تعداد نشریات | 43 |
تعداد شمارهها | 1,686 |
تعداد مقالات | 13,791 |
تعداد مشاهده مقاله | 32,438,898 |
تعداد دریافت فایل اصل مقاله | 12,807,123 |
المفردات الحسیة في اللغة العربیة دراسة نسویة | ||
بحوث في اللغة العربية | ||
مقاله 7، دوره 13، شماره 25، دی 2021، صفحه 95-110 اصل مقاله (1.38 M) | ||
نوع مقاله: المقالة البحثیة | ||
شناسه دیجیتال (DOI): 10.22108/rall.2021.124428.1311 | ||
نویسندگان | ||
عطيه يوسفي1؛ بتول مشکين فام* 2 | ||
1طالبة الدكتوراه في قسم اللغة العربية وآدابها بجامعة الزهراء، طهران، إيران | ||
2أستاذة مشاركة في قسم اللغة العربية وآدابها بجامعة الزهراء، طهران، إيران | ||
چکیده | ||
يكتسي موضوع اللغة النسائية والنقد النسوي في الأعمال السردیة أهمیة بالغة. ولقد عدّ الباحثون مواصفات للغة المرأة كالرؤیة الدقیقة في الأشیاء، وتوظیف الجمل القصیرة وعلامات غیر لغویة في الکلام والکتابة. یحاول هذا البحث استقصاء خصوصیة اللغة النسائیة والتطلع إلی علاماتها الممیزة، ضمن البحث عن إمكانیة استعمال هذه التسمیة "اللغة النسائية" عن طریق اكتشاف خصوصیاتها الأدبیة بشأن المفردات الحسیة. المفردات الحسیة هي التي ترتبط بالحواس الخمس: "الرؤیة"، و"السمع"، و"التذوق"، و"الشمّ"، و"اللمس". تسعی هذه الدراسة إلی البحث عن هذه المفردات في الكتابة النسائیة لبنیة الروایة، وذلك وفقا للمنهج الوصفي ـ التحلیلي، معتمدة علی المقارنة بین لغة الروائية، لیناهویان الحسن، في روایة ألماس والنساء (2014م)، والروائي، عزام فادي، في روایة سرمدة (2011م). تعتمد الدراسة علی نظریة علم الدلالة المعجمیة المعرفیة، بوصفها نظریة تقوم بتأطیر ظاهرة الاتساع الدلالي المنهجي للمفردات. لقد كشفت الدراسة عن عدم وجود الهوة بین الروائي والروائية في استخدام المفردات الحسیة في الدرجة الأولی، وثانیاً عدم اعتبار هذه المفردات كمیزة من مواصفات لغة المرأة، علی أن المرأة تعني باستخدام المفردات والجمل التي تتعلق بالحواس، ولكن لا یعتبر توظیف المفردات الحسیة مما یمیز الروائية عن الروائي في السرد، بل أحیانا یستخدم الروائي هذه المفردات أكثر من الروائية، وخاصة في استعمال حاسة البصر، وحاسة اللمس في المعنی غیر الحقیقي. | ||
کلیدواژهها | ||
الحواس الخمس؛ المفردات الحسیة؛ الروایة العربیة؛ اللغة النسائية | ||
اصل مقاله | ||
تؤدي الحواس وما یرتبط بها دوراً مهماً في أسلوب الكاتب، فهو لا یستغني عن توظیف المفردات الحسیة في كتابته. المفردات الحسیة هي التي ترتبط بالحواس الخمس: "الرؤیة"، و"السمع"، و"التذوق"، و"الشم"، و"اللمس". إن هذه الحواس تشكل مصدرا رئیسا للإدراك ومعرفة كل الأحداث التي یواجهها الإنسان. ومن میزات المفردات الحسیة هي تجسید المعاني المتعددة. تعدد المعاني یطلق علی مفردة تصدر عنها المعاني المختلفة التي تعتبر من عناصر الاتساع الدلالي. یری آنتنانو[1] أن في حالة تعدد المعاني ثمة علاقة منظمة ومنهجية بین الدلالات (1999م، ص 177). ومن العناصر المؤثرة علی الاتساع الدلالي التي تدرس قضیة تعدد المعاني المنهجیة هي: التصنیف[2]، والتصنیف الشعاعي[3]، والاستعارة المفهومیة[4]، والخطة الذهنیة[5]. البحث هذا یتم تحلیله في إطار هذه الآلیات. احتلت اللغة مكانة ممیزة في تعبیر الكاتب عن أفكاره وأحاسیسه. ولكل جنس من البشر ألفاظه وعباراته وأدواته التي تمیزه من الآخرین وتخلق أسلوباً یختص به. تشیر لاكوف[6] إلی وجود الاختلاف بین المرأة والرجل في استخدام المفردات والمصطلحات في المواقف المختلفة من الكتابة، وتعتبر للمرأة المخزون اللغوي الذي یتعلق بها ویمیزها عن الرجل (1990م، ص53 ـ 55). في مجال تسمیة لغة المرأة، یمیز رضا الظاهر بین مفهوم "اللغة النسائية" و"الكتابة النسویة"، فيرى أن المفهوم الأول يدلّ علی ما تكتبه النساء من وجهة نظرهن، سواء كانت هذه الكتابة عن النساء أو عن الرجال أو عن أي موضوع آخر؛ أما المفهوم الثاني فیدلّ علی الكتابة التي تعالج قضایا نسویة، سواء كانت من إبداعات المرأة أم الرجل (2001م، ص 10). أثارت أدبیة المرأة جدلا في حقول النقد العربي، وخاصة في فن الروایة التي تهتم بها المرأة. رغم تداول مصطلح "اللغة النسائیة" بشكل كبیر في الساحة البحثیة، إلا أن هذا المصطلح ما یزال غامضا لعدم امتلاك نظریة موحدة. تصورنا وإذا أن ثمة علاقة بین الجنس واللغة، تبرز ضرورة دراستها في تحلیل الأسلوب الروائي. لاكوف في بحثها اللغة ومكانة المرأة، قامت بدراسة العلاقة الموجودة بین اللغة والجنس مستنتجةً أن التباین بين المواقف الاجتماعیة والاختلافات العرقیة والثقافیة يؤدي إلی الاختلاف في الطبیعة اللغویة بین المرأة والرجل (1973م، ص 51 ـ 80). تتمیز دراسات اللغة النسوية بأنها ركزت علی التعابیر والجملات والأسالیب، دون إشارة إلی المفردات الحسیة. من هذا المنطلق، يستهدف هذه البحث تبیین أسلوب المرأة في استخدام المفردات الحسیة والتباین الموجود بینها وبین كتابة الرجل، معتمداً علی عناصر الاتساع الدلالي الأربعة. وبما أن الروایة أكثر الأجناس الأدبیة استخداما للذخائر اللغوية والمفردات المتداولة، فقد تمّ اختیار روایتین اعتباطیا من روائي سوري وروائیة سوریة، وقد نشرت الروایتان في سنة واحدة وتتقاربان في الحجم. يحاول البحث الردّ علی ما یأتي من الأسئلة: ـ هل یمكن أن نعدّ استخدام المفردات الحسیة من مواصفات اللغة النسائیة؟ ـ کیف تتمظهر المفردات الحسیة في عمل الروائیة؟ ـ ما الفرق بین أسلوبي المرأة والرجل في استخدام المفردات الحسیة؟ 1ـ1. منهج البحث لا يريد البحث أن يتناول المستویات الثلاثة: اللغویة، والنحویة والخطابیة، بل یكتفي بتناول المفردات الحسیة ودورها في الکتابة ويسعى إلی استقصاء أسلوب المرأة في استخدام المفردات الحسیة والاختلاف الموجود بینها وبین كتابة الرجل، لغویاً ودلالیاً، معتمدا علی عناصر الاتساع الدلالي الأربعة: التصنیف، والتصنیف الشعاعي، والاستعارة المفهومیة، والخطة الذهنیة. تتبع هذه الدراسة منهجا وصفيا ـ تحلیليا کما تعتمد على إحصاء المفردات الحسیة في الروایتین. نظراً إلی أن أسلوب المرأة یحصحص في المقارنة بینها وبین أسلوب الرجل، استقام البحث بالاعتماد علی الروایتین من الروائية والروائي السوریین اللتین تعدّا المادة الأولی المغذیة للبحث والدراسة عن الموضوع، وهما: روایة ألماس والنساء (2014م)، للیناهویان الحسن، ورواية سرمدة (2011م)، لعزام فادي. 1ـ2. خلفیة البحث حسب ما وصل إلینا، لم یتطرق أحد إلی دراسة میزات الكتابة النسائیة في استخدام المفردات الحسیة، لكن قد وجدنا دراسات مستقلة حول الكتابة النسویة والنقد النسوي. تناولت دراسات عدیدة موضوع لغة المرأة، فهي بحوث یعتریها ما یعتري من منهجها من عمومیة في الدلالة حول النقد النسوي وانصبت معظمها علی دراسة أسالیب السرد القصصي النسائي، متطرقةً إلی مكانة اللغة النسائية وأهمیتها في سیرورة الكتابة الأدبیة. فيتطرق عيسى برهومة (2002م)، في كتابه اللغة والجنس، ومحمود فتوحى رودمعجنی (1391ﻫ.ش)، في كتابه نظریهها، رویكردها وروشها، (= الآراء والاتجاهات والأسالیب)، إلی أسالیب لغة المرأة مشیرين إلی اختلاف الجنسین في التألیف. وأما ما یدنو من دراستنا فهي ما يلي: مقالة اللغة والجنس في القصص القصیرة لفضیلة الفاروق وزویا بیرزاد في ضوء آراء روبن لاكوف، لعلىاكبر احمدى جنارى وزملائه (2018م)؛ فتسعی هذه الدراسة إلی دراسة میزات الكتابة النسائیة لبنیة القصص القصیرة معتمدة علی نظریة روبن لاكوف؛ تدل النتائج علی أن القاصّتین قد قامتا بتوظيف خطابهما السردي توظیفا یناسب سمات الجنسیة النسویة فتشمل غالبیة كلمات القاصتین كلمات متلطفة، مهذبة ومزیجة بعالم المرأة العاطفي مع خلیط من اللغات الدالة علی الألوان النسائية، وكذلك جمل وصفیة ومؤكدة وعبارات تدل علی التشكیك والاستفهام. إضافة إلی المیل إلی استخدام الألوان المختلفة والتعابیر المختصة بالمنزل والكلام الرومانسي أكثر مما یتوجه إلیه الرجال في كتاباتهم. ومقالة بررسی متغیر جنسیت با تكیه بر زبان زنانه در رمان كنیزو اثر منیر روانیپور، (1396ﻫ.ش)، (= دراسة مؤشر الجنس في اللغة النسائية في روایة كنیزو لمنیر روانى بور)، لحسن دلبرى وزملائه. تطرق البحث إلی میزات أسلوب المرأة في روایة كنیزو مشیرا إلی الاختلاف بین لغة المرأة والرجل، حیث توصل إلی نتیجة مفادها أنّ لغة الروائية قویة، رغم رأي علماء علم اللغة الذي یدل علی ضعف لغة المرأة في الكتابة، یقول: إن كثرة استعمال المؤكدات تناقض نظریة علم اللغة في معاییر أسلوب المرأة؛ أما الجملات التعجبیة والنداء ولا سیما استعمال الألوان فتناسب لغة المرأة. ومقالة تحت عنوان بررسی زبان نوشتاری زنانه بر اساس نظریه گفتمان جنسیتی (= دراسة الكتابة النسائیة بناء علی الخطاب الجنسي)، ليحيى طالبيان وزملائه (1395ﻫ.ش). تقارن المقالة بین لغة الجنسین، المرأة والرجل وتؤكد علی تحدید أسلوب الكتابة، نظراً إلی الخصائص الممیزة لكل مؤلف؛ فیری الباحثون رغم أن هناك نظریات وآراء في مجال تحدید معاییر الكتابة لكلا الجنسین، ولكن كل منهما بإمكانه أن یكتب وفق معاییر الجنس المخالف بناء علی قدراته في الكتابة؛ وأما بغض النظر عن أسالیب الكتابة فمن الممكن التعرف علی جنس الكتابة إلی حد ما. ورسالة سبک زنانه در سه رمان "احتمالا گم شدهام"، "روز حلزون"، "پاییز فصل آخر سال است"، و دو مجموعه داستان "سرمهدان میناكاری" و"زن در باد"، (= الأسلوب النسائي في روایات "ربما ضیعت"، "یوم حلزون"، "الخریف آخر فصل السنة"، وفي القصتین "مكحل مینا" و"المرأة في الریح")، لسپیده یگانه (1396ﻫ.ش)؛ نظرا إلی معاییر الأسلوب النسائي، فتوصلت الباحثة إلی نجاح الرواة في هذه الروایة في مراعاة المستوی اللغوي، واستخدام میزات لغة المرأة، منها: كمیة متوسطة من استخدام المفردات والتعابیر التي تشیر إلی جنس الإناث، وكثرة التأكید وعدم الالتزام بالأدب في الكلام، واستعمال الجملات البسیطة والقصیرة، واستخدام الجمل الخبریة والاستفهامیة من الجملات الإنشائیة ثم العاطفیة علی التوالي التي تشیر إلی جنس الكاتب، إضافة إلی تبیین المیزات الأدبیة والمفهومیة في النص. ومقالة بررسی سبک زنانه در رمان كوچه اقاقیا نوشته راضیه تجار (= دراسة الأسلوب النسائي في روایة زقاق اقاقیا من راضیة تجار) (1397ﻫ.ش)، لفائزه عرب یوسفآبادى وشهلا كلبعلى. قام البحث بالدراسة والكشف عن أسالیب لغة المرأة في الروایة. ومن أسالیب لغة المرأة التي تشیر إلیها الكاتبة هي: التأكید، والتعریض، والتكرار الدال علی عدم الثقة، وموقف المرأة المتزلزل في المجتمع الذكوري، واستخدام مفردات الألوان والتفاصیل في الكلام الذي یوافق جنسیتها حسب معاییر أسلوب المرأة. نظراً إلی الدراسات السابقة، یبدو أنها تدرس الكتابة النسائیة والأدب النسوي علی أساس آراء المنظریین. من هذا المنطلق، تسعی هذه المقالة إلی دراسة أسلوب لغة المرأة في الروایتین العربیتین من خلال معالجة المفردات الحسیة باعتبارها أداة إبداعیة وأدبیة في تحدید أسلوب الكاتب.
الأسلوب النسائي مجموعة من التعابیر والمصطلحات التي تتمیز بها كتابة المرأة، ومرآة عاكسة لشخصیة الكاتبة أو الشاعرة لتبین ما یبطنها من المشاعر والأحاسیس. یری البعض أن الأسلوب النسائي یکشف عن رؤية المرأة وعقائدها وموقفها الاجتماعي (فتوحى، 1390ﻫ.ش، ص 395). تبرز الدراسات أن لغة المرأة تختلف عن لغة الرجل لاختلاف نزعاتهما الروحیة؛ من هنا تظهر أهمیة التمییز الجنسي في الكتابة، فیجدر بنا أن نتعرّف علی أهم میزات السرد القصصي النسائي. لقد قامت لاکوف بهذا الأمر ولاحظت وجود الاختلاف بین الرجال والنساء في استخدام الألفاظ والتعابیر ورأت أن المرأة تکثر من ذکر اللغات الدالة علی الألوان والزینة (1975م، ص 53). یمکن تلخیص ما تطرق إلیه الباحثون ولاکوف عن أسلوب المرأة في إطار ما یلي: ـ المرأة قد تلتزم باستخدام المیزات النحویة: كالتوصیفات الدقیقة والتركیب الوصفي، واستخدام الاسم أو الفعل أو الصفة أكثر من الرجل؛ ـ النساء أكثر استعمالا في مفردات وصف اللون والألفاظ الدالة علی قوة المشاعر واختیار الألفاظ الخاصة بعالم المرأة؛ ـ الاعتماد علی القضایا البلاغیة: كالتشبیهات، والتشخیص، والاستعارة، والكنایة، والجناس؛ ـ المرأة أكثر استخداما للعناصر غیر اللغویة، أي لغة الجسد والموسیقی واللحن؛ ـ رغبة النساء في النطق المعیاري والألفاظ المؤدبة وحسن التعبیر والكلام المهذب أكثر من الرجال، بغض النظر عن شریحتهن الاجتماعیة؛ ـ ميل المرأة الأكثر إلى استخدام ما یدل علی الشك والتردید (1973م، ص 51 ـ 80). ومن الباحثین الذین بذلوا مساعي لتوضیح خصائص الكتابة النسویة وقدموا إیضاحات في هذا المجال، هو برهومة الذي یری أن المرأة تمیل إلی المفاتیح غیر الكلامیة، كحركات الوجه والجسم؛ لإشاعة التوافق والتناغم فی خطابها، وبالتالي الوصول إلی التأثیر والتضامن؛ وأیضا المرأة تقترب من المنطقة الشخصیة لجلیستها وهي أكثر ملامسة لها؛ ولعل ذلك یوحي إلی التوحد والمودة، فثمة صلة بین الاقتراب واللمس؛ أما الرجل فیفضل إبقاء مسافة بینه وبین محدثه وقلما یوظف اللمس في عملیة التواصل والانسجام (2002م، ص 143 ـ 144). رغم الإشارة إلی میزات اللغة النسائية، یری أنها تتعدد في أسالیب الاستخدم، وإیحاءاتها في الكتابات النسائیة ثرّة متنوعة تختلف باختلاف أدواتها وسیاقاتها، وتتبین بتبین استعمالاتها ولیس أمر حاسم بین الرواة. وما حثتنا علی تناول هذا الموضوع، هي دراسة المفردات الحسیة والاختلاف في استعمالها بین الروائي والروائية، لنری هل یمكن اعتبارها كمیزة من مواصفات الأسلوب النسائي.
3.وصف معطیات الدراسة وتحلیلها تماشیا مع الخطة المعروضة، ستتم المقارنة بین كتابة الروائية والروائي في استخدام المفردات الحسیة. التقارن بین لغة المرأة والرجل عبر تقدیم الإحصائیات یساعد في تقصي سیرورة منهج المرأة في كتابة الروایة، نظراً إلی الجانب اللغوي ولا سیما المفردات الحسیة. وذلك عبر الاستعانة بمجموعة من عناصر الاتساع الدلالي في كیفیة استعمال المفردات الحسیة، وهي: التصنیف، والتصنیف الشعاعي، والاستعارة المفهومیة والخطة الذهنیة: * التصنیف: وهو من إفرازات العقل البشري الذي ینظم تصورات التجربة الإنسانیة؛ إذ الإدراك وعملیة العقل مبني علی أساس الدلالة (افراشى، 1395ﻫ.ش، ص35). علم اللغة یعتبر اللغة كأداة تصنیف المعرفة، معرفة تنبثق من البیئة ومن تفاعل الإنسان والعالم الخارجي. یعتقد بعض المنظّرین أنّ التصنیف هو النهج العقلي الذي یجمع السمات الرئيسة والممیزة لمجموعة من المفردات باعتبارها ممثلة لتلك المجموعة (ایوانز وغرین، 2006م، ص 249). من هنا، یشیر هذا العنصر إلی أن العضویة في مجموعة من المفردات تتطلب المیزات المشتركة فیما بینها. * التصنیف الشعاعي: وهو يعتبر من الاتجاهات الجدیدة في قسم التصنیف. هناك رأي في علم اللغة المعرفیة بأن لا تطلق الدلالة الواحدة علی كل مفاهیم المفردة، وقد تكون بعض هذه الدلالات أمثلة فضلی لتبیین مفهومها والباقي یعتبر من الأمثلة الجانبیة. نظراً إلی التصنیف الدلالي، یری بعض المنظرین أنّ الدلالات المختلفة لمفردة متعددة المعاني تشكل التصنیف الشعاعي وتُنظّم أعضاء هذا التصنیف علی أساس الدلالة المركزية، وهذه الدلالة محددة ومقررة للاتساع الدلالي (كریمى دوستان وروحى بایگی، 1393ﻫ.ش، ص 133). هناك فرق بین التصنیف التقلیدي والتصنیف الشعاعي؛ ففي التصنیف التقلیدي تضع كل المفردات المتعلقة بتصنیف خاص تحت مجموعته، سواء كانت ذات الاختلاف الدلالي أم لا؛ بینما في التصنیف الشعاعي یتم وضع المفردات ذات الدلالة الواحدة في مجموعة خاصة بها وتجعل الدلالة المركزیة في مركز الدائرة والدلالات الجانبیة في شعاعها، فتتم دراسة الدلالات الجانبیة وفقاً للمعنی المركزي. * الاستعارة المفهومیة: وهي من فروع علم اللغة المعرفیة التي تسعی إلی دراسة آلیة العقل البشري المفهومية في علاقتها باللغة. یری لایکوف ومارك جونسن فيكتابهما الاستعارات التی نحیا بها[7]، أن الاستعارة الیوم سیطرت علی كل حیاتنا من الفكر والعمل ولا تقتصر علی اللغة فحسب، فيقولان: «الاستعارة لیست مادة اللغة، لغة مصنوعة من الكلمات، بل نعتقد أن عملیة الفكر الإنساني مجازي إلی حد كبیر، نعني أن هیكلة نظام البشر المفهومي استعاري» (2003م، ص 7). في ضوء هذه النظریة، نری أن الاستعارة تعكس نظام الذهن البشري المفهومي المتأثر من الثقافة والتجربة في إطار اللغة. المفهوم الرئیس في نظریة الاستعارة المفهومية هو رسم الخریطة[8] الذي یدل علی المراسلات المنهجیة الموجودة في المجالات المفهومیة؛ علی سبیل المثال، توجد هذه المراسلات المنهجیة بین مفهوم "الأمة" و"القافلة"؛ ففي عبارات "یلبي الناس نداء رئیس قافلتهم" أو "تخلف البعض عن مرافقة أمتهم علی طول الطریق"، یمكن استخدام مفردات، نحو: "رئیس القافلة"، و"المرافقة"، و"الطریق"، ليتبين المفهوم الاستعاري لـ"أمة" (افراشى، 1395ﻫ.ش، ص 67 - 68). من هذا المنطلق، یبدو أنه توجد مثل هذه المراسلات المنهجیة بین المفاهیم المتعلقة بالحواس في النصوص السردیة. * الخطة الذهنیة: وهي تطلق علی معرفة البیئة المنبثقة من تفاعل جسم الإنسان معها والتي تحدد شبكة من المعاني والأنماط للتفكیر والإستدلال في جمیع أنحاء الذهن (جونسن، 1987م، ص xvi). یری همب[9] أن الخطة الذهنیة هي الهیكلة التجریبیة المعتمدة علی الجسم، وأصلها تعود إلی حركات جسم الإنسان المتكررة، وتعتبر الخطة الذهنیة عینة ذهنیة لكثیر من المفاهیم والتجربیات (2005م، ص 1). من القضایا المهمة في تحدید هذه الخطة هو التكرار. نعني من التكرار تجارب تؤدي إلی تكوین الخطة الذهنية ثم تساهمها في الاستدلال والفهم. لذلك، بإمكاننا فهم معاني المفردة الواحدة في الجمل المختلفة رغم الاختلاف في المعنى. 3ـ1. التصنیف 3ـ1ـ1. الرؤیة وذلك نحو: * "رأی"، وذلك نحو: «لم یرها إلا مرة واحدة قبل أن یقف فی الكنیسة» (الحسن، 2014م، ص 20). * "نظر"، وذلك نحو: «ینظر إلیها بنهم» (المصدر نفسه، 2014م، ص 81). * "شاهد"، مثل: «یومها بالذات، لم تتجاهل ألماظ ما شاهدت فقد تركتهما منهمكین بلذتهما وعادت إلی المطبخ» (المصدر نفسه، 2014م، ص 54). * "تراقب"، على سبيل المثال: «قضت النهار بطوله وهي علی ظهر السفینة تراقب الدخان المتصاعد من جبال» (المصدر نفسه، 2014م، ص 18). *" تمعّن"، نحو: «تمعّنت بملامحه وكأنها تفتح صنادیق التذكر وتخرج أشیائها السریة» (المصدر نفسه، 2014م، ص 57). * "لمح"، وذلك نحو: «استغرب أنه لم یلمحها قبلا رغم أنها تسكن في وحدة سكنیة قریبة من حیث یسكن» (المصدر نفسه، 2014م، ص 195). تم تصنیف مفردة "الرؤیة" علی سبعة أقسام في روایة الحسن، ولكل صنف معنی خاص. فدلالة "رأی" ـ وهو بمعنى نظرَ بالعین أو العقل (معلوف، 2010م، ص 243) ـ یدل علی النظر العادي؛ و"نظر" ـ یعني أبصر وتأمل بعینه وتدبر وفكر (مصطفی وزملاؤه، 2004م، ص 932) ـ في حالة الإمعان والدقة في الرؤیة تستعمل هذه المفردة؛ و"شاهد" ـ من المدركات بالحواس یعني رآه وعاینه (عمر، 2008م، ص 1241) ـ وكثیراً ما یستخدم عند الرؤیة الترفیهیة، مثلاً النظر إلی الطبیعة عند التجول أو رؤیة الأفلام؛ و"راقب" ـ مراقبة ورقابا: أي حرسه ولاحظه (مصطفی وزملاؤه، 2004م، ص 363) ـ یعني النظر إلی شيء ورصده وملاحظته؛ و"تمعّن" ـ بمعنى تدقق، ونظر فیه وتدبره وتمهّل (عمر، 2008م، ص 2110) ـ یدل علی التعمّق في موضوع ما أو النظر إلی شيء نظراً ملیاً؛ ومفردة "لمح" بمعنی نظرة خفیفة وسریعة إلی شيء؛ وجاء في القاموس أنه یدلّ علی اختلاس النظر (2008م، ص 1486). في دراسة كتابة الراوي، تم تصنیف مفردات الرؤیة إلی عشرة أقسام. ومما أضاف إلی ما ذكرنا من روایة الكاتبة هي "بصر"، و"تلصص"، و"تطلع"، و"رمق"، و"حدّق"، دون "تمعّن". فـ"بصر" حس العین المستوحى من القلب: نظره وخاطره، یعني النظر بالتعمق أو النظر الباطني (الفیروزآبادي، 2008م، ص 134)؛ و"تلصص" تخلق بأخلاق اللصوص وتجسس، یدل علی النظر أو السمع بالتجسّس في الخفاء (عمر، 2008م، ص 2010)؛ و"تطلع" بمعنی الاتجاه إلی شيء بالنظر، وأیضا جاء في القاموس بمعنی الترقب بشوق والرغبة في شيء (2008م، ص 1012)؛ وأما "رمق" فبمعنى نظر إلیه وأتبعه ببصره یرقبه ویتعهّده، فیعني التركیز علی شيء بالنظر أو إطالة النظر علیه (عمر، 2008م، ص 943)؛ وأخیرا، "حدّق" بمعنى حدد النظر إلیه، وذلك یعني تشدید النظر مع التركیز والإمعان (مصطفی وزملاؤه، 2004م، ص 122). نظراً إلی ما تقدّم، نری أن الروائية استخدمت سبع مفردات لإلقاء معنی الرؤیة والروائي عشر مفردات مختلفة لتبیین المفهوم الملحوظ. وكل مفردة بدلالاتها المختلفة یتم وضعها في تصنیف واحد. علی أن المرأة تتمتع بقدرات حسیة، أكبر بكثیر من الرجل، وهي أكثر دقة في استعمال هذا الحس، أي الرؤیة، خاصة في تحدید الألوان (د.ن، 18/7/1393)، ولكن نری تفوق الراوي علی الراویة في هذا الحس، وهو یستمتع بالنظر الثاقب أكثر من الروائیة ویتواصل البیئة بالعین أكثر من سائر الحواس بالنسبة إلی المرأة، دلیل علی ذلك استعمال مفردات: كـ"تلصص"، و"تطلع"، و"رمق"، و"حدّق" التي تبیّن میزة الرجل في تتبع الأشیاء بالعین إما من بعید وفي الخفاء وإما بالشدة والوضوح. وحتی بالنسبة إلی نوع النظر، یتزاید تبیین نوع الرؤیة في روایة الكاتب، نحو: "النظرة المحیرة"، و"النظرات الباردة"، و"ترمقها بحقد وغلّ"، و"نظرة شفقة"، و"نظرتها أقل صرامة"؛ والروائیة أقل استخداما من الكاتب في الإشارة إلی نوع النظر. تؤدي المفردات دورا مهما علی المستوی البنائي وتحدد ارتباط الحواس بعالم الكاتب الداخلي، وهو یحاول التنسیق مع قرائه بشكل واسع. 3ـ1ـ2. السمع وذلك نحو: * "سمع"، وذلك نحو: «وقتها لم تكن سمعت بالكونت دي مونت كریستو ولم تقرأ روایة الكسندر دوماس تلك» (الحسن، 2014م، ص 16). * "نصت"، نحو: «تنصت بشغف لنداء كارلوس» (المصدر نفسه، 2014م، ص 217). تم وضع مفهوم السمع في كتابة الروائية في صنفین، وفي رأسهما مفردة "سمع" و"نصت". والفرق بینهما يمكن في أن الإنصات یعني الاستماع بانتباه، أما السمع فالإدراك بحاسة الأذن دون اهتمام وتركیز. والروائي استعمل المفردتین: "الإصغاء" و"الاستماع". و"الإصغاء" یعني الاستماع الحسن إلی شيء والمیل إلیه بالرغبة، و"الاستماع"، حسب القاعدة العامة «زیادة المباني تدل علی زیادة المعاني» (سيبويه، د.ت، ج 4، ص 14)، یعني الإصغاء إلی شيء باهتمام، فیكون الاستماع أقوی من السمع. عند الموازنة، یبدو أن الروائي أکثر من استخدام المفردات الحسیة المتنوعة لحاسة السمع أكثر من الروائية. هنا یبرز الدور الفاعل لحاسة السمع في تعریف هویة الكاتب أو الكاتبة، وذلك من خلال ما یستخدمها الكاتب من مفردات الأصوات لنقل ما یجري. حسب الدراسات، إن المرأة تتفوق علی الرجل في استخدام حاسة السمع، وهي أكثر قدرة علی سماع الأصوات (د.ن، 29/12/1394). یبدو أن هذا الاختلاف بین الذكر والأنثی في توظيف الحواس یؤثر علی كیفیة الكتابة، ولا سیما في استخدام المفردات. لکن ما تظهره هذه الدراسة هو أن الروائي أكثر اهتماما واستعمالا لمفردات حاسة السمع بالنسبة إلی الروائية. 3ـ1ـ3. التذوق هي حاسة استشعار الطعم في الفم بأداة اللسان ضمن المذاقات الرئيسة، وهي: الطعم المالح والحامض والمر والحلو. لكل نوع من المذاقات طريقة خاصة في العمل من خلال خلایا عصبیة في المخ من أجل استشعار الطعم الخاص به. * "تذوق"، نحو: «لمدة أربع سنوات قضاها بوتان في غرفة من الوحدات السكنیة الطلابیة في جامعة لومومبا، تذوق خلالها طعم أجساد لفتیات جئن من مختلف بقاع العالم» (الحسن، 2014م، ص 194). * "تلمّظ"، مثل: «هو یغادر منزلها متلمظاً بقبلة ساخنة أخذها منها وهي تودعه» (المصدر نفسه، 2014م، ص 198). استعملت الحسن المفردتین لحاسة التذوق، وهما یختلفان في اللفظ والدلالة. و"التذوق" يدل علی إدراك الطعم باللسان و"تلمّظ" أیضا بمعنی التذوق؛ وجاء في معجم اللغة العربیة المعاصرة: الأَخذ باللسان ما يبقى في الفم بعد الأكل، وقيل: هو تتبّع الطعم والتذوق، وقيل: هو تحريك اللسان في الفم بعد الأكل، كأنه يتتبّع بقية من الطعام بين أسنانه (2008م، ص 2036). استعمل كلا الروائيين هذه المفردة استعمالاً غیر حقیقي، فقد وردت للدلالة علی الاستماع والتلذذ بالقبلة والكره (الدلالة علی الانتقام). رغم أن الروائي استعمل كلمة واحدة للدلالات المتعلقة بالتذوق، إلا أنه أكثر تكراراً وٱستخداماً من هذا الحس في التوظیف اللغوي والفني في الروایة بالنسبة إلی المرأة. هنا یبرز المستوی اللغوي في عملیة اكتشاف الجسد؛ إذ إن الحواس تمثل الأساس اللغوي المهم في خلق الدلالات المتنوعة في النص. 3ـ1ـ4. الشمّ وذلك نحو: * "تشمم"، وذلك نحو: «تتشمم رائحة فرحتها المنسیة في الشام من دون أن تغفل شیئا من تفاصیل ذكریاتها هناك» (الحسن، 2014م، ص 51). تتواجد حاسة الشمّ مرة واحدة في نص الروائية، ولكن في هذه الجملة أدت وظیفتها الفنیة في إطار مجازي؛ إذ كشف الأنف عن رائحة الفرح الذي یذكرها بالذكریات. والروائي استفاد هذا الحس في نصه سبع مرات بشكل حقیقي واستعاري: كـ"شمت الحلیب"، و"تشمم ملابسه"، و"شممت روائح طفولتي"، و"شمهم قصف عمره". وإلی جانب "شم"، قد استخدم مفردة أخری في روایته، وهي "استنشق". و"الاستنشاق" بمعنى تدخل الشيء إلی المنخریة إما أن يكون بالهواء، أو بالماء والمسحوق، فیكون أكثر عمومیة من الشمّ. رغم أن الدراسات توصلت إلی قدرة حاسة الشم عند المرأة وجعلها أكثر قدرة علی تمییز الروائح (د.ن، 29/12/1394)، إلا أن الروائي أكثر استخداما من هذا الحس في نصه، من حیث التنوع والتكرار والدلالة المجازیة وغیر المجازیة. لذلك، نجد تأثیر الحواس في عملیة الكشف عن الاختلاف بین أسلوب الرجل والمرأة عبر فاعلیة حاسة الشمّ في كتابتهما، وهذا ما یدل علی اهتمام الرجل علی الجسد وخاصة الحواس في تألیفه. 3ـ1ـ5. اللمس وذلك نحو: * "مسّ"، وذلك نحو: «كل ما هو موجود أحجار مختلفة مربوطة بالحبال یمسّ بعضها بعضا فتصدر صوتا یشبه صوت الناقوس» (الحسن، 2014م، ص 33). * "اللمس"، وذلك نحو: «في نهایة كل سهرة كانت تحظی بلمسة بروتوكولیة من یدیّ الكونت وهو یساعدها علی ارتداء معطفها المكنّز بفراء السمور» (المصدر نفسه، 2014م، ص 48). إن اللغة العربیة لغة اشتقاقیة. والاشتقاق أداة لتولید الألفاظ ورجوعها إلی أصل واحد. لقد درس صبحي صالح قضیة الاشتقاق ورأى أنه وسیلة رائعة في تولید الألفاظ وتجدید الدلالات، ثم انقسمه إلی أنواع: الأصغر، والكبیر، والأكبر، والكبار. والأصغر أخذ كلمة من أخری بالتغییر في الصیغة مع تناسبها في المعنی واتفاقهما في حروف المادة الأصلیة؛ والكبیر هو الاتفاق في حروف المادة الأصلیة دون الترتیب والتناسب في المعنی؛ والأكبر هو التناسب في المعنی والاتفاق في بعض الحروف وترتیبها سواء كانت الحروف المتغایرة متناسبة في المخرج الصوتي أم لم تكن؛ وإذا كان الاشتقاق الكبیر یقوم علی القلب فمن الواضح أن الاشتقاق الأكبر یقوم علی الإبدال (2009م، ص 174 - 212)؛ لذلك "مسّ" وأخواتها، مثل: "لمس"، و"مسك"، و"مسح" من مجموعة واحدة مع بعض الاختلافات في الحروف والترتیب وبالتالي المعنی. و"اللمس" یعني اللصوق بالإحساس، و"المسّ" بمعنى اللصوق فقط وقد يكون "اللمس" بمعنى "المس". وقال البيضاوي: "المس" بمعنى إيصال الشيء بالبشرة، بحيث تتأثر الحاسة؛ واللمس كالطلب له، ولذلك يقال: ألمسه فلا أجده (1418ﻫ.، ج ۵، ص 252)؛ و"اللمس" أنه إن عارض الید شيء حائل بینها وبین الملموس لم یصح هناك لمس وأنما هو إهواء بالید نحوه ووصول منها إلیه (صالح، 2009م، ص 187). تبرز الدراسة أن هذا الحس، أي "اللمس"، قد استخدم بصورة مجازیة أكثر منه حقیقیة، کما یبدو في کیفیة توظیف هذا الحس في طیات نص الروائیة. وأما ما یستخدمها الروائي في هذا المجال فهو "التلمّس" و"التلامس"، إضافة إلی ما ذكر. وكلاهما يدلان علی التتبع والاستمرار في المس، إضافة إلی الرغبة والإلحاح. اللمس من الحواس التي تزید حساسیة المرأة فیها عن حساسیة الرجل؛ لأن جلدها أرق من جلد الرجل (د.ن، 31/1/1394). ولكن ما یرینا النص هو أنهما وظّفا هذا الحس في المعنی الحقیقي وغیر الحقیقي، إضافة إلی خلق المشتقات منها إلا أن تكرار هذه المفردة الحسیة في نص الروائي أكثر من نص الروائية. إضافة إلی هذا، لقد أدّی هذا الحس وظیفته الفنیة في الكتابتین ومثّل دورا جمالیا في بناء النص. وبالعودة إلی السیاق اللغوي، یستوقفنا هذا التصنیف. فیمكن تقسیم المفردات الحسیة في مجموعة خاصة بها، معتمداً علی الاختلاف اللفظي والدلالي. فأخذنا المیزة الرئيسة، وهي: الرؤیة، أو السمع، أو الشمّ، أو التذوق، أو اللمس، ثم جعلنا كل المفردات ذات المعنی الخاص في مجموعة واحدة، وهذا ما یعتبر التصنیف. ویدل التقارن بین النصین أن الروائي أكثر اهتماما بالحواس وخلق المعاني عبر استخدام المفردات الحسیة المتنوعة وتكرارها في السرد. 3ـ2. التصنیف الشعاعي[10] 3ـ2ـ1. الرؤیة إن التصنیف الشعاعي لم یکن تلقائياً، بل إنه حصیلة تجربیات الإنسان في الحیاة وتعامله بالبیئة التي یعیش فیها، وهذا ما یؤدي إلی خلق الدلالات المختلفة لمفردة واحدة ثم استعمالها في المواقف المتباینة. تبین دراسة النصین أن مفردة "رأی" من أکثر المفردات استخداما ودلالة، كما جاءت في النماذج التالیة: «رومیة رأت زهوة من نافذة المطبخ وهی تطرق باب العجوز» (الحسن، 2014م، ص 73)؛ و«عرف أنه یمكنه أخیرا أن یقترح علیها ما خطط له طویلا مذ رآها علی ظهر الباخرة "أوره نوف" متباهیة بریشة حریریة» (المصدر نفسه، 2014م، ص 57)؛ و«كانت تقص علیه أحلامها تلك التي تراها في المنام والأخری التي تتخیلها في الیقظة» (المصدر نفسه، 2014م، ص 155)؛ و«ها أنا عدت لأری في شوارعها التناقض ذاته» (المصدر نفسه، 2014م، ص 219)؛ و«بینه وبین نفسه یضحكه لقب خانم ولا یراه ملائما لحجم الفتاة الضئیل» (المصدر نفسه، 2014م، ص 17)؛ و«فالبعض كان یری في ذلك ثقافة تفصلهن عن الوسط الذي یعشن فیه» (المصدر نفسه، 2014م، ص 111)؛ و«وقتها رأت حكومة الباب العالي أنه یمكن التأثیر علی الأكراد عبر التقرب من زعمائهم لتستفید من صیتهم ونفوذهم» (المصدر نفسه، 2014م، ص 138). في هذا القسم، تم استعمال مفردة "رأی" في سبع جمل وفي مختلف المعاني. كل مفردة تدل علی دلالة حسب السیاق، وممكن تقسیمها إلی قسمین: الرؤیة بالعین (الجملة ۱ - 4)، والرؤیة بالقلب (الجملة 5 - ۷). في الجملة الأولی، جاءت بمعناها الأصلي، وهو "الرؤیة"، والجملة الثانیة "رأی" تعني "اللقاء"؛ مذ زارها علی ظهر الباخرة، عرف أنه بإمکانه أن یقدم اقتراحه إلیها. وأما في الجملة الثالثة فالرؤیة في النوم تختلف عما نراه في الیقظة؛ لذلك هذا المعنی یختلف عن المعنی الحقیقي، وهو بمعنی "الحُلم". في الجملة الرابعة أیضا لا تكون بمعناها الحقیقي بل تدل علی"الشاهد أو الدلیل"؛ یقول: إني عدت حتی أكون شاهداً علی التناقض الموجود في الشوارع. وفي الجملة الخامسة تعني "اعتبار"؛ فإنه لا یعتبر لقب خانم ملائما لحجم هذه الفتاة النحیفة. والسادسة تتحدث عن الثقافة وأنها لا یمكن رؤیتها بالعین المادية، فتلقي معنی "عرف" یعني أنهم ما عرفوا ثقافة فیه. في الجملة السابعة، تم استخدام هذه المفردة بمعنی "انتبه أو أدرك"؛ انتبهت الحكومة كیف یمکن التأثیر علی الأكراد. إن نجعل دلالة "الرؤیة" في مركز الدائرة یتم وضع معاني "اعتبر"، و"عرف"، و"انتبه"، و"اللقاء"، و"الحُلم"، و"الشاهد" علی شعاع هذه الدائرة. فتصدر المفردة الواحدة سبعة معان مختلفة وتستوعب كل دلالة حسب سیاق الجملة. والروائي استخدم الكلمة نفسها بدلالات "الرؤیة"، و"الإدراك"، و"السمع"، و"المشاهدة"، و"الاعتبار"، و"المعرفة"، و"التذكر". فكل جملة تضفي دلالة خاصة علی هذه المفردة. فقد یكون لكل كلمة معنی یتغیر بتغییر الموقف والأسلوب، فثمة إطار تستعمل المفردة ضمنه فتتأثر بمعطیاته وتتغیر بعناصره وتلقي معنی حسب هذا السیاق.
3ـ2ـ2. السمع وذلك نحو: «شرعت بشيء من الألفة تجاهه، وهي تسمعه یقص علیها رحلته إلی دمشق» (الحسن، 2014م، ص 62)؛ و«حین سمعت بنبأ مقتله، وحدها جاویدان لم تصدق ذلك» (المصدر نفسه،2014م، ص 139)؛ و«سمعت عنها في حكایا ألف لیلة ولیلة» (المصدر نفسه، 2014م، ص 195). استعمل مادة "سمع" في هذه الروایة في ثلاثة معان، وهي: "سمع"، و"انتبه"، و"قرأ". جدیر بالذكر أن هذه المعاني لیست مطلقة؛ إما تدل علی سماع الخبر وإما الاطلاع علی الخبر. وتنطبق هذه القاعدة علی الجملة الأخیرة. یعني إما سماع الشيء عن شخص أو قراءة عنه في الحكایات. وأما الروائي فقد استخدم المفردة نفسها بالمعاني الثلاثة في روایته، وهي: "سمع"، و"إدراك"، و"انتباه". فتضع في التصنیف الشعاعي الدلالة الرئیسة، أي السمع، في المركز و"انتباه"، و"إدراك"، و"قراءة" علی شعاع هذا المركز، وثمة علاقة بین المعاني. 3ـ2ـ3. التذوق وذلك نحو: «لمدة أربع سنوات قضاها بوتان في غرفة من الوحدات السكنیة الطلابیة فيجامعة لومومبا، تذوق خلالها طعم أجساد لفتیات جئن من مختلف بقاع العالم» (الحسن، 2014م، ص 194)؛ و«حان وقت تذوق عسل الانتقام» (المصدر نفسه، 2014م، ص 197). ولفظة "تذوق" تعني اختبار الطعم باللسان مرة بعد مرة. أما في العبارة الأولی فاستخدمت بدلالة "تجربة"؛ فإنه جرّب القرابة والتمتع بالفتیات. والثانية تدل علی "اللقاء"؛ فإنه واجه الانتقام. والروائي استفاد من هذه الحاسة لدلالة "المصاص" في جملة "ذاقت شفتیه القاسیتین المدهشتین بالرقة" و"المشاهدة" في جملة "لم أكن أقو علی جعل أمي تتذوق دمي في عتمتها"؛ لا أتحمل أن تكون أمي شاهدة لموتي في قبرها. وأما في التصنیف الشعاعي فیمكن وضع هذه المعاني، أي "التجربة"، و"اللقاء"، و"المصاص"، و"المشاهدة" علی شعاع الدائرة التي تجعل دلالة التذوق في مركزها. 3ـ2ـ4. اللمس وذلك نحو: «ثلاثون سنة مرت عقب تلك الحادثة وظلت رومیة تتذكر ملمس ذراعي یوسف زلیخا لأول مرة. لحظة حظیت فیها بلمسة ذكوریة» (الحسن، 2014م، ص 69)؛ و«يومها، لمست النساء أقمشة مختلفة بأسماء تحمل غموض الشرق: البروكار، الألاجا، الدامسكو» (المصدر نفسه، 2014م، ص 85)؛ و«بعد مرور سنتین علی عودة ألماظ إلی باریس عقب إبرام اتفاق ینصّ علی محاولة حدیة لإنجاب وریث للكونت، ومن دون أن تلمس اهتماما كافیا منه لتنفیذ الاتفاق فیما تفوح من بزاته عطور نسائیة مختلفة» (المصدر نفسه، 2014م، ص 107)؛ و«تشبهك أنت! أنت یا حبي لست من صنف النساء اللواتي یمكن لكتاب أن یحتویهن. یصعب علی الورق أن یؤویك ستحرقینه تتلفین كل ما تلمسینه» (المصدر نفسه، 2014م، ص 235). یعتبر اللمس من الحواس الخمس التي تدرك بها حالة الأشیاء المختلفة. ویستعمل إما بالمعنی المجازي وإما الحقیقي. في الجملة الأولی تم استخدامه بالمعنی الحقیقي؛ وفي الجملة الثانیة، يعني "عرف": النساء عرفن الأقمشة المختلفة. جاءت لفظة لمس بمعنی "حظي" في الجملة الثالثة: لم یحظ باهتمامه لتنفیذ الاتفاق. وأما في الجملة الأخیرة فیخاطب الرجل حبیبته ویقول: صفحات الكتاب لا تطیق الكتابة عنك، فكل صفحة تكتب عنك تحترق من شوقك. فقد استخدمت لفظة "لمس" بمعنی "الكتابة" أیضا: كل صفحة تلمس الكتابة عنك ستذهب. وأما الروائي فاستعمل هذه المفردة في ستة معان مختلفة؛ منها: "أصاب"، و"لمس"، و"فرك"، و"حساب النفس"، و"الإدراك والفهم"، و"تذكر". وإذا نجعل "لمس" في المركز، سیجعل سائر الدلالات علی شعاعه. فالروائي أكثر استعمالا لهذه المفردة وإعطاءها المعاني المتنوعة في النص. والسیاق من العناصر المهمة في خلق هذه الدلالات. عند دراسة المفردة الحسیة في السياق، إن الألفاظ والقرائن الموجودة تصرف الذهن عن المعنى القريب والمتبادر من اللفظ إلى المعنى المقصود للكاتب، وهذه الدلالات تارة لفظية وینطلق منها المعنی بمساعدة اللفظ الأول وتارة وضعیة تتبادر من العبارات المرافقة باللفظ ولا يعبر بمعزلٍ عنها. فإن لكل مفردة حسیة مجالا دلالیا یحتوي علی معان مختلفة حسب السیاق. 3ـ3. الاستعارة المفهومیة[11] 3ـ3ـ1. الرؤیة وذلك نحو: «خلال سلام مسائي حلقت فیه عیناها مأخوذة بصخرة شاهقة كانت تحاذي الباخرة الروسیة» (الحسن، 2014م، ص 16)؛ و«لم تصدق عینیها وهي تری غریمتها القدیمة "برلنته الشقراء" تقف علی عتبة بابها» (المصدر نفسه، 2014م، ص 201)؛ و«كانت تفكر بذلك فیما الجندیان یكادان یلتهمان جسدها بنظراتهما المخدرة» (المصدر نفسه، 2014م، ص 80). تم استعمال دلالة "الرؤیة" في هذه العبارات، في غیر المعنی الحقیقي ویمكن استعمالها لخلق المعاني الاستعارية في مجال "العین". ونظرا إلی المراسلات المنهجیة بین العین والإنسان، فكل هذه العبارات تلقي مفهوم "العین إنسان" أو "العین شيء". إن الاستعارات الموجودة في الجمل السابقة، أي "تحلیق العین"، و"تصدیق العین"، و"النظرة المخدرة"، تشبه العین بالإنسان أو الشيء وتجعل مراسلة منهجیة بینها وبین أفعال الإنسان أو الأشیاء. تحلیق العین في الجملة الأولی، یعني خلق المراسلة المنهجیة بین العین والطائرة وإعطاء العین صفات الطائرة لإلقاء المفهوم الرئیس، وهو تركیز العین والنظر إلی شيء ما. وفي الجملة الثانیة، جعل العین كإنسان یتحدث مؤیدا أم لم یکن. وفي الجملة الأخیرة أضفت صفة التهدئة علی الرؤیة في عبارة "النظرة المخدرة"، وهي من میزات الإنسان أو الأشیاء. وأما بالنسبة إلی الروائي، فنری المراسلة المنهجیة بین عبارات: "هرب العین"، و"تفحّص العین"، و"جولان العین"، و"النظرة المجنونة". لذلك كلا الراویین استخدما العین / النظر، لإلقاء ما في ذهنهما من العبارات الاستعاریة. ویبدو أن المدركات البصریة تسهم في خلق الصورة المجازیة للمفردات الحسیة. 3ـ3ـ 2. السمع لم توجد عبارة عن السمع في المعنی المجازي في روایة المرأة، فكل ما یتعلق بهذا الحس استعمل في المعنی الحقیقي. أما هذا الحس في كتابة الروائي فقد اصطبغ صبغة استعاریة في جملة "فاستسلمت للإصغاء مؤجلا محاكمة روایتها لوقت آخر". والاستسلام للإصغاء يعني انقیاد الإنسان مقابل السمع، كأنه یجعل السمع كإنسان یطیع ویستكان. یوجد نوع من المراسلة المنهجیة بین السمع والإنسان. فالنص یجسد الصوت بالشکل المادي، وهذا ما تلقیه لفظة "استسلام" ضمن النسیج اللغوي، حیث تمثل الصوت كمرء یطاع. 3ـ3ـ3. اللمس وذلك نحو: «كل ما هو موجود أحجار مختلفة مربوطة بالحبال یمسّ بعضها بعضا فتصدر صوتا یشبه صوت الناقوس» (الحسن، 2014م، ص 33)؛ و«يومها، لمست النساء أقمشة مختلفة بأسماء تحمل غموض الشرق: البروكار، الألاجا، الدامسكو» (المصدر نفسه، 2014م، ص 85)؛ و«بعد مرور سنتین علی عودة ألماظ إلی باریس عقب إبرام اتفاق ینصّ علی محاولة حدیة لإنجاب وریث للكونت، ومن دون أن تلمس اهتماما كافیا منه لتنفیذ الاتفاق فیما تفوح من بزاته عطور نسائیة مختلفة» (المصدر نفسه، 2014م، ص 107)؛ و«تشبهك أنت! أنت یا حبي لست من صنف النساء اللواتي یمكن لكتاب أن یحتویهن یصعب علی الورق أن یؤویك ستحرقینه تتلفین كل ما تلمسینه» (المصدر نفسه، 2014م، ص 235). استخدمت الروائیة كلمتین لحس اللمس، وهما: المس واللمس. نظراً إلی أن في الاستعارة تستعمل المفردات في غیر المعنی الحقیقي؛ فتدل كل الجمل المذكورة علی معنی غیر حقیقي. في الجملة الأولی، مس الأحجار بعضها بعضا دلیل علی احتكاكها مع بعض. هنا قد یضفى على الشيء الشيء لونا إنسانیا. وللجملة الثانیة حالتان: في الحالة الأولی تلقي المعنی الحقیقي، وهو اللمس، والثانیة تبین المعنی غیر الحقیقي، وهي الرؤیة والتجربة؛ فالنساء تری الأقمشة أو تجرّبها. واللمس في الجملة الثالثة یعني الاهتمام؛ تقصد الروائیة أنه لم یهتم بتنفیذ الاتفاق. إن الاهتمام موضوع ذهني وتم استعمال هذا الفعل، أي "لمس" بجانب المفردة لتجسید دلالة عدم الاهتمام بصورة واضحة. والجملة الأخیرة، احتراق الورقة التي لمست المخطوط عن المحبوب في المعنی الاستعاري؛ لأنه تشبه السطور بإنسان یلمس الصفحات، وهذا في منهج الاستعارة المفهومیة، یعني السطر إنسان. ثم تخاطبه الروائیة وتقول: الخط كإنسان یلمس الأوراق ویحرق كل ما یكتب علیه. والروائي وظّف المفردات المتعلقة بحاسة اللمس في مختلف المعاني: "مسّ من الرأفة والحزن"، و"دائما في مدار ثابت لم یمسه زمن"، و"رأیت ذاكرتها وهي تطیر منها ولامست العتمة الباهرة"، و"طوّر الموت حضوره لیلامس حتی المتضامنین والزوار"، و"تلامس أضواء ستفتح به عبر خیالات". والمعنی الحقیقي في هذه الجمل علی التوالي: قسط من الرأفة، وما مضی علیه الزمن، وطوقت ذاكرتها العتمة الباهرة، لیری المتضامنین والزوار، وتشعر الأضواء ویحسه. ففي كل الجمل، نوع من الاستعارة المفهومیة وتتضافر مكوناتها في تحقیق المعنی في النص ویختلف الروائیان في استخدام هذا الأسلوب فیضفي الروائي علی المفردات، المعنی غیر الحقیقي أکثر من الروائية. إن عمل الحاسة، ضمن وظیفتها الحقیقیة، تمثل وظیفة مجازیة؛ فالعین تری أشیاء لا وجود لها أو الأذن تسمع أشیاء لا صوت لها كما یشم الأنف روائح الحب والحزن والجسم یلمس ما لا یكون له وجود خارجي، فالحواس تترك وظائفها الأساسیة وتتخلّى عنها لتؤدي وظائف جدیدة يمنحها الجمال التعبیري. ونلاحظ قلة نسبة توظیف الحواس بصورتها المجازیة إلا في حاسة اللمس التي كثر تواجدها في الروایتین ضمن التوظیف المجازي، وربما یعود السبب إلی المؤلفین اللذین یتواصلان مع العالم بهذا الحس خارج معناه الحقیقي. فكلا المؤلفین یتفقان في هذا الأمر إلی حدٍ ما. 3ـ4. الخطة الذهنیة[12] 3ـ4ـ1. الرؤية وذلك نحو: «قضت النهار بطوله، وهي علی ظهر السفینة تراقب الدخان المتصاعد من الجبال» (الحسن، 2014م، ص 18)؛ و«استغرب أنه لم یلمحها قبلا رغم أنها تسكن في وحدة سكنیة قریبة من حیث یسكن» (المصدر نفسه، 2014م، ص 195)؛ و«خلال سلام مسائي حلقت فیه عیناها مأخوذة بصخرة شاهقة كانت تحاذي الباخرة الروسیة» (المصدر نفسه، 2014م، ص 16)؛ و«تناول كسرة من البسكویت آكلها علی مهل معلقا عینیه علی جسد ألماظ الناحل الصبیاني» (المصدر نفسه، 2014م، ص 22)؛ و«كانت تفكر بذلك فیما الجندیان یكادان یلتهمان جسدها بنظراتهما المخدرة» (المصدر نفسه، 2014م، ص 80)؛ و«نظرة استغراب في عینین سودایین عادت الحیاة إلیها» (المصدر نفسه، 2014م، ص 143). كل العبارات تقدم معنی الرؤیة في مختلف الأسالیب والمعاني. دلالة التعابیر علی التوالي: النظرة الباحثة، والنظرة العابرة، وتحلیق العین في شيء والتركیز علیه، وتعلق العین علی شيء، واستمرار النظر في شيء، والنظرة المخدرة والمخمورة، ونظرة الاستغراب والدهشة. وكل هذه الدلالات معروفة ومسجلة في ذهن الإنسان بسبب التكرار في الحیاة الیومیة والتوظیف المستمر؛ علی سبیل المثال، تحلیق العین أو تعلیق العین قد ثبت في الإطار الذهني المنبثق من التجارب والتكرار في حیاة الإنسان ثم أخرج عینة ملحوظة للنظر والرؤیة في اللغة. أما بالنسبة إلی الروائي فنری هذا الاختلاف في الاستعمال، نحو: "نظرة حادة صارمة"، و"النظرة المجنونة المكسورة في عینیه"، و"نظرة شفقة"، و"أنظار التعاطف المذل". فكثرة استعمال هذه العبارات ترسم الخطة الذهنیة للرؤیة وتساعدنا في فهم دلالة هذه العبارات. وأما في سائر الحواس فلم یوجد التنوع في إلقاء مفهوم خاص يرسم خطة ذهنیة في الروایتین. تختلف المرأة والرجل اختلافا بیولوجیا؛ والحواس من أهم عناصر هذا الاختلاف. كما یتمتع الرجل بالقوة في العضلات، فالمرأة أكثر قوة في توظیف الحواس الخمس حسب ما تبین الدراسات. كل هذه الاختلافات تبدو واضحة في لغة الكاتب والكاتبة. والعناصر الاجتماعیة والنفسیة والثقافیة تؤدي دورا مهما في هذه الفروق اللغویة بین الجنسین. حسب ما تقدم البحث والإحصائیات، یشاهد أن المرأة لا تستعمل الأسالیب اللغویة حسب میزاتها الذاتیة ولا تبرز عبقریتها التي تختص بها؛ وهذا الأمر حصیلة القضایا المختلفة، نظرا إلی وجهة نظر الناقدة والكاتبة البریطانية، ويرجينيا وولف، أن المرأة تحاول المسایرة مع المجتمع الذكوري، یعني تقرب أسلوب كتابتها إلى أسلوب الرجل، حیث تكسب قبول الآراء في مجتمع حظیت كتابة الرجل بقبول العام، وأحیانا هذا ما یسبب عدم ازدهارها كما هي (1383ﻫ.ش، ص 112). فالهوية الجنسية حصیلة الاجتماع والثقافة ولها دور منهجي في تكوین اللغة.
الخاتمة لقد أفضت بنا الدراسة إلى تبیان الركائز والخصائص التي تغلف الكتابة النسویة بطابع أنثوي وتجعل منها أدبا فاعلا في الحیاة الإنسانیة عن طریق مناقشة المفردات الحسیة ومحاولة تطبیقها علی الروایتین. إن استخدام المفردات الحسیة يعتبر من میزات السرد، ولكن لیس بإمكاننا أن نحسم هذا الأمر مما یمیز الروائية عن الروائي أو نعتبره من میزات السرد القصصي النسائي فحسب؛ لأن البحث يستنتج إلی أن المفردات الحسية توجد في روایة الكاتب مع بعض الاختلافات في طریقة توظیفها ولا یمكن انحصارها بالروائية فقط. فإن الرواة یختلفون إزاء المفردات الحسیة التي يتشكل منها النص، والعلاقات التي أنشأها الرواة بین المفردات المنبثقة من فكرتهم وشعورهم تنتمي إلی طبیعتهم النمطیة. الاختلاف في استخدام المفردات ینبع من الاختلاف في موقف الكاتب الاجتماعي أو الثقافي وكل شخص یستعمل القلم حسب ما یكون في مكنونات نفسه ویكتب ما یبرز من شعوره. رغم تسجیل میزات لغة المرأة كالدقة والجزئية واستخدام لغة الجسد إلا أننا لا نری اختلافا كثیرا في استعمال المفردات الحسیة بین اللغة النسائية وكتابة الرجل في هذه الروایتین وأحیانا یوجد خلق العبارات والتركیبات المتنوعة من المفردات الحسیة في كتابة الروائي أكثر من الروائية. ونری من الأهمیة أن نثبت أهم ما توصلت إلیه هذه الدراسة من النتائج: لیس ثمة فارق بین الروائي والروائية في استخدام المفردات الحسیة؛ ثانیاً عدم اعتبار هذه المفردات كمیزة من مواصفات لغة المرأة رغم أنه یبدو أن المرأة تعني استخدام المفردات والجمل التي تتعلق بالحواس ولدیها القدرة والتفوق في استعمال الحواس. أما البحث فینقض هذا الأمر وأحیانا یكشف أن الرجل أكثر استعمالا من الحواس، وخاصة حاستین البصر واللمس في المعنی غیر الحقیقي، فلا یمكن اعتبار المفردات الحسیة أداة لتمییز بین لغة المرأة والرجل في الروایتین. بناء علی أن الرجل مظهر العقل والمرأة مظهر الإحساس، فيعود عدم الهوة الشاسعة بین الأسالیب اللغویة للجنسین وعدم تناسق اللغة النسائية مع میزاتها الأنثویة في استخدام المفردات الحسیة إلی عناصر المجتمع؛ إذ إن المرأة تحاول مواكبة المجتمع الذكوري لرفع أثرها الأدبي إلی درجة آثار الرجل. إضافة إلی هذا، في كثیر من الأحیان، اختلاف أسلوب الجنسین في المفردات والمصطلحات، مرتبط بمواصفات مستعملها من العمر والجنس والظروف، والرواة یختلفون بعضهم بعضا حسب الظروف الاجتماعیة والثقافیة، وخاصة الموضوع المتناول في الروایة الذي یحیز مكانة مهمة في استخدام نوع المفردات.
[1]. I.Antunano [2]. Categorization [3]. Radial Network [4]. Conceptual Metaphor [5]. Image schema [6]. lakoff [7]. Metaphors We Live by [8] .Mapping [9]. Hampe [10] .Radial Network [11] .Conceptual Metaphor [12] .Image Schemas | ||
مراجع | ||
أ. العربية احمدى جنارى، علیاكبر؛ وعلىاصغر حبیبى؛ وخديجه صالحى. (2018م). «اللغة والجنس في القصة القصیرة لفضیلة الفاروق وزویا بیرزاد علی ضوء آراء روبن لاكوف». بحوث في الأدب المقارن. ع 28. ص 23 ـ 39. برهومة، عیسی. (2002م). اللغة والجنس: حفریات لغویة في الذكورة والأنوثة. عمان: دار الشروق. بيضاوي، عبد اللّٰه بن عمر. (1418ﻫ). أنوار التنزيل وأسرار التأويل: تفسير البيضاوي. بیروت: دار إحياء التراث العربي. الحسن، لیناهویان. (2014م). ألماس والنساء. بیروت: دار الآداب. سیبویه، عمرو بن عثمان. (د.ت). الکتاب. تحقیق عبد السلام هارون. بیروت: دار الجیل. الصالح، صبحي. (2009م). دراسات في فقه اللغة. بیروت: دار العلم للملایین. الظاهر، رضا. (2001م). غرفة فرجینیا وولف: دراسة في كتابة النساء. دمشق: دار المدی للثقافة والنشر. عمر، أحمد مختار. (2008م). معجم اللغة العربیة المعاصرة. القاهرة: عالم الكتاب. عزّام، فادي. (2011م). سرمدة. بیروت: ثقافة للنشر والتوزیع. الغذامي، عبد اللّٰه. (2006م). المرأة واللغة. بیروت: المركز الثقافي العربي. الفیروزآبادي، مجد الدین محمد بن یعقوب. (2008م). القاموس المحیط. مراجعة أنس محمد الشامي وزكریا جابر أحمد. القاهرة: دار الحدیث. مصطفى، إبراهيم؛ وآخرون. (2004م). الوسیط. إسطنبول: دار الدعوة. معلوف، لویس. (2009م). المنجد في اللغة. بیروت: المطبعة الكاثولیكیة.
ب . الفارسیة افراشی، آزیتا. (1395ﻫ.ش). مبانی معناشناسی شناختی. تهران: پژوهشگاه علوم انسانی و مطالعات فرهنگی. دلبرى، حسن؛ وهدى میرزائى؛ وعلىمحمد عربپور محمودآبادى. (1396ﻫ.ش). «بررسی متغیر جنسیت با تكیه بر زبان زنانه در رمان كنیزو اثر منیر روانیپور». پژوهشهای ادبی. ش 58. ص 31 ـ 48. طالبیان، یحیی؛ وعلى تسنیمى؛ واحمدرضا بیابانى. (1395ﻫ.ش). «بررسی زبان نوشتاری زنان بر اساس نظریه گفتمان جنسیتی». مطالعات نظریه و انواع ادبی. ش ۳. ص 7-36. عرب یوسف آبادى، فائزه؛ وشهلا كلبعلي. (1397ﻫ.ش). «بررسی سبک زنانه در رمان كوچه اقاقیا نوشته راضیه تجّار». زن و فرهنگ. ش ۳۵. ص 61 ـ 74. فتوحى، محمود. (1390ﻫ.ش). سبکشناسی نظریهها: رویكردها و روش ها. تهران: سخن. كریمی دوستان، غلامحسین؛ وزهرا روحی بایگی. (1395ﻫ.ش). «بررسی چندمعنایی فعل سبک "زدن" از دیدگاه شناختی». جستارهای زبانی. ش 3. ص 129 ـ 148. مصطفوى، شمس الملوك؛ وسميه علمدار. (2013م). «لیندا ناكلین و نقد مفهوم سبك هنری متمایز زنانه». كیمیای هنری. ش ۶. ص 63 ـ 72. وولف، ویرجینیا. (1383ﻫ.ش). اتاقی از آن خود. ترجمه صفورا نوربخش. تهران: نیلوفر. یگانه، سپیده. (1396ﻫ.ش). سبک زنانه در سه رمان "احتمالا گم شدهام"، "روز حلزون"، "پاییز فصل آخر سال است"، و دو مجموعه داستان "سرمهدان میناكاری" و"زن در باد. پایاننامه كارشناسیارشد. دانشگاه الزهراء (س). دانشكده ادبیات و زبانها.
ج. الإنجلیزیة آنتنانو Antunano, I. (1999) .Polysemy and Metaphor in Perception Verbs: a Cross linguistic Study. Ph.D Thesis. University of Edinburgh. ایوانز وغرین Evans, V; & M. Green. (2006). Cognitive Linguistics: An Introduction. Edinburgh: Edinburgh University Press. جونسن Johnson, M. (1987). THEBODY IN THE MIND The Bodily Basis of Meaning, Imagination, and Reason. London: The University of Chicago Press Chicago and London. لايكوف وجونسن Lakoff, G; & Johnsen, M (2003). Metaphors we live by. London: The university of Chicago press. لايكوف Lakoff, R. (1973). »Language and Woman's Place«. Language in Society. New York: Harper Colophon Books. لايكوف ـــــــــــ. (1990). Talking Power: The Poltics of Language in our lives. New York: Basic Books.
ج . المواقع الإلكترونية د.ن. (18/7/1393). تفاوت ذهن زنان و ذهن مردان. ــــ . (29/12/1394). تفاوتهای مربوط به حواس در زنان و مردان. ــــ . (31/1/1394). وقتی زنان قویتر از مردان هستند: تفاوت بین حواس زن و مرد. https://www.behpu.com/article/details/2272 همب Hampe, B (2005). »Image schemas in Cognitive Linguistics«. | ||
آمار تعداد مشاهده مقاله: 1,736 تعداد دریافت فایل اصل مقاله: 438 |