تعداد نشریات | 43 |
تعداد شمارهها | 1,639 |
تعداد مقالات | 13,327 |
تعداد مشاهده مقاله | 29,882,346 |
تعداد دریافت فایل اصل مقاله | 11,948,759 |
حجاجية السخرية في رسائل الخوارزمي على ضوء نظرية بيرلمان وتيتيكاه رسالته إلى أبي الحسن البديهي نموذجا | ||
بحوث في اللغة العربية | ||
دوره 15، شماره 28، شهریور 2023، صفحه 1-16 اصل مقاله (951.12 K) | ||
نوع مقاله: المقالة البحثیة | ||
شناسه دیجیتال (DOI): 10.22108/rall.2022.134622.1426 | ||
نویسندگان | ||
لیلا رییسی1؛ حسين کياني* 2؛ یوسف نظری2؛ رحمن غرکان3 | ||
1طالبة الدكتوراه في قسم اللغة العربية وآدابها بجامعة شيراز، شيراز، إيران | ||
2أستاذ مشارك في قسم اللغة العربية وآدابها بجامعة بجامعة شيراز، شيراز، إيران | ||
3أستاذ مشارك في قسم اللغة العربية وآدابها بجامعة القادسية، الديوانية، العراق | ||
چکیده | ||
تروم هذه الورقة البحثية إلى دراسة حجاجية السخرية في رسائل أبی بکر الخوارزمي وتحديد دورها في إفحام المتلقي وإقناعه، معتمدة علی نظرية بيرلمان وتيتيكاه في الحجاج؛ ولهذا، استهدفت دراسة المرتكزات الحجاجية التي اعتمدها الخوارزمي في رسائله السخرية وكيفية تجلّيها فيها، وكشف نجاحه أو فشله في العملية الحجاجية من منظور تداولي حجاجي. وصلت الدراسة إلى أنّ الخوارزمي استدعى حججا عديدةً تختلف من حيث النجاعة في رسائله السخرية، واستخدم الحجج شبه المنطقية، ومنها حجة التناقض أو عدم الاتفاق وحجة المقارنة، ووظّف أيضا الحجج المؤسّسة على بنية الواقع، من أهمها الحجّة السببية، وحجة السلطة، وحجة الشخص وأعماله والتركيز على التصوير الخُلُقي للمسخور ولا التصوير الخِلقي، واستدعى من خلال هذه الحجج الحججَ المؤسسةَ لبنية الواقع، من أهمّها التمثيل الذي مال إلى التشبيه ولاسيّما المقلوب منه، والحجج التي تستدعى القيم والمشترك. تجلّت هذه الحجج في إطار أساليب لغوية وبلاغية، حيث اعتمد على النسق الحجاجي التفضيلي والشرطي والتقابلي أكثر اعتمادا، وركّز على المقايسة والمقارنة، واستعمل الصور البيانية كالتمثيل ولاسيّما التشبيه منه، والصور البديعية، منها التضاد والطباق، وصنعة العكس، والمقابلة، بحيث غلب عليها المفارقات والثنائيات الضدية، والمبالغة، وأسلوب الذم يشبه المدح. ووصل البحث إلى أن الخوارزمي وقع في التضليل الحجاجي لاعتماده على المشاعر والأحاسيس؛ ولهذا استدعى الحجج التي أقل نجاعة. | ||
کلیدواژهها | ||
الحجاج؛ نظرية بيرلمان وتيتيكاه؛ رسائل الخوارزمي؛ السخرية؛ أبوبكر الخوارزمي | ||
اصل مقاله | ||
اختص الحجاج بنفسه حقلا واسعا من الجهود العلمية الأدبية وغيرها طوال العصور، لما يوجد فيه من قوة إقناعية وإفحامية، وهو «أسلوب استدلالي يستعمله المرء للدفاع عن وجه نظر أو فكرة معينة قصد إقناع شخص أو مجموعة» (الشريف، 2020م، ص 60). اندرج الحجاج قديماً وحديثاً في حقول معرفية عدة انطلاقاً من مؤلفات اليونان إلى أهمّ ما ورد عند العرب في هذا الشأن، وعالجت الدراسة مساره التاريخي الطويل وتطوّره. يظهر هذا المسار بصورة عامّة انحصار مفهوم الحجاج في ثلاثة مفاهيم رئيسة: 1ـ المفهوم اليوناني، حيث يجعله قاسماً مشتركاً بين الجدل والخطابة، وهو بارز في مؤلفات أفلاطون وأرسطو والسفسطائيين؛ 2ـ المفهوم العربي الإسلامي، وهو مفهوم يجعله مرادفا للجدل؛ نجده عند القدماء منهم الجاحظ والجرجاني والسكاكي وحازم القرطاجني؛ 3ـ مفهوم المعاصر، وهو «حوار»، وهو أدقّ وأعمق من المفهومين السابقين (صولة، 2001م، ص 17 ـ 20). تطور الموضوع في إطار هذه المفاهيم الثلاثة حتى أصبح مستقلا بواسطة فريقين: الفريق الأول هو بيرلمان[1] وتيتيكاه[2]، فهما قرّبا الحجاج إلى البلاغة وركّزا على المرتكزات الحجاجية، منها الفرضيات، والوقائع، والحقائق، والقيم، والمواضع؛ والفريق الثاني هو ديكرو[3] وأنسكومبر[4]، فهما اهتما بالحجاج في إطار اللغة معتقدين أن الحجاج «هو مؤسّس على بنية الأقوال اللغوية، وعلى تسلسلها واشتغالها داخل الخطاب» (العزاوي، 2006م، ص 17). من هذا المنطلق، عالج البحث دراسة حجاجية السخرية في رسائل الخوارزمي علی ضوء نظرية بیرلمان وتیتیکاه تركيزا على رسالته إلى أبي الحسن البديهي؛ معالجا المرتكزات الحِجاجية التي اعتمدها الخوارزمي في سخره وكيفية تجلّيها في رسالته، وكيفية نجاحه أو فشله في العملية الحجاجية محاولةً استجلاء مواصفاتها، وفق آليات تداولية حجاجية. وأسباب اختيار الموضوع تعود إلى أن الرسائل مادّة بحثية قيمة للحجاج، وأن العلاقة بين السخريّة والحجاج علاقة رصينة، وأن الحجاج في هذا الموضوع يتفاوت بالنسبة إلى مواضيع أخرى من حيث النجاعة والقوة. 1ـ1. أسئلة البحث يحاول البحث الإجابة عن سؤالين: ـ ما الحجج التي اعتمدها الخوارزمي في سخريته على ضوء نظرية بيرلمان وتيتيكاه؟ ـ كيف يُقدَّر نجاحه أو فشله في العملية الحجاجية؟ 1ـ2. منهج البحث تحدّد مادة البحث وموضوعه طريقةَ التحليل النصي؛ لأنّ لكلّ مؤلف أسلوبه الخاص في إقناع مخاطبه وفقا لثقافته والأغراض التي ينويها؛ بناء على هذا الأمر وأن كاتب الرسائل يهتمّ بمخاطبه اهتماما بالغا، فاعتمد المقال هنا على المنهج التداولي؛ لأنّ من مميّزاته مقارنة المناهج الأخرى، فهو يعتني بطرفي الخطاب (المتكلّم والمخاطب) حسب مراعاة سياق الحال ويكشف من خلاله عن أغراض المتكلّم، ويهتمّ بالفائدة التي يصل إليها المخاطب من الخطاب، ليعالج قوّة ظهور المضمون وكيفية قدرته على إيصال الخطاب بالمخاطب؛ الأمر الذي يتلائم مع نظرية بيرلمان وتيتيكاه الحجاجية. اختار المقال رسائل الخوارزمي السخرية للبحث والفحص. وأهمية دراسة هذا الموضوع تعود أولا إلى أهمية التوجيه والتدعيم والتسليم والإذعان والتأثير والإقناع في حياتنا ونشاطاتنا اليومية كلّها؛ وثانيا إلى أن الاعتناء بالنصوص القديمة وتحليلها من خلال دراسات جديدة يُوسّع دائرةَ نظريات حديثة تحتوي على القضايا الأدبية واللغوية، ويُظهر أهمية هذه النصوص والأسباب التي ساعدت على بقائها طوال العصور؛ وثالثا إلى أنّ تحليل النص الأدبي في إطار النظريات الأدبية الحديثة ـ كالنظرة الحجاجية ـ قد يكشف عن ميزات جديدة لآثار الأدباء القدامى لم يشر إليها الدارسون بعد، ويساعدنا على إعادة النظر إلى النصوص الأدبية القديمة. 1ـ3. خلفية البحث الدراسات السابقة تندرج في ثلاثة محاور: الأول دراسات نظرية وتطبيقية عن الحجاج؛ والثاني دراسات عن أبي بكر الخوارزمي؛ والثالث دراسات عن السخرية. المحور الأول في القسم النظري يشتمل على ما عالج العرب المحدثون الموضوع، من أهمهم صمود، وعبد الرحمن، ومحمد العمري، والعزاوي، وصولة، و...، متأثرين بالغربيين والتراث العربي القديم. يُلخص اهتمام الباحثين في هذا القسم بتبيين صلة الحجاج بأبحاث لغوية وبلاغية وأدبية كالسياق، والحال، والمقام، والأسلوبية، والتداولية، والخطاب، والبلاغة الجديدة و...، مشيرين إلى التشابهات والاختلافات الموجودة بين الحجاج والموضوعات المذكورة؛ من أهمها الدراسات التالية: كتاب مقدمة في الخلفية النظرية لمصطلح الحجاج، ضمن كتاب جماعي من إنجاز فريق البحث في البلاغة والحجاج: أهم نظريات الحجاج في التقاليد الغربية من أرسطو إلى اليوم، لحمادي صمود (1998م)؛ لقد درس معلومات شاملة عن بداية النظرية ومسار تطوره عند اليونانيين إلى العرب من قديم إلى جديد، وأشار إلى دور الحوار والخطاب في الحجاج، بحيث إن الحجاج لم يكن ليوجد في الأساليب اللغوية فحسب، وإنما يوجد في كل أجزاء الكلام. وكتاب أصول الحوار وتجديد علم الكلام لطه عبد الرحمن (2000م)؛ قدم رؤية عربية إسلامية معاصرة لمفهوم الحجاج وآليات اشتغاله، وذهب إلی أن الحجاج فعالية تداولية جدلية، فهو تداولي لأن طابعه الفكري مقامي واجتماعي؛ إذ يأخذ بعين الاعتبار مقتضيات الحال من معارف مشتركة ومطالب إخبارية وتوجهات ظرفية ...، وهو أيضاً جدلي؛ لأن هدفه إقناعي. يساعدنا الكتاب في التحليل النصي ويسوقنا إلى السيطرة على الفضاء النصي والعناية بالمقام ومقتضى الحال وكشف الغرض من الحوار. وكتاب في بلاغة الخطاب الإقناعي لمحمد العمري (2002م)؛ حاول الكاتب فيه تتبعَ الخطاب الإقناعي (الحجاج) في الخطابة العربية في القرن الأول، واعتمد على الأسس الأرسطية لبلاغة الخطاب، واعتقد أن الحجاج هو الخطاب الإقناعي، وركز على عنصرين من عناصر الإقناع في البلاغة العربية القديمة، وهما المقام وصور الحجاج وهي القياس، والمثل، والشاهد إضافة إلى عناصر الأسلوب. فهو في کتابه الآخر البلاغة الجديدة بين التخييل والتداول (2012م)، تحدث عن تقاطع التخييل والتداول، والسخرية والمجاز بين التخييل والإقناع. وأما أهميتهما فراجعة إلی تبيين دور البلاغة في الحجاج نظريا وتطبيقيا. وكتاب اللغة والحجاج لأبي بكر العزاوي (2006م)؛ كُتِبَ حسب نظرية ديكرو وأنسكومبر وقام بالروابط والعوامل الحجاجية، والسلم الحجاجي، و...؛ وفي کتابه الآخر الخطاب والحجاج (2010م)، وهو متمم لكتابه الأول، حاول إبراز بعض الجوانب الحجاجية للغة العربية، وأكد على أن مجال الحجاج الحقيقي هو الخطاب والحوار، ورأى أن كل النصوص والخطابات التي تنجز بواسطة اللغة الطبيعية حجاجية، لكن مظاهر الحجاج ودرجته تختلف. وكتاب الحجاج في القرآن من خلال أهم خصائصه الأسلوبية لعبد اللّٰه صولة (2001م)؛ لقد حاول من خلال دراسة الكلام القرآني التطبيقية أن يبرهن تحليلا أسلوبيا حجاجيا معا، والتحدثَ عن العدول الحجاجي، وعدم التعارض بين الحجاج والأسلوب. وکتابه الآخر في نظرية الحجاج: دراسات وتطبيقات (2011م)، مجموعة مقالات كتبها في فترات مختلفة، يشير فيها إلی أن الحجاج على طريقة البلاغة الجديدة، والبلاغة بكل أقسامها لها وظيفة تواصلية. فائدة نظرته إلى الحجاج هو أن الحجاج يربط المخاطِب والمخاطَب، والمخاطِب يسعى على خلق الكلام المؤثر لإيصال غرضه المطلوب إلى المخاطَب. وكتاب بلاغة الإقناع في المناظرة لعبد اللطيف عادل (2013م)؛ أشار إلى جهد الجاحظ، وإسحاق بن وهب، والسكاكي، وبلاغة الإقناع في السياق الغربي الحديث. وبعد دراسة المناظرة في التراث العربي الإسلامي، اهتم بالآليات الإقناعية أو الاشتغال الحجاجي في المناظرة. الكتاب يعطي المتلقي معلومات عن بلاغة الإقناع في التراث العربي الإسلامي، ويعتقد أن إسهامات الجاحظ، وابن وهب، والسكاكي كانت تعبيراً مؤسساً وواعياً عن هذا الحضور، وأن المناظرة بوصفها جنساً حجاجياً تبلورت في الثقافة العربية الإسلامية بفعل عوامل دينية وسياسية وثقافية، وشكلت وسيلة للمفاعلة العقلية، ويصل إلى أن الآليات الحجاجية التي توفر للمناظرة خاصيتَها الإقناعيةَ تجلت في طريقة البناء الحواري، وأن توزع الضمائر وأدوار الكلام وأفعاله، والنفي في مقصديات النقض والاعتراض والجحد أو التعويض، والاستفهام، والشواهد القرآنية والشعرية، فلكل منها سلطة في الإفحام وتحقيق الاعتقاد. تعالج الدراسات الحجاجية في القسم التطبيقي موضوعَ الحجاج متأثرةً بالدراسات النظرية وهي وفيرة جدا، ویتعلق الموضوع بالخطب، والمناظرات، والرسائل (كآثار الجاحظ)، والنصوص الحكمية أو السياسية، وأشعار الشعراء في العصر الجاهلي والعباسي كعمر بن كلثوم، وشعراء النقائض، وأبي العتاهية، والمتنبي، وابن الرومي و...، وبعض آثار الكتاب والشعراء في العصر الحديث ككتاب المساكين للرافعي، والموضوعات الدينية والقرآنية، ودراسة آثار بعض علماء البلاغة. تشير الدراسة إلى ثلاثة منها على سبيل الاختصار: كتاب الحجاج في الشعر العربي: بنيته وأساليبه لسامية الدريدي (2011م)؛ اهتم الكتاب بـالحجاج وبنيته والعلاقات الحجاجية، وحلل نماذج شعرية قديمة راصدا في كل مرة بنيتها العميقة منشغلا بالمنطق الخفي الذي يحكم أجزاءها على حد قوله. تلفت النظرَ رؤيةُ الكاتبة النقدية ونقدُ آراء بعض النقاد القدامى عن الشعر، مما يساعد الباحثين على تحليل النص الحجاجي. ركزت الدراسة على نظرية بيرلمان وتيتكاه والبحث عن وسائل الإثارة والتأثير في مستوي اللغة والبلاغة؛ ولكنها ما تجردت بين اللغة والبلاغة. ومن النتائج التي انتهى إليها البحث أنها لا غنى للحجاج عن الجمالية سواء على مستوى اللفظة أو التركيب أو الصورة أو الإيقاع. وكتاب الحجاج وبناء الخطاب في ضوء البلاغة الجديدة لأمينة الدهري (2011م)، تناول الخطابَ بعد مدخل نظري في الحجاج البلاغي، ثم بدأ بالحديث عن الخطاب و"حده" (اللوغوس) والحديث عن المكون الفلسفي للسخرية، ومكونها البلاغي والتداولي والحجاجي؛ والحديث عن الخطيب و"حده" (الإيتوس)، والحديث عن "المخاطب" و"حده" (الباتوس). تكمن أهمية الكتاب في أنه يندرج في إطار تغيير النظرة إلى البلاغة بعدم ربطها فقط بعملية الزخرفة اللفظية التي علقت بها، وطرح مفاهيم البلاغة الجديدة وعمل على توظيفها في تحليل نصوص عربية تراثية وحديثة. وأطروحة الحجاج في رسائل الجاحظ: دراسة تداولية حجاجية لسليمة محفوظي (2017م)؛ كشفت الدراسة عن اهتمام الجاحظ بالنص لا في علاقته الداخلية فحسب، بل في علاقته بالمتلقي والمقام. أشارت الباحثة إلى تنوع صور الاستدلال في الرسائل، وأن الجاحظ استدعى مختلفَ النصوص والأشكال التعبيرية كالقرآن، والحديث والشعر والأخبار والأمثال والحكم و... في سبيل غايته الإقناعية. والمحور الثاني هو الدراسات التي كُتبت عن الخوارزمي بصورة مستقلة وهي قليلة جدا، منها: كتاب أبو بكر الخوارزمي وآثاره الأدبية لطلال أحمد العوض الحسن (2006م)؛ بحث الكاتب في دراسته التحليلية النقدية عن الخوارزمي وآثاره الشعرية والنثرية بدايةً اهتم بشخصيته، ثم دخل في الصنعة عنده، وآثاره الأدبية، والخصائص الفنية فيها. وصل الباحث إلى أن الخوارزمي اشتهر ناثرا أكثر من كونه شاعرا، وأنه لم يحظ عند علماء الأدب والبلاغة بالاهتمام المطلوب؛ ومعظم الباحثين ركزوا على مناظرة المهذاني إياه، وكأنهم كانوا يريدون أن ينال الهمذاني من الخوارزمي. وأشار الباحث إلى أن أكثر الموضوعات التي تناولها الخوارزمي وانفرد فيها فهي الهجاء. وكتاب أبوبكر الخوارزمي حياته وأدبه لمحمود صالح الضمور (2016م)؛ انقسم الباحث دراسته في أربعة فصول، وتحدث عن حياته، وشخصيته، وشعره، ونثره، وعالج موضوعاته الشعرية والنثرية مع الإشارة إلى أهم خصائصها الفنية. وصل البحث إلى أن الخوارزمي اشتهر برسائله الإخوانية، وعدها خير تمثيل لفن الرسائل الإخوانية في القرن الرابع الهجري؛ وبالرغم من عنايته بالاستعارات والكنايات والتشبيهات الطريفة، فقد تميزت لغته بالبساطة والسهولة غالبا. واعتبر الدارس هذا الأمر سرا في شيوع رسائله وتداولها. في هذا الكتاب أيضا، أشير إلى أن مؤلفات الخوارزمي لم تحظ بعناية كافية بين الدارسين. والمحور الثالث يشمل الدراسات الحجاجية السخرية، وهي دراسات تحدثت عن هذا الموضوع مستقلة أو غير مستقلة، منها: مقالة حجاج الصورة الساخرة في الخطاب السياسي لريم الشريف (2020م)؛ ذهبت المقالة إلی أن حجاج السخرية فن إبداعي امتزج فيه المركب الكلي الممثل في اللغة والفكر والفن والفلسفة، وأن الصور الساخرة سلاح الكثير في مقاومة الفساد، فهي تعد من مظاهر المقاومة الشعبية والتمرد على الظلم، وأن السخرية السياسية أداة للتطوير، وتحويل الحدث السياسي من مجرد خبر إلى حدث فكاهي ناقد. ما تتبعت هذه الدراسة الأساليب اللغوية والبلاغية، بل ركزت على الصور ولاسيما الكاريكاتورية منها. ومقالة السخرية من السلطة في نوادر أبي العيناء اليمامي دراسة تداولية لمريم بنت عبد العزيز بن عبد اللّٰه العيد (2021م)؛ تهدف الباحثة إلى إبراز حجاجية السخرية في نوادر أبي العيناء اليمامي، وكشف آليات السخرية من السلطة في سياقها اللغوي وفي سياقها المقامي. ووصلت إلى أن نوادر أبي العيناء جاءت في الأساليب المتنوعة الخطابية التواصلية التأثيرية كالسخرية في قالب المدح والتعريض والمخاتلة، واعتمدت على سياقات لغوية وسياقات مقامية جعلت سخريته من السلطة، واستنتجت أن أسلوبه الساخر ذو قوة حجاجية، يضمر نقدا لاذعا للسلطة تنوع بين النقد الديني والاجتماعي والسياسي. ومقالة السخرية في المقامة الصورية لليازجي دراسة تداولية للطيفة عبد اللّٰه الحمادي (2021م؛ يهدف البحث إلى دراسة السخرية في المقامة الصورية لناصيف اليازجي في كتابه مجمع البحرين، للكشف عن المقومات الفنية للنص الساخر، وإبراز الدلالات العميقة والرسائل الخفية التي تكون المفارقات الساخرة وأثرها في تشكيل عناصر نص المقامة الفكاهي ـ الساخر، ووصل البحث إلى أن السخرية في المقامة المذكورة بين تلميح وتصريح، ومكنت المؤلفَ من تعرية الواقع، ونقد الظواهر السلبية لقصد المعالجة والتغيير، ووظف الفكاهة ليبدو كلامه أكثر تأثيرا وإقناعا. وعالجت الدراسات السابقة موضوعات عديدة أدبية وغير أدبية قديمة وحديثة في إطار النظريات الموجودة في الحجاج؛ بعض منها ركز على نظرية بيرلمان وتيتيكاه، وبعض آخر على نظرية ديكرو وأنسكومبر. ومع أن المؤلفات والرسائل والأطروحات والمقالات العربية في هذا الموضوع وفيرة جدا ولاسيما في المغرب؛ ولكنها مثلت صعوبة الحصول على دراسة منسجمة رصينة في أثناء المعالجة والتطبيق؛ ومردها إلى أن دائرة شمول الموضوع واسعة والمناهج المختارة متعددة مبعثرة لعدم الاتفاق في المنهج وتباين الرؤية من باحث لآخر؛ وهذا الأمر أثر على صياغة معايير ثابتة تأثيرا سلبياً. وما يميز هذه الورقة البحثية من دراسات حجاجية أخرى في السخرية هو أن إطار الموضوع يختلف وحصيلة البحث يتفاوت أيضا حسب الرؤية البحثية.
ركّز معنى الحجاج لدى بيرلمان وتيتيكاه على العقل والتدبر؛ وعرّفه الدراسون بأنّه في صميم التفاعل بين الخطيب وجمهوره، وهو «درس تقنيات الخطاب التي من شأنها أن تؤدّي بالأذهان إلى التسليم بما يعرض عليها من أطروحات، أو أن تزيد في درجة ذلك التسليم» (صمّود، 1998م، ص 299). وللحصول على هذه الغاية، فعلى الباحث الاهتمام بالمرتكزات الأساسية في النظرية الحجاجية لديهما، وهي مجموعة تنبني عليها الحجاج: أ. الوقائع والحقائق[5]: تمثّل الوقائع المشتركة بين عدة النّاس أو كلّه ولا تكون عرضة للدحض أو الشك؛ والحقائق تقوم على الربط بين الوقائع، ومدارها على نظريات علمية أو مفاهيم فلسفية أو دينية (حقائق دينية مفارقة للتجربة)؛ ب. الافتراضات[6]: وهي شأنها شأن الوقائع والحقائق يكون مسلماً بها من طرف الجمهور، وهي تتمتّع بالموافقة العامة؛ فإنّها ليست ثابتة، بل هي متغيّرة تبعاً للمقام والمتكلّم والسامعين؛ ج. القيم[7]: تعدّ عنصراً أساسيا من عناصر الحجاج، وهو إلى قسمين: قيم مجرّدة كالعدل والحقّ، وقيم محسوسة ترتبط بأشخاص معينين كقيمة الوطن مثلاً؛ د. الهرميات[8]: تخضع القيم لتراتبية هرمية، بحيث يرى بيرلمان وتيتيكاه أنه في كلّ عمل محاجة، بحيث أنّ تراتبية القيم تكون أهمّ من القيم نفسها؛ ه. المواضع[9]: تعدّ المواضع مقدمات أعمّ وأشمل من كل العناصر السابقة؛ وإنّ ما يميّز المواضع عند بيرلمان وتيتيكاه هو عموميتها وقدرتها على التكيف مع كل الظروف (صولة، 2011م، ص 24 ـ 28). تحدّث عنها الدريدي تحت القيم التي تستدعي المشترك، يقول: إنّ «المواضع تمثّل عامة مشتركة منها تشتقّ مقدمات القياس، فتكون الحجّة عندئذ قياسية في شكلها مبنية في جوهرها على موضع محدّد من المواضع المختلفة التي تعود إما للحد، أي الماهية أو الجنس أو خاصية أو العرض» (2011م، ص 288)، ويعتبر هذا الحجاج حجاجا استنتاجيا لانطلاقه من العام للوصول إلى الخاص. بناء على المرتكزات الحجاجية المذكورة التي سُمّيت في بعض الدراسات كتقنيات حجاجية، فتُبنى مجموعة من الحجج من أهمّها: الأول: الحجج شبه المنطقية، والقصد منها أنها تشبه الطرق الشكلية والمنطقية والرياضية فحسب، وأنها تكون منطقية أو لا منطقية وكونها بين المنزلتين «تثير إشكالا محيّرا تماما كأيّ منزلة وسطى متأرحجة بين قطبين متناقضين» (المصدر نفسه، ص 191). وهي قسمان: القسم الأول هو الحجج التي تعتمد على البنى المنطقية، ولها أنواع منها التناقض وعدم الاتفاق، والتماثل والحدّ في الحجاج، والحجة القائمة على العلاقة التبادلية وعلى قاعدة العدل؛ والقسم الثاني هو الحجج شبه المنطقية التي تعتمد على العلاقات الرياضية، ولها أنواع منها حجة التعدية، وحجة تقسيم الكلّ إلى أجزائه المكوّنة له، وإدماج الجزء في الكلّ أو حجّة الاشتمال، والحجج القائمة على الاحتمال؛ وما أشار صولة إلى القسم الأخير، وأضاف إليه حجّة المقارنة (محفوظي، 2017م، ص 146 ـ 178)؛ والثاني: الحجج المؤسسة على بنية الواقع «يتأسس على التّجربة وعلى علاقات حاضرة بين الأشياء المكوّنة للعالم، فالحجاج هنا ما عاد افتراضا وتضمينا، بل أصبح تفسيرا وتوضيحا، تفسيرا للأحداث والوقائع وتوضيحا للعلاقات الرابطة بين عناصر الواقع وأشيائه» (المصدر نفسه، 2011م، ص 214)؛ وتنطوي تحتها الحجّة السببية والحجة البرغماتية التي سمّاه صولة الوصل السببي، والحجة الغائية، وهي حجة التبذير وحجة الاتجاه وحجة التجاوز، وحجة التعايش، وهي حجّة السلطة، وحجة الشخص وأعماله؛ والثالث: الحجج المؤسسة لبنية الواقع «تربطها صلة وثيقة بالواقع، ولكنها لا تتأسّس عليه ولا تنبني على بنيته، وإنّما هي التي تؤسّس هذا الواقع وتبنيه أو على الأقل تكمّله، وتظهر ما خفي من علاقات بين أشيائه أو تجلّي ما لم يتوقّع من هذه العلاقات وما لم ينتظر من صلات بين عناصره ومكوّناته» (المصدر نفسه، ص 242)؛ هذا القسم يحتوي على تأسيس الواقع بواسطة الحالات الخاصة والاستدلال بواسطة التّمثيل كالتشبيه والاستعارة و...؛ والرابع: الحجج التي تستدعي القيم التي تنقسم إلى قيم مجرّدة تكون محلّ اتّفاق من قبل قوم أو مجتمع كالعدل والحقّ والجمال والفضائل الأخلاقية و...، وقيم محسوسة تختلف من ثقافة إلى ثقافات أخرى ترتبط بأشخاص معينين كقيمة الوطن مثلاً؛ والخامس: الحجج التي تستدعي المشترك، وهي تختلف من بلد إلى بلد آخر أو من ثقافة إلى ثقافات أخرى، والقصد منها المعارف المشتركة الشائعة بين المتلقّين وموضوع اتفاق بينهم كالعلوم، والأمثال، والأساطير، والحكايات الشعبية، والوقائع التاريخية، والاعتقادات و.... هذه أهم ما وجده المقال في البحوث الحجاجية التطبيقية التي اعتمدها الدارسون في نظرية بيرلمان وتيتيكاه، حيث تعالج النص من حيث المضمون. وبما أن الخوارزمي قد لجأ في رسائله إلى حجج متعدّدة متكاثفة للوصول إلى غرضه، فيهتمّ هذا البحث بمعالجة الحجج فيها مجتمعةً دون أن يفكّك كلّا منها.
إن الخوارزمي من الشخصيات التي نهضت بالأدب العربي في القرن الرابع للهجرة؛ إذ هو «من أزهى العصور في تاريخ الأدب العربي ... وتطوّر فن الكتابة النثرية، بحيث أصبحت ذات سمات مميّزة، وبرزت فيه عناصر فنية جديدة استطاعت أن تصبغه بصبغتها» (الضمور، 2016م، ص 227). فهو اشتهر برسائله التي کتبها كلّها علی شکل «إخوانیات» في الأغراض المألوفة في عصره كالمدح، والشکر، والتهنئة، والسخرية، والتعزیة، والرثاء، والعتاب؛ ولها قیمة أدبیة وأحيانا قيمة تاریخیة واجتماعیة، وخاطب بها الأمراء، والوزراء، وعمّالهما، والقضاة، والتلامذة، والفقهاء وأصدقائه وأعدائه و… ؛ هذه الأغراض تتمتع بميزة حجاجية اختارَ المقال دراسةَ السخرية فيها.
تعتبر السخرية طريقا يدعو إلى الانتقاد والإصلاح؛ وقد تكون مرآة صادقة للحقيقة؛ والغرض منها يختلف حسب الأغراض التي ينوي بها المخاطب. جاء مادة "سَخِرَ" في المعاجم اللغوية بمعنى الذل والخضوع والاستهزاء. يقول ابن منظور: «سَخِرَ منه وبه سَخرًا وسَخَرًا ومسخَرًا وسُخرًا بالضّمّ، وسُخرَةً وسِخرِيّة: هزئ به ... وفي الحديث: أَتَسخَرُ منّي ... أي أَتَستَهزِئُ بي. السُّخرَةُ الضُّحكةُ، ورجلٌ سُخَرَة: يسخَرُ من النّاس ...، ويقال: سَخَّرْتَه أي قهرْته وذَلَّلْتَهُ» (1988م، ج 3، ص 113 ـ 114). واصطلاحا يستوعب مفهوم السخرية «كل المجال الذي تغطيه المصطلحات العربية التالية: الهزل، الاستهزاء، التهكم، الهجاء في معرض المدح، التعريض، التوجيه، القول بالموجب، أسلوب الحكيم، الاستخدام، نفي الشيء بإيجابه، الإبهام (عند بعض البلاغيين)» (العمري، 2012م، ص 109 ـ 110). وعرّفوه بأنّه: «النقد الضحك أو التجريح الهازئ. وغرض الساخر هو النقد أوّلا والإضحاك ثانيا، وهو تصوير الإنسان تصويرا مضحكا: إمّا بوضعه في صورة مضحكة بواسطة التشويه ـ الذي لا يصل إلى حدّ الإيلام ـ أو تكبير العيوب الجسمية أو العضوية أو الحركية أو العقلية أو ما فيه من عيوب حين سلوكه مع المجتمع، وكلّ ذلك بطريقة خاصّة غير مباشرة» (طه، 1978م، ص 14). إن السخرية امتزجت بالهجاء؛ ولكن الفرق بينهما من حیث إن «الهجاء طريقة مباشرة في الهجوم على العدوّ؛ ولكن السخرية طريقة غير مباشرة في الهجوم» (المصدر نفسه، ص 10).
رسائل الخوارزمي السخرية ليست بكثير؛ من أهمهما رسالته إلى أبي الحسن البديهي (الخوارزمي، 1384ﻫ.ش، ص 418 ـ 455)، ورسالته إلى جماعة الشيعة بنيسابور (المصدر نفسه، ص 469 ـ 503). والمقال ركّز على رسالته إلى أبي الحسن البديهي كنموذج. وأهمية دراسة هذا الموضوع هي أن الخوارزمي وجد في السخرية أسلوبا مؤثرا يعبّر به عما في نفسه، وكآلية دفاعية وكوسيلة من الوسائل الإقناعية استعملها لأغراض متعدّدة في كلامه، وفي مستوى عال من المعرفة والقدرة الحجاجية. وجدير بالذكر أن لسانه لاذع في بعض فقراته ولا تخلو من ألفاظ ركيكة قد تميل إلى الهجو. هذه الرسالة ثمرة من ثمار السخرية تجلب التهكم والازدراء. وصف الخوارزمي المسخور بداية رسالته كلّيا، ثمّ يفصّل كلامه لتأييد ما قال في الفقرة الأولى من رسالته ويذمّه في أسلوب رائع مبني على الحجة والاستدلال مليء بحجّة سببية، بحيث لا يقول شيئا، إلّا ويأتي بالدليل بعده. وكما أن المودّة تطلق لسانه في امتداح أدب أصدقائه وفضلهم وعلمهم، فالعداوة تفجر البغضاء أيضا، وليس يخفى ما للعوامل المذهبية من أثر في رسائله. بداية الرسالة عيَّن غايته من العتاب، ليُتمّ الحجة، حيث يقول: لَسْتُ أُعاتِبُكَ [عافاك اللّٰه تعالى]، لأنَّ العِتابَ يُصلِحُ مِنك، أَو یَعمَلُ فیك، أو لأنّ جَهْلَكَ جَهلٌ يُعالِجُ بالعَذْلِ، أو یُداوَی داؤُه بالقول. كَلّا [عافاك اللّٰه تعالى]، جَهلَ النّاسِ عَرَضٌ وجَهلُك جِسْمٌ لا يَزولُ إلّا بالفِعلِ. ولا يَقَعُ دواؤُه إلّا مِن الكفِّ والنَّعْلِ. ولكنّي إنّما أَرَدْتُ بهذه الرّسالة أَن تَتَوَجَّهَ عليكّ الحُجَّة. وأن تَتَقَطَّعَ مِنكَ العِلاقةُ والعِلَّةُ (1384ﻫ.ش، ص 418 ـ 419). قد تكون السخرية مضمرة بناء على سياقها المقامي وتأتي في قالب المدح و«تتطلّب التلاعب بمقاييس الأشياء تضخيما أو تصغيرا، تطويلا أو تقزيما» (العيد، 2021م، ص 90)؛ فإذن حاول الخوارزمي أن يوظّف أسلوب الذم بما يشبه المدح واستعان من حجّة الشخص وأعماله خلال أوصافه ولتقريع خصمه الحجاجي. في هذا المسار، اشتغل الحججَ المؤسّسة لبنية الواقع منها التمثيلَ على غرار التّشبيه والاستعارة ليقوّي أثر كلامه. شأن هذه الحجج «التي تستخدم الحالات الخاصّة حجة تدعم رأيا ما (المثل والشاهد والمثال) وشأن الحجج المستخدم فيها التّمثيل فهي تعاد بواسطتها صياغة بعض العناصر الفكرية على غرار الأشكال المسلّم بها في مجالات أخرى من مجالات الواقع» (صمود، 1998م، ص 324). ومن ذلك قوله في مخاطبة البديهي: وليس مِحْنَتي فیك بِأَعْظَمَ مِن مِحنةِ الحقِّ الّذي لَم تَزَلْ تَعْبَثُ به. حتّى لَو تُجَسِّمَ نَفسًا لَسَعَيْتَ في ذمِّها. أو تُمَثِّلَ دارًا لَجَهَدْتَ في هَدْمِها. كأنّك لَم تُخلَقْ إلّا لِتَطْمِسَ عينَ النُّور، وتَقْلِبَ أعيانَ الأُمور. فَتَجعَلَ الضّوءَ ظُلمةً، وتَعكِسَ البِدعةَ سُنَّةً. حتّی کأنّ سوفسطا استَخلَفَكَ على جَحدِ ما يُدرَكُ عِيانًا، ويُعْرَفُ ایقانا. فأنتَ وارِثُه في الباطل، وناصرُ جهلِه على كلِّ عاقلٍ. وحتّی كأنّ اللّٰه أَنزَلَ علیك قرآنَ ضَلالةٍ. وبَعَثَ إليك رسولَ جَهالةٍ ... ولو دُفِنَ المُحالُ في تُخُوم الأرضِ السّابعة، لَغُصْتَ عليه، الجميلُ عَدُوٌّ لك تُحارِبُه. والسَّدادُ ضدٌّ من أَضدادكَ لا تُقارِبُه ولا تُناسِبُه. فأنتَ العكسُ إلّا أنّه يمشي على رِجليْنِ. والجِوَرُ إلّا أنّه يَنطِقُ بلسانٍ وشَفَتَينِ، والجهلُ إلّا أنّه مُخاطَبٌ. والعَيُّ إلّا أنّه مُثابٌ مُعاقَبٌ ... (1384ﻫ.ش، ص 420 ـ 419). فقد تجلّت فيها مظاهر إنكار كلّ حقيقة عن طريق البديهي. فلجأ الخوارزمي إلى حجّة التناقض وعدم الاتفاق؛ وهي من أقسام حجج شبه المنطقية، والقصد منها أنّها تشبه الطرق الشكلية والمنطقية والرياضية فحسب؛ والمقصود بالتناقض هو «أن تكون هناك قضيتان في نطاق مشكلتين إحداهما نفي للأخرى ونقض لها؛ كأن يقال (المطر ينزل ولا ينزل)، في حین أنّ عدم الاتفاق أو التعارض بين ملفوظين يتمثّل في وضع الملفوظين على محكّ الواقع والظروف أو المقام، لاختيار إحدى الأطروحتين وإقصاء الأخرى» (صمّود، 1998م، ص 325). وظّفه الخوارزمي في هذه الفقرة ليظهر أنّ هذا الشخص ينقلب الأمور الواقعية ويزعم عكسه؛ واستخدم السخريةَ من الخصم والانتقاص من قدره في إطار الحديث عن الأخلاقيات والصفات التي من شأنها أن تحطّ من قيمة الإنسان، وتُدني من قدره بين النّاس. نجد الخوارزمي يركز هنا على جملة من الصفات وكان اللّؤم أكثر حضورا؛ لأنّ المسخور يكذب ويعكس الحقّ والحقيقة، بحيث أن سوفسطا استخلفه ليُنكر الحقيقة واليقين. وظّف هنا الحجج المؤسّسة لبنية الواقع واستعمل صور بيانية متعدّدة كالتشبيه وأنواعه المتعددة ـ قسم من التمثيل الحجاجي ـ وهو «مهمّ في العملية الحجاجية، وهو طريقة حجاجية تعلو قيمتها على مفهوم المشابهة المستهلك، حيث لا يرتبط التمثيل بعلاقة المشابهة دائما، وإنّما يرتبط بتشابه العلاقة بين أشياء ما كان لها أن تكون مترابطة» (بوبلوطة، 2010م، ص 87). وجدير بالذكر أنّ الكلام يبلغ في الكناية والتمثيل والتشبيه إلى ذروته في القوة الحجاجية، بحيث لا يمكن بعده الإتيان بضدّه أو عكسه؛ ولهذا لا نرى بعد هذه الصور البيانية نفي الكلام أو الإتيان بعكسه بلكنّ أو .... إذن حاول الخوارزمي أن يُلزِم خصمه الحجاجي بالسكوت وبلغ كلامه إلى القمة الحجاجية بتوظيف التشبيه البليغ؛ إذ شبّه المسخور بالجِوَرِّ والجهل والعيّ إلّا أنّه إنسان يتحدّث ويسمع ويرى؛ «ولا شكّ أن تجسيد المعاني العقلية وتحريكها وتحويلها إلى معان حسّية أبرز سمات أسلوب السخرية، فالقبح والمحال والسداد والعكس، والجهل والعيّ أمور عقلية؛ ولكنه استطاع أن يبعث فيها حركة لكي يعبث بخصمه، ويضحك القارئ منه» (الضمور، 2016م، ص 282). هذه هي نتيجة مقدّمات جاء بها بداية رسالته، ثمّ وضّحها مرّة ثانية، وأتى بمقدّمات أخرى بعدها وبالغ في توظيف حجّة الشرط لئلا يستطيع المسخور إنكار كلامه بسهولة كقوله: ولو سُئِلْتَ عن قَولِ فرعونَ، أنا ربُّكُمُ الأعلى، لَقُلْتَ ما أَخْطَى ولا تَعَدَّى ... ولَوِ اسْتُخْبِرْتَ عن إبليسَ، ذَكَرْتَ أنّه سَجَدَ لآدمَ. ... ولَو أُنشِدْتَ شعرَ امْرئِ القَيسِ، لَنَسَبْتَه إلى الإفحام ... ولَو مَرَرْتَ بإیوانِ كِسرَی اسْتَقلَلْتَ بُنیانَه ... ولَوِ اسْتَبْدَعُوا صنعةَ الخليلِ العروضَ رُحْتَ تَزعَمُ أنّه ما أَحدَثَ أمرًا ... ولَوْ مُدِحَتِ العافِيَةُ أَسْهَبْتَ في ذمّها. كما لو فُضِّلَتِ السَّعادةُ، بالَغْتَ في شَتْمِها ... ولَوْ عایَنْتَ العربَ، رَمَيْتَهم بضيقِ البيانِ واللّغةِ وقِلَّةِ العارضةِ والبديهةِ ... ولَو عَثَرْتَ بحدیثِ یزید بنِ معاويةَ، عَدَدْتَ في فضائله يومَ کربلاء ... ولو دَرَسْتَ أیّامَ الفُرْسِ، هَجَوْتَهم بِقِلَّةِ السّياسة وضَعْفِ التَّهَدِّي للعمارة ... وأنّ معاويةَ أَوَّلُ مَن أَحْيَى السُّنّةَ، وأَماتَ البِدْعةَ. كما أنّ الحجّاجَ أَوّلُ مَن سَنَّ الرّحمةَ ونَسَخَ القَسوَةَ ... وأنّ إبليسَ أَصابَ في تفضيل النّار على الطّين. فلِذلكَ جُعِلَ مِنَ المُنظَرينَ إلى يوم الدّين ... وأَنَّكَ لَوْ سَمِعْتَ عَلِيًّا يَقولُ سَلُوني قبلَ أن تَفْقِدوني. سَأَلْتَه حتّی يَقولُ دَعُوني فَقَدْ أَفْحَمْتُمُوني ... (1384ﻫ.ش، ص 420 ـ 429). أكّد على سخريته اعتمادا على حجّة التناقض بين الظاهر والحقيقة، فظاهر الشخص ورع وتقوى وعقل وصدق وعلم وحقيقته خيانة ونفاق ومكر وفساد عظيم. عدّ فيها للبديهي عيوبا بالغ في وصفها وأَبعد عنه كلّ فضيلة أخلاقية بأسلوب الذم يشبه المدح، وصوّر التصوير الخُلقي مليئا بالسخرية ونسب إليه كلّ المعايب البشرية والأفعال القبيحة المستهجنة باختيار تعابير ذات وجهين، وأثبت أنّه من أهل الباطل والجهالة والظلمة، يباهي بعلمه، في حين يرميه بالجهل والغفلة. من الأمثلة الأخرى التي استخدم الحججَ المؤسسة لبنية الواقع قوله: وأنّك لَو أُمِدَّتْ بك الملائكةُ، ما قالتْ سُبحانَكَ لا عِلمَ لنا إلّا ما عَلَّمْتَنا. وأنّ أَباكَ آدَمَ، لَو أُعِينَ بِكَ ما لَعِبَ إِبلیسُ به. ولا أَنِفَ مِنَ السُّجودِ له. وأنّ عَمَّكَ قابيلَ، لَو رَآكَ، ما أَقْدَمَ على أخيه هابيلَ. وأنّ أُمَّكَ حَوّاءَ، لَو رَأَتْكَ، نَشَزَتْ على أَبیكَ عِشْقًا لك، ورَغْبَةً فيك. وأَنَّ العجمَ عَرَبٌ، إذا كُنتَ فيهم. كما أنّ العربَ عجمٌ، إذا بِنْتَ عَنْهُم. وأنَّ الرِّياضَ إنّما اكْتَسَبَتْ طِيبَ رِيحٍ، لأنّها تَسْتَمِدُّ مِن نُكْهَتِكَ. وأنّ النُّجومَ إنّما أَعْطَتْ ضَوْءَها مِن ضَوْءِ غُرَّتِك... وأنّ الشَّمسَ إنّما جُعِلَتْ مُبْصِرَةً، والقَمَرَ إنّما جُعِلَ آیةً مَمْحُوَّةً، لأنّ الشَّمسَ تَواضَعَتْ لكَ بالتَّأنيث، وأنّ القمرَ نازَعَكَ في التَّذكير ... (1384ﻫ.ش، ص 429 ـ 430). انقلب الكاتبُ الحقيقةَ، ووظّف التشبيه المقلوب وعلّل تعليلا جيّدا ليسدَّ كلّ النوافذ اتجاه المسخور حتى لا يستطيع الدفاعَ في اتجاهه. فأسلوب التمثيل والتشبيه استدعى المقايسة في ذهن المخاطب. ويبدو أنّ الحجج التي تبنى لبنية الواقع تُعطي المخاطبَ فرصة المقايسة مع أنّ ازدحام صوره وإتيانه متتالية تفوت فرصةَ الجواب عن شخص مقابل. اعتمد الكاتب في هذا المسار إلى المواضع المشتركة بين المتكلّم والمخاطب (القصد بين الخوارزمي والبديهي)، كاستدعاء الطبيعة، والشخصيات الأدبية، والتاريخية، والعلمية، والحكمية، والدينية، والقيم المعروفة في الثقافة العربية، وكلّ ما يرتبط ببيئته الثقافية والاجتماعية التي تربطه بالمتلقّي؛ لأنّ المعترض تعوّد على المشتركات الموجودة بين الآخرين، فيكره أن يردّها لسلطتها؛ وأنّ معرفة الخوارزمي بخصمه «زادت من تعايش الحجّة ونقيضها، وما يدور في فلكيهما داخل نفس النظام الدلالي، أسعفته في تغيير زوايا النظر في المسألة المتناظر حولها التي راوحت الحجج بين ذمّ شبيه بالمدح» (الدهري، 2011م، ص 45). هذه المواضع المشتركة هي «الاستناد إلى ما يشكّل موضوع اتفاق بين المتلقّين أو يمثّل جملة من المعارف المشتركة الشائعة بينهم ... والحجاج استنادا إلى المواضع المشتركة هو حجاج استنتاجي باعتباره ينطلق من العامّ ليصل إلى الخاصّ» (الدريدي، 2011م، ص 287 ـ 288)، فهي تتفاوت في الإذعان والتسليم حسب قيمتها وتواترها. وقد هيمنت الحجج التي تستدعي المشترك على رسائل الخوارزمي السخرية، وسيطرت على المشهد الحجاج في خطابه، فهو بالغ في صوره؛ لأنّ المبالغة عنصر من عناصر أسلوب السخرية، قد تجلّى واضحا في رسالته، «وهو إلى ذلك يميل إلى قلب الصّور وتنويعها، وتسليط الضوء على بعض جوانبها ولا يدع للقارئ فرصة التأمل، فهو ينقله من معنى إلى آخر، ومن صورة إلى أخرى، لأنّه لا يريد أن يشعر القارئ بالملل والفتور، ولا أن يترك له فرصة التأمل» (الضمور، 2016م، ص 282). ومتى تحدّثنا عن القيم والحجج التي تستدعى المشترك، نجدهما مرتبطتين؛ استند الكاتب إلى جملة من القيم المشتركة القائمة في الضمائر في المجتمع العربي؛ هذا وتوظيفه ليس بشكل إيجابي مطلق دائما، بل قد تكون بالشكل السلبي المطلق، حين يريد إثبات عكسها للخصم الحجاجي. ساعده في هذا المسار اعتماده على المشتركات بينه وبين المخاطب كالوقائع التاريخية وتمثيلها، والشواهد الدينية والشعرية بوصفها حجّة السلطة، واستدعاء القيم الموجودة في الثقافة العربية في تعريفه عن الشخصيّات. هذه الحجج هي الحجج الجاهزة «كالشواهد والتضمينات من المرجعيات التراثية أو الواقعية، التي تعدّ مادة جاهزة ينقلها الكاتب، وهي من الحجج القوية التي تدعم الحجاج» (الحمادي، 2021م، ص 414). وما استدعى في هذا المسار تخييلَه إلّا أنّه انقلب الأمور وكَبّرَ شخصية المسخور؛ ومن ذلك قوله أيضا في: فإنّ إبليسَ [لَعَنَه اللّٰه تعالی] تلميذٌ لك. تَعَلَّمَ مِنكَ ... وهل اسْتَنْظَرَ إبلیسُ إلى الوقتِ المعلومِ إلّا لِيُدْرِكَ زمانَكَ ويرى بُرهانَك؟ وهل حَسَدَ آدَمَ إلّا عليك؟ وهلْ عاداه إلّا فيك؟ ولَعَلَّك ـ تُنكِرُ قَولي، خَرِفَ الفَلَكَ. ولَولا خَرَفُه ما كان القَمَرُ سَماويًّا، وأنتَ أرضِيٌّ. ولا كانتِ الملائكةُ روحانِيّةً، وأنت بَشَرِيٌّ. ولا كانتِ السّماءُ تُظِلُّ، والأرضُ تَقِلُّ، وأنتَ أَكبَرُ مِنهما قَدْرًا ... (1384ﻫ.ش، ص 450 ـ 451). توسّل في هذه الفقرات بالصور الفنية التي تندرج تحت الحجج المؤسسة لبنية الواقع، وهي من أهم التقنيات التي يتوسّل بها الخطاب في التأثير على المخاطب وإقناعه، وأدمجها في حجّة عدم الاتّفاق، وأضاف إلى جمالها وقدرتها الإقناعية، حين شبّه المسخورَ غيرَ مباشرة وانعكس الأمور؛ لأنّ «انبناء العكس والتبديل على بنية التبديل يجعل منه إشارات يتلقّاها المبدع للكشف عن المعاني التي يريد المبدع إيصالها إلى المتلقي، ولا يقف الأمر عند هذا بل إنّ العكس يخلق إيقاعا موسيقيا على إيقاعاته يتسلّل المتلقّي منها إلى الدلالات الخفية» (أبو حطب، 2017م، ص 87). إضافة إلى أنّ المخاطب يهتمّ بكشف وجه الشبه والصلة بين طرفي المقايسة، وهذا الأمر يزيد طاقة الكلام الحجاجية ويؤخر وقت الدفاع للخصم الحجاجي. واستمدّ الخوارزمي في هذا المسار من ثقافته العديدة في انتقاء نعوت للبديهي، وأفرط في اختيار صوره وبالغ فيها؛ ولكنّ المخاطب لا يتعب لما فيها من روعة وجمال يميل إلى الفكاهة ويدّعي له الفضل والعلم بالأمور والخوارق والمعجزات المستحيلة. فواضح من كلامه أنّ سخريته هنا ليست سخرية إصلاح وبناء، بل هي سخرية لذعٍ وهدم للاستخفاف من شأن خصمه الحجاجي لأغراضه الشخصية، والانتقاص من قدره وشخصه أمام الغير للحرمان المادي أم المعنوي، وليست المرتبطة بالبعد الأخلاقي الهادف وإدانة القيم الخاطئة وإعادة النّظر في سلوكه؛ يؤيّد هذا قولَه: «ظَلَمْتَني بِلُؤمِكَ، فظَلَمْتُ الكلامَ بِلَومک» (1384ﻫ.ش، ص 419)، ثمّ استطرد القول: قد سَمِعْنا غَواكَ، أيّها الراضي عن نفسِه، والغَضْبانُ على غيرِه، والعاشقُ لِفعلِه، والمُبغِضُ لأفعالِ دَهرِه. فلا جزاك اللّٰه خيرًا، لا عن الحقِّ عَدُوِّكَ، ولا عن الباطلِ صديقِك. أمّا الحقُّ فَلِأَنَّكَ هَدَمْتَ مَنارَهُ، وطَمَسْتَ آثارَه. وأمّا الباطلُ، فَلِأَنَّكَ أَبْرَزْتَه في مِعرَضِ الفَضيحَةِ، حتّی هتَكْتَ أَسْتارَه. وكَشَفْتَ عَوارَهُ. ونَشَرْتَه، حتّى ظَهَرَ مُضْمَرُه. ونَصَبْتَهُ، حتّی بَرَزَ زَهْوُهُ. وإنّما يَقبَلُ النّاسُ مِنَ الباطلِ، ما يَشْبَهُ الحَقَّ. ويأخُذونَ مِنَ الكِذبِ، ما يُحاكي الصِّدقَ. فأمّا الباطلُ الّذي تَبْصِرُهُ العَيْنُ العَمياءُ، وتَسْمَعُهُ الأُذُنُ الصّمَاءُ، ويَسْتَوي في إبرازِ شَخصِه النُّورُ والظَّلماءُ، فإنّه يَنهَى عن نَفسه ويُنذِرُ الأَبصارَ والبصائرَ بِعَيْنِه. ويُنادي بِنَقْصِ مَن نَطَقَ به. فَيا مَنْ لا يَقْبَلُهُ الباطلُ، ولا الحَقُّ. ولا يُناسِبُه الجَوْرُ، ولا العدْلُ. إلى ماذا أَنْسُبُكَ بَعدَهما. وإلى أين أذهبُ بك عَنهُما. رَحِمَكَ اللّٰه تعالى (المصدر نفسه، ص 433). كَثُرَ استعمال الأضداد والمقابلة في هذ المقطع الهجائي ـ السخري الذي غلب عليه الذم والتقريع واستخدم حجّة السبب، وهي تندرج تحت الحجج المؤسسة على بنية الواقع التي يسمّيها بيرلمان وتيتيكاه الحجة البراغماتية بمعنى أنّ الصلة بين الأحداث على أساس رابط سببي و«يكون المرور في الاتجاهين: من السبب إلى النتيجة ومن النتيجة إلى السبب ... وحدّ هذه الحجة أنّها الحجة التي يحصل بها تقويم عمل ما أو حدث ما باعتبار نتائجه الإيجابية أو السلبية» (الدريدي، 2011م، ص 333). جاءت بهذه الحجة في تصويره عن تجوّلِ المسخور بين الحق والباطل؛ وحسن تعليله هو أنه طمس آثار الحق وهتك أستار الباطل، بحيث: «لا يَقْبَلُهُ الباطلُ، ولا الحَقُّ، ولا يُناسِبُه الجَوْرُ، ولا العدْلُ»؛ إذن ليس من المصلحة نصرته والاحتجاج معه؛ لأنّه: فَشَرٌّ مِن الجهلِ نُصْرَةُ الجُهّالِ. وشَرٌّ مِنَ الضَّلالِ الاحْتجاجُ للضَّلال. فلا تَرْضَ أَن تَصيرَ في صِناعتِك ذَنَبًا، وقد كنتُ فيها أصلًا. ولا بأن تكونَ تلميذًا، وقد كنتَ قديمًا فيها أُستاذًا. تَواضَعْ بنا [رَحِمَك اللّٰه تعالى] فإنّ التّواضعَ خُلُقٌ مِن أخلاق السَّلَفِ، وشَبَكَةٌ مِن شِباكِ الشّرفِ. وتَصَدَّقْ علينا بِبِشْرِك فإنّ اللّٰه تعالی يَجزِي المُتّصدِّقين. وأَحْسِنْ فإنّ اللّٰه يحبُّ المحسِنين ... (الخوارزمي، 1384هـ.ش، ص 433 ـ 434). قد مازَجَ في الفقرة المذكورة بين الذم والمدح وبالغ في ذمه في أسلوب رائع ليستميل بعطفه وحنانه؛ ولكنّه بلغ إلى قمّة السخرية في طلب التواضع به، وأوّل قوله بأنّ له ليس أي خلق ولا أي شرف، وانتهى حججه باستشهاد الآيات القرآنية كحجة السلطة، وهو قسم من الحجج المؤسسة على بنية الواقع بمعنى أنّ المخاطِب قد يعمد من "الإجماع" أو "الرأي العام" أو "العلماء" أو "الفلاسفة" أو "الكهنوت" أو "الأنبياء" أو "الفيزياء" أو "العقيدة" أو "الدين" أو "الكتاب المقدس"، وعمد في ذكر كلام أشخاص معيّنين بأسمائهم؛ لأنّهم يتمتّعون من إقبال الجمهور إليهم (صمّود، 1998م، ص 335). لقد وظّف الخوارزمي حجة السلطة لتهكم البديهي ولدعم النتيجة المطلوبة أو تسهيل الاستنتاج من المقدّمات واستدعى معنى ضمنيا: إن لا تقنع بكلامي فَخُذْ بكلام القرآن كقدوة في سلوكك؛ فهل بعد كلام اللّٰه من حجّة! قد يميل الخوارزمي إلى أسلوب السخرية غير مباشرة، وقد ينتقل إلى السخرية المباشرة، فيخاطب البديهي بنعوت منفرة وصور مقززة، بحيث تفوت الفرصة للتّأمل في هذه الصور والنعوت؛ وهكذا صعّب للمخاطب الدفاعَ ولا يدع مجالًا لسماع ردّ الخصم. فمن ذلك قوله: یا غَداةَ الفِراقِ، وكِتابَ الطَّلاقِ. یا مَوْتَ الحبيب، وطَلْعَةَ الرَّقيبِ ... یا خَراجًا بلا غَلَّةٍ. ودَوآءً بلا عِلَّةٍ.... یا شَخْصَ الظّالمِ في عَينِ المظلوم. یا أَلْأمَ مِنَ اللُّؤمِ. وأَشْأَمَ مِنَ الشُّؤمِ، وأَقَلَّ مِنَ المَعدومِ، [وأَوخَمَ مِن غَمِّ المُبَرْسَمِ المَحمومِ]. يا غَمَّ الدَّيْنِ ووَجَعَ العَينِ، ويَومَ البَيْنِ، یا أَوْحَشَ مِن زوالِ النِّعمةِ بَعْدَ كُفرِها، وأَقْبَحَ مِن ارْتِجاعِ الصَّنيعَةِ بَعدَ شُكْرِها ... يا مَن لَو كان اللُّؤمُ يَلِدُ، كان أباه، ولَو كان يولَدُ لَكانَ أَخاهُ ... یا مَن لو نَظَرَتْ إليه السَّماءُ، وهي تَمطُرُ، أَقْلَعَتْ ولو طَلَعَتِ الشَّمسُ بوجهه ما طَلَعَتْ ... (1384ﻫ.ش، ص 443 – 446). استدعى أسلوبَ النداء للتحقير والتذليل، وحرص على انتقاء النعوت، ولجأ إلى حجة المقارنة، وهي «من الأساليب شبه المنطقية المبنيّة على خلفية رياضية باعتبار أنّ جوهر المقارنة عملية قيس[10]، وهي عملية رياضية خالصة فيما يذهب آخرون إلى اعتبارها من الحجج المؤسّسة لبنية الواقع» (الدريدي، 2011م، ص 248). استعانته في هذه الحجة الدوالّ التقابلية التي تحمل سمات الجذب والتقبل لتثبيت دلالتها في ذهن المخاطَب، والدوالّ التفضيلية التي من دعائمها هي أن شيئين يشتركان في معنى خاص وزيادة أحدهما على الآخر في هذا المعنى الخاص (الشهري، 2004م، ص 526)، وقد تدلّ على الاستمرار والدوام، فشأنه كصفة مشبّهة، وهي «واحدة من الوسائل الحجاجية التي يتمّ بواسطتها الضغط بطريقة لطيفة وضمنية على المتلقّي، ومن ثمّ توجيهه نحو الأفضل» (عامر، 2019م، ص 94). فأخذ بتراكيب الصورة الساخرة، واستمدّ من ثقافته الواسعة اتّجاه خصمه الحجاجي، وساعده هذا الأمر في الربط النصي الموضوعي والتجانس الذهني، بحيث أجلسه في كرسي متطوّر من المبالغة التي كان يجنح إليها. ولجأ في بعض عباراته إلى توظيف الألفاظ التي تدلّ على القوة والكثرة، حيث تنتمي هذه العبارات إلى الفئة الحجاجية نفسها لأفعل التفضيل، وأطنب في قوله إطنابا؛ ولكنّ القارئ لا يتعب به لكثرة سيل صوره المتدفّق يدفع بعضه بعضا. استمدّ الخوارزمي من الشخصيات التاريخية ككسرى أنوشروان وقارون وبلقيس وسليمان و...، والأسطورية كزرقاء اليمامة، والدينية كمريم البتول وعلي (A) و...، والأدبية كعبد الحميد و... في تبيين كبره ونخوته (الخوارزمي، 1384ﻫ.ش، ص 435 – 446)، وأقرع البديهي في التعابير اللطيفة كقوله: ... دَعْ لِليونانيَّةِ مِنَ الحِكْمةِ ما يَنْفُقُ به سُوقُهم. واتْرُكْ لِبني العَبّاسِ مِنَ التَّملُّكِ ما تَمْشِي به أُمورُهم. وأَبْقِ للشَّمسِ والقَمَرِ مِنَ الحُسْنِ بِمِقدارِ ما يَطْلُعانِ به، ويَلوحانِ فيه، وَهَبْ للرّيحِ العاصفِ، والرَّعْدِ القاصِفِ، مِن الصَّوْلَةِ، قَدْرَ ما يُسمَعُ به صَوْتُهُما ... وارْفَقْ بالأرضِ مِن خُطُواتِك. وارْحَمِ الجَبّارَ مِن شِدّة سُلطانك. وانْظُرْ إلى النِّساءِ مِن وراءِ حجابٍ، ومِن خَلْفِ بُرْقُعٍ. وإلّا خَرَجْنَ عن عِشقِك مِن سِتْرِ اللّٰه، وقَطَعْنَ أَیدِیَهُنَّ، وقُلنَ حاشَ للّه فَلا تُعَرِّضْ إماءَ اللّٰه تعالى لِسَخَطِ اللّٰه ولا تُفَرِّقْ بينهُنَّ وبين عِبادِ اللّٰه ... ولا تَمْشِ في الأرضِ مَرَحًا. إنَّك لن تَخْرِقَ الأرضَ ولَن تَبْلُغَ الجبالَ طولًا (المصدر نفسه، ص 447 – 448). استخدم الخوارزمي حجّة عدم الاتفاق أو التناقض بكثرة، ووظّف المفارقات والثنائيات الضدّية، وهي كانت عونا كبيرا له في رسائله السخرية، ولها قيمة حجاجية في تثرية النص؛ إذ تعدّ حجّة متوازية بين الأضداد، وأنّ فيها «تكمن طاقة حجاجية إقناعية بما تحمله من صور متقابلة ووجوه متعدّدة لمعطيات الحياة والسلوك الإنساني؛ فتجعل صورة الأشياء متّسعة أمام المتلقّي ليقارن بينها من حيث هي سلوكات بشرية، وليقارن بين نتائج إتيان سبيل هذا السّلو أو ذاك، ومن ثمّ يكون اختياره قائما على وفق ما يحصّله من مغانم ومكاسب إيجابية، أو مغبّات سلبية» (هديب، 2021م، ص 100). هذه من المحسنات البديعية التي لها أثر في استمالة المتلقي وإقناعه؛ إذ لما لها من المسحة الإيقاعية التي تعطي النصّ جمالا ورونقا. وتابع قوله في وصف زهوه الكاذب، ووظّف حجّة السلطة بواسطة الاستشهاد بالآية القرآنية في العملية الحجاجية ليبلغَ تعابیره إلى الذروة الحجاجية ويُرشد المسخور إلى طريق الثواب. فالمخاطب لا يقتنع بكلام المتحدّث كونه كلام المتحدّث بقدر ما يتأثّر بالحجة كالاستشهاد بالقرآن والنصوص الدينية وأقوال السّلف أو الأبيات الشعرية والحكم والأمثال؛ فهو كما اهتمّ بموضوعات أدبية، اهتمّ أيضا بموضوعات وقضايا دينية واستفاد من ثقافته في مجالات متعددة لذم المسخور ورمى إلى إصلاح سلوكه وشخصيته وربما تهكّمه تهكّما لا يستطيع الدفاع تجاه حديثه، وإن لم تخل عباراته من ألفاظ ركيكة (الخوارزمي، 1384ﻫ.ش، ص 443 – 446)؛ فهو يأتي بمقدّمات عديدة، فيصل إلى النتيجة، ثمّ يعود ثانية إلى المقدّمات؛ فمن قوله في النتيجة: هذا كلُّه مُصانَعَةٌ لك ورِفْقٌ بك. وذلك لأنّي شَبَّهْتُكَ بأشياءَ تَنْقُصُ في بابِ الذّمِّ عنكَ، وتَأْنفُ واللّٰه مِنكَ. ولقد ظَلَمْتُها بك إذ كان فُرِّقَ فيها مِنَ المعائب، ما اجْتَمَعَ فيك. ومَنْ لي بشيءٍ يُوازيكَ، أو بِشَبيهٍ يُضاهيكَ. ومِن أينَ أَجِدُ اللُّؤْمَ مُنتَظِمًا، والقُبحَ مُجتَمِعًا، والجهلَ مُختَمِرًا، والشُّؤْمَ مُحْتَفِلًا، والنَّقصَ مُحْتشِدًا، في هَيْكَلٍ واحدٍ وفي شخصٍ مائلٍ (المصدر نفسه، ص 447). جمع كلَّ لؤم وقبح وجهل ونقص في البديهي، وأثّر في مشاعره وإثارة سخره؛ واستدعى حجّةَ الشخص، وهي تندرج تحت الحجج المؤسّسة على بنية الواقع وأعماله، وهي «تنبني في جوهرها على اعتبار الصلة وثيقة بين أيّ شخص وأعماله وخاصّة على مبدأ ثبات الشخصية، بحيث إن قامت بفعل معيّن أو اتخذت موقفا محدّدا، فلأنّها عرفت بخصال معلوفة منذ زمن بعيد وستظلّ كذلك ما بقيت على قيد الحياة» (الدريدي، 2011م، ص 229). رسم الخوارزمي تناقض سلوك المسخور في قوله وفعله، فغضب علىه وخاصّةً على نخوته وغلوّه في الأمور، ووظّف الاستفهام التقريري في نتيجة مقدّماته لما فيه من طاقة حجاجية في دفعه إلى الاعتراف بما يراد تثبيته وإلزامه بما يتّرتب عن اعترافه. وجدير بالذكر أنّ حجة الشخص وأعماله تتمتع على شيء غير قليل من السفسطة؛ لأنّ الإنسان حرّ، وهو مسؤول على أفعاله ومواقفه و«... كثيرا ما تعتمد هذه الحجة بطريقة عكسية، فيعمد المؤسّس للخطاب الحجاجي إلى كسر العلاقة بين الشخص وأعماله مشكّكا في ثبات الشخصية أو متعلّلا بتطوّر الظروف وتغيّر المقامات أو متّخذا التغير أو التقلب في ذاته مبرّا لبتر هذه العلاقة، حين يجعله من السمات المميّزة للشخص المتحدّث عنه» (المصدر نفسه، ص 230). إذن وقع الخوارزمي في هذا القسم الحجاجي في التضليل، والغرض إثارة عواطف المسخور وانفعالاته؛ وهذا واضح في اختيار الأوصاف التي ينتسبها إليه. ومن الفقرات التي استخدم التمثيل والصور الفنية قوله في: «وكفاك بِفضْلك مادحًا لك. وحَسْبُكَ بِانْفِرادِكَ مُقارِعًا دونَك. هذه [رحمك اللّٰه تعالی] هَدِيَّةٌ أَهْدَيْتُها إليك. بل هذي مِنَ العَرائسِ جَلَوْتُها علیك. وما مَهرُها إلّا فَقْدُك. ولا ثَمَنُها إلّا بُعدُك. فإذا أَنْعَمْتَ بهما فَقَدْ وَفَّيْتَ المَهْرَ. وأَرْضَيْتَ العروسَ والصَّهْرَ. فسُبحانَ مَن أَرانیكَ، ولك صَهرٌ مِثلي، وأنتَ خَتَنٌ لي. وعَهدي بالنّاس يَخْطُبُونَ الكَرائمَ بِالكَرَم. ويَتَطَلَّبُونَها بِحُسنِ الأخلاقِ والشِّیَم. وأنتَ خَطَبْتَ هذه الكريمةَ بِلُؤمِ نَجْرِكَ. وصِغَرِ قَدْرِكَ. وعَهدي بهم يَحْتَمِلونَ المُهُورَ في أموالِهم، وأنتَ جَعَلْتَ مَهرَ هذه مِن عِرضِكَ الخَلَقِ اللَّبيسِ المُمَزَّقِ. وأَعْجَبُ ما فيها، أنّك إذا طَلَّقْتَها، لَم تُطَلِّقْكَ. وإذا أَطْلَقْتَها، لَم تُطْلِقْكَ. فَخُذْها مُبارَكًا لك فيها. فبِئسَ العروسُ. وزَوجُها شَرٌّ منها (1384ﻫ.ش، ص 454 – 455). انتهى الخوارزمي رسالتَه بهذه الصورة الفنية التي مادتها حسية، وهي «تعوّض فكرة مجرّدة أو مفهوما لغاية التّأثير في المتلقّي وإقناعه، وتسليمه بتلك الفكرة أو هذا المفهوم» (صولة، 2001م، ص 499)؛ لقد مثّل الكاتبُ رسالته بعروس لها المهر والثّمن، وهما فقد المسخور وبُعدُه، وصوّر بهذه الصنعة لؤمَ أصل المسخور وسوء عِرضه، فأهدى الرّسالةَ إليه مع كلّ ما فيها من التقريع. الهدف هنا التجريح والانتقاص والحط من قدر المهجوّ. ويبدو أنّ السخرية والهجو في رسائل الخوارزمي ليس للأغراض الإصلاحية أو نقد الأوضاع السياسية والاجتماعية والسير الفردية، بل يكون للأغراض الشخصية أغلبها للحصول على المال أو حرمانه عليه.
الخاتمة وظّف الخوارزمي الحجج بكلّ أنواعها في رسائله السخريّة، وأدمج بعضها بعضا. فهو استدعى حججا شبه المنطقية، وحظّه الأوفر فيها استخدام حجّة التناقض وحجّة المقارنة عن طريق النّسق الحجاجي الشرطي والتقابليّ والتفضيلي، وركّز على الثنائيات الضدية ذات طاقة حجاجية وإبراز الائتلافات والاختلافات بين طرفيّ المقارنة، وعدّ فيها للمسخور عيوبا بالغ في وصفها وأَبعد عنه كلّ فضيلة أخلاقية. فظهر هذا الأمر في رسالته إلى ابن البديهي في أسلوب الذم يشبه المدح مليئا بالسخرية ينسب إليه بكل المعائب البشرية والأفعال القبيحة المستهجنة، كما اعتمد على الحجج المؤسّسة على بنية الواقع منها حجّة السبب، وحجة الشخص، وحجة السلطة، واستدعى الآيات القرآنية التي تدعو إلى الأخلاق. لقد هيمنت على رسالته شخصيّات تاريخية وثقافيّة وأسطورية ودينية عديدة ليقارن بينها وبين المسخور ليُذلَّه ويُقرعه عن طريق النسق التفضيلي الحجاجي وأسلوب الذّم يشبه المدح. وجدير بالذكر أنّ الخوارزمي اهتمّ بسلوك الأشخاص وأفعالهم من خلال انتقاء النعوت السلبي المطلق أو الإيجابي وما دخل في ميزاتهم الجسمية، ليُبرز الاختلاف بين قول خصمه الحجاجي وفعله. في هذا المسار، اعتمد الخوارزمي على حجة الشخص وأعماله، فنجاعته ضعيفة من حيث أنها تتغير في تعدد الظروف وتغير المقامات؛ هذا وإن الاعتماد على الحجج شبه المنطقية أكثر نجاعة بالنسبة إلى سائر أنواع الحجج؛ ولكنّ الخوارزمي ما اعتمد عليها كثيرا. تمتّع الخوارزمي في رسائله السخرية بأكثر حريةً؛ ولهذا وظّف الحجج المؤسّسة لبنية الواقع خاصّة التشبيه ليتمثّلَ تناقض سلوك المسخور في قوله وفعله، وبالغ في وصف عيوبه بنعوت منفرة وصور مقززة، ليفوته فرصةَ التأمل والدفاع ولا يُعطيه مجالًا لسماع ردّ الخصم. وبما أنّ الغرض منها إثارة عواطف المسخور وانفعالاته، فحجاجه مبني على العاطفة والإحساس يميل إلى المغالطة؛ ولهذا وقع في التضليل في عمليته الحجاجية. واستند الخوارزمي في الحجج التي تستدعي القيم والمشترك إلى جملة من القيم المشتركة في المجتمع العربي القائمة في الضمائر؛ هذا وتوظيفها ليس بشكل إيجابي مطلق دائما، بل قد تكون بشكل السلبي المطلق، بحيث أشار إلى التصوير الخُلُقي ولا التصوير الخِلقي، منه نعوت سيّئة للمسخور، وأثبتها للخصم الحجاجيّ كي يدعوه إلى طريق الصواب وإصلاح نفسه؛. ومع أنّ غرضه شخصي فحججه تُبنى على العواطف والمشاعر؛ ولهذا قامت حججه على ضرب من المغالطة الحجاجية لتثير الأحاسيس والمشاعر.
[1]. Perelman [2]. Tyteca [3]. Ducrot [4]. Anscombre [5]. Facts and Truths [6]. Presumptions [7].Values [8]. Hierarchies [9]. loci [10]. Mesure | ||
مراجع | ||
ابن منظور، أبو الفضل جمال الدين محمد بن مكرم. (1988م). لسان العرب. بيروت: دار الجيل ودار لسان العرب. أبو حطب، دينا سليمان حسن. (2017م). التکوین البديعي في شعر عبد الكريم السبعاوي: دراسة سيميائية. رسالة الماجستير. جامعة الأقصى. كلّية الآداب والعلوم الإنسانية. بوبلوطة، حسين. (2010م). الحجاج في الإمتاع والمؤانسة. رسالة الماجستير. جامعة الحاج لخضر. كلية الآداب والعلوم الإنسانية. الحسن، طلال أحمد العوض. (2006م). أبوبكر الخوارزمي وآثاره الأدبية: دراسة تحليلية نقدية. رسالة الماجستير. جامعة أمدرمان الإسلامية. كلية اللغة العربية. الحمادي، لطيفة عبد اللّٰه. (2021م). «السخرية في المقامة الصورية لليازجي: دراسة تداولية». مجلة الآداب للدراسات اللغوية والأدبية. ع 12. ص 403 ـ 438. الخوارزمي، أبو بکر محمد بن موسى. (1384ﻫ.ش). رسائل الخوارزمي: التصحيح والتحشية. التحقيق: محمد مهدى پورگل. تهران: انجمن آثار و مفاخر فرهنگی. الدريدي، سامية. (2011م). الحجاج في الشعر العربي: بنيته وأساليبه. ط 2. إربد: عالم الكتب الحديث. الدهري، أمينة. (2011م). الحجاج وبناء الخطاب في ضوء البلاغة الجديدة. المغرب: شركة النشر والتوزيع المدارس ـ الدار البيضاء. الشريف، ريم. (2020م). «حجاج الصورة الساخرة في الخطاب السياسي». المجلة العربية للعلوم ونشر الأبحاث. ج 6. ع 1. ص 59 ـ 71. الشهري، عبد الهادي بن ظافر. (2004م). إستراتيجيات الخطاب: مقاربة لغوية تداولية. بنغازي: دار الكتاب الجديدة المتحدة. صمّود، حمادي. (1998م). مقدمة في الخلفية النظرية لمصطلح الحجاج، ضمن كتاب جماعي من إنجاز فريق البحث في البلاغة والحجاج: أهمّ نظريات الحجاج في التقاليد الغربية من أرسطو إلى اليوم. تونس: نشر كلّية الآداب منوبة. صولة، عبد اللّٰه. (2001م). الحجاج في القرآن من خلال أهمّ خصائصه الأسلوبية. بيروت: دار الفارابي. ـــــــــــــــ . (2011م). في نظرية الحجاج: دراسات وتطبيقات. تونس: مسكيلياني للنشر. الضمور، محمود صالح. (2016م). أبوبكر الخوارزمي: حياته وأدبه. عمان: دار دجلة. طه، نعمان محمد أمين. (1978م). السخرية في الأدب العربي حتى نهاية القرن الرابع الهجري. الأزهر: دار التوفيقية للطباعة. عادل، عبد اللطيف. (2013م). بلاغة الإقناع في المناظرة. الجزائر: ضفاف والاختلاف. عامر، فاطمة. (2019م). «البعد التداولي لأفعل التفضيل في الحديث النبوي الشريف». مجلة دراسات لسانية. ج 3. ع 2. ص 78 ـ 99. عبد الرحمن، طه. (2000م). في أصول الحوار وتجديد علم الكلام. ط 2. بيروت: المركز الثقافي العربي. العزاوي، أبوبكر. (2010م). الخطاب والحجاج. بيروت: مؤسسة الرحاب الحديثة. ـــــــــــــــــ . (2006م). اللغة والحجاج. المغرب: الدار البيضاء. العمري، محمد. (2012م). البلاغة الجديدة بين التخييل والتداول. ط 3. المغرب: أفريقيا الشرق. ــــــــــــــــ . (2002م). في بلاغة الخطاب الإقناعي. المغرب: أفريقيا الشرق. العيد، مريم بنت عبد العزيز بن عبد اللّٰه. (2021م). «السخرية من السلطة في نوادر أبي العيناء اليمامي: دراسة تداولية». مجلة الجامعة الإسلامية للدراسات الإنسانية. ص 78 ـ 96. محفوظي، سليمة. (2017م). الحجاج في رسائل الجاحظ: دراسة تداولية حجاجية. أطروحة دكتوراه. جامعة باتنة. كلية الآداب واللغات. هديب، فريال. (2021م). «البنى الأسلوبية في الأدب الصغير والكبير: مقاربة حجاجية». دراسات العلوم الإنسانية والاجتماعية. ج 48. ع 1. ص 84 ـ 106. | ||
آمار تعداد مشاهده مقاله: 1,122 تعداد دریافت فایل اصل مقاله: 440 |