. بیروت: مكتبة الآداب. عناني، محمد. (2003م). نظرية الترجمة الحديثة: مدخل إلى مبحث دراسات الترجمة. القاهرة: الشركة المصرية العالمية لونجمان. العیسوي، بشیر. (1996م). الترجمة إلی العربية، قضایا وآراء. بیروت: دار الفكر العربي. غینتسلر، أدوین. (2007م). في نظرية الترجمة اتجاهات معاصرة. ترجمة سعد عبد العزیز مصلوح. مراجعة محمد بدوي. بیروت: المنظمة العربية للترجمة. فنطازية، ليلى فاسي. (2022م). «المترجم بين سلطة ثقافة المتلقي وحرمة ثقافة المصدر». مجلة دفاتر الترجمة. ج 26. ع 1. ص 231 ـ 241. كحیل، سعیدة. (2007م). «نظريات الترجمة: بحث في الماهية والممارسة». مجلة المترجم. ج 7. ع 2. ص 51 ـ 77. منصَّر، عبده أحمد علی. (2009م). تقنیات ترجمة النص الأدبی من اللغة الإنجلیزية إلی اللغة العربية: دراسة تحلیلة مقارنة لنماذج من الأدب الإنجلیزي. رسالة الدكتوراه. كلية الآداب واللغات. جامعة الجزائر. نيومارك، بيتر. (١٩٨٦م). اتجاهات في الترجمة، جوانب من نظرية الترجمة. ترجمة محمود إسماعيل صيني. الرياض: دار المريخ.
ب. الفارسية انوری، حسن. (1383ﻫ.ش). فرهنگ كنایات سخن. تهران: سخن. ایازی، ناهید؛ و سیمین ولوی. (۱۳۹۹ﻫ.ش). «نقد و بررسی ترجمه عربی مثنوی (دفتر چهارم) بر اساس نظریه كتفورد: مطالعه موردی ترجمه علی عباس زلیخه». پژوهشهای نثر و نظم فارسی. س 4. ش ۱۰. ص 181 ـ 200. پریز، قادر. (1397ﻫ.ش). «چالش برابریابی برخی ساختهای دستوری در تعریب بر اساس نظریه تغییرات صوری كتفورد». پژوهشهای ترجمه در زبان و ادبیات عربی. س 8. ش 19. ص 135 ـ 152. التنوخي، محمد. (1382ﻫ.ش). فرهنگ فارسى ـ عربی. تهران: هیرمند. دهخدا، علیاكبر. (1373ﻫ.ش). فرهنگ لغت. زیر نظر جعفر شهیدی و محمد معین. مقدمه گروهی از نویسندگان. تهران: روزنه. شعبانی، عنایتاللّٰه؛ نفيسه عمادی، و فاطمه دفتری. (۱۴۰۰ﻫ.ش). «تحلیل چهار ترجمه انگلیسی از گزیده اشعار بوستان سعدی با استفاده از نظریه كتفورد». پژوهشهای بین رشتهای ادبی. س 3. ش ۵. ص 191 ـ 214. شفيعى كدكنى، محمدرضا. (1378ﻫ.ش). ادبیات فارسی از عصر جامی تا روزگار ما. ترجمه حجتاللّٰه اصیل. تهران: نی. ــــــــــــــــــــــــــــ . (1371ﻫ.ش). شاعر آینه ها: بررسی سبك هندی و شعر بیدل. تهران: آگاه. شهبازی، علیاصغر. (1400ﻫ.ش). «ارزیابی ترجمه مجموعه تولدی دیگر فروغ فرخزاد بر مبنای نظریه تغییرات صوری كتفورد: موردپژوهی مقایسه ترجمه عبدالمنعم و العطار». پژوهشهای ترجمه در زبان و ادبیات عربی. د 11. ش ۲۵. ص 249 ـ 283. صدری افشار، غلامحسین؛ نسرین حكمی، و نسترن حكمی. (1381ﻫ.ش). فرهنگ معاصر فارسی. تهران: فرهنگ معاصر. طبیبیان، سید حمید. (1384ﻫ.ش). فرهنگ فرزان: فارسی ـ عربی. تهران: فروزان روز. عمید، حسن. (1364ﻫ.ش). فرهنگ عمید. تهران: امير كبير. غیاثالدین، محمد بن جلالالدین. (1337ﻫ.ش). فرهنگ غیاث اللغات. تصحيح محمد دبیر سیاقی. تهران: كانون معرفت. گرجیان، بهمن، و هدی نیسی. (1390ﻫ.ش). «ترجمه تطبیقی ضربالمثلهای انگلیسی به فارسی از لحاظ زبانشناسی». مطالعات ادبیات تطبیقی. د 5. ش 19. ص 115 ـ 131. لطفی پورساعدی، كاظم. (1371ﻫ.ش). درآمدی به روش و اصول ترجمه. تهران: نشر دانشگاهی. محسنی، حسین؛ و امین شیخ باقری. (۱۴۰۰ﻫ.ش). «آسیبشناسی انتقال چندلایگی دلالتی در تعریب اشعار حافظ بر اساس نظریه تغییرات صوری كتفورد: بررسی موردی ترجمههای الشواربی و عباس زلیخه». پژوهشهای ترجمه در زبان و ادبیات عربی. ش ۲۴. ص 244 ـ 270.
ج. الإنجلیزية كاتفورد Catford. C. J.A. (1965). Linguistic Theory of Translation. Oxford: Oxford University Press | |||||||
آمار تعداد مشاهده مقاله: 278 تعداد دریافت فایل اصل مقاله: 55 |