تعداد نشریات | 43 |
تعداد شمارهها | 1,650 |
تعداد مقالات | 13,402 |
تعداد مشاهده مقاله | 30,204,787 |
تعداد دریافت فایل اصل مقاله | 12,074,733 |
دراسة آراء النحاة الخلافيّة في ماهيّة أداة التعريف الحقيقيّة | ||||||||||||||||||||||
بحوث في اللغة العربية | ||||||||||||||||||||||
مقاله 4، دوره 10، شماره 18، تیر 2018، صفحه 35-50 اصل مقاله (632.45 K) | ||||||||||||||||||||||
نوع مقاله: المقالة البحثیة | ||||||||||||||||||||||
شناسه دیجیتال (DOI): 10.22108/rall.2018.105590.1060 | ||||||||||||||||||||||
نویسندگان | ||||||||||||||||||||||
رسول دهقان ضاد1؛ محمد کاظم توکلي اسلامي* 2 | ||||||||||||||||||||||
1أستاذ مشارک في قسم اللغة العربية وآدابها بجامعة قم | ||||||||||||||||||||||
2طالب في الحوزة العلمية بقم | ||||||||||||||||||||||
چکیده | ||||||||||||||||||||||
الملخّص إنّ من مسائل العربيّة الخلافية هي ماهية أداة التعريف؛ هل المفيد للتعريف هو الألف واللام بکمالها أم هو اللام بوحدها؟ وهل الهمزة همزة وصل أم هي همزة قطع؟ ذهب عدّة من النحويين إلى أنّ الألف واللام بکمالها تفيد التعريف وهي ثنائية الوضع وهمزتها قطع، ومنهم من ذهب إلى أنّ الألف واللام بکمالها تفيد التعريف وهي ثنائية الوضع إلا أنّ همزتها همزة وصل، وذهب کثيرٌ من متأخّري النحويين من البصريين والکوفيين والأندلسيين إلى أنّ التي تفيد التعريف هي اللام وحدها وهي أحاديّة الوضع. تهدف هذه الدراسة إلى الوصول إلى الرأي الأصح في ضوء تبيين الآراء الخلافيّة في هذه المسألة وأدلّة کل واحد منها عبر استخدام منهج يتّصف بطابع وصفي تحليلي يقوم بالمقارنة بين الآراء وتحليلها. ومن أهم ما تتوصّل هذه الدراسة إليه أنّ الأصوب من بين الآراء هو مذهب المتأخرين القاضي بأنّ المفيد للتعريف هو اللام وحدها لأنّه أقوي استدلالاً، أولاً لکون أدلته أتقن وثانياً لاندفاع الاعتراضات الواردة عليه وثالثاً لاستناده إلى بعض الأدلة الأصولية النحوية من القياس الأدون )حمل الضد على الضد(، والاستقراء، ووجود النظير. | ||||||||||||||||||||||
کلیدواژهها | ||||||||||||||||||||||
أداة التعریف (الألف واللام)؛ الآراء؛ الأدلّة؛ أحادیة الوضع؛ ثنائیة الوضع | ||||||||||||||||||||||
اصل مقاله | ||||||||||||||||||||||
1ـ المقدمة لقد حظی النحو العربی بأهمیة بالغة منذ أقدم عصور نشأته وزرع بذره لما له من الأثر العظیم فی فهم وتفسیر القرآن الکریم، فامتاز إثر ذلک بتباین الآراء. إن تعدد آراء النحویین وتباینها فوائدها عالیة شافیة للأفکار ونتائجها غالیة لافتة للأنظار یؤدی إلى تفکیر عمیق ومشی سدید واتجاه دقیق، لأنّه یساعد کلّ لبیب فی التعرف على مناهج أصحاب الآراء المتباینة ومبانیهم الفکریة المختلفة ویقع نتیجته فی إحکام الدرس النحوی وتوطده وتقویم استدلالاته حیث یعطی الدارس مجالاً للابتکار والترجیح والاستنباط. ومن مظاهر تباین آراء النحاة ما نجدها فی أداة التعریف. فقد دام الخلاف بین النحاة من متقدمیهم ومتأخریهم، ومن بصریهم وکوفیهم فی ماهیة الأداة هذه. فجنح عدة من المتقدمین إلى أن هذه الأداة ثنائیة الوضع والهمزة واللام معتدَّتَان فی الوضع معاً، وجنح الجمهور إلى أنها أحادیة الوضع وهی اللام بوحدها، وینقسم نفس القائلین بثنائیة وضعها أیضا إلى من یری أن الهمزة واللام معا تفیدان التعریف وإلى من یری أن المفید لذلک هو اللام وحدها. یعدّ هذا النزاع من أقدم المسائل الخلافیة التی شاع البحث عنها بین النحاة حتى نجد فیها رأی الخلیل وسیبویه من النحاة القدماء وغیرهما من الکبار. فنرمی فی هذه الدراسة إلى استحصال الرأی الحصیف الصائب فی ضوء تبیین الآراء الخلافیّة وأدلّة کل واحد منها عبر استخدام منهج یتّصف بطابع وصفی ــ تحلیلی یقوم بالمقارنة بین الآراء وتحلیلها مرتکزا على بعض قواعد علم أصول النحو، لغالیة ثمرات هذا العلم من تنقیح مسائل النحو وتحریر الأدلة وتیسیر الترجیح بین الآراء، کما یقول ابن الأنباری: «وفائدته التعویل فى إثبات الحکم على الحجة والتعلیل، والارتفاع عن حضیض التقلید إلى یفاع الاطلاع على الدلیل، فإنّ المخلد إلى التقلید لا یعرف وجه الخطأ من الصواب، ولا ینفک فى أکثر الأمر عن عوارض الشک والارتیاب» (ابن الطیب الفاسی، 2000م، ص226). ومع ذلک، یعدّ علم أصول النحو من العلوم المهضوم حقه لقلة استخدامه فی الدراسات النحویة مع توفر المجالات فیها لذلک، فإن مما رکّزنا علیه فی هذا المقال استخدام بعض قواعده وأدلته وجعلها میزانا لتقدیر سداد المبانی وسلامتها وتمییز صائبها عن ضعیفها.
2ـ خلفیّة البحث أمّا بالنسبة إلى خلفیّة هذه الدراسة والبحوث التی سبقتها، فلا بدّ أن نقول: إنّ هناک دراسات متعددة کثیرة من الکتب النحویة والمقالات والأطروحات الجامعیة التی تدور حول أداة التعریف أو تتحدث فی ضمن بعض فصولها حول هذه الأداة، إلّا أنّ کلّها تهدف إلى مجرّد استقصاء وإیضاح أقسام هذه الأداة وتنوّع استخداماتها ولطیف آثارها، فکثیراً ما یری من الکتب والمقالات ما تقوم بمجرد البحث عن الألف واللام الجنسیة والعهدیة والماهیة، أو تقوم ببیان مختلف معانیها فی ضوء القرآن الکریم وتتکلّم حول کیفیة تأثیر هذه المعانی فی ترجمة القرآن وتفسیره، أو تقوم بالمقارنة بین الألف واللام الجنسیة والعهدیة والماهیة بین النحویین والبیانیین وتتکلم حول الفروق الموجودة بین آراء الفریقین فی أقسام الألف واللام ومعانیها، ومن تلک الدراسات: «رسالة فی أداة التعریف»، تألیف عیسى بن محمد الصفوی. و«أسرار التنکیر والتعریف فی الحدیث النبوی، دراسة بلاغیة تطبیقیة تحلیلیة فی صحیح البخاری»، هذه رسالة الدکتوراه أعدّها أحمد محمد النور أحمد بجامعة أم درمان الإسلامیة؛ قسم الدراسات الأدبیة والنقدیة فی سنة 2005م، قد بسط الکلام حول ال العهدیة والجنسیة فی الفصل الرابع من هذه الرسالة. و«اختلاف معنایى الف ولام عهد وجنس در تفسیر آیات قرآن کریم»، هذه المقالة کتبها سیف علی زاهدی فر وآمنة موسوی شجری وتمّ طبعها فی مجلة "صحیفه مبین" فی سنة 1394 هـ.ش. و«نقش الف ولام تعریف درمعنى آیات باتکیه برتفسیر کشاف»، هذه المقالة کتبها مهدی محمدی نژاد وتمّ طبعها فی "کنگره ملى پژوهشهای کاربردی علوم انسانى اسلامى" فی سنة 1393هـ.ش. و«التعریف والتنکیر بین النحویین والبلاغیین»، هذه رسالة الماجستیر أعدّها نوح عطاالله الصرایرة بجامعة مؤتة؛ قسم اللغة العربیة فی سنة 2007م. أمّا فی نطاق ماهیة أداة التعریف فلم نعثر على أیّة مقالة اختصت بالبحث عن ماهیة أداة التعریف وتحلیل الآراء فیها بقدر ما تستحقّ، إلا أنّا قد عثرنا علی مقالتین: 1."أداة التعریف «ال» بین اللغتین العربیة والعبریة"، کتبها السید محمد رضی مصطفوی نیا وأمیر صالح معصومی وتم طبعها فی "مجلة الجمعیة العلمیة الإیرانیة للغة العربیة وآدابها" فی سنة 1390 ه.ش، العدد21، فجعل الکاتب الترکیز الخاص فی هذه المقالة على المقارنة بین أداة التعریف فی العربیة والعبریة وبیان أحکامها الخاصة فیهما والجذور المشترکة بینهما، وقد تعرض فی أثناء الدراسة على النزاع الموجود فی ماهیة هذه الأداة بنحو موجز، فأسقط أغلب الأدلة التی تمسک بها أصحاب الآراء الخلافیة وأهمها وقطع النظر عن القیام بتحلیل الأدلة واختبار قوتها وضعفها بقدر ما یستأهله هذا النزاع ثم أخیرا قد توصل إلى عکس ما سنستنتجه فی هذه المقالة حیث مال إلى أن أداة التعریف ثنائیة الوضع والهمزة واللام معاً معتدتان فی الوضع، تفیدان التعریف. 2. "«ال» واختلاف پیرامون آن در زبان عربى" ، هذه المقالة کتبها شهریار همّتی باللغة الفارسیة وتم طبها فی "مجلة الجمعیة العلمیة الإیرانیة للغة العربیة وآدابها" فی سنة 1390 ه.ش، العدد20، قد قام الباحث ببیان أنواع الألف واللام فی لسان العرب من الجنس والعهد والماهیة والزائدة والموصولة والبحث عن الخلافات الموجودة والآراء الاضطرابیة حول کل واحد منها، ثم إنّ من الذی أشار إلیه فی مقالته هو النزاع فی ماهیة الألف واللام حیث قدّمه أول المقالة إلا أنه قد اکتفى ببیان الآراء الخلافیة وذکر بعض أصحابها، ولم یستعرض أدلة الآراء حتى دلیلا واحدا فضلا عن مناقشة الأدلة واختبارها قوة وضعفا وأخیرا لم یستصب أی مذهب من المذاهب.
3ـ أسئلة البحث ـ ما هی الآراء فی هذه المسألة وما هی أدلتها؟ ـ ما هو الأصوب بین الآراء فی هذه المسألة؟
4ـ بیان آراء النحاة فی ماهیة أداة التعریف وأدلّتها قبل أن نخوض فی صلب بحثنا وبیان الآراء، من الحری أن نلمع باختصار إلى أقسام الألف واللام فی اللغة العربیة لإعطاء القاری لمحة موجزة بالنسبة إلى ما یبحث عنه عادة فی باب أداة التعریف؛ تنقسم الألف واللام إلى حرفیة واسمیة، أما الاسمیة فهی الألف واللام الموصولة وهی التی تطرأ على أسماء الفاعلین والمفعولین وبعض الصفات المشبهة وتؤول هی مع صلتها بالفعل نحو: "الضارب"، فمعناه: الذی یضرب، وتعتبر "ال" هذه من الموصولات المشترکة تستعمل للمؤنث والمذکر وللمفرد والمثنى والجمع، أما الحرفیة فهی تنقسم إلى العهدیة والماهیة، أما العهدیة فهی منقسمة إلى ثلاثة أقسام؛ ذکریة وحضوریة وذهنیة، وأما الماهیة فهی التی تراد منها حقیقة الجنس من حیث هی هی، فتارة تراد منها الماهیة بوحدها وتارة هی مع جمیع أفرادها أو بعضها المبهم. فإذا علمنا ذلک فلنبدأ حینئذ بما نقصده فی هذه المقالة وهو ماهیة أداة التعریف الحقیقیة، أهی حرف ثنائیة الوضع أم هی أحادیة الوضع؟
4ـ1 رأی الخلیل وابن مالک وأدلة هذا الرأی قد ذهب الخلیل من متقدّمی النحویین إلى أنّ أداة التعریف هی حرف ثنائی الوضع والذی یفید التعریف هو الألف واللام بکمالها لا اللام فقط (الأزهری، 1432ه.ق، ج1، ص179)، وذهب إلى أنّ الهمزة هی همزة قطع فی الأصل عوملت غالباً معاملة الوصل لکثرة الاستعمال (ابن مالک، 1982م، ج1، ص319). ولا یکاد یوجد عندنا أیّ نص دال على هذا المذهب منه أقدمَ ممّا یوجد فی الکتاب؛ قال سیبویه: «وزعم الخلیل أنّ "الألف واللام" اللتین یعرّفون بهما، حرفٌ واحد کـ"قد"، وأن لیست واحدةٌ منهما منفصلة من الأخرى کانفصال ألف الإستفهام فی قوله: أأرید» (سیبویه، 1992م، ج3، ص324). فقوله: "حرف واحد کقد" یدلّ على أنّ أداة التعریف عند الخلیل ثنائیة الوضع، وقوله: «وأن لیست واحدةٌ منهما منفصلة من الأخرى کانفصال ألف الإستفهام فی قوله: أأرید» یدل على أنّ الهمزة عنده أصلیة لأنّ الهمزة غیر المنفصلة لیست إلا الهمزة الأصلیة. وتبع الخلیلَ فی ذلک ابن مالک من متأخری النحویین، حیث قال: «على أنّ الصحیح عندی قول الخلیل لسلامته من وجوه کثیرة مخالفة للأصل وموجبة لعدم النظائر» (ابن مالک، 1990م، ج1، ص254). وهذا الرأی القاضی بأنّ أداة التعریف ثنائیة وهمزتها همزة قطع معزوّ أیضاً لابن کیسان من نحاة القرن الرابع (السلسیلی، 1986م، ج1، ص265)، یقول أبوحیان الأندلسی: «الثانی: مذهب ابن کیسان: أنّها ثنائیة الوضع نحو: "قد" و"هل"» (أبوحیان، 1998م، ج2، ص985). قد استدلّ أصحاب هذا المذهب لکون الهمزة فی "أل" همزةَ قطع بدلیلین ولکون أداة التعریف ثنائیة الوضع بستة دلائل، أمّا ما استدلّوا به لکون الهمزة همزةَ قطع فهو: 1) أنّه تفتح الهمزة فی أداة التعریف، ولو کانت وصلا لم یجز فتحها لأنّ الأصل فی همزات الوصل أن تکسر (ناظر الجیش، 2007م، ج2، ص820)، یقول ابن کیسان: «الدلیل على أنّها همزة قطع فتحها، ولو کانت وصلاً لم تفتح» (أبوحیان، 2000م، ج3، ص222). 2) أنّه تثبت الهمزة فی مواطن کثیرة ینبغی فیها أن تحذف، منها بعد الإستفهام (الرمانی، 1981م، ص70)، نحو قوله تعالى: «قُلْ آلذَّکَرَیْنِ حَرَّمَ أَمِ الانثَیَیْنِª (الأنعام 6: 143)، وقوله: «قُلْ آللّهُ أَذِنَ لَکُمْ أَمْ عَلَى اللّهِ تَفْتَرُونَª (یونس10: 59)، ومنها بعد حرف النداء، نحو: "یا ألله"حیث قطعت همزة لفظ الجلالة (المالقی، بلا تا: ص70). ولو کانت الهمزة همزة وصل لم یجز أن تثبت، فلمّا ثبتت الهمزة فی الدرج فی هذه الأحوال دلّ على انّها همزة قطع. وأمّا ما استدلّوا به لکون أداة التعریف ثنائیة الوضع فهو: 1) أنّه یوقف على "الألف و اللام" (السیوطی، 1432ه.ق، ج1، ص257). فهذا یدلّ على أنّهما کلمة واحدة مرکّبة من حرفین منزّلة منزلة "قد" و"هل" ونحوهما، لأنّ هذه الأداة لو لم تکن ثنائیة لما جاز أن یوقف علیها کما لا یوقف على الباء من "بزید" والکاف من "کعمرو". أمّا کیفیة الوقف علیها فإذا اضطرّ الشاعر فصلهما من الکلمة ـ کما تفصل "قد"ـ ویردهما فی أوّل الکلمة بعد، کما فی قول الراجز:
(الشنتمری، 2004م، ص471). فإفراد الشاعر "ال" فی آخر الشطر الأوّل وإعادتها فی أوّل الشطر الثانی دلیل على أنّ الهمزة واللام جمیعاً حرف واحد وأنّ "ال" ثنائیة الوضع (الشاطبی، 2007م، ج1، ص552). 2) أنّه تفصل "ال" من مدخوله کثیراً فی أنصاف الأبیات نحو:
(شُرّاب، 2007 م، ج2، ص398). فلو کانت اللام هی وحدها حرف التعریف لما جاز فصلها مما تدخل علیه، إذ لو کانت هی وحدها حرف التعریف لصارت بإزاء النون من "یفعلن" أو الیاء من "یضرب"، فلزمها أن لا یفصل بینها وبین ما تطرأ علیه کما لا یفصل بین النون والیاء وبین ما تلحقان، فإذا فصل بین "ال" وبین ما تعرّفه هی، فدلّ ذلک على أنّ اللام هی وحدها لیست حرف تعریف وأنّ حرف التعریف هو "الألف و اللام" جمیعاً (ابن یعیش، 2007 م، ج9، ص17). ویقول ابن جنّی فی بیان دلیل من أدلة أصحاب المذهب: «ولو کانت اللام وحدها حرفاً للتعریف لما جاز فصلها من الکلمة التی عرفتها لاسیما واللَّام ساکِنة والساکن لاینوى به الانفصال» (ابن جنّی، 2007م، ج2، ص16). 3) أنّه لو کانت اللام وحدها حرف تعریف، لزم أن تکون الهمزة زائدةً وللزمت منه الزیادة فی الحروف والزیادة فی الحروف لیست بوارد (ابن مالک، 1990م، ج1، ص254). وتوضیح ذلک: أنّ الزیادة فی الحرف لا تصحّ، لأنّ حروف الحروف کلها أصلیة؛ إذ حروف الزیادة التی هی "الهمزة" و"الألف" و"الیاء" و"الواو" و"المیم" و"التاء" و"النون" و"السین" و"الهاء" و"اللام" التی تجتمع فی "الیوم تنساه" و"سألتمونیها" تختص بالأسماء والأفعال فقط، فأمّا الحروف فلا یدخلها شیء من هذه الحروف على سبیل الزیادة ویحکم على حروفها کلها بأنها أصلیة فی کل مکان على کل حال، کـ"الألف" فلا یجوز أن یحکم علیها فی نحو: "ما" و"لا" و"یا" بأنها زائدة بل نحکم علیها بأنها أصلیة (الأنباری، 1998م، ج1، ص201). فإذا تبین أنّ القول بأنّ اللام وحدها حرف تعریف یؤدّی إلى زیادة الهمزة والزیادة لا سبیل لها فی الحروف، دلّ ذلک على أنّ "ال" هی ثنائیة الوضعن وهی بکمالها تفید التعریف. 4) أنّه یکون التعریف نظیر التأنیث فی الفرعیة فیشترکان فی استحقاق العلامة والتنکیر، نظیر التذکیر فی الأصالة. فینبغی أن یشترکا فی الخلوّ من العلامة، فإن وضع للتنکیر علامة فحقّها أن تنقص عن علامة التعریف تنبیهاً على أنّ التعریف أحقّ بالعلامة لفرعیته وأصالة التنکیر. فإذا کانت للتنکیر علامة وکانت هی التنوین وهو موضوعٌ على حرف واحد فتکون علامة التعریف حرفین لتمییز الأصل من الفرع (الأندلسی، 2000م، ج3، ص228). 5) أنّه یکون التنکیر بمثابة الإفراد، لأنّ کلیهما أصل. والتعریف بمثابة التثنیة، لأنّ کلیهما فرع. فکما فارقت التثنیةُ الإفراد بزیادة علامة لها، یفارق التعریفُ التنکیر بزیادة علامة له. فإذا کان التنکیر علامته حرفٌ واحد، فالتعریف یکون على حرفین لکی یختلفا وتحصل المفارقة بینهما، فإذن تکون أداة التعریف ثنائیة (ابن مالک، 1990م، ج1، ص257). 6) أنّه تکون "مِن" ذات حرفین ومدلولها العموم نحو: "ما فی الدار من رجل"، ویکون حرف التعریف نظیرها فی العموم فیحمل علیها، فکان حرف التعریف حرفین تسویةً بین النظیرین (ناظرالجیش، 2007م، ج2، ص824).
4ـ2 مذهب سیبویه وأدلته قد دام الخلاف بین النحاة فی موقف سیبویه تجاه هذه المسألة؛ فذهب جماعة منهم ابن عقیل (ابن عقیل، 2013م، ج1، ص174)، والرمانی (الرمانی، 1981م، ص69)، وابن الناظم (ابن الناظم، 2000م، ص69)، إلى أنّ اللام وحدها حرف التعریف عند سیبویه. وذهب ابن مالک إلى أنّ سیبویه سلک مسلک الخلیل فی أنّ أداة التعریف ثنائیة الوضع إلّا أنّه خالفه فی شیئین: 1) فی الهمزة؛ حیث ذهب إلى أنّها همزة وصل لا همزة قطع. 2) فی طریقة إفادة هذه الأداة التعریفَ؛ حیث یری سیبویه ـ مع أنّه یعتقد بأنها ثنائیة الوضع ـ أنّ المفید للتعریف هی اللام وحدها لا الألف واللام بتمامها، إذ الهمزة عنده وصل وهمزة الوصل زائدة لا تفید التعریف (ابن مالک، 1990م، ج1، صص254،253). والذی یبدو صحیحاً بین القولین هو ما اختاره ابن مالک؛ أمّا الذی یدل على صحة قول ابن مالک فی أنّ أداة التعریف عند سیبویه ثنائیة ـ کما هی کذلک عند الخلیل ـ فهو قول سیبویه فی باب "عدة ما یکون علیه الکلم": «وقد جاء على حرفین ما لیس باسم ولا فعلٍ» (المصدر نفسه، ج4، ص220)، وذکر "أم" و"هل" و"لن" و"لم"، وقال بعد ذلک: «و"ال" تعرّف الاسم، کقولک: "القوم" و"الرجل"» (المصدر نفسه، ج4، ص226)، فیبدو من ذلک أنّه جعل هذه الأداة من الحروف الموضوعة على حرفین. وأمّا الذی یدل على صحة قول ابن مالک فی مخالفة سیبویه الخلیلَ فی الشیئین المذکورین، فهو قولُ سیبویه فی الکتاب، فی باب "ما یتقدّم أول الحروف وهی زائدة قدّمت لإسکان أوّل الحروف"، حیث قال: «وتکون (أی: الألف) موصولة فی الحرف الذی تُعرَّف به الأسماء. والحرف الذی تُعرَّف به الأسماء هو الحرف الذی فی قولک: "القوم" و"الرجل" و"الناس"، وإنما هما حرفٌ بمنزلة قولک: "قد" و"سوف". وقد بینا ذلک فیما ینصرف وما لا ینصرف ألا ترى أن الرجل إذا نسی فتذکر ولم یرد أن یقطع یقول: ألی، کما یقول قدی، ثم یقول: کان وکان. ولا یکون ذلک فی ابن ولا امرىءٍ، لأن المیم لیست منفصلة ولا الباء ... . وزعم الخلیل أنها مفصولة» (سیبویه، 1992م، ج4، صص145،144). فالذی یدلّ من هذا النص على أنّ الهمزة وصل عند سیبویه لا قطع قولُه: "«وتکون موصولة»"، والذی یدلّ على أنّ أداة التعریف عنده ثنائیة قولُه: "«وإنّما هما حرفان»"، والذی یدلّ على أنّ المفید للتعریف عنده هو اللام وحدها لا الألف واللام ـ کما زعم الخلیل ـ مفهومُ قوله: "«وتکون موصولة»"، لأنّ همزات الوصل لا تفید شیئاً فلا تفید التعریف لأنّها زوائد. قد استدلّ أصحاب هذا المذهب لما ذهبوا الیه بدلیلین؛ الأول على کون الهمزة همزة وصل والثانی على أنّ أداة التعریف ثنائیة الوضع، فأمّا الدلیل الذی استدلّوا به على کون الهمزة قطعا فهو: أنّه تثبت همزة هذه الأداة فی حال الابتداء وتسقط فی الدرج وحال الوصل فذلک یدلّ على أنّها همزة وصل (الصائغ، 2004م ، ج1، ص129)، ویقول أبوحیان الأندلسی: «قال الجمهور: الذی یقطع بأنّ الهمزة وصلٌ، إنّها تحذف عند الوصل، فتقول: مررت بالرجل» (الأندلسی، 2000م، ج3، ص222). وأمّا الذی استدلوا به لکون أداة التعریف ثنائیة فهو: أنّه ترتبط الهمزة فی أداة التعریف باللام وترتبط اللام بالهمزة وذلک أنّ لام "ال" جعلت فی أوّل الاسم المعرفة لأنّ حروف المعانی تقع فی الغالب فی أوائل الکلم، لا سیما معظم اللامات کـ"لام الأمر" و"لام القسم" و"لام الابتداء"، فأجریت لام "ال" مجری هذه اللامات، فقدّمت على الاسم التی تدخل علیه، إلّا أنّ الفرق بین هذه اللام واللامات الأخر هو أنّها جعلت ساکنةً لأنّها لو کانت مفتوحة أو مکسورة لأشبهت اللامات، فلم یبق لها إلّا الضم والسکون، أمّا الضم فهو مستثقلٌ فیها ویؤدّی إلى صعوبة النطق بها، فیبقى السکون، أمّا السکون فلا یصحّ الابتداء بها إلّا بعد دخول همزة الوصل. فاذا جیء بها صحّ السکون على اللام، فمن ثمّ ارتبطت لام "ال" بهمزة الوصل وهمزة الوصل باللام فلزمتها وصارت معها حرفاً واحد، فلذا کانت أداة التعریف ثنائیة (المالقی، بلا تا، ص73).
4ـ3 مذهب المتأخّرین وأدلتهم قد ذهب متأخرّو النحاة إلى أنّ أداة التعریف أحادیة الوضع والمعرّف هی اللام وحدها (المرادی، 2001م، ج1، ص460). وزیدت علیها الهمزة، لیتوصل بها إلى النطق باللام، لأنّها ساکنة والنطق بالساکن متعسر أو ممتنع فلا یمکن بدون همزة الوصل (الأندلسی، 1998م، ج2، ص985). وهذا المذهب هو ما اختاره الزجاجی (الزجّاجی، 1985م، ص42)، وابن جنّی من متقدمی النحاة (ابن جنّی، 2007م، ج2، ص28). قد استدلّ أصحاب هذا المذهب لما ذهبوا الیه من أنّ أداة التعریف أحادیة الوضع وأنّ المعرّف هو اللام وحدها بثلاثة دلائل: 1) أنّ حرف التعریف نقیض التنوین؛ إذ التنوین دلیل التنکیر وحرف التعریف دلیل التعریف، فلمّا کان التنکیر مدلولاً علیه بحرف واحد ساکن فی آخر الاسم وهو التنوین، وجب التعریف أن یکون کذلک مدلولاً علیه بحرف واحد ساکن و هو اللام (الأزهری، 1432ه.ق، ج1، ص180). 2) أنّ العامل الضعیف یتخطّى أداة التعریف ویصل عمله إلى بعدها نحو: "زیدٌ کعمرو"، فوصل عمل الجرّ إلى "عمرو" وجرّه. فلو کانت هذه الأداة ثنائیة لکان لها نوع استقلال یمنع من أن یتخطاها العامل الضعیف، فإذا لم یمنع من ذلک، دلّ على أنّها أحادیة الوضع (السیوطی، 1432ه.ق، ج1، ص257). یقول الشاطبی: «ومن الدلیل للمذهب الآخر وهو زیادة الهمزة وعروّها عن الدلالة، أنّهم أوصلوا حرف الجر إلى ما بعد حرف التعریف، نحو: "عجبت من الرجل" و"مررت بالغلام" وذلک یدلّ على أنّ حرف التعریف غیرُ فاصل بین الجار والمجرور وإنّما کان کذلک لأنّها فی نهایة اللطافة والاتصال بما عرّفه ولا یکون کذلک إلا لأنّه حرف واحد» (الشاطبی؛ 2007م، ج1، ص553). 3) أنّ توالی الاسم المحلّی بأداة التعریف ونفس الاسم المعرّی منها فی قافیتین جائز من غیر استکراه، وغیر أن یعدّ ذلک إیطاءً نحو قول الأعشى فی قصیدة له:
(المبرد، 1998م، ج2، ص277). وقال بعد قلیل فی نفس القصیدة:
(الإصفهانی، 1994م، ج9، ص105). فلو کانت أداة التعریف ثنائیة الوضع لکانت حرفاً مستقلا بذاته غیر متصل بالاسم الذی دخل علیه فیعد ما ذکر إیطاءً (ابن جنّی، 2007، ج2، ص19).
5ـ نقد ومناقشة أدلة الآراء 5ـ1 نقد مذهب الخلیل وابن مالک 1) یجاب عن دلیلهم الأول على کون الهمزة قطعا بأنّ فتح الهمزة لیس معلّلاً لقطعها بل فتحت الهمزة لثلاثة أوجه: الف) لحصول الاختلاف بین حرکة هذه الهمزة وبین التی تدخل على الأسماء والأفعال للإشعار بتراخی رتبة الحرف عن الاسم والفعل. ب) لأنّ هذه الهمزة دخلت على اللام، وهی حرف والحروف أثقل من الأسماء والأفعال فمن ثم اختیر لهذه الهمزة أخف الحرکات وهو الفتحة. ج) لأنّ هذه الهمزة مع اللام یکثر دورها فی الکلام فاختیر لها أخف الحرکاف وهو الفتحة (ابن الأنباری، 1997م، ص200). 2) یجاب عن دلیلهم الثانی على کون الهمزة قطعا بأنّ القطع فی الآیتین إنّما لمجرد مخافة التباس الاستفهام بالخبر (ابن یعیش، ج9، ص106؛ ابن جنّی، 2007م، ج2، ص23)، وأنّ فی "یا ألله" أوّلاً لکثرة الاستعمال وثانیاً لأنّ هذه الأداة مرادة أصلیةً جزء من لفظ الجلالة لأنّ الأصل فیه إلاه فلمّا أدخلت فیه هذه الأداة أسقطت همزتها وأدغمت اللام فی اللام التی بعدها فصارت الألف واللام عوضاً عن الهمزة الساقطة فجرت الألف واللام فیه مجری بعض حروفه، فلذا أصبحت کأنّها همزة أصلیة مقطوعة (ابن الوراق، 1999م، ص342). ومن الذی یرّد على ما استدلّوا به على کون الهمزة قطعا، هو استنادهم على القلیل النادر وترکهم الکثیر الوافر، لأنّهم استدلّوا على قطع الهمزة بمجیئها مقطوعة فی عدة مواضع أمّا مجیئها موصولة فلا یمکن حصر أماکنها لکثرتها. 3) یجاب عن دلیلیهم الأول والثانی على کون أداة التعریف ثنائیة، بأنّ ما تمسکوا به من الأبیات المفصولة فیها أداةُ التعریف من مدخولها، فذلک مجرد الضرورة الشعریة، یقول ابن جنی: «قد یرد فی ضرورة الشعر ما لا یحتمل فی اختیار الکلام من: الفصل بین ما لا یحسن فصله، وقصر الممدود، ومد المقصور، وتذکیر المؤنث، وتأنیث المذکر، ووضع الکلام فی غیر موضعه» (ابن جنی، ج3، ص141). ومن الواضح أنّ فصل أداة التعریف من مدخوله هو من مصادیق "الفصل بین ما لا یحسن فصله"، وهو من الضرورات الشعریة، لأنّه لا یحسن فصل هذه الأداة من مدخوله فی اختیار الکلام، فإذن استنادهم على تلک الأبیات لیس بصحیح لأنّها کلها من الضرورات الشعریة والضرورات الشعریة لا تقاس علیها. مضافا على أنّه ولو لم تقدح الضرورة الشعریة فی الأخذ بتلک الأبیات لما کان قولهم ـ فی دلیلهم الثانی ـ: "فلو کانت اللام هی وحدها حرف التعریف لما جاز فصلها مما تدخل علیه، إذ لو کانت هی وحدها حرف التعریف لصارت بإزاء النون من یفعلن أو الیاء من یضرب، فلزمها أن لا یفصل بینها وبین ما تطرأ علیه کما لا یفصل بین النون والیاء وبین ما تلحقان" بصحیح أیضا لأنّه یوجد کثیر من الأبیات قد فصلت فیها حرف واحد من أحرف الکلمة الواحدة وأتى بها فی المصراع الثانی نحو قول سحیم:
(العکبری، بلا تا، ج2، ص240). ونحو قول الشاعر:
(ابن الفضل العلوی، د.ت، ص291). فصلت "ن" من "میسان" و"ع" من "اضطجاع"، مع أنّهما حرفان واحدان. فإذن لا یصح قولهم لانتقاضه بالبیتین. هناک جواب آخر عن الدلیلین ـ مع قطع النظر مما یرد على استدلالهم من إشکال الضرورة الشعریة ـ وهو أنّ الهمزة لمّا دخلت على اللام وصارت کالجزء منها أشبهت من حیث اللفظ لا المعنى الحروف التی هی على حرفین نحو: "هل" و"بل"، فجرت مجراها فجاز حینئذٍ الوقف علیها وفصلها فی أنصاف الأبیات. ونظیر هذا الشبه اللفظی، کلمة "أحمد"، فضارعت الفعل لفظاً ومُنعت سببا لهذه المضارعة، من التنوین الذی هو مختص بالأسماء (ابن جنّی، 2007، ج2، ص19). 4) یجاب عن دلیلهم الثالث على کون أداة التعریف ثنائیة الوضع أولاً بأنّ الزیادة فی الحروف إنّما ممتنعة عند الکوفیین؛ أمّا البصریون فأجازوها (ابن الأنباری، 1998م، ج2، ص202)؛ وثانیاً بأنّه لا زیادة هنا أبداً لأنّ من ذهب إلى أنّ "ال" حرف أحادیة والمفید للتعریف هو اللام وحدها، لا یری أنّ الهمزة واللام وضعتا معاً من البدایة بل لم تکن عندهم مع اللام همزةٌ فی أوّل الأمر لأنّ المفید للتعریف هو اللام وحدها ثم إجتلبت الهمزة لتعذّر النطق بالساکن فاذن لا تعدّ الهمزةُ جزء من حرف التعریف حتى أن تکون زائدة فیها. 5) یجاب عن دلیلیهم الرابع والخامس على کون أداة التعریف ثنائیة الوضع، بأنّ التنکیر والتذکیر والإفراد لیست بأصول حقیقیة للتعریف والتأنیث والتثنیة کأصلیة إعراب الأسماء بالنسبة إلى بنائها، بل إنّما هی أصول اعتباریة لمجرّد الصیاغة؛ مثلاً تصاغ التأنیث من التذکیر نحو: "ضارب"، فیؤنّث بإضافة تاء التأنیث. فإذن لا یستقیم قیاسهم. 6) یجاب عن دلیلهم السادس على کون أداة التعریف ثنائیة الوضع أولاً بأنّ الذی یفهم منه العموم فی المثال هو النکرة فی سیاق النفی و"من" هذه لمجرد التنصیص على العموم وثانیاً بأنّه لو کان الذی یفید العموم هو "من" للزم أن یفیده فی نحو: "سرت من البصرة" ولیس کذلک. یبدو من هذا البحث أنّ مذهب الخلیل وأصحابه القاضی بأنّ الهمزة قطع وأنّ أداة التعریف ثنائیة الوضع مذهب لا یؤید بالدلائل المحکمة المتقنة فلا نستطیع قبوله.
5ـ2 نقد مذهب سیبویه إنّ ما استدلّ به أصحاب هذا المذهب على کون الهمزة همزة وصل، فهو مقبول مجمع علیه عند النحاة قاطبة ـ إلا عند الخلیل وتابعیه ـ ولم نعثر على أی مناقشة موجهة إلیه أمّا الذی یرد على هذا المذهب فهو شیئان: الف) عدم النظیر؛ لأنّ الهمزة عندهم همزة وصل ـ کما مرّ ـ فإن تکن همزة الوصل جزءً من أداة التعریف جزءً حقیقیا، یؤدی ذلک إلى عدم النظیر، إذ لا یوجد فی الکلام همزة وصل وهی کالقاف من "قد" أو الهاء من "هل". ب) إشکال الزیادة فی حروف ـ الذی وجهه أصحاب المذهب السابق إلى المتأخرین ـ؛ لأنهم یقولون ـ مع أنهم یعتقدون بأنّ المفید للتعریف هو اللام وحدها ـ بکون أداة التعریف ثنائیة، فیرون أنّ الهمزة واللام وضعتا معاً من البدایة، فإذا کانت الهمزة وضعت مع اللام من أول الأمر ولم تفد شیئاً فهی زائدة، فتلزم من ذلک الزیادة فی الحرف. فیظهر أنّ هذا المذهب لا یسلم من الضعف.
5ـ3 مذهب المتأخرین 1) یبدو أنّ دلیلهم الأول على کون أداة التعریف أحادیة الوضع دلیل متقن لأنّه مستند إلى أصل من أصول النحو المحکمة وهو حمل الضد على الضد ویسمّى بالقیاس الأدون (ابن الطیب، 2002م، ج2 ص784؛ حسانین، 1996م، ص157)؛ فحمل أصحاب هذا المذهب التعریف على التنکیر وحکموا على أنّ أداة التعریف حرف واحد کما أنّ التنوین حرف واحد. وهذا القیاس یجری فی کثیر من المواضع لا تکاد تحصى ویشعر بذلک قول الأصبهانی: «وهم یحملون النقیض على النقیض» (الأصبهانی، 2007م، ص75). أمّا ابن مالک فرفض هذا القیاس من المتأخرین وذهب إلى أنّ هذا القیاس لیس بمستقیم. فاستشکل علیه بأن قال: «واحتجّ بعضهم على الخلیل بأن قال: لما کان التنکیر مدلولا علیه بحرف واحد وهو التنوین کـ"صه" و"مه" وجب کون التعریف مدلولا علیه بحرف واحد وهو اللام؛ لأنّ الشیء یحمل على ضده کما یحمل على نظیره. وهذا ضعیف جدّا لأنّ الضدین قد یتفقان فی العبارة مطلقا کـ"صعب"، "یصعب"، "صعوبة" فهو "صعب"، و"سهل" "یسهل"، "سهولة" فهو "سهل". وقد یختلفان مطلقا کـ"شبع"، "شبعا" فهو "شبعان"، و"جاع" "جوعا" فهو "جائع"، وقد یتفقان من وجه ویختلفان من وجه کـ"رضی"، "رضا" فهو "راض"، و"سخط"، "سخطا" فهو "ساخط"» (ابن المالک، 1990م، ج1، ص256). یحاول ابن مالک أن یضعّف قیاس المتأخّرین مستعیناً بأمثلة یخالف فیها السماعُ القیاسَ، فقال لو جاز القیاس للزم أن لا یخالفه السماع فإذا خالفه السماع یدلّ على أنّ قیاس المتأخرین لیس بمعتبر فلا ینبغی الاتّکال علیه، فإذن لا دلیل للقول بوضع أداة التعریف على حرف واحد لحملها على التنوین. یجاب عن إشکاله بأنّ القیاس الذی یقول به المتأخّرون لا یتأتّى فیما فیه حکمٌ من جانب السماع مخالفٌ له لأنّ الأصول النحویة تحکم فی تعارض القیاس والسماع بتقدیم السماع على القیاس، قال ابن جنی: «إذا أدّاک القیاس إلى شیء ما، ثم سمعت العرب قد نطقت فیه بشىء آخر على قیاس غیره، فدع ما کنت علیه على ما هم علیه» (ابن جنّی، 2013م، ج1، ص162)، ویقول أیضاً: «إذا تعارضا نطقت بالمسموع على ما جاء علیه ولم تقسه فی غیره» (المصدر نفسه، ج1، ص156). وفی جمیع الأمثلة التی استند إلیها ابن مالک، حکمٌ من جانب السماع مخالف القیاس، فلا یجوز أن یحمل "شبع" ونحوه على "جاع" ونحوه، لأنّه قد سمع فی کل واحد منهما اسم فاعل مختص به، أمّا الذی نحن فیه، لا حکم فیها من جانب السماع؛ یعنی أنّ السماع لا یحتّم کون أداة التعریف موضوعة على الاثنین أو على الواحد فهذا مسکوتٌ عنه من حیث السماع، فإذن جاز لنا القیاس، فعلیه نحمل أداة التعریف على التنوین ونحکم بوضعها على حرف واحد کما أنّ التنوین موضوعٌ على حرف واحد، فإذن لا یتّجه إشکال ابن مالک. 2) قد اعترض بعضٌ من النحاة على دلیلهم الثانی بشیئین: الف) إنّ "ها" التنبیهیة مع أنّها ثنائیة لا تمنع من عمل العامل الضعیف فیما بعده؛ ففی نحو: "مررت بهذا" قد تخطّى عمل الجار "ها" التنبیهیة وعمل فی "ذا"، فلو کان وضع الحرف على الاثنین قادحاً فی إفضاء العمل للزم أن لا یستقیم جرّ الباء لـ"ذا" فی المثال، فإذا صحّ ذلک دلّ على أنّه یجوز الفصل بین العامل والمعمول بما هو على حرفین، فیجوز أن تکون أداة التعریف ثنائیة الوضع وأن یحصل مع ذلک الإفضاء (ابن جنّی، 2007م، ج2، ص25). ب) إنّ "لا" مع أنّها ثنائیة الوضع لا تمنع من عمل عامل فی ما بعدها، فلذا یفصل بها بین الجار والمجرور، نحو: "جئت بلا زادٍ" وبین الجازم والمجزوم، نحو: "إن لا تضرب أرافقک" وبین الناصب والمنصوب، نحو: "أخاف أن لا ترجع"، فلو کان وضع الحرف على اثنین قادحاً فی تخطیه العاملُ لما عمل عامل فی قبل "لا" فی بعدها، فإذا عمل دلّ على أنّه یجوز الفصل بین العامل والمعمول بما هو على حرفین. یجاب عن الأول بأنّ تخطّی العامل الضعیف "ها" التنبیهیة، ذلک لمضارعتها"ما" المؤکدة لأنّ التنبیه ضرب من التوکید فإذا اجتمعتا فی جامع التوکید حملت "ها" على "ما" المؤکدة حملَ النظیر على النظیر، فکما جاز أن تعترض "ما" هذه بین الجار والمجرور فی نحو قوله تعالى: «فَبِمَا نَقْضِهِم مِّیثَاقَهُمْª (النساء 4: 155)، وقوله: «عَمَّا قَلِیلٍ لَیُصْبِحُنَّ نَادِمِینَª (المؤمنون 23: 40)، کذلک جاز أن تعترض "ها" بین الجار والمجرور (ابن جنّی، 2007م، ج2، ص26). ویجاب عن الثانی أولاً بأنّ "لا" اختصت من جمیع ما هو على حرفین، بجعلها کجزء الکلمة فلذا یقال: "اللا شیء" و"اللا انسان". وثانیاً بأنّ "لا" هی أمّ الباب فی تأدّی النفی فتوسّعوا فیها، لانّهم یتوسّعون فی أمّهات الأبواب ما لم یتوسّعوا فی غیرها (الأزهری، 1432ه.ق، ج1،ص448؛ المدنی، 1431ه.ق، ص418)، فلهذا لم یتوسعوا فی "ما" أو "لیس" مع انّهما للنفی مثلها، فإذا کان تخطی عمل العامل "لا" النافیة لدلیل خاص یغتفر به وصول العمل إلى بعدها، فلا یجوز إذن حمل أداة التعریف علیها. هناک شیئان یؤیدان مذهب المتأخرین وهما: الف) وجود النظیر؛ إنّ من الأدلة التی تؤید مذهب المتأخرین، هو أنّ القول بأنّ أداة التعریف أحادیة الوضع والمفید للتعریف هو اللام وحدها، له نظیر فی الکلام لأنّ التعریف هو معنىً خاص والملک والاختصاص والتبیین کلّها معان خاصة تؤدیها اللام بوحدها فکما جاز أن تؤدی اللام هذه المعانی الخاصة بوحدها، فأن تؤدی اللام بوحدها التعریف ـ الذی هو معنى خاص ـ لیس بمستبعد. ویقول الزجّاجی: «والدلیل على صحة قول الجماعة وفساد قول الخلیل هو أنّ اللام قد وجدت فی غیر هذا الموضع وحدها تدلّ على المعانی، نحو: لام الملک، ولام القسم، ولام الاستحقاق، ولام الأمر وسائر اللامات التی عددناها فی أوّل الکتاب» (الزجاجی، 1985م، ص42). ب) الاستقراء؛ وهو من الأدلة النحویة اعتمد علیه فی کثیر من الأبواب، أمّا بیان الاستقراء فی هذه المسألة فهو: أنّا قد استقرئنا کلام العرب وخلصنا إلى أنّ کلّ ما لا یجوز الاعتراض بینه وبین ما یدخل علیه هو موضوع على حرف واحد بالضرورة وإلى أنّ کلّ ما هو موضوع على حرف واحد لا یجوز الاعتراض بینه وبین ما یدخل علیه بالضرورة وتظهر فائدة ذلک فی نحو السین الداخلة على المضارع، فلو لم نعلم أنّها موضوعة على حرف واحد من قبل، لعلمنا ذلک من عدم جواز الاعتراض بینها وبین ما تدخل علیه، ولو لم نعلم ضرورة عدم جواز الاعتراض بینها وبین ما تدخل علیه من قبل لعلمنا ذلک من وضعها على حرف واحد، فیکفی للعلم بأحد الطرفین علمنا بالطرف الآخر، فمن ثم نفهم أنّ أداة التعریف موضوع على حرف واحد لأنّا نعلم أنّه لا یجوز اعتراض أی شیء بینها وبین ما تدخل علیه فلأنّ کلّ ما لا یجوز الاعتراض بینه وبین ما یدخل علیه موضوع على حرف واحد فإذن أداة التعریف موضوع على حرف واحد. فیظهر ممّا مر أنّ المذهب الصائب بین المذاهب فی هذه المسألة وأفضلها بالأخذ، هو مذهب المتأخرین، أولا لکونه أقوی تأییداً بالدلائل الأصولیة النحویة من القیاس ووجودالنظیر والاستقراء وثانیاً لاندفاع کل الاعتراضات الواردة علیه.
5ـ4 خطأ کثیر من النحاة فی وجود مذهب رابع ذهب کثیرٌ من النحویین المتأخرین إلى أنّ هناک مذهب آخر یکون للمبرد وهو أنّ أداة التعریف هی الهمزة بوحدها (السیوطی، 1987م، ج3، ص7؛ بشر، 1998م، ص137؛ ابن هشام، 2008م، ج1، ص163؛ المدنی، 1431ه.ق، ص84؛ دیکنقوز، 1959م، ص56؛ الأسترآبادی، 1975م، ج2، ص261؛ ابن طولون، 2002م، ج1، ص165؛ الشاعر، 1988م، ص159؛ الخضری، ج1، ص84). أمّا هذا النقل منهم عن المبرد فخطأ کبیر یتسبب من عدم التدقیق والتصفح، لأنّ الذی یظهر بوضوح هو أنّ أداة التعریف عند المبرد هی اللام وحدها، لأجل تعبیره عن أداة التعریف بـ"لام المعرفة" أو "لام للتعریف" فی مواضع من کتابه المقتضب، منها: «ومن ألفات الوصل الألف التی تلحق مع اللام للتعریف. وزعم الخلیل أنّها کلمة بمنزلة "قد" تنفصل بنفسها، وأنّها من الأسماء بمنزلة "سوف" فی الأفعال» (المبرد، 2000م، ج1، ص121). ومنها: «وممّا حذف استخفافا لأنّ ما ظهر دلیل علیه قولهم فی کلّ قبیلة تظهر فیها لام المعرفة؛ مثل بنی الحارث» (المصدر نفسه، ج1، ص277). ومنها: «ولیست هذه اللام کلام المعرفة لازمة لکلّ اسم ترید تعریفه» (المصدر نفسه، ج1، ص278). فلو کان حرف التعریف عنده الهمزة لما عبّر عنه بـ"لام المعرفة" و"لام للتعریف".
6ـ الکلام الأخیر ذهب أبوحیان إلى أنّ البحث عن المذاهب والآراء فی هذه المسألة لا یجدی نفعاً ولایفید شیئاً؛ یقول: «قد طال الکلام فی "أل" طولاً زائداً على الحدّ، واختلافهم فیها لا یجدی شیئاً لأنّه خلافٌ لا یؤدّی إلى نطقاً لفظیاً ولا معنىً کلامیاً، و إنّما ذلک هوسٌ وتضییع ورق ومداد ووقت یسطّر ذلک فیه، والخلاف إذا لم یفد اختلافاً فی کیفیة ترکیب، أو فی معنىًً یعود إلى أقسام الکلام، ینبغی أن لا یتشاغل به (الأندلسی، 2000م، ج3، ص230). والذی یبدو صحیحاً خلاف ما مال إلیه أبوحیان، بل البحث یجدی نفعا کثیرا فی توجیه التعبیر عن أداة التعریف فی مذهب إلى مذهب آخر، وذلک أنّ اصحاب المذهب الأوّل لمّا قضوا بکون أداة التعریف ثنائیة الوضع وهمزتها همزة قطع عبّروا عنها بــ"أل" فقط ولم یجیزوا التعبیر عنها بغیرها وأنکروا على من عبّر عنها بــ"الألف واللام" وإنکارهم على من عبّر عنها بــ"اللام" أشدّ (الإربلی، 1877م، ص152). ونقل ابن جنّی أنّ الخلیل لم یکن یسمِّی هذین الحرفین بـ"الألف واللام" کما لا یسَمی "قد" بالقاف والدال، بل کان یسمّیها بـ"ال" (ابن جنّی، 2007م، ج2، ص15). وأصحاب المذهب الثانی لمّا قضوا بکون أداة التعریف ثنائیة الوضع وهمزتها همزة وصل عبّروا عنها بــ"ال" أو بــ"الألف واللام" وقد وقع التعبیران فی کتاب سیبویه (سیبویه،1988م، ج1،ص22/372، ج3، ص324/325، ج4، ص226). وأصحاب المذهب الثالث لمّا قضوا بکون أداة التعریف هی اللام وحدا وبکونها أحادیة الوضع عبّروا عنها باللام وحکموا على من یعبّر عنها بــ"الألف واللام" أو بــ"ال"، بأنّه تارک لما هو أولى (ابن مالک، 1990م، ج1، ص253). نعم لا یترتب على هذا النزاع ثمرة معنویة فی الکلام تختلف باختلاف المذاهب، بل الثمرة المعنویة إنما تترتب على اختلاف أنواع أداة التعریف من الجنس والعهد بأقسامهما لا على مجرد اختلاف الأنظار فی ماهیة هذه الأداة، ومعه لا یقدح ذلک فی أساس طرح هذا النزاع اللفظی والخوض فیه، فلا یزال یکون هذا الخلاف من أهم المسائل النقاشیة النحویة الجدیرة بالبحث عنه والتشاغل به، لما مرّ من ظهور غالیة ثمرات البحث عن الآراء الاضطرابیة والاتجاهات المتباینة فی توطّد الدرس النحوی وتوسیع آفاقه وتطویر استدلالات مسائله، المعطیةُ مجالا للابتکار والاستنباط والترجیح، المانعةُ من الانخراط فی أسلوب واحد وجمود الفکر النحوی، فلذا نری أنه کثیرا ما بالى النحاة بالنزاعات اللفظیة و تعاطتها المحققون منهم قدیما وحدیثا، وثانیا لما مر آنفا من ظهور ثمرة هذا النزاع فی کیفیة التعبیر عن أداة التعریف من مذهب إلى مذهب آخر. ثم إنّ من الذی یبدی أهمیة هذا النزاع اللفظی وجمیع النزاعات اللفظیة المبحوثة عنها فی علم النحو هو ما فی هذه المناقشات من اکتناه ماهیات الأشیاء، حیث یحظى هذا الأمر نفسه بأهمیة بالغة عند الحکماء بل مطلق العلماء منهم النحویون، لأنه یفضی إلى رصانة الرأی وصیانة الطالب من رکوب العشواء، ویؤیده الحدیث النبوی المعروف: «اللهم أرِنَا الأشیاء کما هی» (النخجوانی، 1999م، ج1، ص275)، وهو أول ما استدل به الملاصدرا فی کتابه الأسفار للزوم التشاغل بعلم الفلسفة حیث یؤدی هذا العلم إلى النظر فی الأشیاء کما هی (الملاصدرا، 1981م، ج1، ص20)، ویقول السید المرتضى: «وقال رسول اللّه 6: «ربِّ أرنی الأشیاء کما هی". فلو لم یکن معرفة حقائق الأشیاء أشرف المعارف وأسناها لأحد لما کان مرغوبا فیها من جهته علیه السلام» (السید المرتضى، 1405هـ، ج2، ص261)، فیظهر إذن أن البحث عن ماهیات الکلمات کـ"ال" و"إذن" و"لکنّ" وغیرها إذا لم یکن متعذرا ولا متعسرا ینبغی التشاغل به على قدر ما تیّسر خصوصا للملمین بالنحو العربی.
الخاتمة تتوصّل هذه الدراسة إلى ثلاث نتائج: 1) أنّ فی أداة التعریف ثلاثة مذاهب: ألف) مذهب الخلیل وأصحابه القاضی بأنّ أداة التعریف ثنائیة الوضع وهمزتها همزة قطع والمفید للتعریف هو الألف واللام بکمالها. قد استدل أصحاب هذا المذهب لقطع الهمزة أولا بفتحها، وثانیاً بثبوتها فی مواطن من الکلام نحو الآیتین ونحو: "یا ألله"، وقد استدلوا لوضع أداة التعریف ثنائیة أولا بالوقف علیها، وثانیا بفصلها من مدخولها فی أنصاف الأبیات وثالثاً بإشکال الزیادة الذی یلزم على القول بکون أداة التعریف أحادیة، و رابعاً بحملها على التأنیث، و خامساً بحملها على التثنیة، وسادساً بحملها على "مِن" فی نحو: "ما فی الدار من رجل". ب) مذهب سیبویه وأصحابه القاضی بأنّ أداة التعریف ثنائیة الوضع وهمزتها همزة وصل والمفید للتعریف هو اللام وحدها. قد استدل أصحاب هذا المذهب لوصل الهمزة بثوبتها فی أول الکلام وسقوطها فی الدرج، وقد استدلوا لکون أداة التعریف ثنائیة بشدة ارتباط الهمزة باللام واللام بالهمزة. ج) مذهب المتأخرین القاضی بأنّ أداة التعریف أحادیة الوضع والمفید للتعریف هو اللام وحدها. قد استدل أصحاب هذا المذهب لما ذهبوا إلیه أولا بحمل أداة التعریف على التنکیر حمل الضد على الضد، فحکموا على أنّه کما یکون التنکیر مدلولا علیه بحرف واحد فکذلک یکون التعریف مدلولا علیه بحرف واحد وهو اللام، وثانیاً بتخطیها العاملُ الضعیف إذ لو کانت أداة التعریف ثنائیة لکان لها نوع استقلال یمنع من عمل ما قبلها فی ما بعدها، وثالثاً بأنّ توالی الاسم المحلّى بأداة التعریف ونفس الاسم المعرّی منها فی قافیتین جائز من غیر استکراه وغیر أن یعدّ ذلک إیطاءً، ورابعاً بأنّ کون أداة التعریف أحادیة وهی اللام یؤید بوجود النظیر له لأنّ هناک معان خاصة تؤدیها اللام بوحدها نحو: الاختصاص والملک والاستحقاق، وخامساً بأنّ کون أداة التعریف أحادیة وهی اللام یؤید بالاستقراء لأنّ الاستقراء فی لسانهم یحکم بأنّ کل ما لا یجوز الاعتراض بینه وبین ما یدخل علیه هو على حرف واحد فلأنه لا یجوز اعتراض أی شیء بین أداة التعریف وبین مدخولها فمن ثم تکون أداة التعریف هی أحادیة. 2) أنّ الأصوب بین هذه المذاهب الثلاثة هو ما مال إلیه متأخرّو النحویین من أنّ أداة التعریف هی اللام وحدها وأنّها أحادیة الوضع، لأنّ هذا المذهب أقوی استدلالاً، أولا لاندفاع الاعتراضات الواردة علیها وثانیا لأنّه أکثر استناداً إلى الأدلة الأصولیة النحویة من القیاس الأدون ووجود النظیر والاستقراء. أمّا المذهبین الأول (مذهب الخلیل وابن مالک) والثانی (مذهب سیبویه) فلا یخلوان من الضعف، للاعتراض على أدلتهم لأجل ضعفها ولمخالفتهم للأصول النحویة من الأخذ بالقلیل النادر وترک الکثیر الوافر والقیاس على الضرورة الشعریة فی المذهب الأول، ولعدم النظیر ولإشکال الزیادة فی الحروف فی المذهب الثانی. 3) أنّ ثمرة هذا النزاع تظهر فی طریق التعبیر عن أداة التعریف من مذهب إلى مذهب آخر؛ حیث عبّر الذین حکموا بأنها ثنائیة الوضع و همزتها همزة قطع عن أداة التعریف بـ"ال"، والذین حکموا بأنها ثنائیة الوضع وهمزتها همزة وصل عنها بـ"ال" أو "الألف واللام"، والذین حکموا بأنها أحادیة الوضع والهمزة وصل عنها بـ"لام التعریف". | ||||||||||||||||||||||
مراجع | ||||||||||||||||||||||
المصادر والمراجع µ القرآن الکریم
10. ابن مالک الأندلسی، محمد بن عبدالله. (1982م). شرح الکافیة الشافیة. (حققه وقدم له: عبد المنعم أحمد حریری). (ج4). مکة المکرمة: دار المأمون للتراث. 11. ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ. (1990م). شرح التسهیل، تسهیل الفوائد وتکمیل المقاصد. (تحقیق: عبد الرحمن السید ومحمد بدوی المختون). (ج4). الجیزة: هجر للطباعة والنشر والتوزیع والإعلان. 12. ابن الناظم، بدر الدین. (2000م). شرح ابن الناظم على ألفیة ابن مالک. (تحقیق: محمد باسل عیون السود). بیروت: دار الکتب العلمیة. 13. ابن هشام الأنصاری، جمال الدین. (2008م). أوضح المسالک إلى ألفیة ابن مالک ومعه کتاب «عدّة السالک إلى تحقیق أوضح المسالک». (ج4). بیروت: المکتبة العصریة. 14. ابن الورّاق، أبو الحسن. (1999م). علل النحو. (دراسة وتحقیق: محمود جاسم محمد الدرویش). الریاض: مکتبة الرشید الطباعة والتوزیع. 15. ابن یعیش، ابن علی. (بلا تا). شرح المفصل. (حققه وعلق علیه: مشیخة الأزهر). (ج10). بلا م: إدارة الطباعة المنیریة. 16. أبوحیان الأندلسی، محمد بن یوسف. (1998م). ارتشاف الضرب من لسان العرب. (تحقیق وشرح ودراسة: رجب عثمان محمد ورمضان عبد التواب). (ج5). القاهرة: مکتبة الخانجی. 17. ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ. (2000م). التذییل والتکمیل فی شرح کتاب التسهیل. (تحقیق: حسن هنداوی). (ج12). دمشق: دار القلم. 18. الإربلی، علاء الدین. (1877م). جواهر الأدب فی معرفة کلام العرب. مصر. 19. الأزهری، خالد. (1432م). شرح التصریح على التوضیح. (إعداد: محمد باسل عیون السود). (ج2). بلا م: ناب مصطفوی. 20. الأسترآبادی، رضی الدین. (1975م). شرح شافیة ابن الحاجب مع «شرح شواهده». (تحقیق: محمد نور الحسن ومحمد الزفزاف ومحمد محی الدین عبد الحمید). (ج4). بیروت: دارالکتب العلمیة. 21. صدر الدین الشیرازی، محمد بن إبراهیم. (1981م). الحکمة المتعالیة فی الأسفار العقلیة الأربعة. (ملاحظات: العلامة الطباطبائی). (ج9). بیروت: دار إحیاء التراث العربی. 22. الأصبهانی، أبو الحسن. (2007م). کتاب شرح اللمع فی النحو. (دراسة وتحقیق: محمد خلیل مراد الحربی). بیروت: دارالکتب العلمیة. 23. الأصفهانی، أبو الفرج. (1994م). الأغانی. (ج13). بیروت: دار إحیاء التراث العربی. 24. الأعلم الشنتمری، أبو الحجاج، (2004م). النکت فی تفسیر کتاب سیبویه وتبیین الخفی من لفظه وشرح أبیاته وغریبه. (تحقیق: یحیى مراد). بیروت: دارالکتب العلمیة. 25. بشر، کمال. (1998م). دراسات فی علم اللغة. القاهرة: دار غریب للطباعة والنشر والتوزیع. 26. حسانین، عفاف. (1996م). فی أدلة النحو. القاهرة: المکتبة الآکادیمیة. 27. الخضری، محمد. (بلا تا). حاشیة الخضری على شرح ابن عقیل على ألفیة ابن مالک. بیروت: دارالفکر للطباعة والنشر والتوزیع. 28. دیکنقوز، شمس الدین. (1959م). شرحان على مراح الأرواح فی علم الصرف. (ط3). مصر: شرکة مکتبة ومطبعة مصطفى البابی الحلبی وأولاده. 29. الرمانی، أبوالحسن. (1981م). کتاب معانی الحروف. (حققه وقدم علیه: عبد الفتاح إسماعیل شابی). جدّة: دار الشروق. 30. الزجاجی، عبد الرحمن. (1985م). کتاب اللامات. (تحقیق: مازن المبارک). (ط2). سوریة: دارالفکر. 31. السلسیلی، أبو عبد الله. (1986م). شفاء العلیل فی إیضاح التسهیل. (دراسة وتحقیق: الشریف عبد الله علی الحسینی البرکاتی). (ج3). مکة المکرّمة: المکتبة الفصیلة. 32. سیبویه، أبو بشر. (1988م). الکتاب. (تحقیق وشرح: عبد السلام محمد هارون). (ط3). (ج4) القاهرة: مکتبة الخانجی. 33. السیوطی، جلال الدین. (1432ه). همع الهوامع فی شرح جمع الجوامع. (تحقیق: أحمد شمس الدین). (ج4). بلا م: ناب مصطفوی. 34. ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ. (1987م). الأشباه والنظائر فی النحو. (تحقیق: إبراهیم محمد عبد الله). (ج4). دمشق: مجمع اللغة العربیة. 35. الشاطبی، أبو إسحاق. (2007م). المقاصد الشافیة فی شرح الخلاصة الکافیة. (تحقیق: عبد الرحمن بن سلیمان العثیمین). (ج10). مکة المکرمة: مهد البحوث العلمیة وإحیاء التراث الإسلامی. 36. الشاعر، حسن موسى. (1988). الکشف عن صاحب البسیط. مدینه: الجامعة الإسلامیة. 37. شُرّاب، محمد محمد حسن. (2007م). شرح الشواهد الشعریة فی أمات الکتب النحویة «لأربعة آلاف شاهد شعری». (ج3). بیروت: مؤسسة الرسالة. 38. الشریف المرتضى. (1405ه). رسائل الشریف المرتضى. (إعداد: السید مهدی الرجائی). (ج4). قم: منشورات دار القرآن الکریم. 39. العکبری، أبو البقاء. (بلا تا). دیوان أبی الطیب المتنبی بشرح أبی البقاء العکبری المسمى بالتبیان فی شرح الدیوان. (ضبطه وصححة وضع فهارسه: مصطفى السقا وإبراهیم الإبیاری وعبد الحفیظ شلبی). (ج4). بیروت: دار المعرفة للطباعة والنشر. 40. المالقی، أحمد. (بلا تا). رصف المبانی فی حروف المعانی. (تحقیق: أحمد محمد الخراط). دمشق: مجمع اللغة العربیة. 41. المبرد، أبو العباس. (1998م). الکامل فی اللغة والأدب. (تحقیق: عبد الحمید هنداوی). (ج4). بلا م: وزارة الأوقاف السعودیة. 42. ــــــــــــــــــــــــــــــــــ. (2000م). المقتضب. (تحقیق: حسن حمد وإمیل بدیع یعقوب). (ج4). بیروت: دارالکتب العلمیة. 43. المدنی، السید علیخان. (1431ه). الحدائق الندیة فی شرح الفوائد الصمدیة. (تحقیق: السید أبو الفضل السجادی). قم: ذوی القربى. 44. المرادی، بدر الدین. (2001م). توضیح المقاصد والمسالک بشرح ألفیة ابن مالک. (شرح وتحقیق: عبد الرحمن علی سلیمان). (ج6). القاهرة: دارالفکر العربی. 45. ناظر الجیش، محب الدین. (2007م). شرح التسهیل المسمى بتمهید القواعد بشرح تسهیل الفوائد. (دراسة وتحقیق: علی محمد فاخر وجابر محمد البراجة). (ج11). القاهرة: دار السلام للطباعة والنشر والتوزیع والترجمة. 46. النخجوانی، نعمة الله بن محمود. (1997م). الفواتح الإلهیة والمفاتح الغیبیة الموضحة للکلم القرآنیة والحکم الفرقانیة. (ج2). الغوریة: دار رکابی للنشر.
| ||||||||||||||||||||||
آمار تعداد مشاهده مقاله: 993 تعداد دریافت فایل اصل مقاله: 426 |