تعداد نشریات | 43 |
تعداد شمارهها | 1,652 |
تعداد مقالات | 13,408 |
تعداد مشاهده مقاله | 30,254,223 |
تعداد دریافت فایل اصل مقاله | 12,090,198 |
سیميائیة العتبات النصية ودلالاتها في رواية سجين المرايا لسعود السنعوسي وفقا لنظرية جيرار جينيت | ||
بحوث في اللغة العربية | ||
دوره 16، شماره 30، تیر 2024، صفحه 159-176 اصل مقاله (827.96 K) | ||
نوع مقاله: المقالة البحثیة | ||
شناسه دیجیتال (DOI): 10.22108/rall.2022.134576.1425 | ||
نویسندگان | ||
زهرا هاشمی تزنگی1؛ محمد جواد پورعابد* 2؛ ناصر زارع2؛ سید حیدر فرع شیرازی2 | ||
1طالبة الدكتوراه في قسم اللغة العربية وآدابها بجامعة خليج فارس، بوشهر، إيران | ||
2أستاذ مشارك في قسم اللغة العربية وآدابها بجامعة خليج فارس، بوشهر، إيران | ||
چکیده | ||
لقد أصبحت هناك أسس نظرية معرفية تتوجّه إلى الكشف عن الجزئيات والتفاصيل المحيطة بالنص أو ما يسمّى بعتبات النص، منها نظرية جيرار جينيت الذي يعدّ أحد أقطاب النقد والشعرية في فرنسا، والّذي انخرط في تيّار النقد الجديد، واهتمّ بالعتبات النصية خلال بحثه في دائرة الشعريات. لقد اهتمت السيميائية الحديثة بدراسة الإطار الذي يحيط بالنص، كالعنوان، واسم المؤلف، والتعيين الجنسي، والغلاف، والعتبات الواقعة داخل النص نفسه، من إهداء، ومقدمات، وعبارات توجيهية، وتنبيهات، وهوامش، وتذييلات، وغير ذلك من النصوص التي أُطلق عليها عنوان النصوص الموازية. كلّ ذلك لأن النصوص المعاصرة ارتبطت بعصرها بروابط ثقافية ومعرفية جديدة، تناولتها من النهضة التكنولوجية والإعلامية. ومن هنا، ينطلق هذا البحث بالسعي للولوج إلى دراسة أهمّ العتبات النصية التي تستحق التحليل بمثابة أبواب تدخلنا في غياهب النص، ثم تطبيق تقنياتها على رواية سجين المرايا لسعود السنعوسي، وتقديم تصوّر مبدئي لتمظهرات المناص، مستخدماً المنهج الوصفي ـ التحليلي. وتشير نتائج البحث إلی نجاح الرواية في ترسيم المناص، بدءاً من الغلاف، بما فيه من صورة طوبوغرافية في مرآة دالّة على طور المرآة في تكوين شخصية الإنسان، كما يدلّ شكلها الهندسي على العزلة والانطوائية، والعنوان الذي اختاره الروائي جامعاً الوظائف التعيينية، والوصفية، والإيحائية، والإغرائية، للدلالة على مَن قد سجن نفسه في ماضيه وآلامه، ويعيش منعزلاً عن الناس، هكذا باستهلاله القيم من قبل الكاتب الواقعي، روبندرونات طاغور، وختاماً بغلافه الخلفي الذي يشير إلی نص نوستالوجي من الرواية جامعاً معناها بشكل رمزي ومختصر للمتلقي. | ||
کلیدواژهها | ||
السيميائية؛ الدلالة؛ العتبات النصية؛ جيرار جينيت؛ سعود السنعوسي؛ سجين المرايا | ||
اصل مقاله | ||
هناك اختلاف كبير بين الباحثين لتأطير مفهوم السيميائية، حيث تطوّر هذا العلم مع بداية القرن العشرين، بعد الدراسات التقليدية للفيلولوجيا. ويعدّ كل من «فرديناند دي سوسير (1857 ـ 1913م)، والفيلسوف البرغماتي الأمريكي، شارل ساندرز بيرس (1839 ـ 1914م)، من مؤسّسي هذا العلم بمصطلحين مختلفين: الأوّل اختار مصطلح سيميولوجيا[1]؛ والثاني اختار مصطلح سيميوطيقا[2]. وقد كان هذا الثنائي الأساس الفعلي الذي انطلقت منه الجهود الكبيرة لتأسيس هذا العلم الجديد الذي يقوم على دراسة التواصل البشري ودراسة الدلالة» (صدقة، 2000م، ص 76 ). سجّل هذا العلم دوراً واضحاً في الحقول المعرفية، وأثبت تأثيره في الدراسات الأدبية والنقدية والنص بشكل عام. من جانب آخر، لا يمكننا معرفة النص، إلا بمناصه الّذي هو كمدخل للولوج إلی النص، ويشتمل على عدّة علامات دلالية لفهم النصّ قبل قراءته. هنا، نشير إلی أنّ مصطلح (para-texts)، خلق جدلاً واسعاً بين نقّاد العرب، فسمّي بمصطلحات متعدّدة منها: النصّ الموازي، والمناص، وما بين النصية، والعتبات النصية. إن تلك العتبات تشكّل «نصوصاً موازية يستطيع المتلقّي من خلالها تفكيك النصّ الروائي وتحليل مدلولاته، ويقدر من خلالها على إنتاج رؤية بأبعاد دلالية تشير بجلاء إلی المضمون الخطابي» (قبيلات، 2014م، ص 946). يهدف هذا البحث إلى استخراج العتبات النصية في رواية[3] سجين المرايا، وفقاً للمناص عند جينيت. والمناص عنده يعني «كلمة مركبة من مقطعين: (para) تحمل معاني عدّة، منها معنی المشابهة، والوضوح، والتوازي، والارتفاع والقوة؛ أمّا (texte)، فهو يعني النصّ، ويعني في أصله النسيج وتسلسل الأفكار وتوازي الكلمات. ومن هنا كان تعرف بالنص الموازي» (بلعابد، 2008م، ص 34)، لنكشف مدی استطاعة هذه العتبات بمثابة مدخل للولوج إلی النصّ الأصلي في ظهور وتعريف موضوع الرواية الذي يدور حول بعض القضايا النفسية. وأهميّة هذه العتبات تكمن في كونها تشكّل إحدى المكونات الأساسية للنصّ. ومن شأنها أن تنبّه المخاطب إلى مسالك ممكنة للولوج إلی عالم النقد، كما تمنح المتلقي بوساطة التحليل والتأويل إمكانات مختلفة للقراءة تدعو إلى اقتحام النصّ وفهم ارتباط التفاصيل والنص، حيث إغفال هذه التفاصيل كالغلاف، وما يحتويه كالعنوان، مما يجعل القراءة قراءة ناقصة. إذن، لم تعد العتبات النصية بتلك البساطة والسهولة، بحيث تخلو من الإثارة، وإنّما لها دلالات غنية. ولأنّ النقد القديم لم يول اهتماماً للعتبات النصية، فإنّ النقد الحديث يركّز على تفاصيل العمل الأدبي، ويبيّن روابطه الداخلية والخارجية. أمّا الإشكاليات التي واجهناها خلال البحث، فهي كما يلي: ـ كم نجحت العتبات النصية المطلوبة لجينت الموضحة في رواية سجين المرايا في إنتاج موضوعها الأساس؟ ـ كيف تدعم العتبات النصية الموجودة في رواية سجين المرايا، بما فيها الغلاف والواجهة الأمامية، والعنوان، والاستهلال، والمقتبسة من فحوی الرواية التي تدور حول قضية نفسية في شخصية البطل، عبد العزيز، وتشدّ فضول القارئ للكشف عن فحوی الرواية من وجهة نظره؟ 1ـ1. خلفية البحث هناك العديد من الكتب التي تتحدّث حول موضوع العتبات وأنواعها، ومنها ما يلي: كتاب العنوان وسيميوطيقا الاتصال الأدبي، لمحمد فكري الجزّار (1998م). وهذا من أوائل الكتب العربية التي تتحدّث عن علم العنوان والعنونة، کما أنّ هناك كتاباً آخر اسمه سميوطيقا العنوان في شعر عبدالوهاب البياتي، لعبد الناصر حسن محمد، (2002م)، حيث تحدّث الکاتب فيه عن السميوطيقا والعنوان وأهميته، ثمّ قسّم موضوع البحث إلی قسمين: في القسم الأول، تحدّث عن العنوان بصفته أمراً مستقلّاً أو مفرداً أو مركباً وما إلی ذلك؛ وفي القسم الثاني یفرد بحثاً آخر یتحدّث فیه عن العنوان وعمله. وهناك كتاب قيّم آخر لبسّام موسى قطّوس، يسمّی سيمياء العنوان. ففيه، يتحدّث الکاتب بعد المقدمة عن تأسيس السيمياء وتأسيس العنوان، ويتكلّم عن العنونة في المنجز الشعري، وعن العنونة في المتخيل السردي. أضف إلى ذلك كتباً أخرى قيّمة لا يمكن ذكرها لضيق المجال. وأمّا بالنسبة إلى المقالات المنشورة المرتبطة بالموضوع، فيمكن أن نذكر بحثاً عنوانه السيميوطيقا والعنونة، لجميل حمداوي (1997م). تناول الباحث مفاهيم السيميوطيقا والعنوان ووظائف العنونة على أساس آراء المنظّرين، وبيّن فيه مجمل التصورات السيميوطيقية حول ظاهرة العنونة وأهميتها في مقاربة النصوص والخطابات على مستوی البنية، والدلالة، والوظيفة. كذلك عثرنا على مقال آخر عنوانه مؤشّرات سیمیائیة في شعر محمّد عفیفي مطر، قصیدة مکابدات کیخوتیة متتابعات نموذجا، لحامد پورحشمتي وآخرين (1398ﻫ.ش). لقد قام الباحث بالبحث عن أهمية السيمائية في إجلاء مکامن النصوص الشعرية، وتبيّن الرموز والمفاهيم الغامضة في قصيدة مکابدات کيخوتية، بواسطة السيميائية والعتبات النصّية. ومقال آخر لأبي الفضل رضايي وزهرا دهان، عنوانه عتبات الفضاء النصي في روایة شرید المنازل لجبور الدویهي (2019م). لقد بیّن فيه الباحثان الفضاء والفضاء الروائي: العنوان والغلاف والاستهلال، وما إلى ذلك من عتبات دلالیة مرتبطة بالنص في الروایة المدروسة. أمّا بالنسبة للرسائل والأطاريح المتصلة بهذا الموضوع، فهناك رسالة ماجستير عنوانها سيمائية العتبات النصية في رواية نساء في الجحيم، لعائشة بنّور (2018م). تتكلّم الكاتبة في الرسالة عن التأسيس النظري للعتبات النصية تطبيقاً على الرواية المذكورة. فمن نتائجها هو توفيق العتبات النصية في تشكيل التلاحم مع النص الروائي الذي يجعل القارئ يندمج مع النص منذ أوّل وهلة بداية بالعنوان، ومروراً بالإهداء، ووصولاً إلی الجنس. ولدينا رسالة أخرى عنوانها العتبات النصية في رواية أنثی السراب لواسيني الأعرج (2016م). تتحدث الباحثة فيها عن التأسيس النظري للعتبات النصية وتجلياتها في رواية أنثی السراب، وتستنتج أنّ أغلب الخطابات المقدماتية التي وظّفت في تلك الرواية، قد أسهمت في تشكيل أفق قرائي للمتلقّي الذي لم يزل يقف على أعتاب النص؛ في حین أنّه لم يحظ بعالم النص. وكذا هناك رسالة أخرى عنوانها سيميائية العتبات النصية في المجموعة القصصية أخيراً أنهار جبل الثلج لزين الدين بومرزوق، لوسيلة دقناتي (2019م). تسعى المؤلّفة في دراستها إلی الكشف عن سيمائية العتبات النصية الواردة في هذه المجموعية القصصية الممثّلة في الغلاف الخارجي واسم المؤلّف وغیر ذلك، لرصد العلاقة بين العتبات النصية والنص القصصي. وأمّا عن رواية سجين المرايا، فإننا لم نعثر على شيء؛ لذلك تطرّقنا إلى موضوع العتبات النصية، تطبيقاً للرواية، وفق نظرية جينيت، لنعالج العلاقة بين العتبات، مثل العنوان الخارجي والعناوين الداخلية، وعدداً آخر من عتبات الرواية والنص القصصي.
تعدّ الرواية تجربة أولى للصحفي الكويتي، سعود السنعوسي، من مواليد 1981م، الحائز على جائزة ليلی العثمان، لإبداع الشباب في القصّة والرواية عام 2010م. بدأ بالتدوين عبر الإنترنت، ونشر فيه بعض المقالات. وأمّا قصته الأولى التي نشرها ورقياً، فكانت تحت عنوان البونساي والرجل العجوز، إلی أن کتب روايته الأولى، سجين المرايا، في عام 2010م (طعمة، 16/11/2022م)، وهي رواية رومانسية للوهلة الأولى؛ لكنّها دراسة معمّقة للنفس الإنسانية، حين تعزم على تكسير كل المرايا التي حولها، والّتي لم تعكس إلّا صوراً سيئة وخاطئة عن الذات (العطّار، 13/2/2018م). فتبدأ الحكاية بسبب فتاة نسيت جوّالها في السينما، ورآها عبد العزيز، فأراد أن يوصله إليها، فوقع في قصة حبّ. يزاوج السنعوسي فيها بين النقد السردي والتحليل النفسي، ممثلاً في بطل روايته، عبد العزيز، الّذي واجه وعاصر أحداث الغزو، وخلّدت بداخله جراحات لا تندمل على مرّ السنين، كما واجه مأساة فقدان والده، داوود عبد العزيز، الّذي قضى شهيداً في الدفاع عن بلده، الكويت، ثمّ واجه موت والدته، فهيمن عليه الرعب الذي لم يفارقه، حتّى نهاية الرواية. يصّور الروائي قدر تضخّم الأنا بالإحباط واليأس. وهذا الإحباط هو الّذي يزعجه حتّى في مواجهة حبيبته، ريم أو مريم، الّتي تبادله الحبّ الرومانسي وأسمى صور الحب، والتي يسعی عبد العزيز البحث عن ذاته خلالها.
العتبات النصية تقدّم النص، وتعتبر ضماناً لتلقيه. وبما أنّ النص بنية إنتاجية متناسقة ومنسجمة، فتحاول السيميائية كشف كيفيّات بنائه والوصول إلی الدلالات العامّة التي يرمي إليها النص وكيفية تشكلاتها (واصل، 2013م، ص 89). وبعد جهد كبير بذله الباحثون قبل جينيت حول المناص والنص الموازي، «حقّق جينيت في كتابه العتبات، ما كان أجّله في كتاباته السابقة بتوسيعه لدائرة الشعريات، وتنويعه لمداخلها، بتخصيصه هذا الكتاب لإحدی المواضيع المعقّدة للشعريات المعاصرة، وهو المناص كمصطلح لم يزل يشهد حركية تداولية وتواصلية في المؤسسة النقدية العالمية، للعلاقة التي ينسجها بما يحيط بالنص وما يدور بفلكه من نصوص مصاحبة وموازية وبفاعلية جمهوره المتلقي له» (بلعابد، 2008م، ص 27). وقد تجلّی مصطلح المناص قبل جينيت عند بعض الكتّاب، وإن لم يخصّصوا له كتاباً كاملاً؛ ومن بينهم كلود دوشي[4]، في مقالته في مجلة الأدب سنة 1971م، المعنونة بأجل سوسور ـ نقد، حيث تعرّض لمصطلح المناص بأنّه: «منطقة متردّدة ... أين تجمع مجموعتين من السنن: سنن اجتماعية، في مظهرها الإشهاري والسنن المنتجة أو المنظمة للنص»، كما يتحدّث ج. دريدا[5] في كتابه التشتيت سنة 1972م عن خارج الكتاب، والّذي يحدّد بدقة الاستهلالات والمقدمات والتمهيدات، كذلك عالج ج. دوبوا[6]، وفليب لوجان[7] وغیرهما موضوع المناص (بلعابد، 2008م، ص 29 ـ 30). يعدّ جيرار جينيت من الأوائل الذين أثاروا موضوع العتبات، وجعل لها كتاباً متميّزاً، وذلك في مقترحاته النظرية حول موضوع الشعرية، عندما انتقل إلی النص الجامع. وهناك بجانب كتاب العتبات وكتابه أطراس، كتاب آخر لجينيت، اسمه مدخل إلی النص الجامع سنة 1985م. وفيه يعرض مفهومه للشعرية والمتعاليات النصية والتناص والميتانص. فسمّى هذا المفهوم ـ في بدء الأمر ـ بالمناصية، وبعد ثلاث سنوات، عاود التدقيق في مصطلحاته، وجعل المناص والمناصية أحد الأنماط للمتعاليات النصية (جینیت، 1985م، ص 10)، ليدلّ على ما يدور بفلك النصّ من نصوص مصاحبة، حيث لا يعرف النص إلّا بها ومن خلالها، ويعرّفها بأنّها كل ما يجعل المدخل الذي يتيح للجميع فرصة الاختيار والدخول إلی عالم الكتاب أو التراجع عنه (المصدر نفسه، ص 10). وفي هذا المضمار، يرى برنار فاليت أنّ: «قبل الدخول في عالم النص الداخلي، لا بدّ من الإحاطة بالممهدات التي تسلّمنا إلی ما بعدها» (فرطاس، 2010م، ص 74). وأخيرا، قسّم جينيت المناصَ من جهة إلی المناص النثري أو الافتتاحي (مناص الناشر)، والمناص التأليفي (مناص المؤلّف)، كما قسّمه إلی النص المحيط والنص الفوقي[8].
بعد عرض ملخص عن الرواية في الصفحة السابقة وبيان أهمّ أحداثها، يمكننا الانتقال إلی تمظهرات مناصية لها ومحاولة إلقاء الضوء علی بعض الجوانب التي تعد علامة بصيرة موازية للنص. فعبر دراسة هذه العناصر وتبيينها، يتسنّى لنا إدراك الدلالات التي دسّها الروائي خلال هذه العلامات، للوصول إلی المعنی المضمر داخل النص. ومن بين مجموع هذه العتبات، سنقتصر على دراسة وتحليل العتبات التالية: 4ـ1. الغلاف يعتبر الغلاف أولی العتبات النصية التي يراها القارئ وتجذب انتباهه. فإنّ «أهمّ العتبات الّتي تسيّج الأثر الأدبي، وتحيط به، بحيث لم يسبق من قبل أن وجد أيّ أثر دون نصّ محاذ» (أشهبون، 2009م، ص 36)؛ إذ للغلاف وظيفة افتتاحية أو تمهيدية. فعندما نمسك كتاباً لأوّل مرة، نقلّبه صدراً وظهراً، فنقرأ ما كتب على الغلاف، وننظر إلی شكل الغلاف ولونه باعتباره من أساسيات الدراسة، لتبيين علاقته بما يحتوي الكتاب. يرى ج. جينيت أن: الغلاف المطبوع لم يعرف إلّا في القرن الـ 19م؛ إذ إنّه في العصر الكلاسيكي كانت الكتب تغلّف بالجلد وموادّ أخری، حيث كان اسم الكاتب والكتاب يتموقعان في ظهر الكتاب، وكانت صفحة العنوان هي الحاملة للمناص، ليأخذ الغلاف الآن في زمن الطباعة الصناعية والطباعة الإلكترونية والرقمية أبعاداً وآفاقاً أخری (بلعابد، 2008م، ص 46). هنا، نبيّن ونكشف دلالات الغلاف الأمامي والغلاف الخلفي والغلاف الداخلي للرواية: (1) 4ـ1ـ1. الغلاف الأمامي تتشكّل لوحة الغلاف من جملة مكوّنات، تتميّز بحضور خاصّ وكثافة سيميائية. وكل صورة ولوحة على الغلاف تعدّ مفتاحاً لذلك العمل. ومن الواضح أنّ بعض الروائيين هم بأنفسهم یفضّلون أن يصمّموا اللوحة التي توضع غلافاً للرواية، والبعض الآخر يختار مصمّماً فنياً يصمّم له غلافاً يتناسب مع النص الروائي. تجدر الإشارة إلی موضوع مهم، وهو أنّ عتبة الغلاف إذا ما اهتمّ الكاتب برسمها هو بنفسه أو اختار لوحة تتناسب مع موضوع الرواية، تدخل ضمن الإطار النصي، أو في الحالة الثالثة قد يتّفق الكاتب مع دار النشر ويختار رسّاماً يثق به، ليرسم لروايته غلافاً يعبّر عن الدلالات التي يريد الكاتب أن يوصلها في الرواية (رضايي ودهّان، 2018م، ص 607). عثرنا في الغلاف الأمامي لرواية سجين المرايا، على لوحة يطلّ علينا من خلالها الكاتب، حيث نری عليه صورة لمرآة فيها عدد من الأشخاص، صورة عروسة وعريس وصورة حمامتين وبيت في جوّ غامض، هي صورة قديمة متبقية في بال الشخصية الرئيسة للرواية، وهو عبد العزيز. فإنّ وجود هذين الزوجين مع الحمامتين يجلسان معاً ويتبادلان الحُبّ، يظهر حبّاً ضائعاً، ورسّام هذه الصورة يبحث عن الحبّ والمودّة. فهذا التصوير يحمل دلالة وإشارة إلی كل شخص يبحث عن الحبّ ودفء الأسرة. كما تتناول سعدية مفرح في عتبة الكلمة موضوع الأمّ وفقدانها وأثره على الشخصية، تقول: «لقد بقيت صورة الأمّ التي تشبه في ملامحها صورة المغنّية، نجاة الصغيرة، جرحاً غائراً في أعماق ذلك الفتی المنشغل باكتشاف ذاته من دون أن يدري» (السنعوسي، 2013م، ص 8). وفي الوقت نفسه، هذه الصورة صورة طفولية ندركها بشكل ترسيمها، والألوان المستخدمة فيها تدلّ على هذه الحقيقة أنّ عبد العزيز بقي في طفولته ولا يعيش إلّا بذكرى الماضي والزمن الذي عاش فيه والداه، وقد عاش كل هذه السنوات بعد طفولته بذكری تلك السنوات المحدودة. ومن الواضح، أنّ الصورة هذه تساهم في تأويل نص الرواية بشكل كبير. فإنّ اقترانها ومجاورتها للعنوان سجين المرايا، يوحي بأنّنا أمام رواية نفسية أو أن شخصياتها تعاني من أزمة نفسية. فكلمتا "سجين" و"المرايا" تدلّان على هذا الأمر. والمرآة في علم النفس والأدب هي معادلة موضوعية لكلية النفس، و«ترمز إلى اللاوعي والذكريات، ويؤكد علم النفس بمختلف مدارسه على أهمية المرحلة الطفولية في تكوين البنية النفسية للإنسان وأيّ صدمة عاطفية في هذه المرحلة ستلازمه، فقد ينسى الإنسان الصدمة؛ لكن العقدة الناشئة عنها تبقى حيّة» (طه وآخرون، 2014م، ص 289). إضافة إلى أنّ مرحلة الطفولة هي مرحلة مرآتية أو "طور المرآة" على حدّ تعبير جاك لاكان، حيث يتعرّف الطفل على نفسه وجسده في صورة مثيله، ويرى في نفسه المنعكسة في المرآة الآخر الّذي يؤثر في تكوين الأنا (المصدر نفسه، ص 410). إنّ البيت الذي يعدّ بيت الطفولة، ومكان الألفة، ومنبع تكيّف الخيال في الصورة إلى جانب العنوان له دلالات رمزية أخری. فللبيت الّذي نولد ونترعرع فيه، أهمية كبيرة في حياتنا؛ ولذا، حين «نبتعد عنه، نظلّ دائماً نستعيد ذكراه، ونسقط عليه الكثير من مظاهر الحياة الماديّة؛ ذلك الإحساس بالحماية والأمن الّذين كان يوفّرهما لنا» (علي، 30/3/2022م). فهو البيت القديم كما يصفه باشلار، حيث «يركّز الوجود داخل حدود تمنح الحماية، نحن نعيش لحظات البيت، من خلال الأدراج، والصناديق والخزائن الّتي يسمّيها باشلار "بيت الأشياء"» (200٦م، ص 9). وحين لا يقوم البيت بدوره الوظيفي ومنح الحماية والحنان للشخصية، فإنّها تضطرب. ويعدّ هذا الأمر طبيعيّاً؛ لأنّه أهمّ الأمكنة إطلاقاً بالنسبة إلی الإنسان؛ إذ فيه يولد وينشأ، ويسكن أبواه وإخوته، فهو الملاذ والاستقرار والأمان. ومن هنا، تنبع ألفته وحميميته، وأيّ اختلال وزعزعة له، هو زعزعة لكيان الفرد واستقراره. وفي كلتا الحالتين، يبقى الإنسان حبيس بيته الأوّل وسجينه، سواء كان مكاناً أليفاً أم عدائياً. فالمكان عموماً والبيت خصوصاً ليسا هندسة معمارية فحسب، بل إنّهما عبارة عن علاقات اجتماعية إنسانية. وتعمّق ألفة البيت في صورة الغلاف الحمامتان اللّتان ترمزان إلى السلام والأمن والمحبة؛ لكنّه سلام مفقود وضائع بحكم اقترانه مع أيقونة العنوان سجين المرايا في الصورة. أمّا على الصعيد اللوني، فيجب الإشارة إلی أنّ الحديث عن الألوان يعدّ من أساسيات دراسة الأغلفة.، وأن الألوان تلعب دوراً هامّا في التأثير على نفسية الفرد. يشير ميل المؤلّف إلی اختيار بعض الألوان، إلی ظروف حياته أو حياة من يروي عنهم. فيغطّي اللون الأزرق الفاتح كل مساحة الغلاف. ولعلّ استخدام اللون الأزرق لكل مساحة الغلاف، يرتبط بالمساحات المفتوحة الواسعة الّتي تعزّز الشعور بالحرية وتثير الحدس والخيال الواسع، كما يحدث حين ينظر الإنسان إلى البحر أو السماء ويتأمّلهما. من جانب آخر، فأنّه يناسب سلام صورة الطفولة الماثلة في الغلاف. يرى الحطّاب أنّ «اللون الأزرق لون الوقار والسكينة والهدوء والصداقة والحكمة والتفكير، واللون الّذي يشجّع على التخيّل الهادئ والتأمّل الباطني، ويخفّف من حدّة ثورة الغضب». (2003م، ص 85).
لكن جاءت العتبات القرائية كاسم المؤلّف والجنس الأدبي والطبعة بلون أسود، واستثنی عنوان الرواية، حيث كتب بلون أرجواني غامض مشتملاً على دلالات تحمل في جوهرها العديد من المعاني، كما جعل لون حواف المرآة بنياً، ليعبّر عمّا هو موجود في شخصية البطل من تشاؤم وهموم ومعاناة وفراق واغتراب وشحوب مزروعة على جميع صفحات الرواية. فـ«استخدام الألوان في السياقات الأدبية واللغوية أكثر صعوبة من استخدامه في الرسم والتصوير؛ لأنّه يعتمد على قدرة المبدع على إثارة ما توحي به الألوان من دلالات في نفس السامع من خلال التشكّل اللغوي الّذي يصوّر الفكر الأدبي وانفعالاته» (الصفار، 2010م، ص 66). و«يعمل اللون في الكتابة الإبداعية، بوصفه علامة سيمائية، تؤدّي وظائف دلالية وإشارية وعالمية متنوعة، تناسب وضع الكتاب وحالاته» (عبيد، 2010م، ص 144). وهذا اللون يناسب شخصية عبد العزيز الّذي يرى نفسه سجين مرآته وماضيه وأحزانه. فالعنوان رائع لمن يعيش في عزلة بعيداً عن الناس مع ذكرياته، كما أنّ اللون الأرجواني ببهائه وجلاله وقوّته يناسب شدّ وجذب المتلقّي إلى العنوان. ونلاحظ في صفحة الغلاف للرواية المدروسة، أنّها كتب عليها اسم المؤلّف، وتحته اسم الجائزة الّتي حصل عليها في روايته الأخری ساق البامبو، لإبراز أهميّة المؤلف وإثارة انتباه القراء فضولاً وحباً لقراءة روايته الأخری، ثمّ جاء بعنوان الرواية بلون أرجواني لمنحه جمالية إغرائية، حيث يحتل العنوان مساحة أكبر من الغلاف، تهدف إلی لفت انتباه المتلقّي لهذه العتبة اللغوية البصرية المهمّة. ونهاية الغلاف جاء بالتجنيس الأدبي كتب بخطّ صغير "رواية"، كي يحسم الغموض الّذي يقع فيه المتلقي، إن كان شعراً أو نثراً أو مسرحية. وكتب تحت الرواية، طبعة الرواية الّتي بأيدينا تكون الطبعة الثانية الّتي صدرت سنة 2013. ولقد صدرت هذه الرواية قبل ذلك سنة 2010 لأوّل مرة. وأمّا بنسبة لكتابة اسم المؤلّف السنعوسي فوق عنوان الرواية، فإنّه قلّد القدماء بهذه الطريقة، حيث «قد جرت العادة في التأليف العربي القديم أن تتغلّب عناوين مؤلّفات العلماء على أسمائهم، أيْ أنّ العالم أشهر ما يكون بمصنفاته ممّا سوی ذلك» (بلال، 2000م، ص 31). ونرى على الغلاف دائرتين متداخلتين. وللدائرة دلالات نفسية، منها أنّها تدلّ على الانغلاق والعزلة والانطوائية أو الدوران في حلقة مفرغة؛ لكن إذا رسم الشخص دوائر متداخلة، فإنّه يرغب في علاقات عاطفية مع بيئته. وهذه الدوائر تتناسب مع العنوان وحمولاته وشحناته النفسية، كما أنّ الطفولة في مركز الدائرة تدلّ على أهميتها. وفي نهاية صفحة الغلاف وفي الجزء النهائي له، كتب المؤشر الجنسي. وهذه العتبة من السيميائيات لها مقصدية معينة، حيث «ممارسة تعيين الأجناس ليست وليد الحاضر، وإنّما ترجع إلی العهد الكلاسيكي، وتحرص على صفاء كل جنس من الأجناس الكتابية، وتسعى لرسم الحدود، الفاصلة بين جنس وجنس آخر» (الغزالي، 2004م، ص 39)، ويعدّ نظاماً رسمياً، يعبّر عن مقصدية كل من الكاتب والناشر، لما يريدان نسبته للنص. في هذه الحالة، لا يستطيع القارئ تجاهل أو إهمال هذه النسبة، وإن لم يستطع تصديقها أو إقرارها، فهي باقية كموجّه قرائي لهذا العمل (بلعابد، 2008م، ص 89). من الملاحظ في رواية سجين المرايا، أنّ المؤشر الجنسي ظهر على صفحة الغلاف الأمامي بخط صغير وباللون الأسود فوق عنوان رقم الطبعة، كما ظهر في صفحة الغلاف الداخلي متوسطاً بين عنوان الرواية واسم المؤلّف. فكلمة "رواية" تجعلنا ندرجها في حقل ذلك الجنس الأدبي ولا غير، كما أنّ التأكيد على جنسية نصّ سجين المرايا كرواية، يهدف إلى جذب القارئ، حيث إنّ الرواية تسود المشهد الأدبي العالمي، حتّى قيل إنّه زمن الرواية. نضيف في الختام نقطة، وهي أنّه يذكر النوع الأدبي في غلاف السرد لتحديد نوع النص. وفي الوقت نفسه، يظهر تصفّح الكتاب ورؤية عدد صفحاته أنّ الكتاب المعني ليس إلّا رواية. 4ـ1ـ2. الغلاف الخلفي الغلاف هو أول ما يواجهه القارئ قبل قيامه بقراءة النص؛ لأنّه يحيط بالنص الروائي، ويسهم في تكوين جزئية من أجزاء النص، خاصة ما له من الرسومات واللوحات الفوتوغرافية. فالإنسان يترجم كل ما تقول هذه الصور إلی صور ذهنية. وهذه الميزة لا تنحصر على الغلاف الأمامي فحسب، بل تشمل الغلاف الخلفي أيضاً. والغلاف الخلفي هو «العتبة الخافية للكتاب، التي تقوم بوظيفة عملية، وهي إغلاق الفضاء الورقي» (الصفراني، 2008م، ص 137). يضم هذا الغلاف في رواية سجين المرايا، نصّاً من نفس الرواية، ويقع بجانبه عنوان الرواية ومؤلّفها. وفي الجهة اليمنى من لوحة الغلاف، نجد صورة عن الرواية الأخری للسنعوسي، وهي ساق البامبو، مشيراً إلی اسم الفنّان والمصمم للوحة الغلاف. وفي الأسفل، إعادة ذكر دار النشر، يعني الدار العربية للعلوم ناشرون. كما كتب بجانب ذكر دار النشر، موقع لكتبه وشابك للرواية. ولهذه العتبات وظيفة تجارية. (2)
نجد في الغلاف الخلفي النص التالي، وهو يخبرنا بأننّا أمام نص ذاكراتي، محمّل بالنوستالجيا، ونلاحظ فيه مفردات رمَزت إلى الذاكرة والذكرى والحنين والأسرار والنفس، مثل الصندوق، والأقفال والمفتاح والعطر والرائحة والأصوات والفصول كالشتاء والدفء. لقد وَشى المقبوس بالنص؛ لكن لم يُفشه، بل دلّ على مضمونه بشعرية ورمزية، كما أنّه تكفّل بمهمّة جذب وشدّ القارئ، ليثير فضوله لمعرفة وكشف هذه الأسرار وفتح صندوق الرواية الذي بدوره يحتوي على صناديق أصغر: حاولت مراراً أن أنسی؛ ولكن يصعب إدراك النسيان مع وجود تلك الصناديق الصغيرة السحرية المقفلة بداخلنا. تلك الصناديق التي تحوی كل ذكرياتنا، حلوها ومرّها، قديمها وحديثها، مهما بدا لنا نسيانها، تبقی دفينة في أعماقنا، محتفظة بأدقّ التفاصيل، في قلب ذلك الصندوق المحكم الإقفال، والّذي لانملك مفاتيحه بأيدينا، بل إنّ مفاتيحه تحلّق حولنا في كل مكان من دون أن نشعر بها. قد يكون المفتاح أغنیة، نسمعها صدفة، تفتح صندوق الذكريات، لا تأخذنا للماضي، بل تحضر الماضي بتفاصيله حيث نكون. قد يكون المفتاح عطراً يحاصرنا في مكان ما، يذكّرنا بأصحاب العطر ووقت وجودهم، تغزونا روائحهم، تحاصرنا أصواتهم ثمّ سرعان ما نجدهم ماثلين أمامنا سالكين أقصر الطرق من مدن الماضي المختلفة إلی عاصمة الحاضر. يستشعرها الجسد مع تغيّر فصول السّنة، حين يطرق الشتاء الأبواب تبدأ أجسادنا بالبحث عن أولئك الذين يشعروننا بالدفء. قد تنثر الصناديق محتوياتها حين تطأ أقدامنا أماكن مألوفة، لم يتغيّر بها شيء، كل شيء حاضر إلّا الزمن والأشخاص الّذين تخلّفوا عن الحضور (2013م، الغلاف الخلفي). يبدو من النص المُنتخب أنّ الراوي نفسه يحاول أن يتخلص من عبء الماضي أو ينفّس عن نفسه عبر كتابته. فالكتابة نوع من العلاج المعنوي الروحي. فالروح تُشفى أو يخفّف من أحمالها وأثقالها بالبوح. ولا بوح أحسن من الحرف. كما أنّنا نفهم من النص المقبوس أنّه نص استرجاعي، تتمّ فيه المقابلة بين برودة الحاضر (الشتاء) ودفء الماضي وذكرياته التي تحاصر الشخصية وتبقى سجينتها ورهينتها، سجينة المرايا. 4ـ1ـ3. الغلاف الداخلي لم يتوقف السنعوسي عند عتبتي الغلاف الأمامي والغلاف الخلفي، بل امتدّ المناص إلی عتبات أخری، منها الغلاف الداخلي، أيْ الصفحة الأولى بعد الغلاف الأمامي، حيث جاء بصفحة بيضاء كتب في أوّلها عنوان الرواية بشكل كبير، وتحته بفاصلة كتب المؤشّر الجنسي، ثمّ اسم المؤلّف، وفي النهاية ذكر دار النشر. ومهمّة هذه الصفحة استخلاف العنوان وبقية العتبات، إن فقد الغلاف. والجدير بالذكر أنّ الروائي ـ خلاف ما جاء في الغلاف من بداية الصفحة باسمه ـ بدأ هذه الصفحة بعنوان روايته، كأنّه وازن بين اسمه واسم روايته قائلاً: إنّهما سويّان. 4ـ2. العنوان ووظائفه إنّ مكانة العنوان الإستراتيجي تسوقنا إلی معرفته، حيث له غاية دلالية كبری، ويمكن أن يعدّ عتبة رئيسة بجانب العتبات الأخری لأثر ما (قبيلات، 2014م، ص 946). و«إنّ العنوان عبارة عن رسالة، وهذه الرسالة يتبادلها المرسل والمرسل إليه، بحيث يساهمان في التواصل المعرفي والجمالية، بيد أنّ وظيفة العنوان في الأدب لا يمكن أن تكون مرجعية أو إحالية فحسب، بل إنّ من واجب العنوان أن يخفي أكثر ممّا يظهر، وأن يسكت أكثر ممّا يصرّح ليعمل أفق المتلقّي علی استحضار الغائب أو المسكوت عنه أو الثاوي تحت العنوان» (قطّوس، 2001م، ص 51). يقال إنّ المكتوب يعرف من عنوانه، ولو أنّ هناك بعض العناوين التي تحتاج إلی التأويل والتفسير بعد قراءة النص، للكشف عن مراد المؤلّف؛ لكنّه ذو أهمية بالغة. ويرى اللغوي والشاعر والناقد، محمد رضا شفيعي كدكني، أنّ اسم الكتاب أو العمل يكتفي بالحصول على وصف للخالق ونفسيته، كما يعتقد أنّنا لسنا بحاجة إلی قراءة آثار المؤلّف كلها، بل يمكن أن يفصل للمؤلف أن يوضّح فكرته عن طريق قراءة عناوين آثاره؛ لأنّ العنوان بذاته يتكفّل التسمية للعمل الأدبي. وعندما نسمّي كتاباً يعني نحدّده (1386ﻫ.ش، ص 442). ولذا، تعدّ وظائف العنوان من المباحث المعقّدة للمناص. واتّجه بعض الدارسين إلی تحليله، منهم لوي هويك[9]، وكلود دوشي. وأمّا جينيت، فاقترح أربع وظائف للعنوان، وهي: التعنينية، والوصفية، والإيحائية والإغراقية. ونحلّل هذه الوظائف في روایة سجین المرایا الّتي جاءت في صیغة إضافة "المرایا" بـ"السجین"، ویری النحاة في الإضافة أنها النسبة التي جاءت لإفادة التقیید، أي لإفادة نوع من الحصر والتحدید؛ وذلك أنّ اللفظ قبل مجیئها کان عامّاً مطلقاً یحتمل أنواعاً وأفراداً کثیرة. فجاءت التکملة (أي القید)، ومنعت التعمیم والإطلاق الشاملین، وجعلت المراد محدّداً محصوراً في مجال أضیق من الأوّل، ولم تترك المجال یتّسع لکثرة الاحتمالات الذهنیة التي کانت تتوارد من قبل (محمد، 2002م، ص 61). 4ـ2ـ1. الوظيفة التعنينية التعنينية هي أول وظيفة للعنوان، وفقاً لرأی جينيت، وهي وظيفة إلزامية وضرورية، يتم بموجبها تعيين عنوان النص وتحديد هويته، غير أنّها لا تنفصل عما تبقی من الوظائف؛ وذلك إلی أنّها تحيط بالمعنی ودائمة الحضور (جینیت، 1987م، ص 88). فالعنوان دليل المتلقي ومرشده على محتوی الرواية. جعل السنعوسي عنوان روايته سجين المرايا، وتعرّف به للقراء بأقلّ ما يمكن من احتمالات اللبس. والغلاف كتب عليه "رواية"، وصنّفه أجناساً. ويتمّ عادة هذا من قبل الناشر، لتحريك وجذب القارئ للكتاب؛ لأنّ "الرواية" هي الجنس الأدبي السائد المعاصر والمرغوب. وعندما يحذف الروائي نصّه كالمسند إليه، فيؤدي ذلك إلی شحن المسند بدلالات متعددة استفزازاً للقارئ لخلق العديد من الأسئلة، نحو: من هو أو هي المسجون؟ لماذا سمّي هكذا؟ و.... وهذا الحذف ليس على الصعيد الدلالي فحسب، بل على الصعيد الصياغی أيضاً، حيث يثير إشكالاً، ويطرح العديد من الأسئلة في بال القارئ. فعنوان سجين المرايا يحدّد هوية الرواية، كما يصفه ويوحي لقارئه الألم والحزن والعزلة، وهو ما شعر به عبد العزيز في جميع صفحات روايته. فإنّه يتطرق إلی موضوع الحزن، كموتيف في الرواية عدّة مرات، كما يقول: كانت حكايتنا أشبه بالفيلم السينمائي الممل، وكانت البطولة المطلقة فيه للحزن الذي صمد حتی النهاية. أمّا السعادة، فهي الطفلة المسكينة التي ظهرت بفستانها الأبيض لدقائق معدودة، في بداية الفيلم، ثم انتهی دورها بسرعة، من دون أن يكون لها أثر في الأحداث، ومن دون أن تظهر مرة أخری، أو يبدو منها شيء سوی ظلّها الذي كان يظهر بين وقت وآخر ليختفي قبل وصولها (2013م، ص 20). 4ـ2ـ2. الوظيفة الوصفية والإيحائية إن الوظيفة الوصفية والإيحائية قريبتان بعضه من البعض، حيث تعني أنّ العنوان في الوظيفة الوصفية، يعدّ واصفاً النص؛ وفي الوظيفة الإيحائية، يعني أنّ العنوان ليس كاشفاً للمعنی بقدر ما يعمل على توليده بعد إعمال ذهن القارئ لاستنتاج محتوی النص (جینیت، 1987م، ص 88 ـ 89). والغرض من كلتا الوظيفتين هو وصف النص. في عنوان الرواية، سجين المرايا، أن السجين على وزن "فعيل"، يفيد الشدة والثبوت (الشرتوتي، 1387ﻫ.ش، ص 68)، في الوصف. فهنا السجين يعني المسجون، والسجين هو كل شخص حرم من حريته ضدّ إرادته. وأوّل ما يلفت انتباهنا في العنوان، هو ما المقصود بهذا العنوان؟ وما الّذي يرمز إليه؟ ما دلالة المرايا هنا؟ إنّها استعارة عن وعي الشخصية ولا وعيها وتصوراتها عن نفسها التي تحرمها من حريتها. ويمكن أن تكون المرآة هنا الآخر وهيمنته على الأنا. فتصوراتنا غالباً مبنيّة على صورتنا لدى الآخرين أو ما نظنّه أنّه صورتنا لديهم. والآخر هنا حبيبة الراوي التي تركته وخذلته ويجهد بتصحيح تصوراتها عنه بسفره وإصلاح نفسه. والسفر الخارجي هنا هو مواز للسفر النفسي ورحلة البطل الداخلية. وعلى العموم، فإن المرآة هنا ضبابية مغشوشة، لا تسمح برؤية واضحة وصحيحة وصحيّة. وهي في الرواية تشكّل بؤرة سردية تغذّي حركة السرد، وتكسبه لونه وطابعه الخاصّ. كما أنّ العنوان يحمل جدلية مضمرة ومواجهة ومقابلة بين الأنا والمرآة أو الآخر، ذاتها الحقيقة. فإنّه يوحي لنا بهذه الثنائية في حالة الشخصية، وأنّها أسيرة تقلبّاتها النفسية، باعتبار أنّ المرآة ترمز إلى الوعي واللّاوعي. فجمع بين التوصيف والإيحاء أو الإشهار والإضمار، وهو من خصائص العنوان. فهو كمجاز الجزء الذي يراد منه الكل. فذكر المؤلّف الحالة النفسية للشخصية بهذا التعبير الجزئي الخاصّ المقتضب وأراد منه المناخ والفضاء العامّ الذي يحكم الرواية. وهي هشاشة وضعف الشخصية في مقابل الواقع الخارجي المادّي الصلب والقاسي، وبالتالي تخييم سحابة الكآبة عليه وعلى حياته. فيمكن للقارئ أن يلجأ إلی المقبوس، حتّی يدرك السبب في اختيار هذا العنوان، إذا کان لم يدرك من الغلاف والصورة الطوبوغرافية عليه؛ وإن كانت المقتبسة غير كافية، فيلجأ إلی نصّ الرواية. وكل هذه العتبات المشيرة إلی العنوان، تدلّنا على شخصية، قد جعلت نفسها سجينة نفسها وآلامها وجميع الصور التي في ذهنها من الماضي وأهمّها الحبّ؛ إذ وجد نفسه عاشقاً مسجوناً في سجن الحب؛ لكنّ عشيقته غير معروفة، حيث يقول في بداية الرواية: كنت هائماً في الحبّ، كنت عاشقاً يعشق لا أحد. كان الحبّ في أعماقي كبيراً، كان قصراً شامخاً في جنّة صغيرة؛ ولكنّي كنت أحتفظ بكل هذا الحبّ الّذي لا حدود له داخل أسوار قلبي، في انتظار الساكنة الأولى سأهبها كل ما في هذا القلب الذي ينتظر الفرصة لينفجر ويملأ سمائي بألوان الحبّ والعشق والجنون وكل ما هو جميل (2013م، ص 21). كما يعتبر نفسه أسير الذكريات الماضية المحفوظة في صندوق قلبه، وتذكّرها دون إرادته، ولا مفرّ منها: لو كانت المفاتيح بأيدينا ما ضرّنا شيء، نحتفظ بصناديق الذكريات محكمة الأقفال بداخلنا، نفتحها متی ما نحن شئنا، نستحضر منها ما نريد ونبقي ما نودّ نسيانه في الداخل؛ لكن، كيف لنا أن ننسی والمفاتيح تعمل من تلقاء نفسها، تفتح الصناديق وقتما تشاء وتستخرج منها تريد الصدفة من ذكريات (المصدر نفسه، ص 227). كما أن للعنوان نمطاً رمزياً واستعارياً، حيث استعار الروائي عنوان سجين المرايا لعبد العزيز. وبهذه الطريقة، يكون عبد العزيز مثل السجين الذي تحيط به المرايا، حيث ما يدير النظر، تحيط به مرآة. في هذه الاستعارة التي تعدّ في الحقيقة استعارة مفهومية، هناك الكثير من وجهات الشبه بين عبد العزيز والسجين؛ فمثلاً عبد العزيز كسجين لا يرى لنفسه مستقبلاً، ويقضي كل أيامه في الماضي. وهذا الأمر نشاهده في جميع صفحات الرواية. وينوي عبد العزيز دائماً الهروب من الوضع الحالي، كما قد يفكّر السجين في الهروب بسبب وضعه غير المؤاتي: «لو كانت المفاتيح بأيدينا ما ضرّنا شيء، نحتفظ بصناديق الذكريات محكمة الأقفال بداخلنا، نفتحها متی ما نحن شئنا ...؛ لكن، كيف لنا أن ننسی والمفاتيح تعمل من تلقاء نفسها» (المصدر نفسه، ص 227)، خاصّة حينما فقد مريم بسبب سلطة الماضي وآلامه على شخصيته، حيث لم يتمكّن من الهروب من تلك الهموم والأحزان والذكريات، وما استطاع أن يعيش ويفكّر كما تحبّ مريم. كما اختار الروائي لفظ "المرآة" بشكل جمع، ليظهر قوّة وكثافة السجون التي تكون حبيستها هي الشخصية. فإنّها سجينة صورة بيتها وصورة الحبّ الضائع أو ما تصوّرته حبّاً وصورة طفوليتها والصور العديدة التي فقدتها وحالياً تبحث عنها، وهي سجون اجتماعية، بالإضافة إلى أنها سجون نفسية. في تعبير أدقّ، أنّ السجن النفسي زنزانة في سجنٍ أكبر، وهو المجتمع. والعنوان في المجموع يوحي بضرورة تحرير الذات من تصوراتها المغلوطة التي غالباً ما تكون إسقاطاتنا أو ما نتصوّره عن أنفسنا عند الآخرين. فالآخر مرآة الأنا. وهذا التقسيم ذو دلالة نفسية مهمّة، وهو مسافة الشخصية وانفصالها وانفصامها عن ذاتها الأصيلة. ومن أهمّ الصور ما یخصّ الطفولة من صور وذكريات، وهي صورة مركزية ثابتة لعبد العزيز من ماضيه. فيرى أفضل أيام حياته طفولته، يعود ويلتجأ إليها، طلباً للمساعدة أو للهروب من واقعه الخارجي الحالي، ويبيّن أنّه مسجون بصورة بيته وصورة الحبّ الضائع وصورة طفوليته والصور العديدة الّتي فقدها وحالياً يبحث عنها. الطفولة صورة ثابتة لعبد العزيز من ماضيه. فيرى أفضل أيام حياته طفولته، حيث كان يعيش في أسرة كاملة وكل شعور طيّب يذكّره بطفولته. عندما تتصل مريم بعبد العزيز، لتجد هاتفها المحمول، ويردّ عليها عبد العزيز، لا يسمع من سماعة الهاتف سوى صوتها الطفولي: ألو، والتي انتهت فور أن أجبته بـ"ألو" مماثلة. ثوان معدودة ...، ثمّ استقبلت المكالمة الثانية ...، ثمّ ... ثمّ لا أذكر بعد ذلك سوی الصوت الطفولي الذي تسلّل من سماعة الهاتف إلی غرفتي الصغيرة، ليزهر الجدران وينثر الفراشات بين الكتب وحول ملابسي المعلّقة، لينبت العشب على السجاد ويلوّن سقف غرفتي بألوان قوس قزح، ذلك الصوت الذي حوّل سريري إلی سحابة بيضاء حملتني بعيداً إلی عالم مختلف، صوت يشبه تغريد العصافير الخجولة في صباح هادئ. صوت ليس كمثله صوت (2013م، ص 24). فكلّ هذه الصورة من الماضي أحاطت به وسجنته، حيث لم يعد يفكّر في أمل المستقبل أو يخطّط له. وبالأحرى أن نقول هذه الصور لا تفتح له مجال الولوج في فضاء حلمي يرسم به مستقبله. وعندما يثير صوت مريم مثل هذه الإثارة في عبد العزيز ويعيد الحلاوة والحيوية إلى حياته، فلا غرابة أن يكون عاشقاً، ويتخيّل نفسه مسجوناً بالحبّ المفقود طوال حياته. 4ـ2ـ3. الوظيفة الإغرائية أمّا الوظيفة الأخيرة حسب رأي جينيت، وهي الإغرائية، فهي تتمثّل في جذب القارئ وإغرائه وحثّه على اقتناء الكتاب بعد إثارة فضوله حوله (1987م، ص 89). جعل السنعوسي عنوان روايته سجين المرايا، العنوان الذي ینجذب إلیه المخاطب عند أوّل نظرة. وأوّل ما یغریه هو أنّ العمل كرواية، وهو الجنس الأكثر مرغوبية وإغراء في عصرنا وأوّل ما يصيب البصر، ويحرّك وجع قراءة متواصلة للرواية، ليؤيّد تساوي النص مع المناص، حيث يثير اهتمام القارئ، ويدفع بفضوله للكشف عن غموض العنوان في سبب اختياره ومعناه أو ما يسمّيه الروائي بصفة سجين المرايا، والمجاز أو الحقيقة الموجودة فيه. فهكذا يحثّ عنوان سجين المرايا على قراءة الرواية، حيث اختزل جميع صفحات الرواية في كلمتين دالّتين على محتوی النص بشكل مباشر، خاصة حينما يواجه القارئ تصوير المرآة وسط صفحة الغلاف بعد ذكر العنوان. إضافة إلی ذلك، يمكن أن يكون لعنوان الكتاب الأصلي عنوان فرعي تكملة لمعنی العنوان الأصلي. أمّا عنوان الرواية المدروسة، فهو عنوان كامل لا يحتاج إلى تكملة لشرح المعنی المراد. وتحدّث ج. جينيت عن العناوين الداخلية التي تعني عناوين منفصلة يضعها المؤلّف لكل فصل، ويمكن أن يكون لها وظائف محدّدة؛ لكن مؤلّف الرواية المذكورة لم يضع أيّ عناوين داخلية لفصوله، وبدأت البداية لفصول الرواية على هيئة: الفصل الأول، والفصل الثاني، والفصل الثالث، والفصل الرابع.
4ـ3. اسم المؤلّف العتبة الثابتة الأخری التي لا تتغيّر ولا تنزع هي اسم المؤلّف. يقول جينيت: «يعدّ اسم الكاتب من بين العناصر المناصية المهمّة، فلايمكننا تجاهله أو مجاوزته؛ لأنّه العلامة الفارقة بين كاتب وآخر، فيه تثبت هويّة الكتاب لصاحبه، ويحقّ ملكيته الأدبية والفكرية على عمله، دون النظر للاسم إن كان حقيقياً أو مستعاراً» (بلعابد، 2008م، ص 63). فهي لافتة تعين القرّاء على اختيار الكتاب. فيمكن أن لا يجتذب صورة الغلاف أو عنوانه القارئ؛ لكن بمجرد رؤية اسم المؤلّف، يجتذب القارئ بقراءة الكتاب، ويغيّر رأيه تماماً. والسبب يمكن أن يكون في طريقة كتابة المؤلّف أو لأنّه حائز على جائزة ما كما هي الحال لرواية سجين المرايا، حيث إنّها الرواية الأولى للسنعوسی، والرواية في حدّ ذاتها أقلّ كيفية من رواية ساق البامبو ولكون قرائها الكثيرين بسبب نجاح السنعوسي في الرواية الأخيرة. كما أنّ القارئ بمجرد رؤية اسم المؤلّف دون النظر إلی عنوان الكتاب أو الدقة في غلافه وغیر ذلك، يدرك تلقائياً أنّها رواية، وأنّ السنعوسي روائي ولا غير. إذن، هذه العتبة تحدّد الحقول المعرفية من حيث الجنس وحتّی من حيث المذهب الأدبي أو المدرسة الأدبية التي ينتمي إليها المؤلّف. وقد جعل جينيت ثلاث وظائف لاسم الكتاب بمثابة عتبة هامّة، وهي: وظيفة التسمية، ووظيفة الملكية، ووظيفة الإشهارية (المصدر نفسه، ص 64 ـ 65). وحقّق اسم المؤلّف هذه الوظائف من التسمية والإشهارية. وبوجود اسم سعود السنعوسي على غلاف الرواية، يثبت ملكيته على رواية سجين المرايا. ولهذه الأسباب کلّها، لم يكتف السنعوسي بكتابة اسمه على غلاف الكتاب فحسب، بل كرّره على الصفحة التالية بعد الغلاف، حيث يجلس اسم سعود السنعوسي تارة على عرش الغلاف وأعلاه بخطّ كبير وبعرض أصغر من عرض عنوان الرواية، وتارة أخری في الصفحة التالية بعد الغلاف. إضافة إلی ذلك، قد يتموضع «اسم المؤلّف في أكثر من صفحة في صفحة الغلاف، صفحة العنوان، وفي باقی المصاحبات النصية: قوائم النشر، الملاحق الأدبية، الصحف الأدبية ...» (أسمهر، 2008م، ص 117). فمن المشاهد أنّ عتبة اسم المؤلّف لها دور في توجيه علاقة المتلقّي بالنص، خاصّة حينما كان اسمه مشهوراً ومنتشراً بین القرّاء. 4ـ4. عتبة الاستهلال تعتبر هذه العتبة دلالة لغوية بصرية من ناحية وفاتحة نصية، استهلّ المؤلّف بها روايته لتوصيل المتلقّي إلی عالم النص من ناحية أخری، حيث «تأتي أهمية البداية من كونها حلقة وصل بين المؤلّف والسارد من جهة، والمتلقّي من جهة ثانية، وعبرها يتمّ تحديد العديد من المنطلقات الأولية عن النمط الأدبي وإفضاءاته» (حليفي، 1999م، ص 85). فقد اعتمد الروائي على السرد المدوّر في هذه الرواية؛ ذلك لأنّه انطلق من الحديث عن العزلة والسجن في بدء روايته بكلمة افتتاحية وختامها، مشيراً إلی هذه الآلام، كما اختصّ استهلاله إشارة إلی هذا الموضوع. أمّا من حيث صاحب الاستهلال، فيمكن أن يكون من طرف الكاتب الواقعي أو الافتراضي، ويمكن أن يكون من طرف شخص واقعي أو متخيّل، حيث يقسم جينيت هذه العتبة إلی الاستهلال الواقعي، والاستهلال الّذي يكون فيه المستهلّ شخصاً واقعيّاً، مثل كاتب العمل ويسمّى الاستهلال التأليفي[10]، أو من طرف أصدقاء الكاتب، فيكون استهلالاً حقيقياً[11]. وهناك الاستهلال التخييلي[12]، وهو الذي تقوم به شخصية تخييلية يسند لها الكاتب وضع الاستهلال (بلعابد، 2008م، ص 116). افتتح الروائي السنعوسي الرواية باستهلال واقعي نثري لإدخال المتلقّي في عالم الرواية، مشيراً إلی حديث عن الشاعر والمسرحي والروائي البنغالي، روبندرونات طاغور: «إنّ من يحمل مصباحه خلف ظهره، لا يرى غير ظلّه أمامه» (2013م، ص 5). هذه العتبة كدالّ تتوافق مع مدلول الرواية، حيث تحاول الشخصية الرئيسة سبر أغوارها واستكشاف أعماقها النفسية بمساعدة الطبيب النفسي، وهو من شخصيات الرواية لتتخلّص من عجزها وما يثقل كاهلها من أعباء نفسية جعلته يخسر حبيبته. الضوء هنا يمثّل المعرفة والوعي الذي يقدّمه الطبيب، ورحلة السفر والهجرة التي يقوم بها البطل لاستكشاف ذاته. والظلّ يرمز إلى الجانب المظلم من الشخصية ومرضها النفسي. واختيار مقبوس لشخصية أدبية هي أيقونة روحيّة مثل طاغور يحمل إيحاءات ودلالات أن الطريق الأمثل وربّما الوحيد للتخلّص من آلامنا وعقدنا وأمراضنا النفسية لا يتمّ إلّا عبر تحرير الروح والخلاص الصوفي الذي ينعم على الإنسان بالسلام. كما أنّ هذه العتبة كونها ذات لغة شعرية إيحائية ـ وطاغور شاعر كبير ـ عملت على شدّ وجذب المتلقّي لمتابعة النصّ وولوج عالمه. فهي كانت كاشفة وحاجبة في نفس الوقت: كاشفة كونها عتبة، يمكن استشفاف شيء من أغراض ومضمون النص فيها عبر القراءة التأويلية لها من قبل القارئ مثل أنّ مضمونها روحي نفسي؛ حاجبة مضمرة؛ لأنّها لا تعطي ولا تهب المتلقّي كل مكنونات النص، بل تثوّر فيه خياله. وعلیه یمکن أن نستنتج بأنّ الشخص يستطيع أن يحمل المصباح أمامه لينير له طريق الحياة؛ لكنّه إن جعله خلفه، لا يرى إلّا ظلّه ونفسه وآلامه وماضيه. الكاتب اختار كلمة نكرة في بداية الجملة، لتدلّ على عظمة هذه العبارة، وكأنّ الرواية كلّها تجتمع في هذه العبارة لعظمتها ولما تخفي بين طيّاتها من معان ودلالات. إذن، يستخدم الجملة الاسمية ملازمة ليسجّل ويكشف عمّا سيأتي من خلال الرواية، حيث تعبرّ عن هذه الجملة. واستخدام ضمائر الغائب ثلاث مرّات في جملة قصيرة، تعبير آخر للاضطراب النفسي الذي يعاني منه بطل الرواية من القوقعة والابتعاد عن الحضور، مثل السجين البعيد عن المجمتع، كذلك استخدام الخلف والظهر والظلّ كلمات تدلّ وتؤكّد على العزلة والانطوائية التي ستحدث لشخصية بطل الرواية .ويوحي هذا المقبوس أنّ الرواية جاءت كضوء كاشف لظلال النفس والذكريات، ويؤكّد هذا الغرض حين الاطلاع على مضمون الرواية، فلم يأت اختياره اعتباطاً ولا جزافاً، حيث يقول عبد العزيز نفسه: تفقد الذّاكرة، بمرور السنوات مشاهداً وأحداثاً شتّی؛ ولكنّ بعضها يبقى عالقاً في ثناياها. تظهر بعض المشاهد بين الحين والآخر مهما تحالفت الأيّام مع الظروف لإسقاطها. تذكّرنا بالّذي لم ننسه يوماً، وتوجّه الضوء إلی الظلمات الّتي يختبئ خلفها نقصنا الذي لا يعوّضه شيء، تشعل الشموع في الأماكن الفارغة من أصحابها لتذكّرنا برحيلهم (2013م، ص 27). فسرد الرواية بصيغة الماضي والاسترجاعات يظهر أنّ عبد العزيز ينظر إلى الماضي طوال حياته فقط. فالسوابق الزمنية تشكّل ملمحاً بارزاً في الرواية، حيث إنّ كل بال عبد العزيز يدور حول الماضي، ويتذكّر آلام الماضي وأحزانه دوماً. فقد نسي المستقبل تماماً ومصباح فكره لم يكن أمام طريقه. فهو لا يرى مستقبله إلّا بعودته إلی ماضيه. فلا بدّ لشخص مثله أن لا يرى إلّا السراب في حياته، حيث القارئ لا يشاهد حادثة جديدة وكلّ ما يروي هو الماضي؛ فلهذا، فشل البطل وأحسّ بتشاؤم واغتراب حتّی حينما واجه مريم التي كان بإمكانها أن تساعد البطل وكه إلی المستقبل الأفضل. عودة البطل إلی الماضي كانت نتيجة إصابته بالفشل والخسران في فقدان عشيقته. فالبطل عاش في الماضي، وما أراد نسيان الهموم الّتي واجهها في ذلك الزمن، كما يشير نفسه إلی هذا بقوله: «كيف لي أن أنسی ذلك اليوم بما تخلّله من مشاهد وأحاسيس؟ رائحة الرطوبة في الأسفل، وملمس الطين الجافّ بين أصابعي، في حين كنت أصنع الكرات الطينیة مناولاً إيّاها خالي ناصر في الأسفل، كي يرصدها حول الجسد الّذي منه خرجت» (2013م، ص 27). يتذكر عبد العزيز جنازة والده بعد أكثر من عشرين عاماً بكل التفاصيل، على أنّه يعيش في ذلك الزمن، حيث إنّه لم يزل يتذكّر رائحة تلك التربة الرطبة، ولم ينس مكان خاله في قبر أبيه، وهو صغير. ومضت عن هذه الذكرى سنوات عديدة، ولم يقصد نسيان لحظاتها الصعبة والمؤلمة. ومن المشاهد أنّ استهلال رواية سجين المرايا لم يتجاوز سطراً واحداً، وجاء مختزلاً مختصراً. والصفحة التالية بعد الصفحة "كلمة" تبقى بيضاء بلا شيء مكتوب؛ وهذا الأمر يترك العديد من التساؤلات التي يفسّرها قرّاء الرواية، وفق ثقافاتهم وأمزجتهم. وربّما تُركت الصفحة خالية من أيّ شيء، لتؤكّد على ما كتب في الصفحة "كلمة"، فتوفّر هذه الصفحة البيضاء فرصة للقارئ للتركيز الأكثر على ما قرأه في الصفحة السابقة. 4ـ5. المقتبسة إن هذه العتبة تعتبر شاهداً يوظفها المؤلّف في الصفحات الأولى لمؤلّفه قبل نصه الأساس، لتوضيح القصد العام منه، واعتبرها ج.جينت بمثابة حركة صامتة لا يمكن إدراك مغزاها وقصدها، إلّا من خلال تأويل القارئ (1987م، ص 135). لقد وظّف السنعوسي بجانب النص على صفحته السادسة بعد الغلاف، مقتبسة حول شرح الرواية لكاتبة والشاعرة والمستشارة الإعلامية والصحفية الكويتية، سعدية مفرّح، في ثلاث صفحات، وحاول من خلالها اختزال القصد العامّ من روايته. وفي طريقة اختيارها، يروم الإجابة عن بعض الأسئلة التي ولدتها العتبات السابقة حول السبب في اختيار ذلك العنوان بعينه أو ما هو موضوعها على الأساس، كما يعدّ بمثابة تعريف وترويج لهذا العمل الروائي، حيث تقول عن موضوع الرواية: في سجين المرايا، تتراءی لنا أوّلاً قصة حبّ مبتسرة وبائسة بتفاصيل صغيرة وذكريات باهتة وتحوّلات مفصلية في النهاية. وعلى الرغم من أن هذه القصة ذات التداعيات الرومانسية الغضة، تستغرق كل مساحة الرواية تقريباً، إلا أنّها تبدو هامشية وربّما مجرّد أرضية ذات لون محايد لتبرز فوقها بوضوح منمنمات اللوحة الحقيقية ذات اللون الأسود لعلاقة الراوي أو ذلك الفتی الغرّ بوالدته على نحو غريب ومأسوي. ففي حين يبدو مشهد موت الأمّ مشهداً عابراً في الكتابة، على الرغم من قسوته واكتنازه بالكثير من الوجد والدموع، يتّضح لنا مع تداعي الأحداث واقتراب النهايات أنّه المشهد الرئيس والّذي تمحورت حوله كل الحكايات الأخری من بعيد أو قريب (2013م، ص 8). هذه المقدمة تكشف عن صورولوجيا النص والرواية، حيث بطل القصة يبدأ الرواية بالأنا وينهيها بالآخر، ليرشد المتلقّي إلى ثنائية الأنا اليائسة والمنكسرة والآخر الآمل والعاشق. ويأتي هذا القسم من المقدمة لإغراء المتلقّي أكثر وأكثر. وفي قسم آخر من المقدمة، تأتي كلمة الأمّ لتوحي وترمز إلى صور شتّى، ومنها صورة الوطن المغيّب خلف ركام متزايد من الشعارات المستهلكة واستخدام الشعارات بشكل مختزل ليزيد إغراء المتلقّي في متابعة أحداث الرواية. فمقدّمة كهذه تشكّل «ركيزة أساسية في تطوّر الممارسة النقدية عامّة، حيث تعمل على انتاج معرفة نقدية لها فاعليتها وخصوصيتها، وتساهم في الإجابة عن الأسئلة التي يطرحها النص المقدّم» (أشبهون، 2009م، ص 140). زد على ذلك، أن كلمة سعدية مفرح، علاوة على إجابتها عن سؤال القارئ ما الموضوع الأصلي للرواية، تعطيه معرفة عن مؤلّف الرواية ومدى نجاحه فيها. وفي الوقت نفسه، تقدّم للقارئ ميزات أخرى عن الشخصية الرئيسة، حتی إنّها تعرّف المؤشّر الجنسي للنص ونوعية الرواية، حين تقول: «إنّها رواية الدراما الفردية المليئة بالشجن الجماعي والوجد المهيمن على كل الأحداث بغض النظر عن أمكنتها وأزمنتها» (2013م، المقدّمة). وتوظيف عنوان دراما فردية وشجن جماعي لمقدّمة الرواية بقلم مفرح، يعبّر عن قضايا الهوية الفردية، وصولاً إلى الهوية الجماعية، حيث كلّ ما يعيشه البطل من التجارب المرّة مثل استشهاد أبيه ووفاة أمّه وفقدان عشيقته، يعتبر نوعاً من الأزمات الاجتماعية التي يواجهها الناس بشكل عامّ في حياتهم. والأهمّ من هذا أنّ هذه العتبة الشعرية تشير إلی الحدث والحبكة للرواية، حيث يبيّن الموضوع الرئيس للرواية، وهو الحبّ، مشيراً إلی كونه مسألة هامشية؛ لكنّه مسألة غطّت كل مساحة الرواية، وغيّرت وجهة نظر البطل تماماً، وأخرجته من العزلة، وصار كله اشتياقاً لعشيقته، حيث يقول بعد فقدانها: «كيف السبيل إليك أخبريني، فأنت الوحيدة الّتي لست أدري ماذا أفعل حيال شوقی إليها. أخبريني يا فراشتي، أخبريني كيف الوصول إليك، فقد سئمتني وحدتي وأصبحت تلحّ بالسؤال عنك. أين أنت من حزني الذي ملّني ولن يتركني سوی بعودتك؟» (المصدر نفسه، ص 199). فمن المشاهد أنّ العتبات النصية استطاعت أن تعكس نفسية عبد العزيز مرتبطة بعضها ببعض،حيث يوجد انسجام بين كل العتبات وفحوی النص. وعلى العتبات أن تقوم بتقصّي مفاهيم النص والتعبير عنه.
[1]. Semiology [2]. Semiotique [3]. يشير المعنى الأوّل للسرد، وهو معناه الأساسي والأكثر وضوحاً إلى التعبير عن السرد أو الكلام الشفهي أو المكتوب الذي يلتزم بالتعبير عن حدث أو مجموعة من الأحداث (جينیت، 1972م، ص 25). [4]. Claud Douchi [5]. Jacques Derrida [6]. Jules Dubois [7]. Phillip Logan [8]. أ. النص المحيط: وهو ما يدور بفلك النص من مصاحبات من اسم الكاتب، والعنوان، والعنوان الفرعي، والإهداء، والاستهلال و....، أيْ كل ما يتعلّق بالمظهر الخارجي للكتاب، كالصورة المصاحبة للغلاف، وكلمة الناشر في الصفحة الرابعة للغلاف، وهو يأخذ عند جينيت أحد عشر فصلاً من كتابه العتبات؛ ب. النص الفوقي: وتندرج تحته كل الخطابات الموجودة خارج الكتاب، فتكون متعلقة في فلكه، كالاستجوابات، المراسلات الخاصة، والتعليقات، والندوات و.... (بلعابد، 2008م، ص 49).
[9] .Huyck Levi [10] .Preface Auctoria [11] .Preface Authentic [12]. Preface Fictive | ||
مراجع | ||
أ. العربية أسمهر. هاشم. (2008م). عتبات المحكي القصير في التراث العربي والإسلامي الأخبار والكرامات والطرف. بيروت: الشبكة العربية للأبحاث والنشر. أشهبون، عبد المالك. (2009م). عتبات الكتابة في الرواية العربية. اللاذقية: دار الحوار للطباعة والنشر والتوزيع. باشلار، غاستون. (2006م). جماليات المكان. ترجمة غالب هلسا. ط 6. بيروت: المؤسسة الجامعية للدراسات والنشر. بلال، عبد الرزاق. (2000م). مدخل إلی عتبات النص. بيروت: أفريقيا الشرق. بلعابد، عبد الحق. (2008م). عتبات جيرار جينيت من النص إلی المناص. الجزيرة: الدار العربية للعلوم ناشرون. بنّور، عائشة. (2018م). سيمائية العتبات النصية في رواية نساء في الجحيم. رسالة الماجستير. جامعة الشهيد حمّه لخضر – الوادي بالجمهورية الجزائرية الديمقراطية الشعبية. پورحشمتي، حامد؛ شهريار همتي، تورج زينيوند، ويحىى معروف. (1398). «مؤشرات سيميائية في شعر محمد عفيفي مطر: قصيدة مكابدات كيخوتية متتابعات نموذجا». بحوث في اللغة العربية. ع 20. ص 51 ـ 72. جينيت، جيرار. (1985م). مدخل لجامع النص. ترجمة عبد الرحمن أيوب. بغداد: دار الشؤون الثقافية العامة. الحطاب، محمد جميل. (2003م). العيون في الشعر العربي. ط 3. دمشق: مؤسسة علاء الدين للطباعة والتوزيع. حليفي، شعيب. (1999م). «وظيفة البداية في الرواية العربية». الكرمل. ع 61.ج 1. ص 85 ـ 104. حمداوي، جميل. (1997م). «السيميوطيقا والعنونة». عالم الفكر. ج 25. ع 3. ص 1 ـ 34. الجزّار، محمد فكري. (1998م). العنوان وسيميوطيقا الاتصال الأدبي. القاهرة: الهيئة المصرية العامّة للكتاب. دقناتي، وسيلة. (2019م). سيميائية العتبات النصية في المجموعية القصصية أخيرا أنهار جبل الثلج لزين الدين بومرزوق. رسالة الماجستير. جامعة قاصدي مرباح ورقلة وزراة التعليم العالي والبحث العلمي الجمهورية الجزائرية. رضايي، أبو الفضل؛ وزهرا دهان. (2018م). «عتبات الفضاء النصي في رواية شريد المنازل لجبور الدويهي». اللغة العربية وآدابها. س 14. ع 4. ص 599 ـ 618. السنعوسي، سعود. (2013م). سجين المرايا. ط 2. بيروت: الدار العربية للعلوم ناشرون فرطاس. الشرتوتي، رشید. (1387ﻫ.ش). مبادئ العربیة. طهران: أساطیر. صدقة، إبراهيم. (2000م). «السيمائية مفاهيم، اتجاهات، أبعاد». أعمال ملتقى السيمياء والنص الأدبي. ع 7. الصفار، ابتسام مرهون. (2010م). جمالية التشكيل اللوني في القرآن الكريم. إربد: عالم الكتب الحديث. الصفراني، محمد. (2008م). التشكيل البصري في الشعر العربي الحديث (2004ـ 1950). بيروت: النادي الأدبي بالرياض ناشر. طه، فرج عبد القادر. (2014م). معجم علم النفس والتحليل النفسي. بيروت: دار النهضة العربية. عبيد، محمد صابر. (2010م). المغامرة الجمالية للنص الروائي. إربد: عالم الكتب الحديث. الغزالي، عبد القادر. (2004م). الصورة الشعرية وأسئلة الذات قراءة في شعر حسن نجمي. الدار البيضاء: دار الثقافة للنشر والتوزيع. فرطاس، نعمة. (2010م). نظرية المتعاليات النصّية عند جيرار جينيت وتطبيقاتها لدی بعض الدارسين العرب المحدثين. أطروحة الدكتوراه. بسكرة. جامعة محمد خيضر. قبيلات، نزار. (2014م). «العتبات النصية: رواية أوراق معبد الكتبا لهشام غرابية نموذجاً». دراسات العلوم الإنسانية والاجتماعية. ج 41. ع 3. ص 946 ـ 957. قطوس، بسّام موسى. (2001م). سيمياء العنوان. عمان: وزارة الثقافة. محمد، عبد الناصر حسن. (2002م). سميوطيقا العنوان في شعر عبد الوهاب البياتي. القاهرة: دار النهضة العربية. واصل، عصام. ( 2013م). في تحليل الخطاب الشعري: دراسة سيمائية. الجزيرة: دار التنوير.
ب. الفارسية شفيعى كدكنى، محمدرضا. (1386ﻫ.ش). زمینۀ اجتماعی شعر فارسی. تهران: اختران.
ج. اللاتينية ريفارتير Genette, Gerard. (1987). Seuils. Paris: Edition Seuil. -------------------. (1972). Narrative Discourse. Trans by Jane E. Le-win. New York: Cornell University Press.
د.المواقع الإلکترونیة طعمة، تمام. (16/11/2022م). ملخص رواية سجين المرايا. عطّار، لینا. (13/2/2018م). عن مرايا سعود السنعوسي التي تعكس حمام الدار. https://www.arageek.com/2018/02/13/saud-al-sanusi علي، عزیزة. (30/3/2022م). الثقافة تعید طباعة جمالیات المکان ـ غاستور باشلار. https://www.culture.gov.jo/AR//NewsDetails | ||
آمار تعداد مشاهده مقاله: 50 تعداد دریافت فایل اصل مقاله: 25 |