
تعداد نشریات | 43 |
تعداد شمارهها | 1,706 |
تعداد مقالات | 13,972 |
تعداد مشاهده مقاله | 33,589,252 |
تعداد دریافت فایل اصل مقاله | 13,318,931 |
البعد التداولي للمعاصر من اللغة، ومناهج تصميم الکتاب المدرسي | ||
بحوث في اللغة العربية | ||
مقاله 4، دوره 5، شماره 9، دی 2013، صفحه 37-50 اصل مقاله (348.83 K) | ||
نوع مقاله: المقالة البحثیة | ||
نویسنده | ||
محمود بولعراس الجمعي* | ||
أستاذ مساعد بمعهد اللغة العربية، جامعة الملک سعود، الرياض، المملکة العربية السعودية. | ||
چکیده | ||
يحظى الکتاب المدرسي بعناية کبيرة عند الأمم المتقدمة, فهو غاية وثمرة التعلم والتعليم، به يستطيع الفرد أن يصل إلى درجة المواطنة بامتلاک ثقافته، ومن ثمة يتمثل الفرد المعرفة واستثماراتها في تفاعلاته مع المجتمع فکرا وتواصلا ورؤية وتکوينا؛ أي أن مقاييس الضبط الاجتماعي وقيمه السلوکية والحضارية الراسخة والمتجددة يحفزها ويبرزها إلى السطح في شخصية المتعلم الکتاب المدرسي، ولهذا فإن الثقافة اللغوية الراهنة للکتاب وجب أن يحتويها الکتاب والتي تتمثل في نظرنا في: 1- المناقشة والمحادثة والمناظرة والسؤال والجواب. 2- حکاية القصص والسرد وتمثيل الشخصيات وتقليدها. 3- التقارير والخطب والکلمات والأحاديث. 4- إلقاء التوجيهات والتعليمات. 5- المقابلات الشخصية وإدارة الاجتماعات والمشارکة فيها. 6- وصف الأشياء بالدقة الواقعية، والمحاججة والدفاع عن الرأي وطلب الحجة، والتفسير والحوار والتحليل والاستطلاع والتعليق. وهذه المناحي يجب أن يتمثلها الکتاب المدرسي لغة وأسلوبا في رأينا، حتى ترقى بعوامل اللغة المعاصرة تخطيطا وتعريفا ومشارکة الواقع بوسائل عرض اللغة الوظيفية وحدودها التي تترک انطباعا تکوينيا غير مباشر، وفضلا عن المادة العلمية فإن طريقة العرض وأسلوب معالجة المضامين وتقديم المحتوى وطبيعة الأنظمة اللسانية المتاحة والأساس التربوي الناتج، تعدّ مداخل إجرائية ومنطقية للمحصول الثقافي اللغوي، فمثلا الترديد وعواقبه الإبداعية في ما بعد التعليم وبصماته النفسية والإيديولوجية والفکرية لما تلقاه المتعلم في الکتاب المدرسي هي التي تکوّن رؤيته للعالم وخصوصا من حيث اللغة تواصلا ومحتوى وتقنية حتى تخلق جيلا غير منفصم الشخصية عن واقعه. | ||
کلیدواژهها | ||
التداولیة؛ الکتاب المدرسی؛ المناهج؛ التصمیم | ||
اصل مقاله | ||
1ـ أهمیة الکتاب المدرسی ووظیفته وعوامل جودته یمثل الکتاب المدرسی بقیمه ومثله العلیا سلوک المتعلم، ومنه تستفاد الجوانب التکوینیة لشخصیته الثقافیة بل حتى الفکریة والسلوکیة، وهو على تنوعه[1] یجسد النبوغ والطموح والرغبة والمیول، ولذلک فله أثر بلیغ عند غالبیة المتعلمین، ومن ثمة یعوّل تعویلا کبیرا على الکتاب فی تکوین المتعلم ثقافة وسلوکا، وعلیه یتکئ الطالب فی اکتساب خبرات الحیاة، وهو إحدى الوسائل التی یستمد منها المتعلم التربیة ومنها التربیة اللغویة. وللکتاب شأن فی تغذیة الطالب بالمعلومة وطرقها المعرفیة وسلطانها العلمی، والکتاب فی ذلک المستند والمعتمد والمتکل وحتى المرجع الأیدیولوجی، والمتعلم یقیس صحة المعلومة وکیفیة حصولها بما تلقاه فی الکتاب المدرسی وکیف تسربت إلیه المعلومة ومن ثمة فهناک واصل تکمن فیه الثقة العمیاء بالکتاب ومحتویاته. إذا کان الکتاب مصدر المعلومة فهو کذلک القدوة فی التصرف بالمعلومة وکذلک فهو مکمن الحقائق الفکریة المتکونة لدى متعلمی الشعوب وثقافتهم، ومکمن کذلک رؤى العالم ومسطر أهداف المجتمعات (صالح، 1960م)، ومثال ذلک أن الثورات التی تظهر فی العالم دافعها ثقافة الکتاب المدرسی بما یکوّنه فی الطالب من تشبع فکری وثقافی ورؤیة للعالم وللحیاة، فنحن لم نعرف الرؤى الإمبریالیة والرأسمالیة والأیدیولوجیات المختلفة إلا من خلال الرؤى المدرسیة فی الکتب وما تمارسه من إقناع وما تقدمه من حجج وبراهین ولو کانت خاطئة، وتکریس الکتاب المدرسی لهذه المفاهیم کما وکیفا فی المستویات التاریخیة والحضاریة وما یؤدیه من تغییب وإبراز لبعض الوصاف المنهجیة لهذه الأفکار أو تلک. یتعدى الکتاب المدرسی إذن مرحلة البراءة إلى الممارسات السلطویة بما یقدمه من مادة وطریقة ومحتوى تقدیسا أو تسفیها لموضوعات الحیاة، وما یهمنا نحن هنا هو البسط اللغوی الثقافی والفکری والدلالی واللفظی، وطریقة المعالجة، فالصناعة اللغویة عند المتعلم التی من بین رکائزها الأساسیة الکتاب المدرسی تبنى انطلاقا منه وبالنظر إلیه، ولهذا فلهو خطورة کبیرة على الناشئة التی تتمثله عبارات وألفاظ وممارسات لغویة سنتطرق إلیها لاحقا فی المناشط اللغویة والأبعاد الحضاریة والاجتماعیة لها. إن إعداد الکتاب المدرسی مطلوب منهجیا فهو الموّجه للجیل الاجتماعی والمنظور الحضاری، ولهذا یعوّل علیه کثیرا فی بناء الأیدیولوجیات الاجتماعیة التی تتماشى والکتاب (ابن سلمة، 2005م)، ولا یجب النظر إلى ذلک بالاعتباط وترک الفجوات بین متداولی الکتاب المدرسی فی الأجیال الاجتماعیة، فکل مرحلة یجب أن تُتبع بمرحلة لاحقة حتى نکون الحضارة المبتغاة، ولذلک لابدّ من إعداد الکتاب منهجیا وتصمیما وهدفا وغایة، فمثلا درس موضوع نحوی معین والطریقة التی یقدم بها الدرس انطلاقا من عینة لغویة ومناقشة هذه العینة وطریقة استخلاص قاعدة لغویة تتحکم فی الأنماط اللغویة المتصرف بها فی الحیاة، لا تقدم فقط معلومة بل تقدم طریقة فی التفکیر (أبو الفتوح رضوان وآخرون،1962م، ص 8). والإقناع والمناقشة والإبداع والتحقق وکل العملیات الفکریة الأخرى فی التحلیل والتعلیق والنقد وغیرها من العملیات العقلیة المطروحة فی المجتمع. ومن هنا کان لزاما أن نصمم الکتاب بالطریقة العلمیة الهادفة والمعقولة غیر الاعتباطیة. یطغى على الکتاب المدرسی وجهات نظر مؤلفیه ومنظری الکتاب من تربویین فی طرق تدریس الأنشطة الموجودة فی الکتاب والمحتوى الذی ینقل هذه المعلومات والتصرف فیها وإعطاء انطباع عنها والحکم علیها، وتبقى بصمة ناقصة فی کتبنا وهی ترکت للقارئ وللمتعلم وللمتعامل بهذا الکتاب الحکم والنقد والتغذیة الرجعیة، والاستفادة من هذه الانتقادات البناءة غیر الأحادیة الجانب، فنشرک بذلک المؤلف والمتعلم والمعلم وولی الأمر والمجتمع بکل أطیافه وهو إحدى أرکان التعلم والتعلیم.
2ـ خصائص الکتاب المدرسی یوضع الکتاب المدرسی لقراء مجبرین على التعامل معه عکس الکتاب العادی الذی یخضع لانشغال بعض القراء وقدرتهم على الشراء، وکذلک لعلم الکتاب وفنه بعکس الکتاب المدرسی الذی یخضع لجملة من الاعتبارات، وهی:
3ـ تصمیم الکتاب المدرسی والأنشطة اللغویة یُنظر إلى الکتاب المدرسی فی کثیر من الأحیان على أنه مصدر المعلومة ویجب أن یتمثلها الطالب حفظا واستظهارا غیر أنه من المؤسف لا ینظر إلى أسلوبه وطریقته فی التعامل مع المعلومة فضلا عن طریقة استخدامه، کما أنها تهدف إلى أن تکوّن طالبا محشوا بالمعلومات لا أکثر. وهناک أمر خطیر وهو أن الکتاب المدرسی مصدر السلوکیات الإیجابیة والمشوّهة التی یترعرع فیها الطالب من جوانبه الأخلاقیة والأیدیولوجیة والفکریة والعلمیة فضلا عن السلوکیات الأخرى، فما الفائدة مثلا من تقدیم الأنشطة اللغویة ومهاراتها دون النظر إلى الظروف المحیطة بالمعلومة وموقف الدارسین منها على مر العصور والأجیال التی للأسف أصبحت تنظر إلى الأنشطة اللغویة بمنظار السخریة لا بمنظار فائدتها التی تکوّن شخصیة قومیة متینة تقاوم هزات الظروف الحضاریة فی تقدیم لغة سلسة ذات فائدة فی تکوین شخصیة تتمیز بالمواطنة لا السلبیة والمهمّشة فی عالم عسیر التکوین (دمعة، 1982م)، ومن ثمة فقد تکوّنت قناعتنا فی طرق الموضوع فی المحتوى والتوجیه البعید المدى للأثر الذی یقدم به الکتاب النشاط اللغوی. إن تحلیل الکتاب المدرسی والتعرف الواعی لآثار النشاط اللغوی واستخدام الطالب للأفکار اللغویة فضلا عن تمثلها فی المجتمع خارج المدرسة یحدد الخطوط الرئیسة والهیکل العام لموضوعات المقرر ومشکلاته المرتبطة بالموضوع والطالب والحیاة (الخوالدة، 2004م، ص 137)، ویجب أن تکون أسئلة الکتاب تتعلق بالطرف الحضاری للأمة وکذلک یجب أن تکون التمرینات قائمة على حل المشکلات متعلقة بالاستخدام الفعلی للغة، کما أن طریقة بسط الموضوع والمادة العلمیة یفاضل فی تکوین الشخصیة اللغویة والمتمیزة فی استخلاص قاعدة الحیاة اللغویة، ومن ثمة تتکامل المعلومة بالحیاة فیجب أن یبدأ الکتاب من وجهة نظرنا بمشکلة لغویة تتعلق بالواقع المعیش وطریقة تقدیمها تکوّن فردا ممعنا بالظروف الشبیهة بهذه المشکلة، کما أن المعلومة التی یقدمها الکتاب المدرسی مساعدة لفهم الموضوع اللغوی کما عند الأسلاف مثلا، ولأننا فی عالم یفرض نمطا معینا من السلوک اللغوی الذی تتمازج فیه اللغات وقوانینها وتتداخل بفعل الاقتراض والاستخدام والاختصار وبفعل التقنیة وتوجهات الحضارة المعاصرة، ومن ثمة کان لزاما على الوجهة التربویة أن تتمثل هذا التطور وإلا أصبحت بعیدة تستدعی الهزل وتحفز على التمرد ویصبح النظام التربوی بعیدا عن الرؤى التی یقدمها الکتاب والتی أشرنا إلیها سلفا. إن الفلسفة التی یقوم علیها الکتاب هی مساعدة الطالب على الانخراط الإیجابی فی الحیاة ومتطلبات السلطة، لا أن یصبح النظام التربوی اللغوی أساطیر الأولین، ومن ثمة أیضا کان لزاما من وجهة نظرنا أن یقوم الکتاب على منهج النشاط وحاجات الطلاب واعتبار میولهم محور العملیة التعلیمیة ونقطة البدء فیها لا على منهج المواد الدراسیة المنفصلة، «ویتخذ من مشکلات التلامیذ والحیاة محاور یدور حولها نشاطهم ویخضع المادة الدراسیة ومصادر المعرفة والثقافة المختلفة لهذه الحاجات والمیول والمناشط القائمة على أساسها» (المصدر نفسه، ص 294).
4ـ قناعتنا فی تدریس الأنشطة اللغویة وما یلزم تصمیم الکتاب المدرسی رکزت الأمم المختلفة على تعلیم لغتها بمقدار مهم فی حیاتها، لأنها تعتبر اللغة سرّ بقائها، ولأن اللغة العربیة أُهینت بمشکلات حالت بینها وبین روادها وطلابها فی الاکتساب، مما حال دون قیام حضارة عربیة معاصرة رائدة على غرار ما کان عند الأسلاف، ونظرا لشح المناهج والتألیف فیها وفی طرائق تدریسها بما یتماشى والعصر ومتطلبات الطالب ومیوله، کان من الضروری الالتزام بإصلاح تعلیم اللغة العربیة، إصلاحا شاملا، ولأن الغایة من تدریس اللغة العربیة هی تکوین مواطن یحسن اللغة معرفة وتواصلا، دون الوقوع فی عوائق التواصل باللغة العربیة القیاسیة (/ الفصحى المعاصرة). ونظرا إلى أن التواصل الشفهی عدّ قطب الرحى فی اکتساب اللغة واعتبرت کل المساقات الأخرى خادمة له، وغایة العملیة التعلیمیة هی الوصول إلى ذلک إتقانا وممارسة صائبة وسلوکا لفظیا حضاریا.
5ـ واقع تعلیم اللغة عالمیا تعلیم التواصل اللغوی هو الشغل الشاغل لکل التعلیمیة، إذ تناولته کثیر من الدراسات المعاصرة بالتساؤل والبحث، وهو الأمر الذی تبنته وزارات التربیة الوطنیة فی العالم والمؤسسات التربویة الدولیة ومجالسها البحثیة والعلمیة، فالعالم التربوی مدعو بکل ما أوتی من شجاعة وقوة لئلا یتوقف عن إعادة طرح مسائل تعلیم التواصل اللغوی لکونه أمرا ضروریا، ونحن إزاء هذا الوضع الخطیر التی آلت إلیه العربیة التی ظلت حبیسة الصف الدراسی لیس إلا وذلک فی أقصى الحدود، وفی ظل تفاقم سیطرة العامیات الآیلة إلى التقارب الخطیر إلى الذوبان فی اللغات الأجنبیة مدعوون إلى طرح السؤال التالی وهو: ماذا سنفعل تجاه هذا الوضع؟ هل سنقف متفرجین واللغة العربیة تُبتلع؟ الإجابة واضحة وصریحة، نعم التواصل الشفوی یفرض نفسه علینا منذ أن وجدت العربیة، وفی الحقیقة إننا لا نستطیع تصور أن المحادثة والتواصل الشفوی بالفصحى مقصوران على قاعة الدرس، حتى وإن أصبح هذا الفضاء الأخیر تغزوه مظاهر العامیات للأسف، إذ لم یعد تدریسه واضح الأهداف والمقاصد بفعل التجاوزات وبفعل الدروس التی لا تصلح لجیل العربیة المعاصرة، ولأن التواصل بهذه اللغة أصبح غیر مرغوب فیه فی سوق العمل باعتباره ضروریاً لدخول عالم الشغل. لقد کان منذ مدة إتقان التواصل الشفوی والمحادثة باللغة العربیة شرطا ضروریا لاقتحام سوق العمل، وخاصة مهنة التدریس، إلى حد هذا الوضع یعدّ الأمر مقبولا، لکن أن نلاحظ هجوما على التواصل باللغة العربیة الفصحى والاکتفاء بمعلومات عنها من طرفنا هو الأمر الأغرب، لأننا ربما لم نُقبل علیها، ونرفضها بفعل القواعد الجامدة والأسالیب التدریسیة وفقدان الإطار المرجعی والسیاقی للتحادث بها. هذا الأمر هو الذی یدفعنا إلى التساؤل عن أی محادثة باللغة نحن نعلّم، وأیّ أهداف نسعى لها والتی تنتهی بانتهاء المرحلة الثانویة فی تعلیم الفرد، فهل یکفی أن نتوقف عن تعلیم اللغة عند انتهاء المرحلة الثانویة، ولأن نتائج الامتحانات النهائیة للتعلیم ما قبل المرحلة الجامعیة لا تُظهر بصدق الکفاءة اللازمة لمواصلة الدراسة، خاصة أن الأمر یرتکز على التواصل الکتابی أکثر من الشفوی، ثم إنه یتعلق بمواضیع التواصل اللغوی. وفی السیاق نفسه فنحن نعلم جیّدا أن القراءة الجهریة ومنذ أمد بعید تُلحق بتمارین نطقیة وتلفظیة مشدّد علیها من طرف معلمی اللغة، ولأجل التعود على التواصل اللغوی لابد من إعطاء هذا النشاط بُعدا تواصلیا، إذ توجّه القراءة لأغراض أخرى، ولا یرکز علیها فی حدّ ذاتها، فنفترض قراءة تعبیریة أو إیمائیة إشاریة وجسدیة وبالنظرات، بإدماج الفعالیات اللسانیة وغیرها فی الشفهی. السؤال المنبثق من خلال هذه المقدمات البسیطة هو أن نتحقق من أن الکتاب المدرسی یمکنه من إعطاء الشفهی بُعدا أکثر تلقائیة فی سیاقات التواصل المفتوح أو المفتعل، ویجب أن نعلم أننا لا نستطیع أن نظل مرتبطین بفضاء دقیق جدا یعالج فقط بعض الأنماط العادیة فی سیاق حوار لا یتعدى طلب بعض الحاجیات العادیة مثل الأکل والشرب والتعلم ومفرداته وأسئلته، حتى وإن کانت هذه ضروریة فی البدایة، ومن جهة أخرى یجب أن نرکز على عدد کبیر من تمارین الحوار والتفاعلات الاجتماعیة وحاجات المجتمع داخل الصف، إذ یتطلب هذا إذن إمکانیة تفضیل الحدیث التلقائی فی الصف دون العودة إلى الوقوع فی فخ بدایات التدرب على اللسان. وفیما یتعلق بالجانب التعلیمی بالتحدید، فقد میزت الدراسة التوجیهیة فی الغرب والمعروفة بـ: إن ما نقدّمه من خلال هذا البحث من خدمة لا یعدّ ثورة علمیة، بل هو وجهة نظر عرفت عند الغرب وحققت نتائج باهرة کما نراها، وأغنت وغطت النقائص التی نراها طافحة على السطح فی عالمنا العربی، ونراها تثری المعالم السابقة، والتقصی یدور حول عدد من الأنشطة الشفهیة التی تحتاجها المدارس والمعلمون، ویمکنها من تمارین إضافیة لجهودهم.
6ـ زوایا تداول اللغة فی الکتاب المدرسی وذلک بتمثل الأنشطة التالیة:
- واقع الطفل والقیمة الاجتماعیة للعمل. - مناقشة التمثیلیة مع الطلاب، والتعریف بمهمة کل شخصیة وأفعالها وحرکاتها. - إشراک کل الطلاب فی التخطیط وفی اختیار الأزیاء المناسبة والمناظرة المقترحة. - تدریب الطلاب على التمثیل. - تشبّع الممثل بالشخصیة التی یمثلها. - تعقیب التمثیل بالمناقشة. - استخدام بعض الوسائل المعینة التی تساعد على تذکر الحوادث. إن التمثیل عبر برنامج یُظهر الموهوبین والماهرین فی التعبیر، وله عائد لا یستهان به فی التربیة اللغویة.
7ـ آفاق تعلیم اللغة تعلیم اللغة تداولیا فی الکتاب المدرسی هو ذلک المزیج من العملیات الذهنیة فی صیاغة الأفکار والمشاعر فی کلمات وأصوات تحمل أفکارا، ومن الحدث الذی یجسم الفعل والهیئة الجسمیة والاستجابة والاستماع، وهو العملیة الإدراکیة التی تدفع للتکلم ناقلة مضمونا ونظاما لغویا، وله عملیات کثیرة منها: التعرف على المعانی والمعارف والمعلومات ووجهات النظر والآراء والمفردات والتراکیب والصیاغات اللغویة وکذلک التعبیرات الصوتیة والانطباعیة واستخدام الهیئة الجسمیة والملامح، وما یحمله من إطناب وإیجاز وإمتاع وفکاهة ومناقشة وجدل وتسلیة وإقناع (فضل الله، 2003م). وللتواصل اللغوی أهمیة تکمن فی أنه أکثر الأنشطة اللغویة ممارسة فی قضاء الحاجات وتحقیق المطالب، وهو الذی یبرهن عن الشخصیة من لباقة وحسن مواجهة وجرأة وما یمکّن من حسن التحدث ومن آداب الخطاب واحترام السامعین والتعرف على رغباتهم ومیولهم، وهو فرصة کذلک للتخلص من الخجل وکسر جدار الخوف فی مواقف المناقشة والتعقیب والاسترسال فی القص والسرد، وتولّد لدى الفرد الثقة بالنفس، والنجاح فی التواصل اللغوی هو نجاح على المستوى الفردی والمجتمعی، ویعتبر التواصل اللغوی محصلة الکفاءات اللغویة الأخرى التی تتجسد فی الکتاب المدرسی من قراءة واستماع وکتابة.
8ـ نتائج تدریس مهارات اللغة یطمح تدریس اللغة بالرقی بمستوى الطالب من المهارة البدائیة للغة الفصیحة التی تتمثل فی التقلید، والإدراک، والتمثیل، واستحضار الأفکار والمعانی، إلى مهارات التواصل اللغوی التی من نتائجها المتوقعة من الکتاب المدرسی: - استحضار الأفکار وتمثلها وترتیبها وتسلسلها. - اختیار العبارات والألفاظ المعبرة عن الأفکار. - الربط بین الجمل. - النطق السلیم لصواتم اللغة. - السلاسة فی التواصل دون صعوبات فی اللغة. - استخدام الأسلوب الصوتی المعبر عن المعنى من تنغیم ومدّ ونبر وغیر ذلک من التنویعات فی نبرات الصوت. - احترام الوقفات والتوقفات. - الانتهاء بخاتمة. - احترام السامع مع ما یؤدی إلى جلب استماعه. - التنویع فی استخدام الکلمات دون تکرارها، والوضوح فی الفکرة والرأی الصحیح. - الابتعاد عن العامیة. - اختیار العبارات المناسبة للمواقف مثل التهنئة والتعزیة والتحیة وغیر ذلک. - احترام الموجه له الخطاب. - الضبط النحوی السلیم والتراکیب الصحیحة. - التحدث بشکل متصل غیر متقطع دون استخدام الإشارات المصاحبة لذلک فی توضیح المعنى. - مراعاة الإیقاع من حیث السرعة ومتابعة الحدیث وتفادی ما ینجم عن ذلک من مظاهر مشوّشة فی اللغة من إبدال وغیر ذلک. - اختبار الکلمات المکتسبة حدیثا وانتقاء الأنسب منها للموضوع. - الصدق فی الکلام واستخدام عبارات المجاملة. - الصوت غیر المزعج واللطیف. - استخدام الجانب الجسمی والإیحائی من تعبیرات الوجه والجسم والیدین. - مراعاة السیاق والمقام الاجتماعی فی الخطاب. - القدرة على الاستشهاد والتدلیل والمحاججة. - التشویق. - وغیرها.
9ـ الخاتمة والتوصیات وإذ نقدم ما توصلنا إلیه من الدراسات البحثیة والمشاریع الإصلاحیة فی المدارس الغربیة بخصوص تطور تدریس اللغة لبناء شخصیة تتصف بالمرونة والطواعیة وذات ثقة بالنفس وقادرة على بناء حضارة قائمة على الرأی والرأی الضدی وتمثیل نقابات فاعلة تمتاز بسیولة فی الأفکار، فإننا نقف على ظاهرة الإهمال لهذا النشاط الضروری فی دروس اللغة فی المدارس، ولکونه غامض الأهداف عند المدرسین والطلبة ظلت الأسباب التی تعصف بالشخصیة المتخرجة من المدرسة بعیدة عن الأهداف الحضاریة التی ترجوها المجتمعات والدول من أجیالها والواجب المنوط بها، فظللنا نتخبط فی مجتمع جاهل لا یتقن التواصل بلغته القومیة، فی حین تبذل الدول الغربیة میزانیات هائلة وجهودا عظیمة للرقی باللغة والتمثل الطبیعی لمواطنیها لها فی فن الإلقاء واحترام الآخرین والتواصل الفعال فی الأشکال المشار إلیها فی البحث وأهمیة ذلک فی الحیاة المتنوعة والمواقف الاجتماعیة المتعددة. إن واقع تدریس اللغة لأجل تمثلها تمثّلا قیاسیا فی المدرسة والمجتمع یجهله المدرس وسیاسة المدرسة التی کان من الواجب علیها فرض هذا النمط من التواصل فی محیط المدرسة على الأقل کما تفعله بعض الدول ولا یظل حبیس الدرس وکفى. فرسم الأهداف وتسطیر الغایات المرجوة من التواصل الشفهی والمهارات المطلوبة منه ووضوحها وتحدیدها وقابلیتها للقیاس غیر معروف بالنسبة للمعلم والطلاب والمجتمع والأسرة ووسائل الإعلام والمدرسة، ومن ثمة نشطت فیروسات الازدواجیة لا فی الأوساط الاجتماعیة الرسمیة بل فی عقر المدارس، فنجد للأسف المعلم یتواصل مع طلابه فی درس اللغة العربیة بالعامیة ولا قانون یؤطره ولا عقوبات تلحقه ولا فرضیات توجهه، لذلک اُستهجنت اللغة العربیة من أبنائها واستغربت فنون التواصل بها عندهم، وفضلوا اللغات الأجنبیة التی بذل أهلها الغالی والنفیس حتى یوصلوها لنا من خلال ثقافتهم. ومن ثمة إذا أردنا أن نرقی بلغتنا العربیة الجمیلة والخالدة یجب أن نصمم برنامجا یرتکز على: - تشجیع الکتاب المدرسی لأبنائه على استعمال الفصیح من اللغة، وعلى التواصل على حاجیاتهم بحکم الأوساط التی تشجعهم على ذلک مثل: المدرسة، والأفلام الکرتونیة وغیرها، بل یرغبون فی التواصل ولا یجدون لذلک سبیلاً، هذا إذا کانت لدینا الرغبة الملحة فی الرقی باللغة العربیة وتمثّل أسالیب ومجالات التواصل الشفهی وآدابه التی ینبغی أن یُرکّز علیها. - تشجیع الکتاب المدرسی على التواصل مع أبنائهم باللغة الفصحى، ومنحهم فرصا لتطبیق ما درسوه خاصة فی التواصل اللغوی محادثةً ومناقشةً ومناظرة ومحاججةً وغیرها. - دمج الطلاب مع جماعة الأقران وإعطاؤهم فرصا أکبر فی التواصل داخل المدرسة أو فی الرحلات أو على الأقل من خلال الهاتف والشابکة، والذی یجب أن یشجعه الکتاب المدرسی مثلا، ویترک له جانب التکملة مثلا. - إعداد أنشطة أدبیة تجسد فعالیات الکتاب المدرسی مثل المسرحیات والندوات والاجتماعات الافتراضیة والأمسیات الشعریة والمسابقات. - تشجیع الکتاب المدرسی للمواهب الأدبیة للطلاب. - الاعتماد على القراءة المکثفة حول اللغة المکثفة وفی اللغة المستعملة للغة العربیة الفصحى من قصص وروایات وأفکار وغیرها مما یُتیح للطالب أن یُکوِّن فیها زاداً فی مقرر الکتاب المدرسی للغة. - تکوین الکتاب المدرسی للطالب وتزویده بعوامل تشجع على الشفهی وفنونه واستراتیجیات تعلیمه. - تکوین الکتاب المدرسی لدافعیة التواصل الشفهی، بطریقة ممتعة ومشوّقة تُشرک الطالب بهذا المساق بزملائه، حیث تتنوع الأنشطة والفعالیات المقامة فی هذا المیدان حینما تستغل الفرصة، ویخرج منها من فضاء ساکن إلى کونه الحرکی داخل القسم وخارجه، ویتیح لهم بحسب ما رأینا حریة أکبر فی تلک المواد التی تقدم فی جفاف وصرامة کبیرة. - ربط التواصل اللغوی فی الکتاب المدرسی بغیره من الدروس اللغویة وخاصة التواصل الکتابی، وإیجاد تکامل داخل ما یُسمى بالمقاربة النصیة (منصور,1983م، ص 22). - إشراک المعلم فی اختیار مواضیع الکتاب المدرسی وإطاراته وملاءمة ذلک بحاجیاتهم وخبراتهم ومستواهم الدراسی. - إعداد إستراتیجیة کاملة لتدخل الکتاب فی تصویب الطلاب، الأمر الذی یُشکل عائقا أمامهم فی الطلاقة والتلقائیة والسلاسة فی التعبیر. - إعداد الطلاب فی مناشط الکتاب على إلقاء کلمات فی المناسبات المتعددة. - إن عدم توفّر منهاج للکتاب اللغوی کان الأمر الذی أوحى للمعلم بعدم جدواه، کما أن غیاب طرق تدریسه، وقلّة التألیف فی هذه المهارة على غرار ما کُتب فی اللغات الأجنبیة عنها أمرٌ یُحتم الرجوع والاسترشاد بها خصوصا وأنهم قد خطوا فیه خطوات جبارة. - استخدام طرق حدیثة وغیر کلاسیة وعقیمة فی تدریس اللغة من خلال الکتاب وبدیلة له مثل التی تعتمد الشابکة والوسائل البصریة والسمعیة، وعدم الارتکاز على الکتاب جملةً وتفصیلاً. - هناک قواعد نحویة للتواصل اللغوی غیر تلک القواعد المطلوبة فی الکتاب الذی یغلب علیه طابع الوصف. - إن ضعف الطالب اللغوی واندفاعه إلى العامیة، وقلة المخزون اللغوی وضآلة الفکر والعزوف عن القراءة الحرة وارتیاد المکتبة، وتهیب الطالب لمواقف التواصل اللغوی والافتقار إلى الجرأة والشجاعة فی عرض الأفکار والدفاع عن وجهات النظر، وعدم مشارکته فی اختیار مواضیع الشفهی وعدم ملاءمتها لرغباته وتطلعاته حال دون المستوى المرغوب من تدریس اللغة من خلال الکتاب. - إشراک الکتاب فی میادین النشاط اللغوی الذی یُمارس داخل المدرسة مثل: الإذاعة المدرسیة والصحافة والخطابة والتمثیل وغیر ذلک. وأخیرا أتمنى أن یکون عملی هذا مفیدا ونبراسا للمعلمین والتربویین فی الحقل المدرسی والأکادیمی، ومشارکة فی الرقی بمستوى تعلیم لغة الضاد إلى مصاف التداول العالمی للغات الحیة، وخدمة للطالب والمعلم فی البلاد العربیة والإسلامیة، هی التی تجعل من درس اللغة وسیلة وغایة فی الآن نفسه، لأجل إعداد جیل قادر على التواصل الإنسانی وناقلاً لثقافته ومبرراً لکینونته فی هذا العالم، من طریق الممارسة فی الحوار الحضاری وإفهام الآخرین وتقدیم أفکاره لبنی جلدته وغیرهم، وتتأصل بذلک المهارة والغایة والهدف والفکرة، وکما تمنیت أن یُسهم عملی هذا فی ترقیة تدریس اللغة من خلال الکتاب وتمثّل اللسان العربی المبین، أن یفتح بذلک الباب أمام المتخصصین والباحثین للقیام بمزید من الأبحاث والدراسات فی هذا المضمار. ولله الحمد والمنة أولا ًوآخراً.
BBB [1] ـ أساسی، إضافی، مرجعی. | ||
مراجع | ||
المصادر والمراجع أ) العربیة
ب) الأجنبیة Kuhn, Peter. " Buildings 'standards sprachen",Ministère de l'éducation nationales et de la formation professionnelle. (2008). Luxembourg. | ||
آمار تعداد مشاهده مقاله: 1,016 تعداد دریافت فایل اصل مقاله: 454 |