
تعداد نشریات | 43 |
تعداد شمارهها | 1,714 |
تعداد مقالات | 14,051 |
تعداد مشاهده مقاله | 34,020,295 |
تعداد دریافت فایل اصل مقاله | 13,624,529 |
دور المنهج الأسلوبي في تعليم النصّ الأدبي المعاصر دراسة ديوان إليک يا ولدي! لسعاد الصباح | ||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||
بحوث في اللغة العربية | ||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||
مقاله 3، دوره 5، شماره 8، تیر 2013، صفحه 3-16 اصل مقاله (331.42 K) | ||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||
نوع مقاله: المقالة البحثیة | ||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||
نویسندگان | ||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||
جهانگير اميري1؛ نور الدين پروين* 2 | ||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||
1أستاذ مشارک في قسم اللغة العربية وآدابها بجامعة «رازي» ـ کرمانشاه. | ||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||
2طالب الدکتوراه في فرع اللغة العربية وآدابها بجامعة «رازي» ـ کرمانشاه. | ||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||
چکیده | ||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||
تلعب النصوص الأدبية دوراً أساسياً في تعليم اللغة والآداب العربية، بما أنّها وسيلة لتنمية التذوق الأدبي ودقة فهم المسموع والمکتوب عند المتعلَّم، کما تساعد الطلاب على حسن الفهم وتنمية قدرتهم على التحليل وتقييم النصوص. ومن أهم أسباب لتحقيق هذه الأهداف مناسبة طريقة التدريس المتبعة. فتعد الأسلوبية من المناهج النقدية الحديثة التي تتناول النصّ الأدبي، معتمدة على التحليل والتميّز بين آثار الأدباء، وهي تمثل مرحلة متطورة من مراحل تطور في تعليم النصّ الأدبي المعاصر لاستخلاص أهم العناصر المکونة الأدبية. وتستطيع الأسلوبية أن تتجاوز حالة الضعف والقصور الموجودة في تعليم النصوص الأدبية المعاصرة في الجامعات الإيرانية. يدرس هذا البحث دور المنهج الأسلوبي في تعليم النصّ الأدبي المعاصر وفقاً للمستويين الصرفي والترکيبي خلال تحليل الديوان الرثائي "إليک يا ولدي"للشاعرة الکويتية المعاصرة سعاد الصباح مستعيناً بالمنهج الوصفي ـ التحليلي. ومن النتائج التي توصلت إليها هذه الدراسة أنّ المعلم لابدّ له في تدريس النّصوص الأدبية من اختيار المنهج الأسلوبي نظراً لدوره البارز والهامّ في شرح ونقد وتحليل النّص الأدبي وتسهيل معانيه وإيصال الفکرة إلى المتّعلمين. والمنهج الأسلوبي يتميّز في اهتمامه بالتوازن بين مناهج التدريس والنّصوص المختارة بحيث يحثّ الطلاب على متابعة النّص واستيعابه. | ||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||
کلیدواژهها | ||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||
النصّ الأدبی المعاصر؛ تعلیم النصوص الأدبیة؛ المنهج الأسلوبی | ||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||
اصل مقاله | ||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||
1. المقدمة إن مظاهر ضعف اللغة العربیة نجدها فی أغلبیة الجامعات الإیرانیة واضحة. فبالرغم من أنّ أقسام اللغة العربیة فی الجامعات الإیرانیة تخرّج سنویّاً عدداً غیر قلیل من الطلّاب فى فرع اللغة العربیة وآدابها، لکن من القلیل جدّاً أن نجد بین هؤلاء الخریجین من یتحدّث باللغة العربیة بطلاقة وسلاسة. فالبرامج التربویة لا توفّر أجواءً لغویّة نقیّة، تساعد الطلبة على اکتساب اللغة السلیمة. ینبغی الاعتراف هنا بأن غالبیة النخب (المثقفة)، قد أسقطت حصون النحو، والصرف دون استحیاء، ومن أوجه القصور التی یمکن ملاحظتها، أن کثیراً من المثقفین القائمین على تحریر النصوص، طغت علیهم سطحیّة قراءة النص، کما باتت الحوارات قاصرة، فابتعدوا عن الخوض فی الحدیث عن تفاصیل الموضوع، محل الدراسة والنقاش (أحمد أبوشنب،2007م، ص 29). بما أن تکنولوجیا التعلیم عملیة لا تقتصر دلالتها على مجرد استخدام الآلات، والأجهزة الحدیثة، ولکنها تعنی أساساً منهجیة التفکیر، لوضع منظومة تعلیمیة[1]؛ أی: اتباع منهج، وأسلوب، وطریقة فی العمل، تسیر على وفق خطوات منظّمة، مستعملة الإمکانات التی تقدمها التکنولوجیا کافة، على وفق نظریات التعلیم، والتعلّم الحدیثة، من مثل: الموارد البشریّة، والمواد التعلیمیة، والمخصّصات المالیة، والوقت اللازم، ومستوى المتعلمین، بما یحقّق أهداف المنظومة (السید،1998م، ص 12). کما أن اتباع الأسالیب الجافة فی تعلیم اللغة یؤدی إلى نفور الناشئة. فاخترنا فی هذه المقاله منهج الأسلوبیة فی تعلیم اللغة العربیة کمنهج نقدی حدیث فی تحلیل النصوص الأدبیة بالترکیز على المستویین الصرفی والترکیبی. فاستهدف هذا البحث دراسة دیوان «إلیک یا ولدی!» فی ضوء المنهج الوصفی ــ التحلیلی فی إطار الأسلوبیة کمنهج نقدی حدیث فی تحلیل النصوص الأدبیة خلال المستویین: الصرفی والترکیبی. ضمن الإجابة عن السؤالین التالیین: 1. ما هو دور المنهج الأسلوبی فی تعلیم تحلیل النصوص الشعریة المعاصرة؟ 2. ما هی أهمّ مشکلات و صعوبات تعلیم النصوص المعاصرة التی تواجهها؟
1.1 الدراسات السابقة 1. عیسى متقیزاده والآخرون فی مقالتهم المعنونة بـ«میزان اجرای روشها و فنون تدریس قواعد در مقطع کارشناسی رشته زبان و ادبیات عربی از نظر استادان و دانشجویان» یدرسون تحدیات تعلیم القواعد فی الجامعات الإیرانیة. 2. وعلی سلیمی فی مقالته المعنونة بـ«آموزش عربی در مدارس و دانشگاههای ایران؛ نقصها، کاستیها و راهکارها» یدرس التحدیات فی تعلیم القواعد فی المدارس والجامعات الإیرانیة. 3. وفرامرز میرزایی وعلی نظری فی مقالتهما المعنونة بـ«ارائه یک الگوی مناسب آموزشی جهت کسب مهارت خواندن زبان عربی برای دانشجویان رشته حقوق» یدرسان دور قراءة اللغة العربیة فی فهم النصوص العربیة. 4. وخلیل بروینی فی مقالته المعنونة بـ«طریقة تدریس النصوص الأدبیة» أشار إلى طرق التدریس المختلفة لتدریس النصوص الأدبیة. 5. ومحمد خاقانی ومریم جلیلیان فی مقالتهما المعنونة بـ«ومضات أسلوبیة فی سورة الرحمن» یقومان بتطبیق النظریات الأسلوبیة على سورة الرحمن ضمن أربعة مستویات: المستوى الصوتی والصرفی والنحوی والدلالی. 6. نورالدین بروین أحد مؤلّفی هذه المقالة، فی رسالته المعنونة بـفن الرثاء فی الشعر العربی المعاصر؛ دراسة أسلوبیة فی دیوان إلیک یا ولدی لسعاد الصباح نموذجاً یدرس أسلوب سعاد الصباح الرثائی فی المستویات الأربعة: الصوتی، الصرفی، الترکیبی والبلاغی. أمّا بحثنا هذا فهو یتناول دور المنهج الأسلوبی فی تعلیم النصوص المعاصر بالاستعانة من المستویین الصرفی والترکیبی. 2. الإطار النظری رغم أن الوسائل التعلیمیة هی أنها الوسائط المادیة المناسبة لنقل المفاهیم، واستیعاب مفردات المنهج الدراسی للتعلّم، وذلک بنقل الحقائق والمهارات عبر الحواس، بوصفها مثیرات تعلیمیّة، لکنها لا تقتصر على المواد التعلیمیّة، والأدوات، والأجهزة، وقنوات الاتصال، التی تنتقل بها المعارف والعلوم، من المرسل(المعلم) إلى المستقبل(المتعلم) فحسب، بل أصبحت تشمل أیضاً التخطیط، والتطبیق، والتقویم المستمر للمواقف التعلیمیة التربویة، حتى تتمکن هذه المواقف من تحقیق أهدافها المقرّرة، آخذة باهتمامها جمیع العناصر الداخلة (أحمد أبوشنب،2007م، ص41). ویجب أن یکون لدى المعلّم اتجاه فکری ناضج، للقدرة على التحلیل العقلی، وتنمیة الفکر التساؤلی، والتجدّد الفکری. ویعد ذلک من أبرز السمات للنمو المهنی لکل العاملین فی میدان التعلّم. «فالمعلّم هو منقذ البشریة من ظلمات الجهل، عابراً بهم إلى میادین العلم والمعرفة. أما إعداده فیتضمن تمسّکه بمبادئ المهنة، ودستور أخلاقیاتها، بانتمائه إلى رابطة المهنة، مطبقاً مبادئها» (ینظر: أحمد،2005م، ص15ــ17). فیکون دور المعلم فی توظیفه فی التعلیم مهماً للغایة، وذلک لکونه أحد أرکان العملیّة التعلیمیّة، وهو مفتاح المعرفة، والعلوم بالنسبة للطالب. التعلیم یحتاج إلى معلّم ماهر، متقن أسالیب واستراتیجیات التعلیم باستخدام أحسن منهاج التعلیم، متمکّن من مادته العلمیة، راغب فی التزوّد بکل حدیث فی مجال تخصصه (ینظر: معمر،2005م: 9ــ14). تنمیة البحث العلمی من خلال زیادة مجالات البحث والدراسة، وتوفیر طرائق البحث، لتیسیر الحصول على المعلومات، وتنمیة مهارات التفکیر العلیا من أعلى وأبرز ما یتجه المعلم فی ضوء المنهج الأسلوبی (ینظر: أمین،2000م، ص90ــ93). لمّا کان منهج الأسلوبیة له بالغ الأهمیة فی إنجاح وإخضاب الأسالیب المزاولة فی التدریس تقوم هذه المقالة بتحلیل دور المهنج الأسلوبی خلال المستویین الصرفی و الترکیبی فی التعلیم و تحلیل النصّ الأدبی. وقیل إنّها: «نوع من الحوار الدائم بین القارئ و الکاتب من خلال تحلیل نصّ معین» (مطلوب، 2002م، ص 126).
1.2 الأسلوبیة اشتقت کلمة "style" من الشکل اللاتینی "stilus" والذی یعنی إبرة الطبع أی مثقب یستخدم فی الکتابة؛ وهی استخدام الکاتب لأدوات تعبیریة من أجل غایات أدبیة؛ و تتمیزُ فی النتیجة عن القواعد التی تحدِّدُ معنى الأشکال وصوابها (ینظر: الأبطح، 1994م، ص17). یقول عبد المنعم الخفاجی: منذ الخمسینات من القرن العشرین، أصبح مصطلح الأسلوبیة[2] یطلق على منهج تحلیلی للأعمال الأدبیة والأسلوب یعرف وفق الطریقة التقلیدیة بالتمییز بین ما یقال وفی النص الأدبی وکیف یقال، أو بین المحتوى والشکل ویشار إلى المحتوى عادة بالمصطلحات: المعلومات أو الرسالة[3] أو المعنى المطروح (الخفاجی والآخرون، 1992م، ص11).
2.2 المستوى الصرفی لقد عدّ علم الصرف خطوة تمهیدیة للنحو ومقدمة له؛ وذلک لأن موضوع الصرف هو بنی الکلمة وأصولها وموضوع النحو هو الکلمة وعوارضها وما کان اهتمام الدارسین بالمستوى الأدنى للغة وهو الکلمات، إلا وسیلة لخدمة المستوى الأعلى وهو الجمل (ینظر: بشر،1973م، ص220)؛ وعلى هذا الأساس قدمنا المستوى الصرفی على المستوى النحوی فی بحثنا هذا، بادئین بالتعریف للصرف. کل دراسة تتصل بالکلمة أو أحد أجزائها وتؤدی إلى خدمة العبارة أو الجملة، بعبارة أخرى تؤدی إلى اختلاف المعانی النحویة وکل دراسة من هذا القبیل هی صرف (ینظر: المصدر نفسه، ص85). الدلالة الصرفیة للصفات هی الدلالة على موصوف بالحدث، ودلالة أسماء الإشارة وضمائر التکلم والخطاب هی الدلالة على الحضور، وضمائر غائب وأسماء موصول دلالتها الصرفیة على غیاب، وتدلّ دلالة صرفیة على الظرفیة الزمانیة أو المکانیة، ویدلّ الفعل بصفة عامة دلالة صرفیة على الحدث والزمان وعند تقسیمه إلى ماض ومضارع وأمر (ینظر: عزمن،2009م، ص28).
3.2 المستوى الترکیبی النحو فی أیسر تعریفه هو العلم الذی یقدّم لدارس اللغة الصیغ والتراکیب التی تشتمل علیها إمکانات الاستعمال اللغوی الصحیح؛ فهو یتناول تقسیم الکلمات وحالات تغیّرها الإعرابی بحسب مواقعها، أو لزومها حالاً واحدة ویقدم صور الجمل المستعملة من اسمیة وفعلیة وما یطرأ على کلّ منها من زیادات أو نقض أو تبدیل و ما یمکن أن تکمل به إحداهما، أو یتصل بعناصر تصلح لأن توجد فی کلیتهما (ینظر: جبر،1988م، ص7). والنحو هو العلم الذی یجمع الصرف والإعراب معاً. «النحو... دعامة العلوم العربیة و قانونها الأعلى، منه تستمدّ العون، تستلهم القصد وترجع إلیه فی جلیل مسائلها وفروع تشریعها ولن تجد علماً منها یستقل بنفسه عن النحو، أو یستغنی عن معونته، أو یسیر بغیر نوره وهداه...» (سقال،1996م، ص11). فإن دراسة التراکیب اللغویة تسهم بشکل جاد فی تأطیر القراءة الأسلوبیة و هی دراسة «تنطلق من الظواهر اللغویة النحویة للکشف عن القوانین الداخلیة التی تساهم فی ضبط الممارسة الکلامیة، من حیث التسلسل والتناسق بین أجزاء الکلام» (عزام، 1994م، ص147). نرید أن ندرس فی هذه المقالة دیوان «إلیک یا ولدی» لسعاد الصباح بالاستعانة من الأسلوبیة التی تنصب على الخطاب الأدبی، لأنه تمتلک إمکانات تعبیریة تبرز الملامح العاطفیة والجمالیة ضمن المستویین الصرفی والترکیبی؛ لأنهما یعدّان محورین رئیسین فی التعلیم وتحلیل الشعر. فنتناول ههنا دلالة المعارف والنکرات ودلالة مستوى الخطاب المتمثّل فی الضمائر. کما نقوم بإحصاء عدد تواتر المعارف والنکرات وزمن الأفعال فی دیوان «إلیک یا ولدی». ثمَّ نبحث عن أزمنة الأفعال والأسالیب الإنشائیة الطلبیة (الاستفهام، النداء، الشرط والتمنى) دلالاتها مع الجوّ الرثائی ونقوم بإحصائها.
3. قسم التحلیل 1.3المستوى الصرفی و الترکیبی 1.1.3 النکرة والمعرفة قد ترتبط الأسماء بالدلالات فی بعض الحالات النفسیة کالأسماء النکرة والمعرفة التی تعبّر عن الحزن والنفور والکره وغیرها؛ لأنّها تتصور نوعاً من المناسبة بین تلک الأسماء وما تدلّ علیه وتحاول نقل شعور الأدیب إلى غیره وجعلها سبباً طبیعیاً للفهم وإدراک النصّ. تعبّر الأسماء عما یجول فی الأذهان کما مرّت (ینظر: بوملحم ،2000م، ص48ـ70). فکلّ کلمة من کلمات اللغة لها دلالة خاصة توحیها من خلال النصّ وتلائم بین مقاصد الأدیب ونصّه. تکون الأسماء المعرفة والنکرة من أهمّ هذه الأسماء فی دیوان سعاد الصباح. کما یأتی فی الجدول التالی: جدول 5: تواتر النکرة والمعرفة ودلالتهما فی دیوان "إلیک یا ولدی"
الجدول یدلّ على عدد تواتر المعارف والنکرات فی دیوان الصباح؛ فبلغ تکرارهما (1279) مرة ویفوق عدد تواتر أسماء المعرفة الواردة فی أشعارها الرثائیة أسماء النکرة بحیث بلغ تکرار أسماء المعارف (1029) مرة، فی حین عدد تواتر النکرات (250) مرة.
الرسم الأول: النسبة الکلیة لأسلوب النکرة و المعرفة
کما نرى هذا الأسلوب فی النماذج التالیة: 1.1.3. ألف. النکرة تقول سعاد الصباح فی القصیدة «موعد فی الجنة»: «أنّی موجةٌ فی الیمّ قد ضلّت مراسیها» (الصباح،1990م، ص 13) کما تقول فی القصیدة «هل نسیتم»: «ولهُ قَلْبُ الصِّغارِ الأبْرِیاءْ کلُّهُ خیرٌ وطُهرٌ، ووفاءْ» و تقول فی القصیدة «فی طائرة الموت»: «إننی أغرق فی بحرٍ من الدمع السّخین أن یردّ الموت عمّن هو تاج لجبینی» (المصدر نفسه، ص 15ــ18) کما تقول فی القصیدة «أمطری یا سماء»: «أجل أمطری... ذوِّبینی أسیً» (المصدر نفسه، ص 29) کما شاهدنا من خلال النماذج فی الدیوان، أنّ سعاد الصباح تستعمل النکرات لبیان حزنها وحبّها لابنها. لقد أدت النکرة دلالات کثیرة أهمها: التعمیم، التقلیل، التعظیم، التحقیر وغیرها (ینظر: هاشمی، د. ت، ص29)؛ ولکن فی هذا الدیوان ما یدلّ على عظمة الحزن وشدة آلامها وعلو منزلة مبارک. على سبیل المثال، تقول سعاد الصباح «کأنّی موجةٌ من الیمّ» و«ذوبینی أسىً»، تنکیر «موجةُ و أسىً» یدلّ على عظمة الکارثة التی تعذب الشاعرة ولا یمکنها أن تحدد لنا هذه الکارثة. ترى الشاعرة نفسها موجة فی الیم متحیرة لا قرار لها أو قطعة من الحدید أذابتها المآسی. فتعبّر من خلال هذه النکرات من آلامها. حینما تقول سعاد الصباح «هو تاج لجبینی» و«قلبه خیرٌ وطهرٌ ووفاءٌ»، تنکیر «تاجٌ وخیرٌ وطهرٌ ووفاءٌ» یدلّ على عظمة ابنها وتحبیبه عند الشاعرة. تقول الشاعرة إنّ مبارک تاجٌ له وتصفه بأحسن الصفات: نقی القلب ووفاء... من خلال أشعارها. جمعت مکارم الأخلاق کلها وصفات الکمال الإنسانی فی ابنها. یقول راغب: «تجسد الشاعرة کلّ معانی الحب والسلام والطمأنینة والحمى والکبریاء والبراءة والشجاعة والإقدام والتضحیة فی ابنها. کما تکمن کل معانی الحیاة الحقة التی بدونها لا یمکن أن تعاش» (راغب،1993م، ص26ــ27). فاستخدام هذه النکرات تدلّ على أنّ حزنها دائم ومستمر ولا حدود له؛ وهذا یعبر عن الحزن والأسى المستیطر على الشاعرة.
1.1.3. ب. المعرفة تدلّالمعرفة على شیء معیّن، ولقد قسّم العلماء المعرفة إلى ستة وهی: «العلم الخاص والمضمر والمبهم وهو شیئان: اسماء الإشارة والموصولات والداخل علیه حرف التعریف والمضاف إلى أحد هولاء إضافة حقیقیة» (هاشمی، د. ت، ص 23ــ28). کما تستفید الشاعرة من المعارف التی أبرزها المعرفة بحرف التعریف والمضاف إلى أحد المعارف. کما نشاهد فی النماذج التالیة: تقول فی القصیدة «موعد فی الجنة»: مبارک کان لی دنیا من الحبّ أُناجیها فیا ولدی! ویا ذخری من الدنیا وما فیها... ولم تبق سوى صورتک الحلوة، أفْدِیها (الصباح،1990م، ص 12ــ14). و تقول فی القصیدة «أحبّک حبّا کثیراً»: وتوشکُ لهفَةُ قلبی إلى موعدی أنْ تطیرَا أُحبُّکَ یا روحَ روحی؛ و باسْمِکَ أشدو کثیرًا (المصدر نفسه، ص32ــ34). وکما تقول فی القصیدة «أیّها القاسی»: أنْت... یا من کنْتَ فی لیلیمصابیحَ النَّهَارْ أنْتَ... یا من کنتَ فی صحراءِ أیامیاخْضِرَارْ (المصدر نفسه، ص 38). استخدام هذه المعارف فی سیاق الرثاء على ابنها یدلّ على شأن ابنها وعلو منزلته عند الشاعرة. حینما تقول سعاد الصباح «مبارک، الحبّ، یا ولدی، یا ذخری من الدّنیا، صورتک الحلوة، لهفة قلبی، أنت... فی لیلی مصابیح النهار و أنت فی الصحراء أیامی اخضرار»من خلال أشعارها، کلّ هذا لتفخیم وتعظیم شأن ابنها مبارک وتکون المعارف من الوسائل التی تستفید الشاعرة لبیان تحبیب ابنها مبارک فی محاولة لإثارة عواطف المتلقی. فتکرر المعارف المختلفة کـ«مبارک، ابنی، صورتک الحلوة و...» التی تدلّ على أنّ مبارک کان کلّ شیء عند الشاعرة. تستفید سعاد الصباح من النکرات والمعارف للتعبیر عن آلامها وتوظّفتها فی خدمة أغراضها الرثائیة؛ ولکن من خلال الجدول السابق عرفنا کیف غلبت المعارف على النکرات التی ترجع الى موضوع الرثاء وقرابة الراثی والمرثی؛ لأنّ النکرة اسم غیر ممیز عن غیره بشیء، بینما المعرفة اسم معین بالنسبة للمتکلم أو المخاطب؛ ویکون التعریف عادة للتقدیر والاعتبار (ینظر: بوملحم، 2000م، ص 18). کما یقول نبیل راغب: بالإضافة إلى نغمة الحزن المأسوی التی تسری فی حنایا القصیدة، فإن الجانب الرومانسی الآخر یتجلی فی رغبة الشاعرة العارمة فی الامتزاج بین العناصر المختلفة التی تتجاوب مع مأساتها (ینظر: راغب،1993م، ص 23).
3. 1. 2 الضمیریقوم الضمیر بوظیفة الربط بین عناصر الکلام وتفادی التکرار وله أغراض ودلالات أخرى ولکن فی هذا الدیوان تستخدم سعاد الصباح الضمائر لبیان حزنها الخاصة. من الضمائر التی تستعملها سعاد الصباح فی أشعارها ضمیر المخاطب والمتکلم. کما نلاحظ غلبة ضمیر المتکلم والمخاطب على الدیوان منها القصائد «موعد فی الجنة، فی طائرة الموت، خداع، أحبک حباً کثیراً، سؤال، إیمان، حدیث إلى نفسی و أیّها القاسی...» (الصباح،1990م، ص12ـ58). تقول سعاد الصباح فی القصیدة «فی طائرة الموت»: صاحَ بـی طفی المفدَّی وهو مخنوقُ الأنینِ وَیْـکِأمّـیأدْرِکینـی ... ویْـکِأمّـیأنقِذینـی قَرِّبینـی... قبِّلینـی... عانِقینـی... أَدْفئینـی إننـیأشعر بالرعْشة تسری فی وَتینـی إننـیأصرخ من ناریوأهذی فی أنینـی(المصدر نفسه، ص 19ــ22). یستمرّ هذا الأسلوب حتی نهایة القصیدة التی یدلّ على رغبة الشاعرة فی إبراز الأنا، أی إن حزنها أشدّ من حزن المخاطب ولا نظیر لها. فالملاحظ أن الأفعال تنتهی بیاء المتکلم کأنّها نشید الموت. کما ترید سعاد الصباح أن تحضر ابنها مبارک فی خلال استخدام ضمیر المتکلم والمخاطب. ففی قصیدة «طائرة الموت» تجعل الشاعرة ابنها هو المعنی بالخطاب إلا أنّها تعبّر عن أوجاعها وآلامها بلسان ابنها، هذه الطریقة ـ طریقة تعبیر الشاعرة عن احاسیسها ومشاعرها بلسان ابنها ـ أوجدت فی کل أشعارها نوعاً من التشابه والاتحاد فی لهجة الأمومة والحس النسائی؛ «لأنّضمائرالمتکلموالمخاطب،المتصلمنهاوالمنفصل،یقصدالمتکلموالمخاطبعلى جهةالتحدید،وهیتشترکفیهذهالخاصیةمعأسماءالإشارة،منحیثوحداتلسانیةتدلّعلىشخصأوشیءحاضر أثناءعملیةفعلالکلام» (قینی،2000م، ص41). کما تقول فی القصیدة «أنا والغیب»: «أناوالغیب کیف یا قلبی تفرّدتَ بألوان العذاب؟ ربِّ.. غفرانک إن کنـتُ تجاوزتُ الصواب وأسأتُ الظنّ بالغیب، وأخطاتُ الخطابْ لم یحرِّضنـی ضلالٌ، أو یساورنـی ارتیاب فـأنا من حرم الیمان فی أعلى رحاب بیدَ أنـی تهتُ یا ربّـیَ فی درب الشباب» (الصباح،1990م، ص 71ــ72). کما رکزت سعاد الصباح فی هذه الأبیات على ضمیر المتکلم؛ لأنّ ضمیر المتکلم یعبّر عن ما یختلج من المعانی عند الأدیب. فتعتمد سعاد الصباح على ضمیر المتکلم لبیان آلامها ومأساتها. تحسّ أنّها روحیاً لاتزال متصلاً به. جاءت غالبیّة الضمائر فی دیوان سعاد الصباح مبنیّة على ضمیر المخاطب والمتکلم؛ والضمائر فی أشعار سعاد الصباح لعبت دوراً أساسیاً لبیان مقاصدها؛ وغلبة ضمائر المتکلم والمخاطب تفید أنّ الشاعرة لا ترید أن تمزج بین حزنها الخاص والأحزان الأخرى. یقول محمود حیدر: «سعاد الصباح فی دیوانها «إلیک یا ولدی» تنتصب الزمن کجبل من العتمة الدامسة. فالحزن على غیاب فلذة الروح جعل الزمن بطیئاً ومشحوناً بآلام تمزق «الأنا»، تبعثرها وتحیلها إلى حطام لا نهایة له» (حیدر،1995م، ص 99). فإن کان الخطاب یتجه إلى ضمیر الغائب فإن بیان العاطفة والحرقة والألم تکون أقل فی الرثاء، أما عندما یتم الدمج بین ضمیر المتکلم والمخاطب، والمتکلم یتحدث أو یعبر بلسان المخاطب یجعل بناء اللغة أکثر استحکاماً وقدرة على إبراز التأثر والتأثیر. یمکن القول إن لحن خطاب الشاعرة فی القصیدة له وجهان، أحیاناً تجعل الشاعرة ابنها هو المخاطب، واحیاناً تتکلم مع مبارک فتضفی نوعاً من الحمیمیة والعاطفة الجیاشة لابنها. الشاعرة سعاد الصباح لا تحب أن یشارک الجمیع عزائها وحزنها و لکنها ترجح أن تحتفظ بحزنها فی قلبها، أن تغوص فی بحر من الأحزان لوحدها مع أن الدراسات أثبتت أن النساء عموماً یملن إلى الجماعیة الاجتماعیة بالآخرین.
3.1.3 زمن الأفعالالفعل رکن أساسی فی بناء الجملة العربیة؛ فهو من الکلمات الرئیسة التی یتکّون منها الکلام. وتستخدم الشاعرة الفعل الماضی والمضارع والفعل الأمر فی دیوانها بصورة متنوعة. جدول 6: تواتر الأفعال فی دیوان «إلیک یا ولدی»
بلغت الأفعال الماضیة فی هذا الدیوان 221 فعلاً والأفعال المضارعة 242 فعلاً، فی حین کانت أفعال الأمر 60 فعلاً و هذا یظهر غلبة الأفعال المضارعة على غیرها من الأفعال.
الرسم الثانی: النسبة الکلیة لتواتر الأفعال
3.1.3 ألف. الفعل المضارعالفعل المضارع یحدث فی الحاضر وهو ضیق وغیر محدد، إذ هو محصور فی اللحظة الراهنة وهذا الفعل یدلّ على حدث یتمّ فی زمن إعلانه وعلى حدث مستمر ولهذا یستعمل المضارع فی وصف الحرکة والتغیر (ینظر: بوملحم، 2000م، ص 18). فظهر الفعل المضارع فی دیوان سعاد الصباح، حیث أشاعت جو الحرکة والتجدد فیه وقد بلغت النسبة المئویة للفعل المضارع فیه 27/46% وهذا یدلّ على التجدد واضطراب الشاعرة. تقول فی القصیدة «لیت»: «بین قومٍیَئِدونَ البنْتَ فی المْهد صَبیَّةْ قبل أن تُصبحَ أمّاً ذات أزهارٍ نَدیَّةْ وتذوقُ الثُّکْلَ والسُّقْمَ وألوانَ البلیَّة»(الصباح،1990م، ص 46). احتلّ أسلوب المضارع مساحة واسعة فی هذا الدیوان، قیاساً إلى الفعل الماضی والأمر ولعل ذلک عائد إلى طبیعة المراثی؛ لأنّ الفعل المضارع من الأسالیب التی تستفید منها سعاد الصباح فی دیوانها الرثائی، وقد وظفتها لدلالات سیاقیة عدیدة. وعبّرت عن مشاعرها وأحزانها الصادقة والاستعطاف حینما تقول: «یئدون البنت وتذوق الثکل» دالّ على الحسرة والأسف، فالشاعرة حزینة، جریح، فی حالة لا تستطیع الخلاص منها إلا باستعطافه وإظهار الحسرة واستمرار هذه الفجیعة فی نفسها.
3.1.3 ب. فعل الأمرهو من الأسالیب الإنشائیة، فقد دفعت العاطفة الحزینة سعاد الصباح إلى أن تستخدم الأسلوب الانشائی فی دیوانها لبیان الحزن والأسى حیث بلغت النسبة المئویة لفعل الأمر 47/11%. تقول سعاد الصباح فی القصیدة «فی طائرة الموت»: «وَیْکِ أُمِّی أدْرِکینی ... ویْکِ أُمیأنْقِذینی وخذینی فی ذراعیْکِ لأرتاحَ ... خُذینی... قَرِّبینی...قبِّلینی...عانِقینی...أَدْفئینیِ» (الصباح،1990م، ص 19). أتت سعاد الصباح بفعل الأمر لتوکید المعنى وشدة الاتصال مع ابنها على سبیل التلطف؛ وجاءت الشاعرة بصیغة الأمر لغرض الالتماس حینما تقول: «أدرکینی، أنقذینی، خذینی، قَرِّبینی، قبِّلینی، عانِقینی، أَدْفئینیِ»،فاستعملت الأمر لتوکید معنى الحزن وبیان قرابة بینهما. فتعبّر الشاعرة عن نفسها بأسلوب الأمر الذی یکشف عن حالتها النفسیة الحزینة وحرارة عاطفتها. هذا الأمر یدلّ على عمق مأساة سعاد الصباح التی یحترق کیانها لفراق ابنها مبارک. اعتمدت سعاد الصباح فی قصائدها الأزمنة الثلاثة أی الماضی والمضارع والأمر، بید أنّها استعملت الفعل المضارع أکثر من سواها؛ لأنّها اعتمدت فی بیان الحوادث على التجدد واستمرارها، ولعلها ترید أن تبین أن هذا المصاب یحدث دائماً ولا تنساه الشاعرة وکأنّه ولید اللحظة الراهنة. کما ترید ان تحکی للمتلقی ذکریات حیاتها فی الزمن الماضی والمضارع والمسقبل، تلک الأیام التی کانت تعیش بجوار ابنها تغمره بالحب والحنان وقد انعکست هذه المشاعر فی تجربتها الشعریة فبرزت هذه المأساة ممّا یدلّ على تمکُّن المأساة من نفسیة الشاعرة. ومن هذا المنطلق تبین لنا الشاعرة نزعتها الواقعیة إما فی شعرها وإما فی حیاتها. الزمن فی شعرسعاد الصباح لم یأت بالقصیدة على وجه واحد حصری، بل لقد أتاها على أکثر من وجه ولون وشکل وطریقة. کأن الزمن بمثابة وحدة قیاس متمایلة بین القبض والبسط وبین التواتر والراحة والأمان (ینظر: حیدر،1995م، ص 89 ــ90). فتستخدم الشاعرة الأفعال «الماضی، المضارع والأمر» وهذا یساعد على بقاء القصیدة وتأثیرها الحزین فی القراء، إذ إن الجملة الفعلیة تفید التجدد والحدوث فی زمن معین تحدّده القرائن وفی مقدمتها قرینة السیاق، ذلک لأن الفعل مرتبط بالزمن وتحولاته، فالفعل الماضی مقید بالزمن فی الماضی، والمضارع مقید بزمن الحال أو الاستقبال فی الغالب، لذلک وصفت بالتجدد والتغیر وهذا یعطیها حیویة ونشاطاً (الحسینی، 2004م، ص 247).
4.1.3الأسالیب الإنشائیة نعنی بالإنشاء الکلام الذی لایتطلب صدقاً ولا کذباً؛ لأنّه لیس لمعناه قبل التلفظ به وجود خارجی یطابقه أو لا یطابقه (ینظر: الدراویش،2004م، ص93). تستفید الشاعرة من الأسالیب الإنشائیة کالصیغة الندائیة المتعلقة بالخطاب الأمری وأسلوب الاستفهام، التمنى والشرط کما یأتی: جدول 8: تواتر الأسالیب الإنشائیة ودلالاتهما فی دیوان «إلیک یا ولدی»
الرسم الثالث: النسبة الکلیة للأسالیب الإنشائیة
4.1.3 الف. التمنىهو طلب حصول شیء على سبیل المحبة وهو نوع من أنواع الإنشاء الطلبی نعنی به طلب أمر محبوب لا یتوقع حصوله إما لکونه مستحیلا... وإما لکونه ممکنا غیر مطموع فی نیله (ینظر: خلیل عاطف،2004م، ص 205). تقول سعاد فی القصیدة«لیت»: «لَیْتَ أُمًی ولدتْنی فی زمانِ الجاهِلیَّة بین قوم یئدونَ البنْتَ فی المْهدِ صَبِیَّةْ لیتَ أُمّی ساعةَ المیلادِ کانتَ وأَدَتنی لَیْتَهُمْیَوْمَ زِفافی... کان للقَبْرِ زِفافی لَیْتَنَا نُدْرکُ ماذا... خَلْفَ أسْتارِ الرِّوایَةْ؟» (الصباح،1990م، ص 46ــ47). کما تقول سعاد الصباح فی القصیدة «إیمان»: «وَلدی... لَیتَکَ تَدری کَیفَ باتَت أُمسیاتی»(المصدر نفسه، ص 59). کانت الشاعرة تتمنى شیئاً مستحیل الوقوع؛ لأنّه حدث وانتهى، حینما تقول: «لَیْتَ أُمّی ولدتْنی فی زمانِ الجاهِلیَّة، لیتَ أُمِّی ساعةَ... لَیْتَهُمْ یَوْمَ زِفافی... کان للقَبْرِ زِفافی و...»، فالتمنى هنا على سبیل التحسر والغرض منه التحسر فی موت مبارک ووصف ما یمرّ بها؛ لأنها تدری أنّه لا یمکن وقوع هذه الوقائع بعد حدوثها. تتمنّى لیت أنها لم تُولد بل حتى وئدت قبل أن تذوق هذه الحادثة أو یوم زفافها یکون لها قبراً. فالتعبیر بلفظ «لیت» علامة الحسرة والتحسر فی وقوع کارثة فقد ابنها مبارک وبثّ أفکارها الیائسة من خلال أسلوب التمنی؛ وتقول: «وَلدی... لَیتَکَ تَدرِی کَیفَ باتَت أُمسیاتی»، تسیطر عاطفة الحزن على الشاعرة؛ لأنّها کتبت بدم القلب و حرارة الوجدان. ورود التمنى یرجع إلى طبیعة الرثاء للاستعطاف، کما یدلّ على عزة المتمنی عند الراثی. سعاد الصباح تعبّر عما فی نفسها من التفجع والتحسر خلال هذا الدیوان. فاتّسق التمنى مع فکرتها والجو الرثائی فی أشعارها. 4.1.3 ب. الشرطالشرط أسلوب لغوی ینبنی بالتحلیل على جزئین: الأول بمنزلة السبب والثانی بمنزلة المسبب. یتحقق الثانی بتحقیق الأول وینعدم بإنعدامه (ینظر: البیاتی،2003م، ص 353). یعد هذا الشرط من الأسالیب المهمة التی تسهم فی تشکیل البنیة الشعری وتحقق ذلک فاستخدمت سعاد الصباح أسلوب الشرط 12 مرة لبیان حزنها وقلقها. کما یأتی فی النماذج التالیة: کما تقول فی القصیدة«بیتک الأخیر»: «فـإذا الماء سرابٌ؛ وإذا الشطّ مُحالْ وإذا البیتُ الذی کان لأحلامی مَجالْ یَغتَدی قَبراً لأحلامی إلىیوم المآل...» (الصباح،1990م، ص43) کما تقول: «وإذا لجّت بی الموجات أنقذت الغریق وإذا ما ابتسم الدّهر أغنّی فتغنّی»(المصدر نفسه، ص 10ــ11) تقول فی القصیدة«لیت»: «إنْ یکن هذا... فیا ربّاهُ، عجّل بالمصیر!»(المصدر نفسه، ص 50) وهی تستعمل اسم الشرط (إذا) أکثر من بین أسماء الشرط. هی ظرف للزمان المستقبل خافض لشرطه ومنصوب بجوابه. حینما تقول: «فـإذا الماء سرابٌ؛ وإذا الشطّ محالْ وإذا البیتُ الذی کان لأحلامی مَجالْ و...»، تسعى الشاعرة إظهار التحسر والتفجع وبیان عظمة ابنها مبارک من خلال أسلوب الشرط وهذا یکشف لنا أنّ سعاد الصباح اعتمدت على اسلوب الشرط للتأثیر فی المتلقی. کما ترید الشاعرة توکید المعانی والإعراب عن أفکارها المکلومة؛ لأنّ أداة الشرط «إذا» «تدلّ على جزم المتکلم بوقوع الشرط أو على ترجیحه لوقوعه؛ ومن أجل ذلک استعملت فی الحکم الکثیر الوقوع وغلب على دخولها الماضی لدلالته على تحقق الوقوع» (ینظر: الحسینی،2004م، ص 206). فتبین لنا من خلال دراستنا هذه أن سعاد الصباح استعملت أسلوب الشرط قلیلاً. وقد ظفر الشرط بالنصیب الأصغر فی دیوان سعاد الصباح؛ وهذا یتسق مع الجو الرثائی؛ لأنّ غایة الشرط کانت تنبیهاً للمخاطب إلى ما سیأتی بعده من الکلام والشرط یدلّ على الشک والتردیدبینما الراثی یرثی المرثی بعد وقوع موته. حینما یقوم المعلم بتحلیل النصّ بهذا الطریق فیتضح للطلاب مدى طاقة النصوص العربیة لما تمتاز به من قوة بیانها وموسیقى کـلماتها ووفرة معانیها. یؤدی هذا إلى تعمیق فی عملیة التعلّم. ویسهل مهمة الفهم ویهتمون بالقواعد الصرفیة والنحویة أکثر من السابق؛ لأنّهم یفهمون دورها الأساسی فی تحلیل النصوص. فیکون عملیة التعلیم على أساس الخطة المنظمة ویثیر الدوافع فی الطلاب لفهم وتعلّم النصوصّ.
4. النتائج درسنا دیوان سعاد الصباح من خلال المستویین: الصرفی والترکیبی بکثافتهما وتواترهما فی الدیوان وأثرهما فی الوظیفة الدلالیة وإثارة المعانی الإیحائیة الحزینة فی أشعار الشاعرة بالستعانة من المنهج الأسلوبی. فنجد روعة الأسلوب ودقة الإبداع فی بیان أحاسیسها الحزینة من خلال جمیع أجزاء دیوان سعاد الصباح. أسلوب سعاد الصباح یدلّ على أیامها المظلمة والصعبة، بما أنّ الحالات النفسیة والحزینة التی یحملها هذا الدیوان لیست من المرض الجسدی بل آلام ناشئة عمّا حلّت بالشاعرة من مصیبة. فیلعب المنهج الأسلوبی دوراً أساسیاً فی التعلیم والتحلیل وتعمیق النصّ المعاصر. هذا التوازن بین منهج التدریس والنصّ المختار یثیر الدوافع لدى المتعلمین، فیقبلون على المادة بکلّ شوق وارتیاح، ویجدون متعة فی تعلّم اللغة. أهمّ مشکلات تعلیم النصوص فی الجامعات الإیرانیة: أولاً: یکون عدم إلمام بعض الأساتذة والطلاب بالصرف والنحو فی تحلیل النصّ المختار. ثانیاً: عدم اهتمام کثیر من الأساتذة فی اختیار المنهج والنصّ الذی ینسجم مع حاجة الطلاب ورغباتهم. ثالثاً: عدم التطابق بین مادة النصّ ومستوى الطلاب؛ لأنّه یجب أن یخطّط الأستاذ أسلوبه کما یناسب تعلیم اللغة العربیة ذاتها، وقدرات الطلاب فی تقبّلها. کما یجب إتاحة الفرصة للمتعلّم للقیام بجملة استجابات تحقیقاً لعملیة تعلیمیة.
5. الهوامش ولدت الشاعرة سعاد محمد الصباح عام 1942م، فی العراق وهی الابنة البکر لوالدها الشیخ «محمد الصباح»، الذی حمل اسم جده حاکم الکویت من العام 1892ـ1896م. تلقت علومها الأولى فی الکویت ثمّ التحقت بجامعة بیروت والقاهرة ودرست الاقتصاد وحصلت على البکالوریس ومن ثمّ الدکتوراه من جامعة ساری جلفورى البریطانیة فی عام 1981م (ینظر: خلف،1992م، ص42). وسعاد الصباح امرأة فنانة وترکیبها الثقافیة ترکیبة عربیة قبل أن تکون کویتیة فلقد ولدت فی العراق وعاشت فی القاهرة وأقامت فترة فی بیروت حتى أن لهجتها تشکلت من مجموعة لهجات محلیة عربیة اطلعت على حیاة المجتمعات الریفیة بمصر وتأثرت کشاعرة بالتوافق العجیب بین البساطة الشدیدة وبین ما تلمس من حالات مأساویة حوالیها (المصدر نفسه، ص42). | ||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||
مراجع | ||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||
المصادر والمراجع 1. جلال، الأبطح. (1994م). الأسلوبیة. (ط 2). حلب: مرکز الإنماء الحضاری. 2. أحمد، عبد الباقی محمد. (2005م). المعلم والوسائل التعلیمیة. مصر: الإسکندریة. 3. أمین، زینب محمد. (2000م). إشکالیات حول تکنولوجیا التعلیم. (ط1). المنیا: دار الهدى. 4. بشر،کمال. (1973م). دراساتفیعلماللغة. مصر: دار المعارف . 5. بوملحم، علی. (2000م). فی الأسلوب الأدبی. بیروت: دار و مکتبة الهلال. 6. البیاتی، سناء حمید. (2003م). قواعد النحو العربی فی ضوء نظریة النظم. الأردن: دار وائل. 7. جبر،محمد عبدالله. (1988م). الأسلوب والنحو:دراسات تطبیقیة فی علاقة الخصائص الأسلوبیة ببعض الظاهرات النحویة. الإسکندریة: دار الدعوة للطبع والنشر والتوزیع. 8. حیدر، محمود. (1995م). لغة التماس:مطالعة فی شعر سعاد الصباح. بیروت: مؤسسة دار الکتاب الحدیث. 9. الخفاجی، عبدالمنعم وفرهود محمد السعدی، وعبدالعزیز شرف. (1992م). الأسلوبیة والبیان العربی. قاهرة: دار المصریة للبنانیة. 10. خلف، فاضل. (1992م). سعاد الصباح الشعر والشاعرة. کویت: منشورات شرکة النور. 11. خلیل عاطف، فضل (2004). ترکیب الجملة الإنشائیة فی غریب الحدیث. الأردن: عالم الکتب الحدیثة. 12. الدراویش، حسین أحمد. (2004م).البنیةالتأسیسیةلأسالیبالبیانفیاللغةالعربیة. عمان: دار البشیر. 13. الراغب، نبیل. (1993م). عزف على أوتار مشدودة: دراسة فی شعر سعاد الصباح. قاهرة: الهیئة المصریة العامة للکتاب. 14. سقال، دیزیرة. (1996م). الصرف وعلم الأصوات. بیروت: دار الصداقة العربیة. 15. السید،عز الدین علی. (1986م). التکریربینالمثیروالتأثیر. (ط 2). بیروت: عالم الکتب. 16. الصباح، سعاد. (1990م). دیوان إلیک یا ولدی. (ط 4). القاهرة: الهیئة المصریة العامة للکتاب. 17. عزام، محمد. (1994). التحلیل الألسنی للأدب. دمشق: منشورات وزارة الثقافیة. 18. قنینی، عبد القادر. (2000م). المرجعوالدلالةفیالفکراللسانیالحدیث. إفریقیا: الدار البیضاء. 19. معمر، مجدی. (2005م). استخدام الحاسوب فی التعلیم "سلسلة الحاسوب فی التعلیم1". فلسطین: وزارة التربیة والتعلیم العالی. 20. مطلوب، احمد. (2002م). فی المصطلح النقدی. بغداد: منشورات المجمع العلمی. 21. الحسینی، راشد بن حمد. (2004م). البنى الأسلوبیة فی النصّ الشعری. لندن:دار الحکمة. 22. هاشمی، احمد. (د. ت). جواهرالبلاغة فی المعانی والبیان والبدیع. قم: موسسة نشر معارف أهل البیت<.
المقالات العلمیة و الرسائل الجامعیة 1. أحمد أبوشنب. (2007م). تکنولوجیا تعلّم اللغة العربیة فی الحلقة الأولى من التعلیم الأساس. رسالة قدّمها إلى مجلس کلیة الآداب والتربیة بالأکادیمیة العربیة المفتوحة فی الدنمارک لنیل شهادة الماجستیر فی علوم اللغة العربیة. 2. عزمن. (2009م). الموتفیسورةیسلفظاًومعنىوسیاقاً. البحث الجامعی مقدم لتکمیل أحد الشروط للحصول على درجة سرجانا. قسم اللغة العربیة وأدبها کلیة العلوم الإنسانیة والثقافة الجامعة الإسلامیة الحکومیة بمالانج. 3. بروین، نورالدین. (1392هـ.ش). فن الرثاء فی الشعر العربی المعاصر:دراسة أسلوبیة فی دیوان إلیک یا ولدی لسعاد الصباح نموذجاً، قدمت هذه الرسالة استکمالاً لمتطلبات الحصول على درجة الماجستیر من قسم اللغة العربیة فی کلیة الآداب فی الجامعة تربیت مدرس بطهران. | ||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||
آمار تعداد مشاهده مقاله: 1,046 تعداد دریافت فایل اصل مقاله: 457 |